في العراق… الزعماء يبحثون عن “تسوية تاريخية” بعد الخلاص من “داعش”

في العراق… الزعماء يبحثون عن “تسوية تاريخية” بعد الخلاص من “داعش”

430888-01-08_361272_large

تدرك الزعامات الشيعية السياسية والدينية، انها تتحمّل المسؤولية الأكبر في المسار الكارثي الذي سارت عليه الدولة العراقية بعد إطاحة حكم الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003. ومن دون التقليل من أهمية دور بقية المكونات العراقية، الا ان قطاعات واسعة من الساسة والمواطنين الشيعة يدركون انهم، بحكم اغلبيتهم العددية وسيطرتهم على اغلب مفاصل الدولة الاساسية، يقع على عاتقهم العبء الاكبر من اخفاق الدولة او نجاحها. صحيح ان اكراد العراق وعربه من السنّة كان لهم النصيب الوافر فيما آلت اليه الدولة العراقية بعد 2003 من انهيار ودمار، الا ان اغلبية الشيعة العددية التي أمّنت لهم تصدر سلطة التنفيذ عبر منصب رئاسة الوزراء الحاسم الذي يسيطرون عليه منذ 13 عاما، جعلهم امام حقيقة انهم المسؤولون عن النسبة الأكبر من الاخفاق الذي منيت بها الدولة العراقية، ومن واقع تلك القناعة ربما، تسعى الزعامات الشيعية هذه الأيام الى صياغة “تسوية تاريخية” تعدّل مسار الدولة الفاشلة وانقاذ ما يمكن انقاذه.

صحيح ان اطرافا دولية مختلفة، ومنها البعثة الاممية في العراق (يونامي) تعمل على بلورة صيغة للحوار والتسوية بين المكونات العراقية، الا ان الورقة الاولية التي اصدرها التحالف الشيعي الذي يرأسه السيد عمار الحكيم في 31 تشرين الاول الماضي بشأن موضوع التسوية، يكشف عن حجم الاهمية التي يوليها الزعماء الشيعة لتسوية شاملة عقب الانتهاء من صفحة تنظيم “داعش”.
وتقترح المبادرة التي وقعها زعماء التحالف الشيعي، باستثناء السيد مقتدى الصدر، ثلاثة عناوين لموضوع التسوية هي، “التسوية الوطنية” و”التسوية التاريخية” و”المبادرة الوطنية للسلم وبناء الدولة”. ويلاحظ ان الصيغة المقترحة التي تضمّنتها ورقة التحالف الشيعي اولت اهمية قصوى للجانب السياسي والعلاقة بين المكونات العراقية، ولم تتطرق للمشاكل المتفاقمة بين الجماعة السياسية بمختلف انتماءاتها وعموم المواطنين العراقيين، وهي مشاكل يرى عدد غير قليل من المراقبين اهمية معالجتها في اطار تسوية مماثلة.
وتؤكّد ورقة التحالف على ان “المبادرة تمثّل رؤية وإرادة قوى التحالف الوطني لتسوية وطنية تنتج مصالحة تاريخية عراقية، الهدف من هذه المبادرة الحفاظ على العراق وتقويته كدولة مستقلة ذات سيادة وموحدة وفدرالية وديمقراطية”.
وتعتمد مبدأ التسوية التي تعني “الالتزامات المتبادلة بين الأطراف العراقية الملتزمة بالعملية السياسية او الراغبة بالانخراط بها”.
كما اكدت الوثيقة تحالف الموقف الرافض لإشراك “حزب البعث” المنحلّ و”داعش” او الكيانات العنصرية والتكفيرية.
وحددت الوثيقة ثلاثة اسس للتسوية الشاملة هي: “التسوية الشاملة وليس التنازل أحادي الجانب، ومبدأ اللاغالب واللامغلوب، الى جانب تصفير الأزمات بين الأطراف العراقية”.
واعتبرت الوثيقة، ان العمل ضمن سقف الدستور احد ثوابت المبادرة الى جانب الايمان والالتزام “قولاً وفعلاً بوحدة العراق أرضاً وشعباً والحفاظ على سيادته واستقلال قراره وهويته ونظامه الديمقراطي البرلماني”.
كما شدّد على الدور الاممي في العراق ومطالبته بـ” بدعم الحكومة والاطراف العراقية المنخرطة في التسوية الوطنية”.

فاضل النشمي

صحيفة النهار