قانون الاستثمار العراقي .. يسير في الاتجاه المعاكس

قانون الاستثمار العراقي .. يسير في الاتجاه المعاكس

يعرف الاستثمار الاجنبي حسب منظمة التجارة العالمية WTO بأنة استثمار مباشر يحدث عندما يملك مستثمر مقيم في بلده الام اصلا انتاجيا في بلد اخر (البلد المضيف)؛ بقصد ادارته وتوصف هكذا نوع من الاستثمارات بانها طويلة الاجل .

وﺗﻠﻌﺐ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرا ت اﻷﺟﻨﺒﻴـﺔ اﻟﻤباشرة دورا ﻓـﻲ اقتصاديات اﻟﺒﻠـﺪان اﻟﻤﻀـﻴﻔﺔ وﺧﺎﺻـﺔ اﻟﻨﺎمية ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫـﺎ ﻣﺼـﺪرا ﻫﺎﻣــﺎ ﻟﻠﺘﻤﻮﻳــﻞ، ﻛﻤــﺎ ﺗﻌــﺪ وﺳــﻴﻠﺔ ﻓﻌﺎﻟــﺔ ﻟﻨﻘــﻞ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴــﺎ واﺳــﺘﻐﻼل اﻟﻤــﻮارد اﻟﻄﺒﻴﻌﻴــﺔ ، واﺳــﺘﺤﺪاث ﻃــﺮق ﺟﺪﻳــﺪة ﻟﻺﻧﺘــﺎج وﺗﻄــﻮﻳﺮ ﻃــﺮق وأﺳــﺎﻟﻴﺐ ﺣﺪﻳﺜــﺔ ﻟــﻺدارة اﻻﻗﺘﺼــﺎدﻳﺔ ، وﻛﺴــﺮ اﻻﺣﺘﻜــﺎر اﻟﻤﺤﻠــﻲ، وﺗﻌﺰﻳــﺰ اﻟﻘــﺪرة اﻟﺘﻨﺎﻓﺴــﻴﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴــﺔ بتحفيز اﻟﺘﺼــﺪﻳﺮ وﻓــﺘﺢ أﺳــﻮاق ﺟﺪﻳــﺪة ﻓــﻲ اﻟﺨﺎرج .

وتسهم الاستثمارات اﻻجنبية في رفع ﻣﻌــﺪﻻت اﻟﻨﻤــﻮ اﻻﻗﺘﺼــﺎدي وزﻳــﺎدة ﻓــﺮص اﻟﺘﻮﻇﻴــﻒ ﻓــﻲ اﻗﺘﺼــﺎد اﻟﺒﻠــﺪ اﻟﻤﻀــﻴﻒ ﻣﻤــﺎ ﻳﺴــﺎﻋﺪ ﻓــﻲ اﻟﺠﻬــﺪ اﻟــﻮﻃﻨﻲ ﻟﺘﻘﻠﻴﺺ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ؛ لذلك نشأ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﺑـﻴﻦ اﻟـﺪول ﻋﻠـﻰ اﺟﺘـﺬاب اﻻﺳـﺘﺜﻤﺎرا ت اﻷﺟﻨﺒﻴـﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷـﺮة ، ﻟﻜـــﻦ الاستثمار الاجنبي وحده لا يمكن ان يخلق تنمية اقتصادية مستديمة ﻓﻨﺠﺎﺣـﻪ مرهون بخلق ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴـﺔ وتــﻮاﻓﺮ ﻋــﺪد ﻣــﻦ اﻟﻤﻌﻄﻴــﺎت أﻫﻤﻬــﺎ استقرار مكونات الاقتصاد الكلي للبلد المضيف مثل السياسات المرتبطة بتحرير التجارة واسعار الصرف، وتوافر البنية الهيكلية ذات المستوى المحفز للاستثمار .

