ما بعد “داعش” !

ما بعد “داعش” !

1460088724_757987_797_105340_1

المعارك الجانبية التي يشعلها “داعش” هنا وهناك لن تغيّر من نهايته الحتمية، الهجوم المباغت الذي شنّه على سنجار أول من أمس لن يوقف معركة تحرير الموصل، وتحرّك عناصره النائمة والمتسللة الى كركوك لافتعال الاشتباكات العنيفة التي استمرت يومين لن تؤخر مصيره المحتوم، وفتح ثغرة مفاجئة في الغرب وتحديداً في منطقة الرطبة على مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية لن يوقف التقدم الحثيث لاقتلاعه .
ما يحصل اليوم في الموصل سيحصل بعد حين في الرقة، لكن السؤال المقلق الذي يضجّ في أمكنة كثيرة الآن في ظل الخلافات المذهبية التي ترتفع بيارقها فوق ميدان المعركة الممتدة من الموصل الى الرقة هو هل يتم الخلاص من الداعشية كضغائن وأحقاد وكراهيات عميقة متأصلة في النفوس، بعد الخلاص من “داعش” كتنظيم عسكري إرهابي تكفيري ؟
الجواب عن هذا السؤال يفتح الأبواب على احتمالات مخيفة، ليس لأنها يمكن ان تؤدي الى تكرار أخطاء وخطايا ما حصل في الأنبار بعد عام 2008 من خلال ممارسات نوري المالكي القهرية والفئوية والمذهبية، التي استهدفت حتى رجال “الصحوات” من أبناء العشائر السنية التي كانت قد ألحقت الهزيمة بـ”القاعدة”، بل لأنها يمكن ان تتعمق أكثر في هذا المنحى الخطير، الذي طالما سعى أعداء الإسلام سنّة وشيعة الى إثارته وإغراق المنطقة في لهيبه المدمر .
عام 2008 كان العبث الأميركي بالنسيج المذهبي في العراق واضحاً تماماً، لزّم الوضع خلافاً لنتائج الانتخابات، للإيرانيين الذين اطلقوا سياسات المالكي التي ستتحول رحماً يلد ما هو أخطر من “القاعدة” فكانت “داعش”. والآن مع بروز حتمية الخلاص من “داعش”، ترتفع المخاوف من ان تتكرر الاخطاء السابقة في الموصل والعراق كما في حلب وسوريا، وخصوصاً في ظل تقاطعات إقليمية ودولية في المنطقة، فالروس والايرانيون والاميركيون يتزاحمون، والأتراك يبحثون عن روح الخلافة من العراق الى سوريا وبين قتلى الاكراد!
على سبيل المثال من نصدق، الأتراك الذين يقولون انهم قصفوا “داعش” في بعشيقة في شمال العراق بطلب من البارزاني وقوات “البشمركة” التي حررت المدينة، ام العراقيين وحيدر العبادي الذي قال إن الجيش العراقي هو الذي قصف مراكز “داعش”؟
الموصل تبدو نموذجاً عن ساحة الصراعات في العراق وسوريا والمنطقة عموماً، أقول الصراعات لأن الصراع لا ينحصر بالقتال ضد “داعش” فهناك تشابك كبير في الرهانات والأهداف والمطامع، الروسي يواجه الاميركي، والتركي يواجه الكردي في سوريا ويصالحه في العراق، الإيراني يواجه السعودي والخليجي والعربي في المنطقة كلها، أولم تفاخر طهران بأنها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية … وحده الإسرائيلي ينام مطمئناً الى ان المنطقة دخلت نفق صراع مذهبي سينهك كل دولها!

راجح الخوري

صحيفة النهار