ما بعد العراق وسوريا:نظرة إلى ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية»

ما بعد العراق وسوريا:نظرة إلى ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية»

pf149-900x600-639x405

في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» عن إضافة ولايات جديدة خارج معاقله في سوريا والعراق. وخلال العام والنصف التي أعقبت ذلك، تغيّر بشكل ملحوظ مصير هذه الجماعات التابعة – التي كان بعضها قائماً أساساً وأخرى جديدة. وازدادت مخاوف المجتمع الدولي إلى حدّ كبير إزاء نجاح التنظيم في زيادة عدد “معاقله” في ليبيا – التي ربما تشكّل الولاية “الأكثر نجاحاً” – استناداً إلى تدفق مطّرد لجهاديين متمرسين من سوريا والعراق والنفاذ إلى كميات كبيرة من الموارد – وزعزعة الاستقرار في شمال أفريقيا.

في 9 حزيران/يونيو 2016، دعا “معهد واشنطن” مجموعة من الباحثين والخبراء الذي يصبّون تركيزهم على تنظيم «الدولة الإسلامية» وفروعه العالمية للمشاركة في حلقة دراسية (ورشة عمل) استمرت يوماً واحداً لمناقشة بروز ما يسمى بولايات تنظيم «الدولة الإسلامية». وهذا الحدث الذي جرى وفقاً لقاعدة المعهد الملكي للشؤون الدولية (“تشاتام هاوس) مَنحَ الباحثين والخبراء فرصة للمقارنة بين ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية»، وإظهار التباين بينها، سواء داخل العالم العربي (في ليبيا، واليمن، وسيناء، والحجاز) وخارجه (القوقاز، وأفغانستان/باكستان، ونيجيريا) على حد سواء.

وتمحورت مواضيع الحدث حول ثلاثة أسئلة رئيسية:

1. ما هي العلاقة التي تجمع بين هذه الجماعات ومعقل تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا؟

2. ما هي طريقة عمل هذه الجماعات، فيما يخص المقاتلين الأجانب، والقضايا المالية، والإيديولوجيا؟

3. ما هي طبيعة العلاقة التي تربطها بالسكان المحليين وما هو حجم التأييد الشعبي الذي تحظى به؟

وبالإضافة إلى حلقات النقاش حول هذه المواضيع، تضمّنت ورشة العمل تقديم ملاحظات افتتاحية، وأخرى أثناء وجبة الغداء، فضلاً عن كلمات اختتامية أدلى بها مسؤولون بارزون في الإدارة الأمريكية من كل من “وزارة الخارجية”، و “المركز الوطني لمكافحة الإرهاب”، و”مجلس الأمن القومي”. وفيما يلي معلومات أساسية عن النقاشات التي استمرت طوال اليوم وملخصاً للاستنتاجات التي خلُصت إليها الحلقة الدراسية. وبما أن بعض المقدّمين شاركوا على أساس أنه لن يتم نشر كلماتهم، لن يتضمّن التقرير المجمّع عدداً من المواضيع التي تمّ التطرق إليها في الملخص.

المساهمون

ماثيو ليفيت هو زميل “فرومر- ويكسلر” ومدير برنامج “ستاين” للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.

كاثرين باور هي زميلة أقدم في معهد واشنطن ومسؤولة سابقة في وزارة الخزانة الأمريكية.

ديفيد بولوك هو زميل كوفمان في معهد واشنطن، يركز على الديناميات السياسية لبلدان الشرق الأوسط.

هارون زيلين هو زميل “ريتشارد بورو” في معهد واشنطن، ، يركز على الوسائل التي تتبعها الجماعات الجهادية لكي تلائم نفسها للبيئة السياسية الجديدة في البلدان التي تنتقل إلى الديمقراطية.

مختار عوض هو زميل باحث في “برنامج حول التطرف” في “مركز جامعة جورج واشنطن للإنترنت والأمن الداخلي”.

كول بونزيل هو مرشح لنيل شهادة الدكتوراه في “دراسات الشرق الأدنى” في “جامعة برينستون”.

محمد الجارح هو زميل غير مقيم في “مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط”، وخبير في شؤون ليبيا.

جاك غينز يعمل حالياً كخبير استراتيجي في شؤون الاتصالات ومدير حملة في “القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا” ضمن “وزارة الدفاع الأمريكية”.

