حقيقة التوتر الشيعي حول العراق

حقيقة التوتر الشيعي حول العراق

112

منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، أصبحت إيران اللاعب الرئيسي في العراق؛ فهي التي تضخ أموالًا هائلة وتنتفع من كل هذا لا شك بوضع العراق في مربع أمنها القومي، باعتبارها حديقتها الخلفية من ناحية، وباعتبارها إحدى دول الخليج من ناحية أخرى.

الدور الإيراني في العراق، أصبح أكثر جدية وأكثر وضوحًا في يونيو 2014، بعد استيلاء تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام “داعش” على عدد من المحافظات العراقية، من خلال وجود ضباط وخبراء وقوات إيرانية بشكل مباشر في الساحة العراقية.

يُشار إلى أنه في 8 مارس 2015، قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليًا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي، في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.

التوتر الشيعي-الشيعي

في مايو الماضي، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا حول الخلاف الشيعي-الشيعي بشأن طبيعة الحكم بالعراق، وأكدت أنّ الحركة التي قادها الصدر ضد العملية السياسية في العراق أغضبت إيران، بالإضافة إلى رجال دين وقادة ملشيات مدعومة من إيران؛ الأمر الذي لا يمكن معه التنبؤ إلى أين يمكن أن تسير هذه الخلافات.

وأضاف التقرير: “أدى الصدر دورًا محرضًا ضد الغرب، وقدم نفسه بصفته شخصية شيعية وطنية وداعمًا للطبقة الفقيرة المسحوقة، وعلى الرغم من أن العراق شهد انقسامًا بين السنة والشيعة، إلا أن التوتر داخل المجتمع الشيعي هو الذي يقود الأزمة الحالية في العراق”.

وتابع: “الشعارات التي رفعها أتباع الصدر خلال اقتحام المنطقة الخضراء (إيران برا برا)، والشعارات الأخرى المناهضة لقاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني، أغضبت إيران، حيث تنقل الصحيفة عن صلاح حسن، المقاتل بسرايا السلام التابعة للصدر، قوله: إن (أمريكا وإيران تتقاسمان الكعكة بالعراق، ولكل منهما حصة، والناس تقول إن الشيعة موالون لإيران، وهذا غير صحيح، نحن موالون ومخلصون للصدر فقط)”.

صلاح عبد الرزاق، السياسي الشيعي، قال: إن إيران مثل أمريكا، “تسعى لأن يكون العراق مستقرًا، واستقرار بغداد تحديدًا أمر مهم”، مبينًا أن على إيران أن تؤدي دور الوسيط في هذا الخلاف الشيعي الشيعي، ويرى عبد الرزاق أن إيران كانت غاضبة بالفعل على ما جرى من اقتحام للمنطقة الخضراء، وتحمّل الصدر مباشرة المسؤولية.

الصدر الذي غادر العراق على متن طائرة إيرانية بعد يوم من اقتحام المنطقة الخضراء من قبل أنصاره؛ تقول بعض المصادر إن إيران كانت غاضبة، في حين يقول أتباعه إنه ذهب لتقديم العزاء بوفاة ثامن أئمة الشيعة، ورغم مضي عدة أيام على سفر الصدر إلى طهران، وعدم عودته، إلا أن أنصاره يؤكدون أنها زيارة عادية، وربما يبقى هناك مدة شهرين، حيث أعلن عن اعتزال السياسة لشهرين.

معارضة شيعية ضد إيران

قال باحث إسرائيلي في الشؤون العراقية بالمنتدى الإسرائيلي للتفكير الإقليمي، إن معركة الموصل أوجدت قناعات إسرائيلية بأنها ستفتح آفاقًا واسعة أمام إيران لزيادة تأثيرها في العراق، من خلال المليشيات الشيعية العاملة تحت وصايتها عبر الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف الباحث عيدان باريخ، أن هذه المليشيات المؤيدة لإيران ليست الوحيدة في الطائفة الشيعية داخل بلاد الرافدين، في مقابل وجود مجموعات مسلحة أخرى من داخل الطائفة تعارض التدخل الإيراني في القضايا العراقية الداخلية.

وأوضح باريخ، أن معارضي إيران من شيعة العراق يحظون في بعض الأحيان بدعم الجمهور الشيعي والمؤسسة الدينية الشيعية، وأفادت دراسة إسرائيلية بأن الموقف الرائج في دوائر صنع القرار في تل أبيب يفيد بأن إيران لن توقف محاولاتها كي تكون صاحبة القرار في السياسة العراقية، لكن ذلك مرهون بمدى التطورات التي تعيشها الأوساط العراقية، خاصة في حال انتهاء معركة الموصل، وحينها سوف تتقرر لمن ستكون الكلمة الأخيرة.

وقالت  الدراسة التي نشرها موقع ويلا الإسرائيلي، إن التقديرات السائدة في إسرائيل تشير إلى أن قبول العراق للدعم الوارد من إيران لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية لن يكون بأي ثمن تطلبه طهران، ومن المهم ألا تتحول العراق إلى ما وصفته الدراسة بـ”إقليم فارسي”.

وأضافت الدراسة أن ما توفر للمحافل الأمنية الإسرائيلية من معلومات يؤكد أن أوساط الطائفة الشيعية في العراق أبدت استعدادًا لتلقي الدعم العسكري والسياسي القادم من إيران، فور بدء معركة تحرير مدينة الموصل، غير أن المعطيات التي تصل تل أبيب تشير إلى أن الشيعة العراقيين غير مستعدين لأن يكونوا أداة في لعبة إيران الإقليمية، لزيادة نفوذها وتأثيرها في المنطقة، وفق الدراسة نفسها.

وقال الباحث الإسرائيلي في الشؤون الإيرانية بجامعة تل أبيب، راز تسيمت، إن معارضة الأوساط الشيعية العراقية لما يعتبرونه تدخلاً تركيًا في أراضيهم، يقابله رفض واضح لا يخفونه من التدخل الإيراني السافر في السياسة العراقية الداخلية، مستشهدًا بمظاهرات مناوئة لطهران عرفتها بغداد في الآونة الأخيرة، بحسب وصفه.

وأشار إلى أنه منذ اندلاع معركة الموصل، خرج محللون وكتاب إسرائيليون يعتبرون أن إيران هي المنتصرة في هذه المعركة من خلال إقصائها تنظيم الدولة من شمال العراق، على اعتبار أن احتلال الموصل سيعني إضافة اللبنة الأخيرة في بناء ما يعرف بالهلال الشيعي في المنطقة، والذي يمتد من إيران مرورًا بالعراق وصولاً إلى سوريا ولبنان، وانتهاءً بشواطئ البحر المتوسط.

فور برس – التقرير