معركة الموصل أبهجت العراقيين باستثناء موالي إيران وعملائها

معركة الموصل أبهجت العراقيين باستثناء موالي إيران وعملائها

سير معركة تحرير الموصل وعدم حدوث انتهاكات من قبل الجيش والقوات العسكرية المتجحفلة معه، أبهجا العراقيين لوجود قادة أثبتوا كفاءتهم القتالية وحرصهم الوطني، ولم تسجل عليهم نزعات أو توجهات طائفية.

لا بد من الاعتراف بأن أداء قطعات الجيش العراقي والقوات المشتركة ووحدات مكافحة الإرهاب في معركة الموصل في قواطع العمليات الجنوبية والشرقية والشمالية لحد الآن، يسير بشكل مهني، ويقوم على سياقين: الأول يركز على عزل مسلحي داعش في خطوط صد – كما تسمى في المفاهيم العسكرية – لغرض تركيز الهجمات عليهم، والثاني يهدف إلى تأمين حماية سكان المدينة الذين حولهم التنظيم المتوحش إلى دروع بشرية للاحتماء بهم، ويُعتقدُ أن السياق الثاني قد يكون وراء التأخر في التقدم، وإنهاء المرحلة الأخيرة من المعركة.

وصحيح أنه ثمة انتهاكات قد حدثت وخصوصا في القاطع الجنوبي، الشورة وحمام العليل تحديدا، ولكن المعلومات الميدانية تؤكد أن لا علاقة بالقوات الثلاث (الجيش والقوات المشتركة ومكافحة الإرهاب) بها وتتحملها الشرطة الاتحادية التي تضم ضباط دمج وأفرادا من الميليشيات الشيعية، سجلهم غير نظيف في معارك جرت سابقا، وأُدينوا في بيانات للهيئات الإنسانية والحقوقية، وآخرها تقرير منظمة العفو الدولية حول ما حدث في ناحية الشورة من إعدامات لعدد من أبنائها خارج القانون.

وعموما فإن المعارك في القواطع الثلاثة (الجنوبي والشرقي والشمالي) حققت تقدما جيدا وأنجزت نجاحات طيبة في تقليل الأضرار عن السكان المدنيين وخصوصا في الجانب الأيسر، ولكن المخاوف تتزايد من حدوث جرائم وانتهاكات في القاطع الغربي الذي تركته القوات العراقية والتحالف الدولي مفتوحا لإتاحة الفرصة لمسلحي التنظيم للانسحاب عبره باتجاه الحدود مع سوريا، وتوفير ظروف مناسبة لمطاردتهم في الطريق البري الطويل في عمق الصحراء، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في مقالة سابقة.

ونعيد ونكرر، بأن انتشار الميليشيات الشيعية في القاطع الغربي للموصل، وفي محور قضاء تلعفر، ومحاولتها الاستيلاء عليه بعد طرد أو انسحاب الدواعش منه، ستترتب عليه آثار خطيرة، وخاصة على سكان القضاء وأغلب من بقوا فيه وعددهم أكثر من 100 ألف، وفق التقديرات العسكرية، هم من السنة العرب والتركمان، بعد أن وفرت الحكومة والأحزاب الشيعية للنازحين الشيعة أماكن آمنة لهم في النجف وكربلاء والحلة، علما بأن معظم هؤلاء وهم يشكلون أقلية في المدينة، كانوا قد غادروها قبل احتلال داعش لها، نتيجة خلافات سياسية وطائفية شهدتها، في عهد حكومة نوري المالكي الثانية.

ومن يشاهد القنوات الفضائية الشيعية وقد وصل عددها إلى 32 قناة، وهي تنقل صورا عن فعاليات الحشد في جنوب تلعفر، يلاحظ أنها تظهر مقاتلين يعرفون أنفسهم بأنهم من سكان المدينة النازحين عنها، لا يتورعون في توجيه الاتهامات إلى سكانها الذين اضطروا إلى البقاء فيها، واعتبارهم دواعش ولو لم ينتموا إلى التنظيم ولم يحاربوا في صفوفه، فمجرد التشبث بأرضهم والتمسك بمدينتهم وصمودهم في وجه التنظيم وإرهابه، بات يشكل تهمة لهم تندرج في قانون “4 إرهاب” سيء الصيت الذي شرعه المالكي في ولايته الثانية لاستهداف السنة العرب فقط ، لذلك فإن خوفا مشروعا بدأ يتصاعد حاليا، من تحول هؤلاء التلعفريين -كما يقولون- إلى أدلاء للميليشيات التي تبطش بسكان المدينة الأبرياء الصابرين.