ﻳﻌﻜـﺲ ﻗــﺎﻧﻮن اﻻﺳـﺘﺜﻤﺎر اﻻﺟﻨﺒــﻲ رﻗـﻢ 13 / 2006 في العراق ﺴﻴﺎﺳــته اﻻﺳـــﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ لتشجيع وﺗﻨﻈــــــﻴﻢ ر ؤ وس اﻷﻣــــــﻮال اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ إﻃﺎر اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺪوﻟـﺔ وﺑﻤــــﺎ ﻳﻨﺴـــــﺠﻢ ﻣــــﻊ أﻫـــــﺪاف وأوﻟﻮﻳــــﺎت إﺳـــــﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴــــﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴــــﺔ ﻟﻠﺴــــﻨﻮات 2004-2007، واﺑــــﺮز ﻣﺎ ﺗﻀــــﻤﻨﻪ القانون :ﺗﺸـﻜﻴﻞ ﻫﻴﺌــﺔ ﺗﺴــﻤﻰ -ﻫﻴﺌــﺔ اﻻﺳــﺘﺜﻤﺎر- ﺗﺘﻤﺘــﻊ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼـــﻴﺔ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳـــﺔ وﻳﻤﺜﻠﻬـــﺎ رﺋـــﻴﺲ اﻟﻬﻴﺌـــﺔ أو ﻣـــﻦ ﻳﺨﻮﻟﻪ ، وﻟﻠﻬﻴﺌﺔ رﺋﻴﺲ ﺑﺪرﺟﺔ وزﻳﺮ وﻧﺎﺋﺐ ﺑﺪرﺟﺔ وﻛﻴـﻞ وزﻳـــﺮ ، وﺗﻌﺰﻳـــﺰ الثقة في البيئة الاستثمارية، والتعرف على الفرص الاستثمارية وتحفيز الاستثمار فيها والترويج لها .

كما تضمن تبسيط اجراءات التسجيل والاجازة للمشاريع الاستثمارية ومتابعة المشاريع القائمة منها واعطاء الاولوية لها في الانجاز لدى الجهات الرسمية واستحصال الموافقات اللازمة وتقديم المشورة وتقديم البيانات والمعلومات للمستثمرين، وتسهيل تخصيص الاراضي اللازمة وتأجيرها لاقامة المشروع بأجر تحدده الهيئة .

وقد سمح القانون بامكانية استخراج راس المال وعوائده الذي ادخله المستثمر الى العراق بشرط ان لا يتعارض مع احكام القانون والاجراءات الكمر كية والضريبية ، وان يتمتع المشروع الحاصل على اجازة الاستثمار من الهيئة بالاعفاء الضريبي والرسوم لمدة خمس سنوات من تاريخ بدء التشغيل التجاري وعلى نسب مختلفة بين 25% -75 % وفق المناطق التي يصفها القانون أ-ب-ج حسب التطور الاقتصادي وطبيعة النشاط .
ولا يخضع المستثمر لاحكام القانون اذا كان استثماره في مجال استخراج وانتاج النفط والغاز والاستثمار في قطاعي المصارف وشركات التامين .
وهنا يطرح المختصون سؤالا مهما: هل تشجيع الاستثمار الاجنبي في العراق بالمستوى المطلوب، ولماذا تفضل الشركات الاجنبية الاستثمار في الامارات او لبنان او الاردن او ماليزيا …. بدل من الاستثمار بالعراق ؟

توجد في البيئة العراقية محددات ومعوقات واشكالية طاردة للاستثمار الاجنبي المباشر ومنها تدهور البنى التحتية منذ تسعينيات القرن الماضي نتيجة للحرب والحصار الذي فرض على العراق، والتدهور والتدمير الشامل والممنهج الذي حصل بعد احداث عام 2003 ؛ لشل الاقتصاد، ومثال ذلك :

-قطاع الكهرباء : تشير الاحصائيات و التقديرات الى حاجة العراق الى ( 15 ) الف ميكاواط و المتاح الان لا يتجاوز(7،5)
الف ميكا واط وهذا يعني ان هناك فجوة تقدر بأكثر من 50 %و على الرغم من حجم التخصيصات الاستثمارية للمدة 2006-2012 الا ان الطاقة الكهربائية المضافة لم تتجاوز الف ميكا واط ، مما يعكس حالة الفساد الاداري و المالي في قطاع الكهرباء التي تعرف بانها عصب الحياة والتنمية الاقتصادية .
– مياه الشرب : تشير معظم التقارير الى ان 79 %من سكان العراق فقط يحصلون على مياه محسنة وهي نسبة متدنية جدا ، وان معظم سكان الريف العراقي لا تصل اليهم مياه الشرب النقية من الاملاح و الملوثات اضافة الى ان 20 %من سكان المدن لا يحصلون على مياه نقية. كما تشير التقارير الى ضعف المياه في شبكات الاسالة مما جعل المواطن يعتمد على المضخات الكهربائية.
– شبكات الصرف الصحي : تؤكد العديد من التقارير والدراسات الى ان 73%من سكان العراق يحصلون على خدمات الصرف الصحي وهي نسبة متدنية جدا وهذا يعني ان هناك 27%من السكان لم يستفيدوا من خدمات الصرف الصحي ،واذا ما اخذنا بالحسبان سكان المدن بما فيها بغداد فان عدد كبير منهم يعانون سوء خدمات الصرف الصحي. وتعاني شبكات مياه الصرف الصحي العديد من المشاكل ولاسيما التكسرات بسبب قدمها و سوء الاستعمال وقلة الصيانة وعدم تعاون المواطن مما جعل المياه تطفو على الشوارع و الحدائق مخلفة الامراض التي يزيد ضررها الانقطاع المستمر للكهرباء وما ينجم عنها من توقف لمضخات الصرف الصحي وغير ذلك من المشاكل.

