اسعار النفط:البلدان العربية بين الربح والخسارة

اسعار النفط:البلدان العربية بين الربح والخسارة

01

كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن اثار انهيار اسعار النفط العالمية على العالم وبالاخص الدول المصدرة للخام ومن بينها دول عربية كبيرة ولها مكانتها في اسواق النفط.
فتراجع أسعار النفط العالمية يشكل تحديا حقيقيا للدول المصدرة داخل اوبك التي يبلغ عمرها قرابة الـ 55 عاما فهذه المنظمة تتحكم في حوالي 40% من إنتاج العالم من النفط الخام،ولايقتصرتأثير اوبك على تصدير النفط فحسب بل تقوم بأخذ بعض القرارات التي تؤثر في أسعار الصرف وأسواق الأسهم وحركة الاستثمارات وتحديد ميزانيات الحكومات، الا ان يرى البعض بأنها أصبحت اليوم مجرد منتدى يضم مجموعة من الفرقاء تتعارض أهدافهم الاقتصادية والسياسية.

يبلغ الإنتاج العربى من النفط نحو 24,2 مليون برميل يوميا تعادل 32% من إجمالى الإنتاج العالمى من النفط. وتنتج المملكة العربية وحدها قرابة 9,9 مليون برميل يوميا في الحقيقة لم يعد التراجع المستمر فى أسعار النفط ينحصر فقط فى أسعار المنتجات البترولية ولكن أيضا إلى انخفاض أسعار السلع الأخرى لذا فإن هبوط أسعار النفط المستمر سيسهم فى الاتجاه نحو الانكماش الاقتصادى وهو ماتخشاه الاقتصاديات الرئيسية ولا سيما الاقتصاديات الناشئة .

الدول العربية المصدرة للنفط
كما هو معلوم تعتبر منطقة الخليج من اكبر مصدري النفط الخام واكبر الاعضاء في منظمة اوبك لهذا كان تأثير انخفاض اسعار النفط كبير مقارنة مع غيرها من الدول المنتجة للنفط .
وهنا يرى تقرير صندوق النقد أنه من المرجح أن تصل خسائر دول مجلس التعاون الخليجي إلى 21 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في أو ما يقرب من 300 مليار دولار.
ويشير تقريرالصندوق النقد الدولي توقع فيه أن تصل الخسائر في الدول خارج مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى إلى 90 مليار دولار و35 مليار دولار هذا العام.
و لابد من الاشارة الى ان الانخفاض المتواصل فى أسعار النفط سوف يؤثر سلباً على برامج التنمية بالدول المنتجة والمصدرة له حيث ستسجل هذه الدول عجزاً بالموازنة العامة بقيم مرتفعة نتيجة فقد ما يقرب من 60% من إيراداتها النفطية وبما يقرب من 350 مليار دولار ( دول الخليج )ولايقف أثر استمرار التراجع فى أسعار النفط على الدول المنتجة والمصدرة له عند حدوث خسائر وتراجع العائدات المالية من النفط فقط بل يؤثر أيضا على الانفاق الحكومى والنمو الاقتصادى .

وهنا يرى خبراء بأنه يجب على دول الخليج خاصة وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية أن تلعب دوراً سياسياً فعالاً يخفف المخاطر الجيوسياسية بالمنطقة ويؤثر على أسعار النفط ويوقف تدهورها وعودتها إلى مستويات عادلة .
اما العراق فيعد من اكبر الخاسرين من هبوط اسعار النفط فقد أكدت اللجنة المالية في البرلمان العراقي ان البلاد تحتاج الى بيع 2.9 مليون برميل بسعر 40 دولار للواحد لتغطية الرواتب والتقاعد ، فيما اشارت الى ان مبالغ هذه الرواتب تصل لـ 51 ترليون دينار.

وشدد رئيس الوزراء العراقي  الدكتور حيدر العبادي على اهمية تطوير القطاع النفطي حيث انه يمثل اهم مصدر لايرادات البلد مشيرا الى ان انخفاض اسعار النفط عالميا اثر بشكل سلبي على ايرادات البلد المالية ونحتاج الى رؤية جديدة تتناسب مع حجم هذه التحديات.

