تركيا والخليج: لا للحشد الشعبي بدلا من داعش في الموصل

تركيا والخليج: لا للحشد الشعبي بدلا من داعش في الموصل

_92240_ss3

اعتبر سياسيون خليجيون شاركوا في أعمال الاجتماع الوزاري التركي الخليجي في الرياض أمس أن الأجواء كانت توحي بعمل الجانبين على بناء تفاهمات مشتركة تراعي هواجس كافة الفرقاء وتؤسس لتنسيق كامل بين أنقرة ودول مجلس التعاون الخليجي.

وعقد أمس بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وتركيا.

ورأس وفد مجلس التعاون وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لمجلس التعاون، فيما رأس وفد تركيا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني.

وكان اللافت هو تأكيد الخليجيين والأتراك على ما يشبه التوافق التام في المسألة المتعلقة بمعركة الموصل في العراق.

فقد عبّر الوزراء عن قلقهم “حيال خطط إشراك قوات الميليشيات الطائفية في عملية تحرير الموصل الوشيكة، التي ارتكبت هجمات انتقامية، وقتلا جماعيا وتعذيبا وانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان ضد السكان المحليين في المناطق المحررة، مما قد يؤثر سلبا على استمرارية نجاح العملية ويؤدي إلى صراعات طائفية”.

وأتى الموقف الخليجي، حسب معلقين، رافدا لموقف أنقرة في عزّ السجال الجاري حاليا بين الحكومتين العراقية والتركية بسبب رفض حكومة بغداد لتواجد قوات تركية في معسكر بعشيقة شمال شرق الموصل.

وإضافة إلى مضمون البيان الختامي في هذا الشأن، فإن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عبّر عن موقف حازم في مسألة مشاركة ميليشيات “الحشد الشعبي” في معركة الموصل، محذرا من حصول “كوارث” طائفية في حال مشاركة هذه الميليشيات في معارك استعادة المدينة من تنظيم داعش.

ووصف الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي، ميليشيات الحشد الشعبي بأنها “مؤسسة طائفية انتماؤها لإيران، سببت مشاكل وارتكبت جرائم في أماكن مختلفة في العراق، وإذا ما دخلت الموصل قد تحدث كوارث”.

وذكّر أنه “عندما دخلت هذه الميليشيات الفلوجة، ارتكبت جرائم هائلة”، مضيفا، “ثمة قبور جماعية، هناك اعتداءات على حرمة المنازل، حرمة العوائل، هناك قتل للأبرياء”، معتبرا أن ذلك “زاد من التأزم الطائفي في العراق”.

واعتبر المراقبون أن الموقف الخليجي لا يسعى إلى دعم وجهة نظر تركيا فقط، بل يعيد تأكيد ثوابت في السياسة الخليجية عامة والسعودية خاصة، والتي أدت في أغسطس الماضي إلى توتر في العلاقات بين بغداد والرياض، مع طلب وزارة الخارجية العراقية من نظيرتها السعودية تغيير سفيرها ثامر السبهان، إثر تصريحات اتهم فيها “بعض الميليشيات” بإعداد مخطط لاغتياله.

ورأى دبلوماسيون خليجيون أن الطرفين التركي والخليجي أرادا توجيه رسالة واحدة إلى المعنيين بمعركة الموصل، لا سيما في الولايات المتحدة، أنه لن يكون مقبولا طرد “داعش” السنّة، من أجل إحلاله بـ”داعش الشيعة”، على حد تعبير مصدر خليجي حضر أعمال الاجتماع، في معرض وصفه لميليشيات الحشد الشعبي في العراق.

واعتبر مراقبون أن الموقف الخليجي في العراق متّسق مع الموقف في سوريا واليمن لجهة وقف التدخل الإيراني في الشؤون العربية، وأن الموقف من مشاركة “الحشد الشعبي” يهدف إلى ردّ الفتنة السنية الشيعية عن البلد، كما ردّ الاستغلال الإيراني لتلك الفتنة للتدخل في ملفات العراق والمنطقة.

واعتبر سياسيون خليجيون شاركوا في أعمال الاجتماع أن الأجواء كانت توحي بعمل الجانبين على بناء تفاهمات مشتركة تراعي هواجس كافة الأفرقاء وتؤسس لتنسيق كامل بين أنقرة ودول مجلس التعاون الخليجي.

ورأى صحافيون أتراك رافقوا الوفد التركي أن أنقرة تتفهم الهواجس الخليجية بشأن الدور الإيراني في المنطقة، وهو ما دفع وزير الخارجية التركي إلى عرض وساطة بلاده بين إيران والسعودية، “إذا ما طلب منها ذلك”.

ورأى هؤلاء أن تركيا تشعر من خلال علاقاتها مع الطرفين أنها تستطيع أن تلعب هذا الدور، مع قناعة أنقرة بعدم توفّر الأرضية المناسبة، حتى الآن، للقيام بذلك.

وعلق الجبير على اقتراح جاويش أوغلو مكررا أن الإيرانيين “يعلمون ماذا عليهم أن يفعلوا لكي نبني أفضل العلاقات معهم، عليهم ألا يدعموا الإرهاب، وألا يتدخلوا في شؤون دول المنطقة، وألا ينشبوا الفتنة الطائفية في المنطقة، وألا يحرضوا الشعوب على حكوماتهم، وألا يعتقدوا أنهم أولياء لمن يتبع المذهب الشيعي”.

واعتبر الجبير أنه “عندما يكفون عن دعم الإرهاب ويتبنون مبدأ حسن الجوار سيكون الباب مفتوحا لبناء أفضل العلاقات مع إيران”.

صحيفة العرب اللندنية