المطارات : تعاني مطارات العراق عدم وجود اسطول من الطائرات الحديثة ومازالت معظم الطائرات المؤجرة قديمة مما انعكس سلبا على حركة السياحة والاستثمار وبالتالي على الاقتصاد الوطني ، فضلا عن عدم وجود مطارات في العديد من المحافظات .

– السكك الحديدية : لم يحدث فيها اي تطوير لا في مجال السكك او تجديد للقطارات او الخدمات سواء للمسافرين او نقل السلع و الخدمات . وتغطي خطوط سكك الحديد العراقية نحو 1906 كيلومترات والمستغل منها 104 كيلومترات كسكك مزدوجة وعمر معظم هذه السكك الانتاجي بين 60 الى 80 عاما ، عدا خطين حديدي تم انشاؤهما بين 1978 و 1987 ، و في الوقت الحالي هناك خط خدمي واحد للمسافرين بين بغداد والبصرة. و بسبب الاوضاع السيئة للسكك و قاطرات السكك الحديد فان معدل السرعة يبلغ 50كم / الساعة ، وتهمين المنتجات النفطية و الحنطة و المعدات العسكرية على الشحن عن طريق سكك الحديد ، التي بات الانحراف خارج مسار سكك الحديد امرا شائعا في الشبكة التي تديرها شركة سكك الحديد العراقية رغم القيود المفروضة على السرعة .

– طرق المواصلات : تعاني معظم طرق المواصلات داخل المدن و بين المحافظات من التكسرات بسبب قدمها و ضعف الصيانة ، فضلا عن كونها تم انشاؤها عندما كان عدد سكان العراق لا يتجاوز ( 12 ) مليون نسمة و حجم الخدمات التجارية محدودة وفقا لمحدودية حجم السكان اما الان فيتجاوز عددهم ( 32 ) مليون نسمة .
وتبلغ شبكة الطرق في العراق 53000 كيلومتر ، تمثل الطرق السريعة و الطرق الرئيسية 23 % منها، و قد تم بناء الجزء الأكبر من الشبكة في السبعينيات و الثمانينيات من القرن العشرين ولم تخضع بعد ذلك لاي إعمال صيانة .

اما الجانب القانوني في العراق فانه يعاني ضعف البيئة القانونية؛ لانعدام القوانين وضعف او تعطيل قوانين أخرى كقانون المنافسة ومنع الاحتكار ، قانون حماية المنتج الوطني ، قانون حماية المستهلك ، قانون التعريفة الكمر كية ، قانون دعم الصادرات ، قانون العلامات التجارية ، قانون تسجيل الشركات والقوانين الخاصة بالتقييس والسيطرة النوعية والجودة ، فضلا عن قانون حماية الملكية الفكرية . وهذه الحزمة من القوانين عند عدم تشريعها وتفعيلها تعطي اشارات سلبية للمستثمر الأجنبي بعدم التوجه نحو البيئة العراقية.