وتعاني الموازنة العراقية من عجز كبير يبلغ 47 مليار دولار الامر الذي عطل الكثير من المشاريع الاستثمارية واقرار قوانين تقشفية طالت رواتب الموظفين لتسيير امور الدولة المالية وتقليل العجز .
وهنا يرى متابعون بأن الجزائر ترسم مساراً محفوفاً بالمخاطر يتمثل في تقييد الانفاق العام المرتفع دون التأثير على موازنة الرعاية الاجتماعية السخية التي ساعدت في الحيلولة دون تفجر اضطرابات شعبية واسعة النطاق.
اما الجزائر فقد توقع صندوق النقد الدولي أن يؤدى انخفاض التحويلات الجارية وارتفاع الإيرادات الضريبية إلى الدفع في اتجاه تصحيح الأوضاع المالية العامة في مواجهة انخفاض أسعار النفط،
وتشكل المحروقات 98% من الصادرات الجزائرية، وتساهم بنحو 60% من الدخل الوطني، ويُقلص انخفاض سعر البرميل إلى ستين دولارا موارد الجزائر المالية بنحو 50%، بحسب وزير الطاقة الجزائري السابق عبد المجيد عطار.
“الجزائر وليبيا والخليج أكبر ضحايا انهيار أسعار النفط”
الدول العربية  المستوردة للنفط
يعتبر تراجع أسعار النفط فرصة حقيقية امام البلدان المستوردة للنفط للقيام باصلاح هيكل دعم الطاقة الأمر الذى يمكنها من تحفيز النمو وخلق فرص عمل .
وسوف يؤدى تراجع أسعار النفط و خفض قيمة الدعم المالى للمنتجات البترولية وهو ما يخلق حالة من الاستقرار لدى هذه الدول ويخفف من أعبائها المالية نتيجة الاستفادة من فروق الأسعار.

وهنا يرى الخبراء بأنه على هذه الدول ان تحقق الاستفادة القصوى من التراجع الحالى لأسعار النفط عالمياً وذلك بشراء كميات كبيرة من المنتج الخام بغرض توفير مخزون استراتيجى يحقق قدراً من الأمان .
مستقبل الاقتصادات العربية في ظل تراجع اسعارالنفط

ستواجه الدول التي تعتمد على النفط في وارداتها المالية وموازناتها العامة اكثر من غيرها من الدول الاخرى خصوصا اذا علمنا ان هذه الدول تعيش في مشاكل اقتصادية كبيرة قبل هبوط اسعار النفط وهو مايشكل عبئا كبيرا جدا عليها في حال استمرت الاوضاع على ماهي عليه.

وأشار الصندوق في تقريره إلى الاقتصاديات التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط، والجزائر وليبيا بالإضافة إلى دول الخليج، على غرار السعودية والعراق وقطر، التي ستكون الأكثر تضررا من هبوط أسعار الخام.
وأضاف الصندوق ان الدول المستوردة للنفط ستحقق مكاسب أقل مقارنة مع خسائر المصدرين نظرا لأن اقتصاداتها أقل اعتمادا على سعر النفط. وتوقع الصندوق أن يحقق المغرب ولبنان وموريتانيا أكبر المكاسب من هبوط أسعار الخام بينما ستشهد لبنان ومصر على الأرجح تحسنا في أرصدتهما المالية .

حتى الآن لم تبد الدول العربية المصدرة للنفط أى توجه نحو تقليص الإنفاق العام ومواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط بصورة فعالة.

وقد تشهد اسعار النفط تحسنا بحسب خبراء وهو ماشارت اليه منظمة اوبك الى ان الاسعار قد تصل الى حدود ال200 دولار للبرميل وهو مايشكل قفزة نوعية في ظل حروب الاسعار، يصعب التنبوء باثارها على المدى الطويل في حال استمرارها .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية