من معضلة التمويل إلى التشبيك: حلقة نقاش: التحديات الثمانية لمراكز الفكر في الشرق الأوسط

من معضلة التمويل إلى التشبيك: حلقة نقاش: التحديات الثمانية لمراكز الفكر في الشرق الأوسط

3043

في إطار المشاركة بفعاليات إطلاق إطلاق التقرير السنوي لجامعة بنسلفانيا لترتيب مراكز البحوث والدراسات علي مستوي العالم لعام 2014 Global Go To Think Tank Index Report ، عقد المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة الخميس 22 يناير 2015 حلقة نقاشية، حول التحديات المتنوعة التي تواجه مراكز الفكر في دراسة البيئة الإستراتيجية المتغيرة في منطقة الشرق الأوسط، سواء على صعيد التمويل أو تحليل الأوضاع المعقدة، أو التنبوء بمسارات المنطقة.

جاءت الحلقة النقاشية، في وقت استطاع المركز الإقليمي للعام الثاني على التوالي، حصد مراتب متقدمة في تقرير جامعة بنسلفانيا الذي يصدر سنويا منذ العام 2007، ويشكل مرجعا رئيسيا للحكومات والجهات المانحة والمنظمات الدولية في التفاعل مع مراكز التفكير عبر العالم.

أدار الحلقة النقاشية د.عبد المنعم سعيد رئيس المركز الاقليمى للدراسات الإستراتيجية ، وتحدث فيها كل من أ. السيد ياسين مستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، ود. مصطفى كامل السيد مدير مركز شركاء التنمية، ود. نيفين مسعد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، و د.أماني مسعود مدير مركز بحوث ودراسات الدول النامية بكلية الاقتصاد.

تحديات في بيئة متغيرة

ركزت الحلقة النقاشية على ثمانية تحديات أساسية تواجه مراكز الفكر والبحث فى دراسة البيئة الاستراتيجية المتغيرة فى الشرق الأوسط، وهي:

أولا – تحدي التمويل، حيث أتفق المشاركون في الحلقة النقاشية علي أن تمويل مراكز البحوث يعد من التحديات الرئيسة التى تواجه مراكز الفكر والبحوث، إذ أنه في ظل محدودية التمويل المحلي، تلجأ معظم مراكز البحوث للتمويل الأجنبي، مما قد يؤثر في الأجندة البحثية لهذه المراكز وطبيعة القضايا التي يتم معالجتها. على أنه لا يمكن فصل تحدي التمويل لمراكز البحوث عن تنامى دور المجتمع المدنى فى العمل البحثى، وإن كان بعض المشاركين لفت الانتباه إلى مسألة التمويل تسببت في إقحام مؤسسات غير مؤهلة ولا تملك الخبرات اللازمة في العمل البحثي.

ثانيا – تحدي الحرية والاستقلال، إذ بدا أن هنالك تباينا بين المشاركين في الحلقة النقاشية حول حدود الحريات المتاحة أمام العمل البحثي في العالم العربي، وأشار البعض إلي أن هناك بعض القيود المفروضة علي حرية العمل البحثي، خاصة حينما يتعلق الأمر بقضايا الأمن القومي، وفي هذا السياق، ثار جدل في الحلقة النقاشية حول الحد الذي يمكن لمراكز البحوث أن تحافظ على استقلاليتها ليس فقط في مواجهة الأنظمة الحاكمة ، وإنما أيضا أمام الأحزاب السياسية ورأس المال الخاص.

ثالثا – تحدي التغييرات المتسارعة، إذ تواجه مراكز البحوث تحديا رئيسيا يتعلق بسرعة تلاحق الأحداث في المنطقة وتطورها، لاسيما وأن المنطقة تعيش في مراحل ما بعد الثورات مرحلة انتقالية جديدة، فلم يكن أحد يتوقع صعود الحركات الدينية، وتعثر الدولة الوطنية كما حال النموذج اليمني. ويؤثر تلاحق الأحداث وتطورها دراماتيكيا على قدرة مراكز الفكر في دراسة تلك التطورات، وتقديم رؤية إستشرافية لمسارات المنطقة في المستقبل.