و بمقارنة بين الدستور المؤقت لعام 1968و بين الدستور الجديد لسنة 2006، نجد ان المادة12 من الباب الثاني في الدستور المؤقت لعام 1968 تنص على ان النظام الاقتصادي يهدف إلى تحقيق الاشتراكية، وتشير المادة 14 من الباب الثاني الى ان الثروات الطبيعية ملك الدولة ، وتشير المادة 15 الباب الثاني الى استخدام رأس المال في خدمة الاقتصاد القومي على أن لا يتعارض استخدامه مع الخير العام للشعب.
وتشير المادة 17 من الباب الثاني الى ان الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية، وتشير المادة 18 من الباب نفسه الى ان القانون يحدد الحد الأعلى للملكية الزراعية ويؤول للدولة ما زاد على الحد الأعلى. وتقول المادة 35 من الباب الثاني ان التعليم حق للعراقيين جميعا تكفله الدولة بإنشاء المدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الثقافية والتربوية. وتبين المادة 37 من ذات الباب ان الرعاية الصحية حق تكفله الدولة بإنشاء المستشفيات والمؤسسات الصحية.

اما الدستور الجديد لسنة 2006 فتنص المادة 112 ثانيا” على الاعتماد على احدث تقنيات مبادئ السوق، وتشجيع الاستثمار، وتقول المادة 111: إن النفط والغاز هي ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.
وتشير المادة 25 إلى ان الدولة تكفل إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته، فيما توضح المادة 26 ان الدولة تكفل تشجيع الاستثمار في القطاعات المختلفة، وينظم ذلك بقانون.
وفيما تقول المادة 23: إن الملكية الخاصة مصونة ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها، تقول المادة 23 ثانيا: انه لا يجوز نزع الملكية إلا لإغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل.
وفيما تؤكد المادة 23 ثالثا: ان للعراقي حق التملك في أي مكان في العراق تنص المادة 34 رابعا”على ان التعليم الخاص والأهلي مكفول وينظم بقانون.والمادة 31 تقول ثانيا: للأفراد والهيئات إنشاء مستشفيات ومستوصفات أو دور العلاج الخاصة…هذا يسفر عنه رؤية شمولية للصورة التي سيأخذها شكل الاستثمار المستقبلي في العراق والتي يمكن إجمالها بمايلي:

1 – النظام الاقتصادي، من الاشتراكية إلى الرأسمالية.
ثمة تحول مهم في الهدف الذي سيسعى الاستثمار إلى تحقيقه وذلك على المستوى القومي وهذا الهدف سيتمثل بالتحرك نـحو اقتصاديات السوق الرأسمالي الحر المنضبط ذاتيا عن طريق آليات العرض والطلب مقابل تقليل دور الدولة في التدخل بالحياة الاقتصادية (الاعتماد على احدث تقنيات مبادئ السوق- المادة 109 ثانيا”-)، ومن هنا فان الدستور يبلغنا بالابتعاد عن تحقيق الاشتراكية والاقتراب من مبادئ السوق.

2 – الثروات من ملكية الدولة إلى الشعب
ينظر الدستور العراقي الدائم إلى موضوع ملكية الثروات الطبيعية الرئيسية (النفط والغاز) نظرة مغايرة لنظرة دستور 1968، حيث إن الدستور الجديد يشير إلى ان النفط والغاز ملك للشعب – المادة 108- في حين إن الثروات الرئيسة كانت ملك للدولة وهذا يعني إن هناك تغيرا في نظرة الدولة إلى الملكية،من ملكية الدولة إلى الأفراد وكأنما يحاول الدستور ان يقدم لنا مقدمات عن التحول من نظام اقتصادي شمولي إلى نظام اقتصادي يقترب من الأنظمة الفردية، كذلك فان الأمر يعني الابتعاد عن سيطرة الدولة على الموارد والحياة الاقتصادية والاقتراب من نظام اقتصادي قائم على المبادرة الفردية وإتاحة قوى السوق لتأخذ الحيز الأكبر في المساهمة في تخصيص الموارد.

3 – الاستثمار، وفقاً لاقتصاد السوق.
عالج الدستور قضية الاستثمار في الدستور الدائم بطريقة مغايرة لدستور 1968، حيث أشار الدستور الجديد إلى عبارة (تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته).
إن تحليل هذه المادة يعني ان الدولة عازمة على ان يكون الاستثمار لكامل موارد العراقية الاقتصادية وفق أسس اقتصاد السوق، ما يعني أن الدولة لن تقوم هي بعملية الاستثمار بشكل رئيس بل إن هذه المهمة ستكون مكفولة للقطاع الخاص بحيث سيكون دور الدولة هو دور الداعم للاستثمار – والذي سيتم من خلال القطاع الخاص- وليس دور القائم بالاستثمار.