ديفيد غارتنشتاينروس هو هو زميل بارز في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، ومتخصص في الحركات الجهادية، بما في ذلك إجرائه بحوث مفصلة عن تنظيم «القاعدة»، وتنظيم «الدولة الإسلامية»، و«أنصار الشريعة في تونس»، وجماعة «بوكو حرام»، و”ولاية سيناء” التابعة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

جان-فرانسوا باكتيت هو عضو في السلك الدبلوماسي الفرنسي ويعمل حالياً كمستشار في سفارة فرنسا في واشنطن العاصمة.

محمد صبري هو صحفي مصري مقره في شبه جزيرة سيناء في مصر.

كاثرين زيمرمان هي زميلة باحثة في معهد “أميركان إنتربرايز” ومديرة الأبحاث لـ “مشروع التهديدات الخطيرة” في المعهد.

الملخص التنفيذي

في أوائل حزيران/يونيو 2016، كان “التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»” قد حشد زخماً كبيراً في معركته ضد “معاقل” التنظيم في سوريا والعراق.

ومنذ بلوغه أوج قوته في عام 2014،  خسر تنظيم «الدولة الإسلامية» ما يقرب من نصف الأراضي التي سيطر عليها سابقاً في العراق و20 في المائة من أصوله في سوريا. وخلال أسبوع التاسع من حزيران/يونيو، بدأت القوات العسكرية للتحالف بعزل الموصل من خلال تقدّمها نحو القرى المجاورة. أما في سوريا، فوصلت المعارك إلى خط “مملكة ماري” [نسبة إلى إحدى ممالك الحضارات السورية القديمة التي ازدهرت في الألف الثالث قبل الميلاد]، وبدأ خطان هجوميان – المعارضة السنّية و «وحدات حماية الشعب» الكردية – بمحاصرة منبج.

وبالإضافة إلى التقدّم الذي أحرزه التحالف في العراق وسوريا، شهد مطلع حزيران/يونيو 2016 تنامي التحركات ضد بعض ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية». وبرز بشكل خاص قلق كبير بشأن قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» على تكرار قوة تنظيم «الدولة الإسلامية» [في المشرق العربي] ليصبح موازياً لذلك الذي تضمّه “معاقله”، استناداً إلى تدفق مطّرد للجهاديين المتمرسين من سوريا والعراق، والنفاذ إلى موارد كبيرة ووجود مساحات شاسعة غير خاضعة للسلطة. ونتيجةً لذلك، رزح تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» تحت وطأة ضغوط عسكرية من قوى موالية لـ “حكومة الوفاق الوطني”. وبعدما خسر التنظيم درنة في أواخر عام 2015، تعرّض لهجوم في معقله في مدينة سرت نفّذته كتائب تضمّ مقاتلين من مصراتة بشكل أساسي، الذين طردوا مقاتلي التنظيم واستولوا على نقاط أساسية على طول أطراف المدينة.

وهناك ولايات في أماكن أخرى رزحت تحت وطأة الضغوط أيضاً. ففي مصر، واصل الجيش حملته ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سيناء. وفي حوض “بحيرة تشاد”، خسرت جماعة «بوكو حرام» جزءاً مهماً من الأراضي التي تسيطر عليها نتيجة عمليات نفّذتها “قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات”. وظهرت خلافات إيديولوجية في صفوف قيادة ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» في اليمن وقوّضت الجهود الرامية لبناء دولة، كما أن ولايات السعودية والجزائر بقيت فقط حبراً على ورق ولم تشكل سوى تهديد إرهابي.

كلمات المتحدثين

عرض ماثيو ليفيت مقدمة المناقشات التي شكّلت محور اليوم، فشرح الخطوط العريضة لتطور الجماعات الموالية لتنظيم «الدولة الإسلامية» ونظرة الولايات المتحدة إليها على حد سواء. وقد تمّ  توزيع مواضيع الحلقة الدراسية على أربع مجموعات عالجت المواضيع التالية على التوالي: روابط ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» بالقيادة؛ عمليات ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» (الإجابة على سؤال “ما هي طريقة عمل الجماعات؟”)؛ التأييد الشعبي لحكم تنظيم «الدولة الإسلامية» في ولاياته؛ وولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» خارج الشرق الأوسط.

§         روابط ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» بالقيادة

شرح محمد الجارح أهمية الولايات الليبية الإستراتيجية بالنسبة لمشروع تنظيم «الدولة الإسلامية» ككل، الأمر الذي دفع به إلى إيفاد عناصر متمرسين من العراق وسوريا للإشراف على تطورها. كما تحدّث عن كيفية استغلال التنظيم بشكل فعال للخلافات بين الجماعات المحلية ليضمن عدم مواجهته معارضة موحدة وفرضه سيطرة إدارية بشكل سريع لإخضاع السكان المحليين.

وأشار مختار عوض إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» ضمّ أتباعه المحليين في سيناء المصرية، الذين كانوا يعرَفون سابقاً باسم «أنصار بيت المقدس»، إلى قيادة عملياته في الخلافة، رغم عدم الحاجة إلى تواصل مستمر ضمن نموذج عمل تنظيم «القاعدة». كما تطرّق إلى تطلّعات تنظيم «الدولة الإسلامية» بالتوسّع إلى قلب مصر والصحراء الغربية، فضلاً عن روابط “ولاية سيناء” بتنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا».

ولفت هارون زيلين إلى الروابط التاريخية بين الجهاديين التونسيين وشبكة الزرقاوي، التي هي سلف تنظيم «القاعدة في العراق» وبعده تنظيم «الدولة الإسلامية»، لشرح وجود عدد كبير من المقاتلين الأجانب التونسيين في “معاقل” التنظيم وفي ليبيا، فضلاً عن تركيز تنظيم «الدولة الإسلامية» على تنفيذ هجمات مروعة في تونس.

وأكّدت كاثرين زيمرمان أنه على الرغم من أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يعتبر اليمن جبهة أساسية، نظراً لموقعها في شبه الجزيرة العربية – مهد الإسلام – فإن العنف الذي مارسه التنظيم ضد المدنيين، واستخدامه لقادة أحزاب سياسية غير يمنيين وتكتيكاته المتطرفة في الحرب قد تسبّب “بانشقاق أنصاره” في البلاد. وتَعتبر زيمرمان أن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» هو الخطر الحقيقي من اليمن وتؤمن أنه يتعيّن على صنّاع السياسة في الولايات المتحدة التركيز على استئصاله من هذه المنطقة بدلاً من تنظيم «الدولة الإسلامية» هناك.

§         عمليات ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية»

قال أيمن التميمي إنه باستثناء ولاية سرت، كانت قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على فرض حوكمته خارج العراق وسوريا محدودة للغاية. وكانت لهذه القيود تداعيات على مصداقية التنظيم على الصعيد العالمي، وخاصة في مناشدة الحركة الجهادية الأوسع للحصول على دعمها.

ويقول كول بونزيل بما أن كلاً من تنظيم «الدولة الإسلامية» والمملكة العربية السعودية يزعمان أنهما إسلاميان “أصيلان” وفقاً لتعاليم الوهابية، يشكل التنظيم خطراً إيديولوجياً ومادياً على المملكة. وكما يشرح بونزيل، على الرغم من أن الوهابية، كما يفهمها السعوديون، لا تروّج لأفكار مرتبطة بآراء تنبؤية، يستخدم التنظيم نصوص الوهابية لدعم روايته التنبؤية.

واعتبر جان-فرانسوا باكتيت أن المعارك في العراق وسوريا تجذب المقاتلين الأجانب أكثر من القتال في الولايات، وقد ذكر أن الولايات عجزت تماماً عن توفير الموارد وتلبية المصالح المحلية. وبالتالي من شأن إضعاف قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» ومعاقله أن يضعف الولايات.

وتقول كاثرين باور أن إعادة إنشاء الظروف التي سمحت لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» بإثراء نفسه بسرعة بعد استحواذه على أراضٍ في سوريا والعراق في عام 2014 لن تكون مهمة سهلة في الولايات. وبدلاً من ذلك، تمّ تحفيز عدد من الولايات، على الأقل جزئياً، لمبايعة التنظيم على أساس اعتقادها أنها ستحصل على الموارد في المقابل.

§         التأييد الشعبي لحكم تنظيم «الدولة الإسلامية» في الولايات

رغم تحذيره من الاعتماد المفرط على مصادر مماثلة، ينظر ديفيد غارتنشتاين-روس إلى تغطية تنظيم «الدولة الإسلامية» الإعلامية في ليبيا واليمن لتقييم ما يمكن معرفته بشأن الدعم الشعبي المحلي الذي يحظى به التنظيم من خلال مراقبة نشاطه في وسائل التواصل الاجتماعي.