رابعا- تحدي تشابك الداخل والخارج، حيث اعتبرت الحلقة النقاشية أن التداخل الشديد بين العوامل الداخلية والخارجية في أزمات المنطقة يمثل تحديا متعاظما لمراكز الفكر والبحوث ، إذ يصعب ذلك تشكيل رؤية واضحة لما يجري من تفاعلات متعددة الأصعدة داخل المنطقة.

خامساً-  تحدي الفاعلين من غير الدول، حيث تواجه مراكز البحوث في الشرق الأوسط صعوبات في التعاطي مع الأوضاع الإقليمية لاسيما مع تصاعد دور الفاعلين من غير الدول، والسيولة الشديدة لتحركات ومواقف هذه الفواعل، فسابقا، كان من اليسير تحليل السياسات الخارجية لدول المنطقة اعتماد على مركزية الدولة في التحليل، أما الان، فبدا أن هنالك فاعلين من غير الدول لهم سياسات خارجية وتصورات قد تتعارض مع تصورات الدولة ذاتها.

سادساً: التحدي المتعلق ببناء أجندة بحثية، حيث لفتت الحلقة النقاشية الانباه إلى افتقاد بعض مراكز البحوث والفكر في الشرق الأوسط إلى أجندة بحثية واضحة قائمة على فلسفة واضحة تتعلق بما تريده وما نريده منها، وبالتالي ظهرت مراكز بحوث تعمل وفقا للمشاريع الممولة لها، أي أن المركز البحثي يغير فلسفته ليستوعب هذا المشروع أو ذاك بغية التمويل، ولذا دعت الحلقة إلى أهمية تمسك المراكز البحثية بمجموعة من الاهداف الثابتة بغض النظر عن طبيعة الجهة الممولة له.

سابعاً- تحدي المنافسة بين مراكز البحوث، حيث إن الإشكالية التي يثيرها عمل مراكز الدراسات في المنطقة أنها تعمل على القضايا ذاتها ، مما يخلق تنافسا تمويليا وليس تكاملا وتشبيكا في دراسة وتحليل قضايا المنطقة، بما يؤدي إلى خلق فجوة وعدم ثقة بين تلك المراكز وصانع القرار.

ثامناً- تحدي التواصل مع العالم الخارجي، إذ إن ثمة أهمية لتواصل مراكز البحوث في المنطقة مع العالم الخارجي عبر طرح الرؤية العربية انطلاقا من خصوصية وهوية المنطقة وقضاياها، بما يسهم في معالجة التصورات الخاطئة والسلبية للدوائر السياسية ومراكز البحوث الغربية، كما أن المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة تمثل فرصة سانحة لمراك البحوث لتقديم طروحات جديدة تغير الصورة الذهنية المتراكمة عن المنطقة.

يذكر أن حلقة النقاش التي عقدها المركز الإقليمي حول التحديات التي تواجه مراكز الفكر تزامنت مع حلقات و ورش عمل تم تنظيمها فى51 دولة، عقدت في  81 مركز فكر ومؤسسة بحثية شاركت في إطلاق تقرير جامعة بنسلفانيا لتصنيف مراكز البحوث والدراسات علي مستوي العالم الذي سيترجم إلى 20 لغة.

كان المركز الإقليمي قد حصل على الترتيب الـ14 كأفضل مركز دراسات في إقليم الشرق الأوسط، وذلك من بين 55 مركز فكر في الإقليم. فبالرغم من حداثة نشأته وبدء نشاطه بصورة منتظمة منذ عامين فقط، صعد المركز، بصورة سريعة، ثماني مراتب في التصنيف، بعد أن تقدم من الترتيب الـ22 في تصنيف عام 2013 إلي الترتيب 14 في عام 2014.

كما حقق المركزُ تصنيفًا متميزًا أيضًا بين مراكز الفكر في المنطقة في عدة مجالات : فهو المركز رقم 1 بين المراكز العربية التي تهتم بدراسات الأمن والدفاع، والمركز رقم 1 بين المراكز في منطقة الشرق الأوسط بأكملها من حيث الإدارة، كما احتل المركز الإقليمي المرتبة الثانية إقليميا من بين المراكز التي طورت أفكارًا ومداخل جديدة بعد مركز كارنيجي بيروت، كما حصد المركز الأول إقليميا في كل من دراسات “trans-disciplinary” والقدرة على التشبيك، علاوة على أنه ثالث أفضل مركزا إقليميا في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي.

المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية