ميشال عون

ميشال عون

michel-aoun
اعتاد اللبنانيون قبل الآن ألا يكون لديهم رئيس للجمهورية، ليست المرة الأولى التي يخلو فيها موقع رئاسة الجمهورية في لبنان لبعض الوقت من رئيس.
ورغم أن ما يسمى بالفراغ الرئاسي هذه المرة طال حتى ناهز العامين ونصف العام، فإننا لم نسمع أو نلمس تذمراً من اللبنانيين من كون بلدهم بدون رئيس، ف «الأمور ماشية» برئيس أو بدونه.
لكن مجلس النواب اللبناني حسم الأمر أخيراً، حين انتخب أمس الأول قائد الجيش الأسبق ميشال عون رئيساً جديداً للبنان بأغلبية وازنة، رغم وجود معارضة ليست قليلة الوزن أيضاً، لكن «الطبخة» كانت قد تمت.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإنها ليست المرة الأولى التي سيقيم فيها ميشال عون في القصر الرئاسي في ضاحية بعبدا ليس بعيداً عن بيروت، فقد أتاه أول مرة بحكم الأمر الواقع، حين انتهت ولاية الرئيس أمين الجميل، دون أن يُنتخب رئيس جديد، فكان أن عهد، وهو يغادر موقعه، بالأمر لقائد الجيش الذي لم يكن، يومها، سوى ميشال عون نفسه.
لم تدم إقامة الجنرال في بعبدا طويلاً، حين تمكن الجيش السوري الذي كان يحكم القبضة على لبنان في تلك الفترة من طرده منه، بعد حرب دامية، دمرت خلالها أجزاء من القصر جراء ما تعرض له من قصف، فكان أن فرّ عون إلى مقر السفارة الفرنسية في بيروت لاجئاً، ومنها انتقل إلى فرنسا التي بقي فيها مجبراً خمسة عشر عاماً، قبل أن يعود إلى لبنان عام 2005 ويفرض نفسه مجدداً كزعيم لإحدى أبرز القوى السياسية المسيحية في بلده.
وسط مؤيديه، وقاعدته الحزبية خاصة، يُنظر إليه كبطل قاوم الوصاية السورية على لبنان، وذهب في المواجهة معها حد النهاية، لكن ينظر إليه أيضاً كسياسي براغماتي قادر على خلط الأوراق بغية تحقيق ما يرنو إليه، وهذا ما فعله حين انقلب على حلفائه في الحلف المعارض للوجود السوري في لبنان، وأقام الجسور مع خصومهم المحليين، ثم فعله ثانية حين فاجأ حلفاءه الجدد من مناصري سوريا، بإبرام صفقة تاريخية مع زعيم حزب المستقبل سعد الحريري، في نتيجتها حقق طموحه في أن يصبح رئيساً للبنان، بعد أن ناهز الثمانين من عمره.
ليس عون هو أول قائد للجيش اللبناني يصبح رئيساً للجمهورية.
فخلال آخر عقدين فقط سبقه في ذلك كل من إميل لحود وميشال سليمان، لكن ليس في سيرتهما ما يشبه السيرة الدراماتيكية لعون الذي نال ما أراد أخيراً، وليس واضحاً كيف سيدير خيوط اللعبة السياسية المعقدة، وسط تحديات الداخل الإقليمية غير المؤاتية.
د.حسن مدن
صحيفة الخليج