واقترح ديفيد بولوك أنه بينما يحكم تنظيم «الدولة الإسلامية» بالاعتماد بشكل رئيسي على التخويف وليس من خلال تأييد شعبي ناشط، من المستبعد أن ينتفض السكان الخاضعون لسيطرة الجماعة الإرهابية طالما لا يرون بديلاً صالحاً ماثلاً أمامهم. واستخدم بيانات الاستطلاع لدعم وجهة نظره القائلة بأن التنظيم يحتاج إلى دعم ضئيل جداً للسيطرة على السكان ولكنه يحظى بدعم أكبر [حتى] حينما تكون البدائل أسوأ من ذلك.

وناقش محمد صبري تركيبة مقاتلي «أنصار بيت المقدس» في سيناء – الحليف لتنظيم «الدولة الإسلامية» – ومحفزاتهم ومصادر تمويلهم. ووصف «الأنصار» بأنهم جماعة ترتكز إيديولوجيتها وتكتيكاتها على الرغبة في الانتقام أكثر من الحماس والحمية الدينية، وتستخدم أساليب تهريب محلية فضلاً عن مبايعتها لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» لتجنيد مقاتلين وجمع الأموال.

§         تحالفات تنظيم «الدولة الإسلامية» خارج منطقة الشرق الأوسط

سلّط جاك غينز الضوء على قدرة البقاء التي تتمتع بها جماعة «بوكو حرام» بالمقارنة مع تلك الخاصة بولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» الأخرى، مشيراً إلى أنها تحظى بدعم شعبي محلي كبير وسوف تتأثّر بشكل طفيف فقط بالخسائر التي قد تلحق بمعاقل تنظيم «الدولة الإسلامية». وأوضح بشكل منفصل أن الانتصارات على تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» ستخلّف تداعيات مهمة على علامة التنظيم وافترض أن بعض ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» قد تنأى بنفسها عن الجماعة إذا مُنيت بهزيمة في سرت.

وشرحت آنا بورشيفسكايا أن تأييداً شعبياً كبيراً لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، إلى جانب جهود الحكومة الروسية قبل دورة الالعاب الاولمبية في سوتشي” لقمع التمرّد في شمال القوقاز، ساهما في تدفق آلاف المقاتلين الأجانب من “إمارة القوقاز” للقتال في سوريا والعراق. لكنها لفتت إلى أن طبيعة العلاقة بين قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» والمقاتلين الذين بقوا في القوقاز غير واضحة المعالم.

ملخص الاستنتاجات

أدّت الأسئلة الرئيسية الثلاثة التي طرحتها ورشة العمل طوال اليوم إلى طرح المزيد من الأسئلة: هل سيساهم بروز الولايات في تغيير المعادلة؟ هل يعني ذلك بروز “عصر تنظيم «الدولة الإسلامية»”؟ ما هي قدرة الولايات على البقاء؟ ماذا سيكون مصيرها إذا خسر تنظيم «الدولة الإسلامية» أراضيه في العراق أو سوريا أو في كلا البلدين؟

إذا تمّ دحر إحدى الولايات أو إذا ما انفصلت عن تنظيم «الدولة الإسلامية» كيف سيؤثّر ذلك على قيادة التنظيم ومعاقله؟ سيكون للإجابات تداعيات سياسية ملموسة على الخطوات التالية التي سيتخذها “التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»”.

وقد برزت ثلاثة استنتاجات رئيسية عن مناقشة هذه الأسئلة:

1. ليست ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» متساوية، فهي تختلف كثيراً على صعيد ظروفها وقدراتها العملياتية.

2. قد تكون أسطورة النجاح أكثر أهمية بالنسبة للولايات من أي نجاح فعلي؛ فالولايات تضطلع بدور أساسي في إيديولوجية تنظيم «الدولة الإسلامية» لكنها لا تعود بفائدة ملموسة كبيرة على المعاقل.

3. تتوقّف قدرة الولايات الفعلية على البقاء على الموارد التي تحصل عليها من المعاقل.

§         ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» غير متساوية

قد تكون هذه الاختلافات سلاحاً ذا حدين بالنسبة لأهداف كل ولاية، تبعاً للظروف. فعلى سبيل المثال، من المرجّح بشكل أكبرأن تستولي تلك الواقعة ضمن مساحات غير خاضعة للسلطة على الأراضي وتحتفظ بها. وفي المقابل، فحيث تواجه الجماعات ضغوطاً من جهات فاعلة من غير الدول بالمقارنة مع أجهزة الأمن والجيش النظامية، فإن مسائل الطائفية، وتلبية حاجات القبائل المحلية أو وسائل أخرى لضمان درجة عالية من التأييد المحلي، تصبح أكثر أهمية.

