معركة الموصل.. ضجيج الإعلام أعلى من غبار القتال

معركة الموصل.. ضجيج الإعلام أعلى من غبار القتال

441
عناوين صحفية متضاربة وتعليقات وتغريدات طائفية من نخبة عربية منقسمة طائفيا وسياسيا في معركة إعلامية وقعها أسخن من معركة استعادة الموصل نفسها من تنظيم الدولة الإسلامية، فكلٌّ “يصنع بطله” وفق وجهة نظره.

أغرقت عملية تحرير الموصل التي انطلقت فجر الاثنين صفحات الإنترنت والقنوات العربية والعالمية؛ بأنباء عن القتال الدائر حول المدينة بين الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية وبين تنظيم الدولة الإسلامية داخل المدينة.

وإذا كانت مهنة الصحافة تقوم على نقل الخبر أو معالجته وعرضه على المتلقي، فإن الأخير وجد نفسه مثل كل مرة عند شن عمليات استعادة المدن العراقية من التنظيم؛ غارقا في كمّ من العناوين المختلفة والمتضاربة.

وإذا هرب هذا المتلقي من مشاهدة القنوات التلفزيونية إلى وسائل التواصل الاجتماعية فسيغرق مرة أخرى في أعماق بحر من التعليقات الطائفية والسياسية تصدر حتى من مثقفين أو كتاب صحفيين أو من يطلق عليهم بالخبراء على اختلاف توجهاتهم السياسية والطائفية، “فكل يغني على ليلاه”، كما يقتبس الكاتب الصحفي التركي محمود عثمان أوغلو.

وفي هذا السياق غرّد المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي على موقع تويتر ملمحا إلى دور إيران في المعركة، بينما غرد الإعلامي جورج قرداحي حول معركة الموصل واصفا إياها بأنها معركة ضد تنظيم الدولة و”معركة الخير ضد الشر”.

معركة إعلامية
ويقول الكاتب الصحفي ورئيس القسم السياسي في صحيفة الأهرام المصرية أشرف أبو الهول لدويتشه فيله عربية، إن “كثيرا من المتلقين العرب لا يعرفون أي جهة يصدقون بسبب الأخبار الكثيرة التي ينقلها الإعلام العربي”.

وأثارت مشاركة الحشد الشعبي في عمليات استعادة المدينة بشكل غير مباشر طائفة من التعليقات المنتقدة، خاصة أن تقريرا من منظمة العفو الدولية صدر مباشرة بعد انطلاق عمليات الموصل، حذر من أن “المليشيات شبه العسكرية والقوات الحكومية في العراق ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان”.

ويقول أبو الهول إن “الإعلام العربي طائفي فيما يتعلق بموضوع معركة الموصل، فهناك من يهاجم مشاركة الحشد الشعبي الشيعي في المعركة، وهناك من يدافع عن مشاركته، كما أن هناك من يدافع عن التدخل التركي في الموصل والوجود التركي في بعشيقة“.

من جهته يقول الكاتب محمود عثمان أوغلو أن “كل جهة تصنع بطلها الخاص، وبالتالي نرى الطائفية تظهر عند نقل الأخبار والعمل الصحفي”.

وبينما لم تبدأ المعركة الحقيقية داخل الموصل، استبق الجميع الحدث، “فالكل متمسك بمعسكره الطائفي، فمن ينتمِي إلى المذهب الشيعي يدافع عن الحشد، ومن يعادي إيران ينتقد مشاركة الحشد الشعبي لدرجة أن هناك من يصور أن عملية استعادة الموصل ستتحول إلى مذبحة للسكان السنة في المدينة”، كما يقول أشرف أبو الهول.

وحتى الإعلام العراقي كان منقسما إلى حد ما بين خطاب حكومي يعرض وجهة نظر الحكومة وخطاب تابع لجهات أو أحزاب سياسية مرتبط بأجندات ويناغم الإعلام العربي بشكل خاص.

مبالغة
ويقول الكاتب الصحفي في جريدة الصباح الصادرة في بغداد أحمد نعيم الطائي في لقاء مع دويتشه فيلله عربية، إن “هناك استباقا للحديث عن نزوح جماعي بالملايين وتغيير سياسي وديمغرافي، مشيرا إلى أن العملية كلها مرتبطة “بأجندات وسياسات حكومات وليس لها علاقة بالمهنية وبنقل الواقع بشكل حيادي”.

ويؤكد الكاتب عثمان أوغلو من جهته أن لكلٍّ منظارا ينظر من خلاله وينقله إلى وسائل الإعلام، منتقدا “المبالغة الكبيرة في الحرب على تنظيم الدولة، فهم (الإعلاميون) يكبّرون العدو ليظهر بصورة البطل في النهاية”.

ويرى الطائي أن العبرة بالنهاية وكيف سيُنقل الواقع على الأرض وذلك “يعتمد على المستقبل، كما حدث في مدن تحررت من تنظيم الدولة مثل تكريت والرمادي والفلوجة“.

أما الواقع الآن فيقول إن معركة تحرير الموصل في بدايتها رغم انطلاق “حرب إعلامية طائفية” وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.. هي معركة استبقت القتال حتى داخل المدينة وتنبأت بنتائج ستنكشف ربما للمتلقي في الأيام المقبلة.

الجزيرة