سيناريوهات مؤلمة في المنطقة

سيناريوهات مؤلمة في المنطقة

35398bd7dcae716a6a7b703cab13e5ff

جاءت المناورات البحرية السعودية مؤخراً في الخليج العربي وكأنها استعداد خليجي لهجمات خارجية محتملة في حالة تدهور الأوضاع في المنطقة ككل، بعد وصول الأزمتين السورية واليمنية إلى نقطة الصفر، وغياب الحلول السياسية والتناقض الذي بدا جلياً بين الموقفين الروسي والأمريكي في الأمم المتحدة وسط تكهنات بأن واشنطن وإن كانت على أبواب الانتخابات قد توجه ضربة جوية صاروخية إلى الجيش السوري وحلفائه,حيث سارعت روسيا إلى نشر نظامها الصاروخي «اس اس 300» حول اللاذقية فيما نشرت صواريخ أخرى حول دمشق. فكل طرف يتوقع الأسوأ في المستقبل القريب، وهناك سيناريوهات عدة ترسم صورة قاتمة ودموية تكون الأرض العربية فيها مسرحاً للعمليات بين أطراف دولية وإقليمية تشمل اليمن والخليج وإيران والعراق وسوريا ولبنان.
ويرى البعض أن «إسرائيل» التي كسبت الكثير من الحرب في سوريا وحيدت جماعات إرهابية عدة وأقامت معها علاقات تنسيقية ولوجيستية نصحت بضرورة منع أي ضربات أمريكية واسعة في سوريا لأنها ستكون المتضرر الأكبر من حالة الفوضى المحتملة وستتعرض لهجمات قوية واختراقات للحدود على عدة جبهات. ولهذا فقد ينشط اللوبي اليهودي في الكونغرس للحيلولة دون قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري مباشر في سوريا لدرء المخاطر المرتقبة عن «إسرائيل». يضاف إلى ذلك أن الساحة العراقية هي الأخرى باتت اكثر سخونة مع اقتراب معركة الموصل حيث تحاول تركيا إبعاد ميليشيات الحشد الشعبي من المشاركة في المعركة بحجة حماية السنة والتركمان وصد التمدد الإيراني ولجم الأطماع الكردية.
لذا فإن العلاقات التركية – الإيرانية التي استقرت بعد المحاولة الانقلابية في تركيا مرشحة للتوتر بل والصدام في العراق ولهذا كان اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مع وزير خارجية تركيا في محاولة لتفهم التطورات وتحديد أولويات العمل المشترك، لأن البديل لفشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بشأن سوريا هو التصعيد العسكري ما يعني أن تركيا لا تريد خسارة حلب رغم علاقاتها الوثيقة مع روسيا وتريد الحفاظ على موطئ قدم في سوريا والعراق معا. إذ يبدو أن محاولات التقارب بين تركيا والنظام السوري قد ضعفت تدريجياً. وهذا التشابك الجديد في العلاقات والأحداث يضفي تعقيدات إضافية على الأزمات، وهناك من يقول إن الأمريكيين بعد أن فقدوا الأمل في جماعة «الإخوان المسلمين» في المنطقة باعتبارهم عنصراً غير فاعل أعادوا النظر في سياستهم تلك وعادوا لدعم الجماعة في مصر، وهذا ما يقلق القاهرة حاليا وليس الأزمة الاقتصادية فقط.
فالعلاقات الروسية الأمريكية تتجدد نحو سياسة القطبين مع قرار الدوما بالتواجد العسكري خارج روسيا وإقامة قواعد روسية إضافية في سوريا وإمداد النظام بأسلحة جديدة وتحذير نائب رئيس هيئة الأركان الروسي فيكتور بازنخير حول استعدادات أمريكية لتوجيه ضربة ساحقة لروسيا والصين تحيد القوة النووية، فالتصريح يبدو وكأن حرباً ثالثة على وشك الانفجار انطلاقا من المنطقة. وقد لعب الحوثيون دوراً مكملاً في التصعيد بالتحرش بسفينة إماراتية ومدمرة أمريكية في باب المندب ما جلب غضب البنتاغون الذي لن يتورع عن الانتقام وبطرق مباشرة إضافة إلى القصف بطائرات دون طيار.
الساحة مهيأة للأسوأ، لكن هناك من يستبعد تصعيداً إقليمياً خطيراً بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية، ففوز المرشحة هيلاري كلينتون سيكون لصالح الرد على روسيا في سوريا دون توسيع رقعة المواجهة بعكس سياسة باراك أوباما المرتجفة والتي ساعدت الروس على خلق وقائع جديدة على الأرض. أما فوز دونالد ترامب فإنه قد يخلق تفاهما مع روسيا تدفع فيه الدول العربية ثمنه شاءت أم أبت لأنه رجل ذو سياسات مترجرجة وغير قادر على خوض حروب ضد روسيا بل ينظر للمنطقة العربية نظرة استعلائية استعمارية. فالثابت في السياسة الأمريكية في المنطقة هو «إسرائيل» وأمنها أما العرب فيأتون في المرتبة العاشرة بعد «إسرائيل» وقد أثبتت الأحداث بدءا من الاتفاق النووي مع إيران في غياب العنصر العربي وصولاً إلى سوريا والعراق صحة هذه النظرية.

حافظ الرغوثي

صحيفة الخليج