كما يمكن لهذا الاختلاف في الظروف التأثير في قدرة التنظيم على البقاء، وهي نقطة ستتمّ مناقشتها بالتفاصيل أدناه. ففي حال هزيمة قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق، على سبيل المثال، من المفترض أن يزيد احتمال بقاء الولايات التي لم تنبثق عن جماعات قائمة أساساً – كتلك الموجودة في ليبيا – موالية للتنظيم، حتى في الوقت الذي تتضاءل فيه الموارد ووقوع الجماعة تحت ضغوط الجهات الفاعلة من الدول، أو من غير الدول، أو الجهات الدولية. وعلى الجانب الآخر، فإن الجماعات التي”غيّرت تسميتها” فقط على أنها ولايات تابعة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، قد تكون أسرع في إعادة صبّ تركيزها على شكواها الأساسية – المحلية عموماً – وآليات الدعم والأهداف.

ويُعتبر تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» ناشزاً إذ تمّ تطويره بموجب توجيهات قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق. ورغم أنه سحب مقاتلين من جماعة «أنصار الشريعة» التونسية [«أنصار الشريعة في تونس»]، التي كانت تنشط شرقي ليبيا قبل ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» على الساحة، لم تُعلن «أنصار الشريعة» ولاءها للبغدادي.

وفي الواقع، يقال إن بعض مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» عادوا إلى القتال في صفوف جماعة «أنصار الشريعة» بعد أن خسر تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» ملاذه الآمن في درنة. وأوضح هارون زيلين أن الجهاديين التونسيين لطالما لعبوا دوراً في شبكات مؤسس تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو مصعب الزرقاوي في المشرق العربي، وقد عاد عدداً منهم إلى ليبيا في عام 2013 لترسيخ موطئ قدم لهم فيها. إن الخبرات التي اكتسبها هؤلاء الجهاديون خلال وجودهم في المشرق العربي مهمة وتشير إلى علاقات وطيدة مع قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» بالمقارنة مع الولايات الأخرى.

أما روابط العمليات بين “ولاية سيناء” في مصر والقيادة فهي أقل وضوحاً. ووفقاً لـ مختار عوض، على الرغم من وجود الكثير من الجذور الإيديولوجية الجهادية في مصر، لم تجمع الزرقاوي الكثير من الروابط المحددة مسبقاً مع “ولاية سيناء”. أما الجماعة المصرية «أنصار بيت المقدس» – التي كانت تركّز سابقاً بشكل أساسي على محاربة إسرائيل – فقد أعلنت ولاءها لـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، في وقت مبكر من صيف عام 2014 على أقرب تقدير. ولم يسفر هذا الولاء عن قدرات جديدة أكثر دموية فحسب، بل نتج عنه تركيز أكبر لهذه الهجمات ضدالجيش المصري وربما أدّى إلى تفجير الطائرة التجارية الروسية (1). يُذكر أن “ولاية سيناء” لا تسيطر على أراضي بشكل مباشر بل تعمل نسبياً من دون عوائق من السكان المحليين بفضل تلبيتها مصالح القبائل البدوية المحلية. واستناداً إلى ما تقدّم، أوضح أيمن التميمي أن الجماعة حاولت تطبيق نشاط “حسبة” محدود، مثل حرق المخدرات.

هذا وقد استغل تنظيم «الدولة الإسلامية» وسلفه تنظيم «القاعدة في العراق» بشكل فعال الانقسامات الطائفية لكسب التأييد. وتنشط عدد من ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» في مناطق تضمّ شريحة كبيرة من السكان الشيعة، مثل اليمن والسعودية، لكن في مناطق أخرى، مثل ليبيا ومصر، لا تلعب الطائفية دوراً كبيراً لصالح الفروع المحلية لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». لذلك، في حين يُحتمل أن يستطيع تنظيم «الدولة الإسلامية في اليمن» استغلال عدم الاستقرار الناتج عن الحرب الأهلية في اليمن لإحراز تقّدم في البلاد، إلا أن النزاعات الداخلية قد أضعفته. وبالمثل، استهدفت “ولاية نجد” التابعة للتنظيم المصالح الشيعية في المملكة، ولكنها ألهمت أيضاً أنصارها لشنّ هجمات ضد أجهزة الأمن السعودية في ظل سعي تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى استعادة عباءة الدعوة الوهابية الإسلامية.

