الموصل تظهر حدود “القطع” بين تركيا وإيران

الموصل تظهر حدود “القطع” بين تركيا وإيران

441

مع بدء معركة استعادة الموصل شهدت العلاقات التركية الإيرانية توترا وصل إلى حد استدعاءإيران السفير التركي لديها للاحتجاج على تصريحات تركية رأتها غير مناسبة.

واستدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير التركي في طهران رضا هاكان تكين مساء الخميس الماضي احتجاجاً على تصريحات المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتلموش، التي قال فيها إن “السياسة المذهبية” لإيران هي سبب التوتر في العراق.

وأعلن أن بلاده لن تسمح بنشوب حرب مذهبية في المنطقة، مضيفا “علاقاتنا مع أصدقائنا الشيعة في العراق لم تتضرر بأي شكل من الأشكال، فاليوم لدينا علاقات مع جميع المجموعات الشيعية في العراق”.

ويبدو أن الخلاف بين البلدين حول الموصل واحد من ميادين كثيرة تتقاطع فيها علاقات أنقرة وطهران بين الاتفاق والاختلاف، ويبقى السؤال مفتوحا حول قدرة المصالح الاقتصادية للبلدين على احتواء الموقف ومنع التوتر بينهما من الوصول إلى مرحلة الانفجار.

ويرجح المحلل السياسي ماجد عزام أن تلجأ إيران في ظل حكم الرئيس حسن روحاني إلى تخفيف التوتر السياسي مع تركيا، رغم إمكانية ارتفاع لهجة العداء المصاحبة لصعود نجم أنصار الحرس الثوري، مع اقتراب موعد الانتخابات الإيرانية.

ويبرر عزام رأيه بأن المصالح الاقتصادية ظلت تلطف الأجواء بين البلدين، وتحد من حالة الاحتقان بينهما، كما أن تركيا تحصل من إيران على حصة كبيرة من الغاز تلي في حجمها ما تتلقاه من روسيا، وتستثمر مئات الشركات التركية في قطاعات السياحة والبنى التحتية والخدمات في إيران.

وقال عزام إن إيران لم تشن أي حملة تصعيد مباشر ضد تركيا على خلفية معركة الموصل، وإنما لجأت إلى تحريك حلفائها، ومن ضمنهم الحكومة العراقية والحشد الشعبي والمليشيات الموالية لها في العراق وسوريا ولبنان وغيرها من الأقطار للتحريض على أنقرة.

وذكر أن تركيا ظلت تحتكم في علاقتها مع إيران طوال الفترة الماضية إلى مبدأ الحفاظ على العلاقات المشتركة وتنظيم الخلافات السياسية؛ فصوتت عام 2010 ضد قرار أممي لفرض عقوبات على الأخيرة، ولعبت دور وساطة جدية في مفاوضات الملف النووي الإيراني.

وأشار إلى أن تركيا ظلت تؤدي دور الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد الإيراني، خاصة في فترة العقوبات الدولية التي سبقت التفاهمات حول الملف النووي الإيراني، الأمر الذي جعل أنقرة تسعى لرفع قيمة التبادل التجاري مع طهران إلى ثلاثين مليار دولار.

من جهته، قال المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز “إن التناقض الجيوبوليتيكي يمثل عاملا لتوتر دائم بين الجارين الكبيرين”، مضيفا أن إيران تمتلك نفوذا قويا في تركيا يمكنها أن تؤثر من خلاله على الأمن القومي التركي”.

ويرى يلماز أن طهران “تدير مشروعا توسعيا قوميا، يوظف الطائفية كأداة للسيطرة على دول الجوار، ومن بينها دول على تماس مباشر مع المصالح القومية التركية كالعراق وسوريا، كما تستخدم إستراتيجيات كثيرة لتحقيق هذا الهدف، من بينها التعاون مع الغرب”.

وتابع قائلا “بغداد التي تحولت إلى عاصمة ثقافية لإيران ومركزا شيعيا كانت عاصمة سنية قبل أن يضعها الاحتلال الأميركي في اليد الإيرانية ضمن تقسيمه للعراق إلى مناطق نفوذ شيعية وأخرى كردية”.

ولفت إلى أن إيران “تريد السيطرة على الموصل عبر المليشيات الموالية لها، لتفتح ممرا عبر الأراضي العراقية إلى سوريا، ومنها إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط؛ الأمر الذي يهدد مصالح تركيا الحيوية في مشاريع تصدير وتسويق الطاقة”.

واختتم حديثه بالقول “إن الحرص الإيراني على استبعاد تركيا والمقاتلين الموصليين السنة الذين دربتهم من معركة الموصل يرجع إلى رغبة طهران في الاستفراد بالممر الآمن الذي تعمل على بنائه؛ مما يعني تغييرات ديموغرافية وسكانية وعمليات تهجير قسري تتحمل تركيا تبعاتها الإنسانية والاقتصادية”.

خليل مبروك

الجزيرة