4 – الاستثمار المحلي والأجنبي، له مطلق العنان
هذه إشارة تبدو غير واضحة في الدستور الجديد وهذه تتعلق بالاستثمار في القطاعات المختلفة(تكفل الدولة تشجيع الاستثمار في القطاعات المختلفة -المادة 26) وهذا يعني انه ليست هناك موانع دستورية من الاستثمار في كل القطاعات بما فيها الاستراتيجية، كذلك فانه ليس هناك موانع دستورية من الاستثمار سواء أكان محليا أم اجنبيا، وبكلمات أخرى فانه لا مانع من القيام بالاستثمار الأجنبي في الاقتصاد.

5 – القطاع الخاص، رائد عملية الإصلاح الاقتصادي.
ركز الدستور على قضية هامة وهي دور القطاع الخاص في القيام بإصلاح الاقتصاد العراقي، وإدخال مصطلح جديد فيه هو مصطلح الإصلاح الاقتصادي، الذي له علاقة باقتصاد السوق المعتمد على القطاع الخاص.
وكل هذه الاسباب تعد عائقا جعل بيئة العراق الاقتصادية غير ملائمة للاستثمار
اما من ناحية الاسباب الذاتية المرتبطة بالدول المتقدمة وشركاتها الاحتكارية والتي تحول دون توجه الاستثمارات الاجنبية.

1- تعاني معظم الدول المتقدمة وشركاتها الاحتكارية من فائض كبير في الانتاج ، وهي تفتش عن اسواق لتصريف الفائض ، والعراق احد الاسواق المهمة بالطبيعة الاستهلاكية للفرد العراقي وحجم السكان ، فضلا عن ارتفاع القوة الشرائية ، فكيف تتوجه الاستثمارات للعراق وتنتج سلعا وخدمات من الممكن ان تنافس السلع المنتجة في الدول المتقدمة .

2- لن تدخل الاستثمارات الاجنبية المباشرة للقطاع الزراعي لانتاج الغذاء لاسباب سياسية واقتصادية احتكارية ، لكي يبقى العراق وكذلك البلدان النامية بحاجة الى الغذاء المستورد من الدول المتقدمة المنتجة ، اذ ان الشركات الاحتكارية تعاني فائضا غذائيا كبيرا، وتفتش عن اسواق لتصريفه فكيف بها تأتي الى العراق وتنتج الغذاء.

3- لاعتبارات سياسية لن تتجه الاستثمارات الاجنبية المباشرة للعراق لابقائه بالتبعية السياسية للدول الغربية وفي مقدمتها امريكا.

4- يعد العراق ثاني دولة نفطية من حيث الاحتياطي الذي يقدر (145) مليار برميل ،لذا فالمخطط يبقى العراق يصدر نفط ويستورد الغذاء وكل ما يحتاجه من السلع والخدمات . وان القوى العاملة في العراق قوة عاملة عاطلة عن العمل وتمتلك من المهارات والكفاءات والخبرات ما يؤهلها للعمل لدى الشركات الاجنبية وبأجور منخفضة مقارنة باليد العاملة الوافدة من الخارج ، وخير مثال احدى شركات الهاتف النقال التي تعطي المهندس المصري من ( 800-1000) دولار شهريا عدا السكن، بينما يتقاضى المهندس العراقي من( 300-400 ) دولار شهريا .

وعلى الرغم من كل ما ذكر عن ان البيئة العراقية غير ملائمة ومشجعة للاستثمار الاجنبي المباشر ، ما يعني انها طاردة له، بسبب انعدام البنى التحتية الذي يؤدي الى ارتفاع تكاليف الانتاج وتخفيض كمياته ، والفساد الاداري والمالي الذي يعقد الامور ويرفع التكاليف بظل غياب البيئة القانونية ، وانعدام بعض القوانين وضعف الاخرى ، وضعف فاعلية السياسات الاقتصادية وعدم وضوح البرنامج الاقتصادي للحكومة ، كل هذا سيودي الى زيادة المخاطر من جهة، وانخفاض العائد على الاستثمار من جهة اخرى.