ويبدو أيضاً أن بعض الشقوق قد تفتحت في أوساط بعض الجماعات القائمة سابقاً بشأن ما إذا كانت ستصبح ولايات تابعة لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» أم لا. ويبدو أن هذا هو الحال في أوساط حركة “طالبان” الأفغانية، التي انتقل بعض أفرادها إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في خراسان» في حين لم يفعل ذلك الآخرين. وينطبق الأمر نفسه على ما يبدو على «بوكو حرام»، حيث أصدر تنظيم «الدولة الإسلامية» بياناً في آب/أغسطس 2016 أفاد بموجبه أنه استبدل قائد الجماعة أبو بكر شيكاو، بسبب همجيته ووحشيته ضد المسلمين. ورغم تأكيد شيكاو لاحقاً أنه يحتفظ بدور “القائد”، مشيراً في كلامه إلى البغدادي “بالخليفة”، من المرجّح أن تتنامى الانقسامات داخل الجماعة.

وتبقى جماعات أخرى، كتلك الموجودة في الفلبين وبنغلاديش، غير معترف بها من قبل قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» على أنها ولايات رسمية تابعة له، على الرغم من أنها أدت قسم الولاء للتنظيم. وكان تنظيم «الدولة الإسلامية» قد حدّد معايير للفروع المحتملة ويبدو أنه يحرص على الاحتفاظ بقيمة علامته من دون “الإضرار بمعاييره”، إذا جاز التعبير، أو التوسّع “بشكل سريع للغاية”. وفي حين يُعتبر الاعتراف بولايات جديدة دليلاً واضحاً لشعار تنظيم «الدولة الإسلامية» القائم على “البقاء والتوسّع”، يبدو أيضاً أن التنظيم يطبّق إستراتيجية نمو مدروس، لا سيما في وقت يرزح فيه تحت الضغوط في سوريا والعراق.

            §         هل أن الفروع هي مفتاح النجاح؟

تدعم ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» إيديولوجية التنظيم القائمة على “البقاء والتوسّع”، رغم تخلي المتحدث السابق باسمه الشيخ أبو محمد العدناني، الذي قُتل في آب/أغسطس 2015، عن الشعار وبدأ في إعداد أتباعه عبر الخطابات لاحتمال لجوء الجماعة إلى تمرد في ظل تكبّد دولة الخلافة خسائر متزايدة للأراضي في معاقلها الرئيسية. ومع ذلك، ربما تكتسي أسطورة النجاح أهمية أكبر من النجاح بحدّ ذاته. وعلى غرار مسألة ما إذا كان تنظيم «الدولة الإسلامية» يشكل مصدر إلهام لهذه الهجمات أو كان من أمر بها مباشرةً، يمكن للجماعة الاستفادة من إدعائها بأنها موجودة في ثماني (2) دول على مستوى العالم، رغم وجود بعضها على الورق فقط. ومع ذلك، فإن هزيمة ولاية ما أو تبرؤها سيكون لهما تأثير بلا شكّ على علامة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وكما أوضح جان-فرانسوا باكتيت، استقطبت معاقل التنظيم المقاتلين الإرهابيين الأجانب بشكل أساسي. وفي هذا السياق، أشارت آنا بورشيفسكايا إلى أنه، بخلاف ولايات أخرى، أرسلت “إمارة القوقاز” آلاف المقاتلين إلى سوريا والعراق. ونظراً إلى الصعوبة المتزايدة التي يجدها المقاتلون الإرهابيون الأجانب في السفر إلى هذيْن البلدين، دعاهم العدناني إلى البقاء في أماكنهم وتنفيذ الهجمات هناك. ويبدو أن حركة أفراد تنظيم «الدولة الإسلامية» بين الولايات موجّهة مركزياً لأغراض دعم العمليات. فشبكة الصيد والقوارب الصغيرة التي وصفها مختار عوض، على سبيل المثال، تربط شمالي سيناء بسرت ويمكن استعمالها لنقل قادة تنظيم «الدولة الإسلامية في سيناء» إلى ليبيا، للتشاور ربما مع قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» هناك، فضلاً عن نقل الأسلحة والمال إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في سيناء».