إن سير المعركة لتحرير الموصل وعدم حدوث انتهاكات من قبل الجيش والقوات العسكرية المتجحفلة معه، أبهجا العراقيين لوجود قادة أثبتوا كفاءتهم القتالية وحـرصهم الوطني، ولـم تسجل عليهـم نزعات أو توجهات طائفية، أمثال طالب شغاتي وعبدالغني الأسدي وعبدالوهاب الساعدي وعبدالأمير يارالله، وأسعدهم أن يكون جيشهم عراقيا وليس طائفيا كما “جاهد” زعيم حزب الدعوة نوري المالكي لتحويله إلى جيـش حزب واحد وطائفة معينة طيلة سنوات حكمه البغيض، كانت نتيجتها خسارة ثلثي العراق وعدة محافظات ومدن وبلدات، أمام عصابات داعش، بعد أن وفر لها رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة السابق بسياساته الهوجاء وطائفيته المقيتة، الدعم الخفي والتحريض العلني، للزحف على مناطق السنة العرب، تجسيدا لشعاره المبتذل “بأسهم بينهم”.

ولعلها من المفارقات السياسية التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية، أن موالي إيران و“سنة المالكي” احتجوا على مشاركة قوات موصلية، عراقية الانتماء والتشكيل والتمويل، تحمل اسم “حرس نينوى” في معركة الموصل ضمن قوات الجيش العراقي، وأغضبهم أكثر أنها تمكنت بدعم عسكري عراقي ومن طيران التحالف الدولي من إحراز تقدم في منطقة الشلالات بضواحي المدينة، وبدأت التهم تنهال على قائدها أثيل النجيفي الذي تعاون نواب حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون والحزب الإسلامي وسنة المالكي، على إقصائه من منصبه السابق كمحافظ لنينوى وتعيين محافظ ضعيف الإرادة وعديم الخبرة بديلا له.

ومما زاد من استيائهم أن نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي وزعيم المشروع العربي الشيخ خميس الخنجر، أثنيا على أداء حرس نينوى في تصديه لداعش وشكرا للموصليين تضحياتهم، وتفقدا العوائل النازحة ضمن قاطعه، حيث وجه الأخير مؤسسته غير السياسية (مؤسسة الخنجر للتنمية الاجتماعية) التي افتتحت سلسلة مدارس ومستشفيات للنازحين في إقليم كردستان، بتلبية احتياجات نازحي المناطق المحررة من الموصل من خلال تسريع إرسال بعثات طبية وصيدليات دواء متنقلة، وقوافل إغاثة عاجلة تحمل الخيام والمواد الغذائية إلى النازحين، الذين تتحجج الحكومة بعدم قدراتها على الاستجابة لاحتياجاتهم الضرورية لعدم وجود تخصيصات مالية في موازنتها.

والغريب أن الأصوات المبحوحة، ضد زيارة خميس الخنجر (العربي العراقي) لقاطع عمليات حرس نينوى وتفقده العوائل النازحة من الموصل، لم نسمعها تشير -مجرد إشارة- إلى وجود الجنرال الإيراني قاسم سليماني، وهو الغريب والأجنبي، والطارئ على العراق والعدواني على شعبه، في محور تلعفر، يقود الميليشيات ويشرف على عملياتها، كما اعترف بـ“اعتزاز” أكبر قائدين فيها، أبومهدي المهندس أكرم الكعبي في تصريحات معلنة.

ونسأل كيف يكون شكل العمالة يا ترى؟

هارون محمد

العرب اللندنية