احتجاجات المغرب.. حضر الشعب وغابت الأحزاب

احتجاجات المغرب.. حضر الشعب وغابت الأحزاب

441

لم تنخرط الأحزاب المغربية في الغضب الشعبي العارم الذي تحول إلى مظاهرات في 13 مدينة ومنطقة، للاحتجاج على الشطط في استعمال السلطة والتنديد بالسلوكات الماسة بكرامة المواطن، وآخرها مقتل الشاب محسن فكري مطحونا في شاحنة نفايات

ويطرح هذا الغياب تساؤلات عن السرِّ وراء هذا الموقف من الاحتجاج على ما يسميه المغاربة “الحكرة”، أو تعسف السلطة في التعامل مع المواطن. وحتى حزب العدالة والتنمية -ذ ي المرجعية الإسلامية والذي يتشاور لتشكيل الحكومة- فقد دعا أعضاءه لعدم المشاركة في الاحتجاج بأي شكل من الأشكال.

وتختلف تقديرات المراقبين بين من يرى أن غياب الأحزاب مرتبط بانشغالها في المشاورات المرتبطة بتشكيل حكومة جديدة، وبين من يرى أن الأحزاب تعتقد أن الاحتجاجات غير المؤطرة تكون عرضة للاختراق والاستغلال السياسي، بينما يرى اتجاه ثالث أن موقف الشارع المغربي عابر للأحزاب والنقابات وباقي الهياكل والتنظيمات.

ويرى رئيس “مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية” محمد بودن، أن الأحزاب “اختارت الهروب إلى الأمام، ولم تعبر عن صرخة الجماهير باستثناء إعلان حزب الأصالة والمعاصرة عن مساهمته في الأشكال النضالية المتعلقة بالحادث، مقابل توجيه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أعضاء حزبه إلى عدم الخروج إلى الساحات العمومية للاحتجاج”.

وفسر بودن غياب الأحزاب بـ”خروجها مرهقة من سباق انتخابي، وانشغال أغلبها بمشاورات تشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى عدم توفرها على نظرة شاملة للواقعة مما جعلها متخوفة من تأويل يؤجج الوضع”.

كما أرجع عدم انتداب الأحزاب السياسية لمحامين كتعبير عن وقوفها إلى جانب الفئات الشعبية المتضررة، “إلى الضمانات المقدمة من الجهات الرسمية حول مسار القضية، ولكون التحقيقات لا تزال متواصلة بتعليمات ملكية”

من جهته اعتبر المحلل السياسي عباس بوغالم أن “ما وقع من تنديد يترجم موقف جميع المغاربة، وهو موقف عابر للأحزاب والنقابات وباقي الهياكل والتنظيمات بغض النظر عن تباين تقديراتها السياسية لطبيعة الحدث وحجمه”.

ودعا بوغالم إلى قراءة مواقف هذه الأحزاب “في ضوء المشهد السياسي المغربي الذي يميّزه تنظيم الانتخابات التشريعية، والبحث عن تحالف حزبي لتشكيل حكومة جديدة”.

وأضاف أن الحدث “كان فرصة لحزب الأصالة والمعاصرة لتوظيف هذه القضية سياسيا باعتباره حزبا في المعارضة، بخلاف حزب العدالة والتنمية الذي تصدّر هذه الانتخابات، فهو يستحضر مسؤولية أمينه العام الذي يرأس حكومة تصريف الأعمال، وهو مكلَّف في الوقت نفسه بتشكيل الحكومة المقبلة”.

وبحسب بوغالم فإن هناك من سيرى في موقف حزب العدالة والتنمية “نوعا من الخذلان لمغربي أزهقت روحه بأبشع وأفظع صورة هزت وجدان كافة المغاربة. وبعيدا عن حيثيات الواقعة، فإن الأمر كان يقتضي الفصل بين الموقف الرمزي الإنساني، والموقف السياسي من القضية، ولهذا أعتقد أن صورة الحزب ستكون عرضة للاهتزاز”.

وتعليقا على التبريرات القائلة إن الأحزاب السياسية متخوفة من أن تكون سببا في إشعال فتنة تنتقل من تظاهر سلمي إلى احتجاج عنيف، قال بوغالم “الاحتجاجات غير المؤطرة تنطوي على مخاطر كثيرة، وتبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، و تكون عرضة للاختراق والاستغلال السياسي بما يهدّد جزئيا أو كليا استقرار النظام؛ وهذه هواجس حضرت عند بعض الأحزاب السياسية، مما يفسر إحجامها عن الانخراط في هذه المسيرات الاحتجاجية”.

غير أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات يرى أنه ليس من الضروري أن تكون الأحزاب هي المؤطر الرئيسي للاحتجاج فالمسيرات الاحتجاجية الغاضبة لا يمكن تأطيرها باتجاه معين إلا من باب الاستغلال السياسي، “ولذلك لا أحد يمكنه أن يدعي أنه هو من يقف وراء هذا الشكل الاحتجاجي الذي جاء نتيجة لواقعة تربط بين مسؤولية الدولة باعتبارها قائمة على تطبيق القانون، وبين نوع من الاحتقان المرتبط بضوابط ثقافية وخصوصية تاريخية للمنطقة”.

الحسن أبو يحيى

الجزيرة