وبالإضافة إلى دور تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» في التسهيل والتنسيق مع عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» في جنوب الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا، يمكن للتنظيم استغلال الاتجار بالبشر من ليبيا لتهريب أفراد تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى أوروبا. غير أن المسارالأكثر ترجيحاً هو استمرار التنظيم في الاعتماد على حاملي جوازات السفر الأوروبية، على الأقل لتسهيل أمور شبكاته الأوروبية. وعلى الرغم من زيادة وتيرة الهجمات في أوروبا، لا يبدو أن أياً منها مرتبط بولايات تنظيم «الدولة الإسلامية»، رغم إعلان الولايات مسؤوليتها عن هجمات في اليمن والسعودية ضدّ مصالح شيعية وقوات الأمن السعودية، بما فيها هجمات نفّذها إرهابيون ضد أفراد عائلاتهم، واستهداف طائرة الـ “ميتروجيت” الروسية في سيناء، وهجوم كانون الثاني/يناير 2015 على فندق “كورينثيا” في العاصمة الليبية طرابلس الذي أسفر عن مقتل خمسة أجانب وخمسة ليبيين.

            §         قدرة الفروع على البقاء

يصعب على دولة خلافة آخذة في التقهقر إرسال الموارد إلى حدودها الخارجية. وعلى الرغم من أن هناك دلائل محدودة على تدفق أموال ومقاتلين وغيرها من مواد الدعم بشكل كبير من معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى عدد من الولايات التابعة له، إلا أن محفزات بعض الجماعات قد استندت على الأرجح على إعلان ولائها لـ تنظيم «الدولة الإسلامية» على الأقل على تصوّر أنه سيتمّ تقاسم ثروة التنظيم وخبرته، إن لم تصبحا جزءاً من مقايضة رسمية. لذلك، قد تُبقي بعض الولايات على ولائها فقط طالما تكون الموارد متاحة لدعمها.

فعلى سبيل المثال، من المحتمل أن تكون “ولاية سيناء” بحاجة إلى التمويل، في حين يستفيد عدد من ولايات أخرى، مثل «بوكو حرام»، من القطاع الإعلامي المركّز في المعاقل. وربما يعود مقاتلون جنّدتهم ولايات قدّمت نفسها على أنها بديل لجماعات مثل فرع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» أو “حركة طالبان” في منطقة خراسان في أفغانستان وباكستان، إلى جماعاتهم الأصلية. فحين يتمّ عرض بدائل أخرى، قد تهيمن خيبة الأمل، كما يظهر جلياً في الخلاف العلني في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية في اليمن» وأولئك الذين يغادرون تنظيم «الدولة الإسلامية في ليبيا» للانضمام مجدداً إلى «أنصار الشريعة».

ومن شأن تراجع أي من الولايات المعلنة الثمانية عن ولائها للقيادة أن يؤثّر على الأرجح بشكل كبير على علامة تنظيم «الدولة الإسلامية» ومعنوياته التنظيمية. وعلى وجه الخصوص، ستكون خسارة ملاذه الآمن في ليبيا الأكثر دماراً، نظراً إلى اعتبار ليبيا بديلاً محتملاً إذا خسر تنظيم «الدولة الإسلامية» أراضيه في العراق وسوريا. وعلى الأقل، يشير عدد من الخبراء المتمرسين في شؤون ليبيا إلى أنها مركز الدعم المالي والتقني والعملياتي لقيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» لولايات في شمال أفريقيا (الجزائر، مصر)، وجنوب الصحراء الكبرى (بوكو حرام)، وكذلك التنسيق في ما بينها.

وكانت معظم الولايات، فضلاً عن معاقل التنظيم، قد استفادت من انهيار الأنظمة السياسية لاستغلال الأراضي غير الخاضعة لأي سلطة. كما يتوقّف مشروع تنظيم «الدولة الإسلامية» لبناء دولة على السيطرة على الأراضي. وقد تمثّل نجاح الجماعة الأكبر خارج سوريا والعراق في سرت الليبية، حيث، وفقاً لـ أيمن التميمي، كانت قادرة على ضم بعض هيكليات الخدمات والموظفين من «أنصار الشريعة». ومع ذلك، ففي اليمن، حيث أن الحرب الأهلية الدائرة قد تؤدّي على ما يبدو إلى تهيئة الظروف “المثالية” لبناء دولة، لم يتمكن تنظيم «الدولة الإسلامية في اليمن» من التغلب على الاقتتال الداخلي لكي يشكّل تهديداً في وجه تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، الذي تم دمجه مع بعض أجزاء السكان المحليين منذ أكثر من عقد من الزمن.

