عملية ‘غضب الفرات’ تنطلق لتحرير الرقة

عملية ‘غضب الفرات’ تنطلق لتحرير الرقة

_94188_syr4

بدأ العد التنازلي لمعركة الرقة مع إعلان قوات سوريا الديمقراطية، الأحد، عن انطلاق معركة تحرير المعقل الأبرز لتنظيم داعش في سوريا، وتأكيد واشنطن التي تقود التحالف الدولي ضد التنظيم، على أنها بصدد عملية “عزل” المدينة، ما يزيد الضغوط على الجهاديين بعد دخول القوات العراقية إلى معقلهم في الموصل.

وأعلن التحالف الذي يضم جماعات مسلحة عربية وكردية أن الحملة على الرقة ستبدأ في غضون ساعات بغطاء جوي أميركي، وقال بعد ذلك مباشرة إن العملية التي يطلق عليها اسم “غضب الفرات”، قد بدأت بالفعل.

ورغم عدم مشاركة تركيا في معركة الرقة، إلا أن رئيس أركان الجيش الأميركي جوزيف دانفورد، كان قد وصل إلى أنقرة الأحد في زيارة غير معلنة تهدف لإجراء محادثات مع نظيره التركي، بحسب ما أعلن الجيش.

ومن المقرر أن يجري دانفورد محادثات مع نظيره التركي خلوصي أكار، دون أن يكشف عن المزيد من التفاصيل، وسط تكهنات بأن التنسيق يجري حول العمليات ضد داعش.

وخلال مؤتمر صحافي عقد بمدينة عين عيسى على بعد 50 كيلومترا شمال مدينة الرقة، التي يسيطر عليها الجهاديون منذ مطلع العام 2014، أكدت المتحدثة باسم الحملة جيهان شيخ أحمد أن عملية “غضب الفرات” بدأت ميدانيا مساء السبت، مع “تشكيل غرفة عمليات” من أجل “قيادة عملية التحرير والتنسيق مع جميع الفصائل المشاركة وجبهات القتال”.

وطالبت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف فصائل عربية وكردية سورية مدعومة من واشنطن، سكان الرقة بالابتعاد عن مواقع تجمعات متشددي تنظيم الدولة الإسلامية والتوجه نحو المناطق التي سيتم تحريرها. وكان هجوم الرقة متوقعا منذ فترة طويلة. وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في 25 أكتوبر، إن “معركة استعادة الرقة ستتزامن مع الهجوم الذي تقوده القوات العراقية على الموصل”.

ويرى مراقبون أن توسيع العملية العسكرية التركية نحو مدينة الباب، يعني أن الحكومة التركية تعطي الأولوية لهزيمة تنظيم داعش في شمال سوريا قبل التقدم إلى الجنوب من جرابلس نحو مدينة منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب، وهو ما يعني إعطاء الأولوية لإبعاد وحدات حماية الشعب إلى شرق الفرات، ومنعها من وصل الجزيرة وعين العرب (كوباني) مع عفرين، بحسب ما يطمح حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا.

وتحظى مدينة الباب بأهمية بالغة بالنسبة إلى التنظيم، حيث تعتبر صلة الوصل مع مدينة الرقة “عاصمة” التنظيم، إضافة إلى أن الجيش السوري الحر سيخوض قبل الوصول إلى الباب معركة صعبة للغاية في بلدة دابق التي تحظى لدى عناصر التنظيم برمزية دينية كبيرة. وبدأت تركيا عملية “درع الفرات” في شمال سوريا في أغسطس الماضي دعما لمقاتلين أغلبهم من التركمان والعرب في محاولة لطرد مقاتلي التنظيم من الحدود السورية التركية والحيلولة دون سيطرة فصائل كردية مسلحة على المزيد من الأراضي. وحرصت تركيا على إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم التي حررتها، منعا لسيطرة الأكراد عليها بالكامل إذ تعتبر تلك المناطق ذات أغلبية كردية.

وقال كبير القادة العسكريين الأميركيين في العراق اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند، إن “التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية يريد التحرك بشكل عاجل لعزل الرقة بسبب مخاوف من أن يستخدمها التنظيم كقاعدة للتخطيط لهجمات يشنّها على أهداف في الخارج”. ودعت فرنسا كذلك إلى عمل متزامن على الجبهتين. وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، الأحد، إن الهجوم على الرقة يجب أن يبدأ أثناء الحملة على الموصل.

وأضاف لو دريان لإذاعة “أوروبا 1” “يتعين أن نذهب إلى الرقة.. تلقائيا ستكون القوات المحلية هي التي تحرر الرقة حتى لو أسهمت القوات الفرنسية والقوات الأميركية والتحالف في ضربات جوية لتفكيك داعش”. وأكد أنه “لا يمكن الفصل بين الموصل والرقة لأن عناصر تنظيم داعش والإرهابيين الذين يحتلونهما منتشرون في المنطقة”. ويأتي الهجوم على الرقة بعد يومين من دخول القوات العراقية إلى مدينة الموصل، آخر معاقل الجهاديين في العراق، في إطار هجوم واسع بدأته قبل ثلاثة أسابيع بدعم من غارات التحالف الدولي.

وتعد الرقة والموصل آخر أكبر معقلين للتنظيم الذي مني منذ إعلانه “الخلافة الإسلامية” على مناطق سيطرته في سوريا والعراق في يونيو 2014، بخسائر ميدانية بارزة، فمنذ تشكيلها في أكتوبر 2015، نجحت قوات سوريا الديمقراطية التي تضم نحو 30 ألف مقاتل، في طرد التنظيم من مناطق عدة وذلك بدعم من التحالف الدولي.

وأقر المتحدث العسكري باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو بأن “المعركة لن تكون سهلة كون تنظيم داعش سيعمد للدفاع عن معقله الرئيسي في سوريا، لإدراكه بأن سيطرتنا على الرقة تعني نهايته في سوريا”. وستجري المعركة “على مرحلتين، تهدف الأولى إلى عزل مدينة الرقة عن باقي المحافظة تمهيدا لاقتحامها في المرحلة الثانية”.

ويتوقع أن تهاجم قوات سوريا الديمقراطية الرقة من ثلاثة محاور، الأول من عين عيسى والثاني من تل أبيض (على بعد 100 كلم شمال الرقة)، بالإضافة إلى قرية مكمن الواقعة على مثلث الحدود بين محافظات الرقة ودير الزور (شرق) والحسكة (شمال شرق). وأعلن سلو أن “دفعة أولى من الأسلحة والمعدات النوعية بينها أسلحة مضادة للدروع وصلت من التحالف الدولي”.

كما أفاد مصدر قيادي في قوات سوريا الديمقراطية بـ“وصول قرابة 50 مستشارا وخبيرا عسكريا أميركيا موجودين ضمن غرفة عمليات معركة الرقة، لتقديم مهام استشارية والتنسيق بين القوات المقاتلة على الأرض وطائرات التحالف الدولي”. لكن إنهاء وجود التنظيم المتطرف في الموصل والرقة سيكون مهمة طويلة ودموية، حيث تواجه القوات العراقية في الموصل مقاومة شرسة من الجهاديين منذ دخولها إلى المدينة، الجمعة.

صحيفة العرب اللندنية