النجاح الأميركي المتواضع في سورية.. ولماذا هو تحت التهديد؟

النجاح الأميركي المتواضع في سورية.. ولماذا هو تحت التهديد؟

0eb33086-e914-48f7-bfde-61faad338b7e

حققت الولايات المتحدة وشركاؤها العرب بعض النجاح في دعم الثوار في جنوبي سورية. ولكن، إذا كسب نظام الأسد في حلب فقد يتحول نحو الجنوب -مغيراً بذلك ملمح الحرب.
*   *   *
عمان، الأردن- من الممكن أن تصبح البقعة الوحيدة المضيئة للثوار السوريين المدعومين من الولايات المتحدة تحت التهديد في القريب إذا استمر نظام الأسد المدعوم من جانب روسيا في كسب الزخم.
لثلاثة أعوام، كان نحو 30.000 من الثوار الناجحين في التدقيق ينشطون في مساحات شاسعة من الجنوب. ومع الإمداد والتوجيه من جانب ائتلاف يضم الولايات المتحدة والأردن والسعودية، كانت نحو 57 من الميليشيات المعروفة باسم “الجبهة الجنوبية” تشكل في بعض الأحيان هي القوة القتالية الأكبر فعالية في سورية.
ولكن، منذ منتصف العام 2015، أوقفت السعودية التمويل وحولت الولايات المتحدة تركيزها إلى “داعش”، وفق مصادر الثوار ومسؤولين مقربين من قيادة العمليات العسكرية للائتلاف في عمان، الأردن.
والنتيجة: جمود جنوبي حيث أصبح الثوار عاجزين عن التقدم، وحيث أصبح نظام الأسد مقيداً في الشمال في حلب. لكن غارات النظام الجراحية في كانون الثاني (يناير) والمدعومة من القوة الجوية الروسية، أعطت الشعور بما عساه أن يحدث إذا أدارت قوات الأسد انتباهها نحو الجنوب: سقطت بلدة الشيخ مسكين الاستراتيجية، وقطعت خطوط إمداد الثوار.
بتلك الطريقة، فإن المعركة على حلب تصبح حول ما هو أكثر من المدينة الشمالية التي تتمتع بمعنى رمزي ضخم في حد ذاتها. إنها تدور أيضاً حول ما إذا كان الرئيس الأسد سيكون قادراً على إعادة التمحور إلى الجنوب.
إذا فعل، سيكون من الممكن أن تتكشف الحرب بطرق جديدة. ومن استثمار الائتلاف في “الجبهة الجنوبية” إلى ظهور أسئلة حساسة عن الحدود الجنوبية لسورية مع الأردن وإسرائيل، فإن الصراع قد يصبح أكثر تدويلاً -جاذباً طاقماً جديداً من اللاعبين والتوترات.
ويقول عبد الهادي ساري، الضابط السابق في القوة الجوية السورية وعضو المجلس العسكري في جبهة درعا الجنوبية: “إذا سقطت حلب وتركنا وحدنا، فسوف يعيد النظام احتلال الجنوب وستتم خسارة كل شيء. عندئذٍ سوف تبدأ الأزمة الحقيقية”.
الأردن وإسرائيل
كانت الجبهة الجنوبية في الصراع السوري المستمر منذ خمسة أعوام هي الأكثر هدوءا في الفترة الأخيرة. لكن مسؤولين وخبراء يحذرون من أنها من الممكن أن تصبح الأكثر اشتعالاً، فيما يعود في جزئه الضخم إلى الديناميات السائدة على طول حدود سورية الجنوبية.
فالأردن، على سبيل المثال، أخطر جميع الفصائل بأن منطقة حدوده تعد خطاً أحمر. وقد عمل مع الثوار للإبقاء على القتال بعيداً بما يتراوح بين 6 و12 ميلاً عن حدوده، واستطاع إدارة تدفق اللجوء، وفق ما ذكره ثوار ومسؤولون أردنيون.
ويقول محمد المومني، الناطق بلسان الحكومة الأردنية ووزير الدولة لشؤون الإعلام: “أي عمل يدفع اللاجئين في اتجاه حدودنا مع سورية أو يدفع بالقتال نحو حدودنا سيعتبره الأردن عمل حرب”.
ولدعم هذا الحديث، استخدم الأردن توجيه الضربات الصاروخية لمهاجمة العربات والدبابات والمجموعات التي اقتربت كثيراً من حدوده.
وقد عقد الأردن العزم -ليس على منع تدفق القتال إلى أراضيه فحسب، وإنما أيضاً على منع الهروب المحتمل لآلاف المتشددين -الكثيرون منهم من الأردن- إلى داخل أراضيه متخفين بهيئة اللاجئين. ويشدد المسؤولون الأردنيون على استحالة المبالغة في حساسية حدوده.
بالنسبة لإسرائيل، ثمة تهديد أكبر قد يصل إلى حدودها: حزب الله. وقد نشرت هذه الحركة الشيعية العالقة في حالة حرب مع إسرائيل أكثر من 2.000 مقاتل في الجنوب مرات عدة لمساعدة نظام الأسد في شن هجوم معاكس ضد المجموعة المتشددة القوية، جبهة فتح الشام، بالإضافة إلى “الجبهة الجنوبية”.
لكن إسرائيل ترى أن حزب الله يفعل ما هو أكثر من مساعدة النظام، فترى أن حزب الله يسعى إلى فتح جبهة جديدة في حربه على إسرائيل.
يقول ايتامار رابينوفيتش، الأستاذ في جامعة تل أبيب والمفاوض الإسرائيلي السابق مع سورية: “من الواضح أن حزب الله وأسياده يحبون تمديد خط مواجهة إسرائيل مع لبنان على طول الطريق إلى الجولان. وهو شيء إسرائيل مصممة على منعه”.