ومع ذلك، لا يبدو أن الدعم الشعبي المحلي يشكل عاملاً رئيسياً في قدرة ولاية ما على الاستحواذ على الأراضي والحفاظ عليها. فالسيطرة على الأراضي تتعلق بالتطلعات لإقامة دولة خلافة أكثر منه بحكم الشعوب. ويوفّر تنظيم «الدولة الإسلامية» خدمات لكي يصبح أشبه بدولة ويبسط سيطرته عليها، بدلاً من أن يستميل السكان المحليين؛ ونظراً إلى أن الخضوع لحكمه يُطبّق باستعمال العنف الشديد، لا يحتاج التنظيم سوى إلى القليل لدعم هذه الأحكام. هذا وتتجاوز نسبة الأشخاص الذين يعبّرون عن دعمهم له الأرقام المنفردة فقط في أماكن حيث الأمور سيئة لدرجة أنه بإمكان أي شخص يطمح إلى فرض النظام أن ينجح في السيطرة على الأمور. وهناك ارتباط سلبي بين القانون والنظام وشعبية تنظيم «الدولة الإسلامية» يعزّز فكرة أن هذا التنظيم يحقّق النجاح الأكبر عندما يكون هناك فراغ في السلطة. فضلاً عن ذلك،  كلما قلّل التنظيم من إيلاء الأولوية للشكاوى المحلية على حساب حمل راية تنظيم «الدولة الإسلامية»، كلما أصبح الأمر يتعلق بالوحشية أكثر من الدعم الشعبي.

            §         الفترة المقبلة

سيبقى الجهاد ظاهرة عالمية بغض النظر عن تصرّف تنظيم «الدولة الإسلامية». وحتى في ظل عمل قوات التحالف على تجريد تنظيم «الدولة الإسلامية» من الأراضي في سوريا والعراق، تشير النجاحات في اليمن والحركة الصامتة للأفراد باتجاه سوريا والعراق إلى أن تنظيم «القاعدة» يستعيد زخمه. ولا شكّ في أن تنظيم «الدولة الإسلامية» أكثر جاذبيةً من تنظيم «القاعدة» بالنسبة للبعض بسبب التسلسل الهرمي الأقل صرامة؛ فهو يدعو أنصاره إلى التصرّف على سجيتهم، مانحاً على الأرجح الولايات استقلالية في عملياتها.

وبسبب حاجتها إلى القليل من التوجيهات، قد تبقى ولايات تنظيم «الدولة الإسلامية» قائمة على الأرجح – حتى لو تمّ تجريد تنظيم «الدولة الإسلامية» من الأراضي في سوريا والعراق – عبر التطلّع إلى “قيادة فعّالة” وتمرد نشط.

تجدر الملاحظة أن تنظيم «القاعدة في العراق»، سلف تنظيم «الدولة الإسلامية»، واصل عملياته كحركة متمردة لفترة دامت ثماني سنوات بعد أن أعلن عن نيّته إنشاء دولة خلافة. وعلى الرغم من أن نفقات المنظمة في معاقلها ستتراجع بمجرد أن تخسر سيطرتها على الأراضي، إلا أن الولايات مثل تلك القائمة في ليبيا ومصر، وحتى اليمن والمملكة العربية السعودية، ستحتاج على الأرجح إلى إيجاد سبل لتحقيق إيرادات إضافية، سواء من مصادر محلية أو جهات مانحة خارجية.

الملاحظات

(1). أدى هذا الهجوم الأخير إلى مقتل عدد من المدنيين يفوق عدد الذين قتلوا على يد «أنصار بيت المقدس» خلال العامين السابقين، ولكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك قد أتُخذ بناء على توجيهات من قبل قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» أم لا.

(2). على الرغم من أن ثماني محافظات فقط قد تم الاعتراف بها من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية»، يعمل التنظيم حالياً في ثمانية عشر بلداً. المصدر: البيت الأبيض، وثيقة إعلامية سرية، ذُكرت من قبل “سلك أخبار وزارة الأمن الداخلي”، 3 آب/أغسطس 2016، http://www.homelandsecuritynewswire.com/dr20160803-isis-now-operates-

in-18-countries-wh-briefing

كاثرين باور، المحررة

نقلا عن معهد واشنطن

.