الحرب السورية بين كلينتون وترامب

الحرب السورية بين كلينتون وترامب

t

كيف سيكون تعاطي الرئيس الأميركي الجديد مع الحرب السورية وما هو مصير العلاقة الأميركية – الروسية إذا فازت هيلاري كلينتون أو إذا فاز دونالد ترامب؟
كان الرئيس باراك أوباما ضعيفاً مع روسيا وممتنعاً عن التدخل والضغط بقوة من أجل رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. كما أنه أعطى روسيا الفرصة للتدخل العسكري في سورية لأنه اعتقد أن الصفقة مع روسيا لتدمير السلاح الكيماوي السوري كانت إنجازاً عظيماً وكافياً للسياسة الأميركية. واغتنم فلاديمير بوتين فرصة تراجع أوباما عن أي تدخل عسكري، أو على الأقل فرض حظر للطيران فوق سورية، للقيام بعملية عسكرية ضخمة لحماية نظام الأسد والحصول على قاعدة بحرية في المتوسط قرب أوروبا لنشر صواريخه للتصدي لأي عملية عسكرية لحلف شمال الأطلسي وللأوروبيين دفاعاً عن أوكرانيا. فهل نشهد السياسة نفسها إذا وصلت كلينتون إلى الرئاسة؟
هذا مستبعد. فمساعدو كلينتون من ميشيل فلورنوا (وزيرة دفاع محتملة) ووليام بيرنز (وزير خارجية محتمل) وجيك سوليفان (مستشار أمن قومي محتمل)، كلهم بحسب معلومات المسؤولين الفرنسيين كانوا يتمنون سياسة أكثر حزماً ومبادرة لإدارة أوباما في سورية. صحيح أن من المستبعد تدخل كلينتون عسكرياً في سورية، لكنها كررت مرات عدة أنها تؤيد إقامة مناطق حظر للطيران لإدخال المساعدات الإنسانية. وهي تؤيد، ومساعدوها الذين عملوا في إدارة أوباما، مزيداً من الضغط العسكري على بشار الأسد، وفي الوقت نفسه محاربة «داعش» كما يفعل أوباما. وليام بيرنز يعرف جيداً النظام السوري، فكثيراً ما كان يتفاوض معه في شأن لبنان. وهو ديبلوماسي محنك كان لاعباً أساسياً في التفاوض مع إيران على الملف النووي. وهناك أيضاً ديبلوماسيون محنكون سيلعبون أدواراً معه مثل السفير جيفري فيلتمان الذي يعمل الآن في الأمم المتحدة، والديبلوماسي الأميركي المسؤول عن تركيا الآن جوناثان كوهين، وهو من الجيل الصاعد في وزارة الخارجية.
كل هؤلاء لهم خبرة في المنطقة، وقد يكونون إلى جانب كلينتون في رسم سياستها في سورية ومواجهة روسيا. كما أن كلينتون أيدت من موقعها في وزارة الخارجية في العام 2012 الدعم الأميركي للثوار ضد الأسد. وأيدت موقفاً واضحاً من روسيا للقول إن الإدارة الأميركية تريد إقامة مناطق حظر طيران لتأمين المساعدات. ونقل عنها انتقاد لسياسة أوباما في سورية باعتبار أن «أحداً لم يقف بوجه الأسد للضغط عليه ودفعه إلى الرحيل، والنتيجة أن الكارثة الآن أكبر بكثير في سورية مما نشهده الآن في ليبيا».
في المقابل إذا فاز ترامب فستكون أولويته هي التخلص من «داعش». وهو قال إن «أول ما ينبغي أن نقوم به هو التخلص من داعش قبل الحديث عن سورية»، معتبراً أن مصير الأسد «ثانوي». كما أنه معروف بقربه من بوتين والأثرياء الروس المحيطين به. ومما لا شك فيه أن احتمال وصول ترامب إلى الرئاسة أمر يخيف كثيرين من مسؤولي العالم وشعوبه. فهذا الرجل الشعبوي الذي يشبه كثيراً زعيم «الجبهة الوطنية» الفرنسي السابق جان ماري لوبن مرعب في حدة مواقفه وجهله. واحتمال وصوله إلى سدة الرئاسة الأميركية سيكون بمثابة صدمة كبرى للعالم وكارثة للديبلوماسية الأميركية.
المرجو أن تقود نتيجة امتحان الديموقراطية الأميركية إلى تفاوض حقيقي لإنهاء مأساة سورية الكارثية المستمرة. والمطلوب إيقاف التنازل الأميركي الذي شهده عهد أوباما، وأن يُعيّن وزير جديد للخارجية أكثر حزماً وذكاء من جون كيري في مواجهة الثعلب الروسي سيرغي لافروف الذي تفوق بسهولة في التفاوض مع نظيره الأميركي.

رنده تقي الدين

صحيفة الحياة اللندنية