من الواضح أن الشبكة العنكبوتية المعقدة من المصالح الدولية في الجنوب تجعل منه برميل بارود ينطوي على احتمال الانفجار.
ويقول أندرو تابلر، الخبير في الشأن السوري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “في الجنوب لديك ثالوث المصالح الأردنية الإسرائيلية في مقابل طائفة من المصالح السورية التي لم يعد بالإمكان اعتبارها بلداً واحداً. كما أن الشمال معقد أيضاً، لكن هناك مقاومة أكبر للمجموعات المدعومة إيرانياً في الجنوب من جانب إسرائيل والأردن”.
روسيا
تقوم روسيا بتعقيد الصورة. فبإدراك حقيقة عودة ظهور روسيا كلاعب في سورية، كان الأردن وإسرائيل سريعين في الوصول إلى موسكو.
قيل إن الأردنيين أسسوا مركزاً لمنع التعارض مع الروس، للحيلولة دون حدوث سوء تفاهم أو حوادث مؤسفة بين الطائرات الروسية المقاتلة وبين قوات الحدود الأردنية. ويتضمن ترتيب مشابه بين إسرائيل وروسيا وضع “خط مباشر” بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما قالت التقارير.
لكن مشاعر عدم الثقة تسود. فأنظمة الصواريخ التي نصبتها روسيا في سورية تضع كل إسرائيل تقريباً وكثيراً من مناطق الأردن في نطاق مداها. ويقول خبراء إن المقاتلات الروسية انتهكت المجال الجوي الإسرائيلي بشكل متكرر.
ومن جهتهم، أعرب مسؤولون أردنيون، في أحاديث خاصة، عن “الحنق” بسبب قصف روسيا من جانب واحد بلدة الشيخ مسكين، ولاحقاً للثوار المدعومين من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه) على حد سواء بالقرب من الحدود الأردنية.
حتى الآن، أبقى الحوار التوتر منخفضاً. لكن القلق يبقى من أن الأمور يمكن أن تتغير إذا ما تم حل مسألة حلب.
يقول جنيفر كافاريلا، الخبير في الشأن السوري في معهد دراسة الحرب: “ليس هناك أوهام حول تقيد روسيا بهذه الاتفاقيات، سوف تتابع روسيا أفضل مصالحها من دون حذر”.
داعش
في غمرة كل هذا التسابق، يلوح “داعش” كعامل يصعب التنبؤ به. وتختلف فروع “داعش” في جنوبي سورية كثيراً عن غيرها في كل مكان. ففي أنحاء أخرى من سورية، استولت المجموعة على الأراضي بالقوة. أما في جنوبي سورية، فقد نما “داعش” عضوياً، فأعلنت مجموعات الثوار المنشقة عن ولائها له واحدة بعد الأخرى.
وبدلاً من مواجهة النظام علناً، قصرت فروع “داعش” نفسها حتى الآن على الاستفادة من خسائر الثوار؛ حيث تنقض خلف تقدم النظام لتأمين المزيد من الأراضي.
وفي حال اجتثاث قوات الثوار، يمكن أن تمتد أراضي “داعش” التمدد على طول حدود الأردن والجولان إلى الغرب، كما تقول قوات الثوار ومسؤولون أردنيون. ولأنه على وشك خسارة الرقة، عاصمته السورية، يمكن أن يهاجر “داعش” إلى الجنوب.
ويقول السيد ساري، ضابط سلاح الجو السوري سابقاً: “إذا كسب النظام الجنوب، فإن العديد (من المتشددين) سيبحثون عن طريق ثالث، القاعدة أو داعش”.
افتقار “الجبهة الجنوبية” إلى التقدم خلال العام الماضي ترك أصلاً العديد من المدنيين السوريين وهم يشعرون بخيبة أمل من الثوار في الاتجاه السائد.
ويقول محمد، 25 عاماً، من درعا والذي يفكر في إلقاء دعمه وراء جبهة فتح الشام المعروفة سابقاً باسم جبهة النصرة: “نريد أن نقاتل النظام وأن ندافع عن أنفسنا أمام النظام نريد هزيمة النظام. إننا مستعدون لضم أيدينا إلى النصرة أو داعش أو حتى الشيطان نفسه للتخلص من الأسد”.
بوجود أسلحة ثقيلة مناسبة، تدعي “الجبهة الجنوبية” أنها تستطيع اجتثاث قوات “داعش” الصغيرة نسبياً في غضون “يومين إلى ثلاثة أيام”. ومع ذلك، فإن الخوف من سقوط الأسلحة في أيدي “داعش” ترك قيادة العمليات العسكرية مترددة في دعم الجبهة الجنوبية بقوة.
قد يعتمد ما سيحصل تالياً على الرئيس الأميركي التالي. وينظر إلى الدعم الأميركي على أنه ضروري لضربات عسكرية إسرائيلية أو أردنية أوسع نطاقاً، أن تأسيس منطقة حظر طيران آمنة في الجنوب أو أي مقاومة للمناورات الروسية. وبخلاف ذلك، يقول المسؤولون في المنطقة إنهم سيتصرفون من تلقاء أنفسهم إذا اجبروا على ذلك.
ويقول مسؤول حكومي أردني: “نحن نعمل من دون قيادة من (الولايات المتحدة)… ونكون في بعض الأحيان بلا خيارات. ولكن، إذا تعرض استقرارنا للتهديد، فإننا سوف نتصرف”.

تيلر لوك

صحيفة الغد