اما الاستثمار في الاردن فنجد هناك عوامل جذب كثيرة ومنها :
قانون تشجيع الاستثمار ومعاملة المستثمر غير الاردني معاملة المستثمر الأردني بمنحه الحق بأن يستثمر في المملكة بالتملك أو بالمشاركة أو بالمساهمة في أي مشروع اقتصادي، على أنه لا يجوز أن يتملك كامل المشروع ضمن بعض قطاعات الخدمات التجارية والمقاولات الانشائية، وللمستثمر مطلق الحق في إدارة مشروعه بالأسلوب الذي يراه وبالأشخاص الذين يختارهم لهذه الإدارة.
ويعد قانون تشجيع الاستثمار رقم (16) لسنة 1995 الاردني إطاراً تشريعياً ملائماً لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز المحلية، لما تضمنه من مزايا وحوافز وضمانات لقوانين الاستثمار على مستوى الإقليم، حيث يقدم الإعفاءات الجمركية والضريبية للمشاريع الاستثمارية ضمن قطاعات: الصناعة، الزراعة، الفنادق، المستشفيات، النقل البحري والسكك الحديدية، مدن التسلية والترويح السياحي ومراكز المؤتمرات.

اما في دبي فان نجاح الاستثمارات يعود الى عدة عوامل منها مرسوم رقم (2) لسنة 2002 بإنشاء هيئة دبي لاستقطاب الاستثمار والتطوير اذ أنشئ أكثر من 34 منطقة حرة في الامارات تجتذب المستثمرين من أنحاء العالم ومنها المنطقة الحرة في جبل علي إحدى الأسرع نمواً عالمياً باعتبارها واحدة من أسرع المناطق الحرة نمواً على المستوى العالمي، اذ وفرت حوافز حققت نجاحات عديدة خلال السنوات الماضية حيث سجلت نمواً في قاعدة العملاء وصل إلى 60 % خلال الأعوام الأربعة الماضية، كما سجلت متوسط نمو 34 % سنوياً في العائدات، اضافة لتوفيرها ما يفوق 160 ألف وظيفة لاقتصاد الإمارات، وتدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى الإمارات.
وتوفر المناطق الحرة للمستثمرين بالأمارات باقة من التسهيلات المهمة التي يسعى اليها أغلبهم، وهي:

1- ملكية مطلقة للشركات الأجنبية، إعفاءات ضريبية على الصادرات والواردات، وعدم وجود قيود على العملة، وحرية الحركة لرأس المال، وكما توفر إجراءات معاملات الحصول على التراخيص خلال 24 ساعة،
وتوفير أفضل الشروط والظروف المثالية للأعمال والمشاريع التجارية، مرافق بنية تحتية مميزة، تسهيل إجراءات الكفالة والتأشيرات لجميع العاملين والموظفين، وإنجاز المعاملات بأسرع وقت من خلال النافذة الواحدة، يسمح للمنتجات التي تنتج بالمناطق الحرة بالتداول في السوق المحلي عبر وكيل. هذه جميعها تعتبر عوامل جذب لاستثمار داخل البلد .

وهنا نصل الى ان على الحكومة العراقية مراجعة الاستراتيجية المقترحة لعام 2006 لجذب الاستثمارات الاجنبية للبلد التي يمكن من خلالها تحويل البيئة الاستثمارية في العراق من بيئة طاردة للاستثمارات الى بيئة جاذبة بتنظيم البيئة القانونية و اعادة النظر بالتشريعات التي كانت قائمة قبل الاحتلال مع الغاء (قانون بريمر )للاستثمار وتشريع قوانين استثمارية جديدة تشجع الاستثمارات المباشرة الوطنية والعربية والاجنبية، فضلا عن تشريع حزمة من القوانين كحماية حقوق الملكية المادية والفكرية ، حماية المستهلك ، المنافسة ومنع الاحتكار، التعريفة الجمركية، دعم الصادرات وقانون العلامات التجارية لكي تضمن حالة طمأنة للمستثمر من جهة والمحافظة على الجوانب الوطنية والاقتصادي .

شذى خليل

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروا بط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

المصادر:
1- جمهورية العراق، مجلس الوزراء، دستور جمهورية العراق،ط2، نيسان 2006 صفحات متفرقة مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة العدد الخاص بمؤتمر الكلية (54) 2013
2- الاستثمار في داخل الإمارات العربية المتحدة . http://ae.fbsemirates.com
3- الاخبار نيوز.
4- تحليلات سياسية الموقع الرسمي للحكومة الكترونية / المملكة الأردنية الهاشمية .
5- دور الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد العراقي
(الأهمية والفرص المتاحة) م. كريم عبيس حسان العزاوي ( بحث)