التكتل الخليجي .. قوة اقتصادية وهيبة

التكتل الخليجي .. قوة اقتصادية وهيبة

%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%84%d9%8a%d8%ac

تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي أن تشكل كتلة اقتصادية كبيرة في العالم، ليس فقط من خلال الثروات الكامنة وتلك المستخدمة فيها، بل أيضا من جهة الفرص الكثيرة المتاحة لأن تكون تكتلا محوريا يلعب دورا أكثر فاعلية على الساحة العالمية، ويسهم في لملمة الفوضى الاقتصادية الراهنة دوليا، ولا سيما في ظل غياب قرار دولي متزن وواع. وما قاله الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد في هذا السياق، يحمل الكثير من المعاني، كما أنه يقدم فرصة أخرى جديدة لدول المجلس لتستغل الوضع العالمي الراهن، علما بأن المملكة عملت طوال العقود الماضية للوصول إلى مثل هذا التكتل، حتى في وقت الازدهار والاستقرار الاقتصادي العالمي، وقدمت سلسلة من المشاريع، ليس فقط تلك التي تتعلق بالتحول من التعاون إلى الاتحاد، بل أيضا، المحافظة على المصالح الخليجية العربية تحت أي ظروف.

الأمر لا يتطلب سوى العمل بالشكل الصحيح على مدى الأعوام المقبلة، كي تصل بلدان مجلس التعاون إلى مرحلة التكتل الاقتصادي الكبير، الذي سيصبح تلقائيا القوة السادسة على الصعيد العالمي، ويوفر الأدوات اللازمة لبلدان هذه الكتلة، للانطلاق نحو آفاق مختلفة وأكثر استدامة وقوة. والأهم من هذا، أنه لا توجد خلافات تذكر بين بلدان الخليج حول أي خطوة نحو تشكيل مثل هذه القوة الاقتصادية، وإن وجدت بعض العراقيل الإجرائية، وكذلك الحاجة إلى فترة زمنية تكفل تحولا طبيعيا وليس مصطنعا لتحقيق الهدف المنشود. تتحرك في العالم الآن بعض الدول بوضوح نحو الحمائية، ورغم سلبية هذا التوجه، إلا أن التوجهات الحمائية للتكتلات لا تتسم بهذه السلبية؛ لأن الأمر يعني مجموعة من الدول؛ أي أنه ليس فرديا.

ومن هنا نفهم “المعركة” الكبيرة التي أعلنها الاتحاد الأوروبي (مثلا) للحفاظ على كيانه في أعقاب قرار بريطانيا الانسحاب منه، بل إن القيادات الأوروبية بدأت تطرح مبادرات لتكريس آخر جديد لهذا الكيان. وتحتاج بلدان الخليج العربية كيانا حقيقيا يدافع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية في المستقبل، ولا سيما في ظل عدم وضوح الرؤية حيال السياسة الأمريكية المقبلة، بوصول دونالد ترمب إلى حكم البلاد برؤاه الانعزالية الحمائية العنصرية كمرشح. هذا الوصول أسهم في دبيب الرعب في أوصال حلفاء الولايات المتحدة، فكيف الحال بالنسبة لبقية بلدان العالم؟ لا يوجد عاقل يدعو إلى حمائية محلية في ظل أهداف عالمية أكثر انفتاحا، لكن مواجهة التغييرات تستدعي اليوم أكثر من أي وقت مضى التكتل الذي يحمي الانفتاح ولا يدعو إلى الانعزالية.

لدى دول مجلس التعاون الخليجي الكثير من الخصائص التي تضمن تكتلا اقتصاديا عالي الجودة، كما أنها تستند إلى أسس صلبة من التعاون بينها، تسنده تجارب وخبرات على مدى عقود. ولعل أهم ما سيفرزه مثل هذا التكتل، مزيد من الأدوات لتكريس النمو والازدهار لشعوب دول المجلس أولا وأخيرا، وبالطبع إلى جانب رفع مستوى الدفاع عن مصالح هذه الدول مجتمعة، في وقت تتعرض فيه للمخاطر ليس فقط من الفوضى الاقتصادية العالمية، بل أيضا من قوى إقليمية لا ترى سوى الخراب في المنطقة ككل، ولا تعمل إلا لنشره في كل الأرجاء. هناك تحولات ومتغيرات وبعدها استحقاقات تتطلب العمل ككتلة خليجية عربية.

الاقتصادية السعودية