تخمة المعروض النفطي أكبر في 2017

تخمة المعروض النفطي أكبر في 2017

1882x1054

واجهت اسواق النفط في الفترة الماضية العديد من التحولات العالمية اتي اثرت بشكل مباشر على اسعار النفط، اذ تراوحت بين الصعود والهبوط، وكانت العوامل السياسية حاضرة الى جانب العوامل الفنية والاقتصادية وشكوك في قدرة منظمة البلدان لمصدرة للنفط (اوبك) على تطبيق اتفاق خفض الانتاج.

قبل ايام شهدت الساحة الدولية فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الاميركية ، وهو حدث مفاجئ ليس للناخب الاميركي فحسب، بل للمراقبين في كل العالم، ولاحظنا ردت فعل الاسواق على ذلك سواء كانت اسعار النفط او اسواق الاسهم والبورصات الرئيسة في العالم.

في تقرير جديد لمنظمة أوبك كشفت فيه ان انتاجها من النفط زاد في تشرين الاول أكتوبر لمستويات قياسية على الرغم من النداءات المتتالية من بعض اعضاء المنظمة لخفض الانتاج لتحسين الاسعار، وبحسب تقرير المنظمة فإن الامدادات جاءت من قبل الدول الدول الاعضاء التي تأمل باعفائها من أي جهود تبذلها المنظمة لكبح الامدادات مثل ليبيا والعراق العراق وايران ونيجيريا وغيرها بما يشير الى فائض أكبر بالسوق العالمية في العام المقبل.

ويشير التقرير ان ايران ابلغت أوبك بأنها ضخت 3٫92 مليون برميل يوميا في تشرين الاول  أكتوبر بينما قدرت المصادر الثانوية الانتاج عند 3٫69 مليون برميل يوميا. وترى ايران أنها اذا شاركت في اتفاق أوبك على تقليص الامدادات فسيكون الانسب لها خفض الانتاج من المستوى الاعلى.

وقد شهد اسعار النفط تراجعا في اسواق آسيا مع عودة القلق من العرض المفرط في العالم، وقد اعلنت وزارة الطاقة الاميركية الاسبوع الماضي  ان الاحتياطات التجارية الاسبوعية للخام الاميركي ارتفعت بمقدار 2,4 مليون برميل، مما يدل على ضعف الطلب في اول بلد مستهلك في العالم.

تقرير المنظمة اشار الى انها ضخت 33٫64 مليون برميل يوميا الشهر الماضي وفقا لبيانات جمعتها المنظمة من مصادر ثانوية بزيادة 240 ألف برميل يوميا عن سبتمبر وهو ما يعني تخمة في الامدادات وبطبيعة الحال فإن اتجاه الاسعار لن يكون في هذا الاتجاه بل سيتراجع مؤشر الاسعار ربما الى مادون ال50 دولار هذه الفترة على الاقل .

وكالة الطاقة الدولية هي الاخرى كشفت عن التحديات التي تواجه المنظمة في مساعيها لتقيد الانتاج. ونزل النفط عن 46 دولارا للبرميل من مستواه قرب 54 دولارا الذي سجله عقب الاعلان عن اتفاق أوبك مباشرة في ايلول  سبتمبر.

وكانت وكالة الطاقة أعلنت نهاية الاسبوع الماضي أن تخمة المعروض قد تستمر حتى عام  2017 إن لم تخفض أوبك الإنتاج، في حين أن تزايد إنتاج دول أخرى مصدرة قد يؤدي إلى نمو المعروض دون توقف.

وفي تقريرها الشهري عن سوق النفط، قالت الوكالة إن المعروض العالمي زاد ثمانمئة ألف برميل يوميا في تشرين الأول أكتوبر إلى 97.8 مليون برميل يوميا بقيادة إنتاج قياسي لأوبك، وارتفاع إنتاج دول خارج المنظمة مثل روسيا والبرازيل وكندا وكازاخستان.

تقرير اوبك لم يتطرق للفوز المفاجئ للجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الاميركية مكتفية بالقول ان أسواق العملة شهدت تقلبات “كبيرة”. وأبقت المنظمة على توقعاتها للنمو الاقتصادي الاميركي والعالمي في 2017 دون تغيير.

وقالت أوبك في التقرير “البيانات التي ستصدر على مدى الاشهر المقبلة ستقدم صورة أوضح تسمح بالقاء نظرة أكثر تفصيلا على الوضع الاقتصادي الاميركي وخصوصا بعد الانتخابات الاخيرة”.

ويقول تقرير أوبك ان نمو الامدادات في أكتوبر يرجع في معظمه الى ليبيا ونيجيريا والعراق وهي دول أعضاء تسعى لاعفائها من أي تخفيض بسبب الصراع. كما زاد انتاج ايران التي تسعى للإعفاء أيضا بسبب انخفاض انتاجها جراء العقوبات الغربية.

وتقرير أوبك الجديد هو أحدث التقارير التي تظهر وصول الانتاج لمستويات قياسية جديدة. ووفقا لمراجعة أجرتها رويترز لتقارير أوبك السابقة فان انتاج المنظمة في أكتوبر هو الاعلى منذ عام 2008 على الاقل.

وفي التقرير خفضت أوبك توقعاتها لإمدادات المعروض من خارجها هذا العام لكنها قدرت نمو المعروض في 2017 عند 230 ألف برميل يوميا دون تغير يذكر عن الشهر السابق.

وتتوقع أوبك في تقريرها أن يصل متوسط الطلب على خامها في 2017 الى 32٫69 مليون برميل يوميا بما يشير الى أن متوسط الفائض في السوق سيصل الى 950 ألف برميل يوميا اذا واصلت أوبك الانتاج بنفس المستوى . وكان تقرير الشهر الماضي يشير الى فائض قدره 800 ألف برميل يوميا. وقد وأشارت وكالة الطاقة الدولية ضمنا في أحدث تقاريرها الذي صدر الخميس الى فائض يقارب 500 ألف برميل يوميا في 2017.

ومن المقرر ان تجتمع الدول الاعضاء في اوبك ودول من خارج المنظمة في فيينا نهاية نوفمبر تشرين الثاني للتفاهم حول حجم ما سينتجه كل عضو من أعضاء المنظمة الأربعة عشر، بالإضافة الى العديد من المسائل التي تتعلق بالإنتاج.

يعد غياب التوافق داخل اوبك  احد اهم العراقيل امام اي فرصة لاستعادة التوازن للاسواق ،حيث تصر بعض الدول الاعضاء على عدم  كبح انتاجها ودول اخرى ترى بأنها لايمكن ان تخفض الانتاج لأنها تمر بظروف استثنائية وغيرها من الاسباب ، بالتالي لا يبدو مع هذا الواقع اي فرصة لاتفاق حقيقي اضافة الى غياب التعهد بتجميد مستويات إنتاج النفط من قبل غير الاعضاء، اضف الى ذلك ان ما يجري حاليا داخل المنظمة قد يعقد اي اتفاق مع الدول غير الاعضاء فيها، فقدتم الاتفاق في الجزائر على ترك مسألة تحديد تفاصيل خفض حصص الدول الأعضاء لاجتماع الثلاثين من تشرين الثاني نوفمبر الجاري  في مقر المنظمة بفيينا. وحتى اجتماع اوبك المقبل في فيينا قد لا يحمل جديدا للاسواق، فاليوم الكثير من التحولات قد تواجه الاسواق خصوصا مع وصول الرئيس الأميركي الجديد المثير للجدل  لرئاسة البيت الابيض.

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية