بـ 50 مليار ريال.. السعودية تبدأ تطبيق رؤية 2030 على قطاع الإسكان

بـ 50 مليار ريال.. السعودية تبدأ تطبيق رؤية 2030 على قطاع الإسكان

استطاعت المملكة العربية السعودية، بفضل رؤية 2030، التي طرحها الأمير الشاب، ولي ولي العهد، محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في الخروج بالمملكة من عباءة النفط.

وأعلن وزير الإسكان ماجد الحقيل، تأسيس شركة إعادة التمويل السعودية، وتستهدف 50 مليار ريال خلال السنوات الخمس المقبلة، تضخ في قطاع الإسكان.

جاء ذلك في كلمته خلال مؤتمر الصكوك الذي تنظمه هيئة السوق المالية بالتعاون مع البنك الدولي تحت عنوان “سوق الصكوك – التحديات والفرص”، ويستمر يومين بمشاركة 24 مشاركا، مبينا أن تحفيز الاستثمار وتعميق التمويل يعدان البيئة الأساسية لنمو قطاع الإسكان، كونه قطاعا تنمويا مهما، ونظرا لتكلفته التطويرية العالية.

وقال الحقيل: “واجهنا في السنوات الماضية الكثير من العقبات في السوق، وكان هناك عدم فهم في قطاع السندات والصكوك، ونحن في الإسكان نعتمد على 3 محاور رئيسية، وهي تحفيز العرض من خلال التنوع في المنتجات الإسكانية، وتحفيز التمويل حيث إن كل مواطن يكون لديه الفرصة للتمويل من أي بنك، وتنظيم قطاع العقار الذي يلعب فيه قطاع الإسكان دور مهم وكبير”.

200 ألف وحدة سكنية

وأكد الحُقيل، أنّ السندات تُعتبر لاعبًا مهمًا، ونطمح أن يكون هناك بناء 1.5 مليون وحدة سكنية خلال الفترة المقبلة، ويتطلب هذا تمويلا كبيرا، مبينا أن قطاع التمويل لدى البنوك حجمه 108 مليارات ريال فقط، وتم تمويل 200 ألف وحدة سكنية.

وتابع: “لكي نصل إلى ما تطمح إليه الوزارة نحتاج إلى أن نصل إلى سوق دين عميق جدا، وأن ينمو قطاع التمويل إلى 250 مليارا خلال السنوات السبع المقبلة. وزارة الإسكان اتخذت خطوات مهمة في تعميق مستوى الدين من خلال تغيير استراتيجية الصندوق العقاري من ممول مباشر إلى ممكن في قطاع التمويل، واستغلال محفظة التمويل الموجودة لديه بحدود 150 مليار ريال، وأن يدخل في إعادة التصكيك”، متوقعا أن يكون هناك من 20 إلى 25 مليارا في هذا القطاع، إضافة إلى الشراكات مع القطاع الخاص.

وأكد: “لدينا العديد من التجارب الدولية في الصكوك الإسلامية، في ماليزيا مثلا”، مبينا أن من أهم التحديات عدم وجود وسطاء في سوق الدين. وكون لدينا العديد من الوسطاء في الأسهم، وما زالت القدرات المحلية في السندات والصكوك الإسلامية تحتاج إلى عمق وتثقيف أكثر”.

وتناول مدى تأثير الزكاة على الصكوك، مبينا أن هذا له تأثير على النظام المقترح على الزكاة، والآن يعاد مع عدد من الجهات المختصة من خلال رؤية تطبيقها، مشيرا إلى أن هناك رأيين شرعيين، رأي حول أن تكون الزكاة على العائد السنوي، وهناك رأي آخر حوله مخالف لتطبيق عمل مصلحة الزكاة الحالي.

سندات المملكة

وفي 20 أكتوبر الماضي، تمكنت السعودية من جمع 17.5 مليار دولار أمريكي من السندات في أول اقتراض للمملكة من السوق الدولية، وفق ما أعلن مصرف HSBC الذي شارك في الإشراف على العملية.

وقال جان مارك ميرسييه من مجلس إدارة قسم أسواق السندات في المصرف لوكالة الصحافة الفرنسية، إن هذا المبلغ يؤكد نجاح وصول المملكة إلى أسواق رأس المال.

وتقسم المبالغ التي اقترضتها السعودية إلى 3 شرائح، حسب المصرف، الأولى قدرها 5.5 مليار دولار على 5 سنوات بنسبة فوائد اسمية سنوية تبلغ 2.375%، والثانية قدرها 5.5 مليار دولار أيضًا لـ10 سنوات بنسبة 3.25%، والثالثة قدرها 6.5 مليارًا لـ30 سنة بنسبة 4.5%.

ويبلغ معدل الفائدة السنوية الفعلية التي ستسددها المملكة على مجمل المبالغ المقترضة 2.588% لخمس سنوات، و3.407% لـ10 سنوات، و4.623% لـ30 سنة.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، إن أول عملية اقتراض للسعودية بعد طرحها أسعار سنداتها الدولية استقطبت طيفًا واسعًا من المستثمرين الأجانب حول العالم، وبحسب خبراء ماليين، شارك في “الصفقة السعودية”، كما تصفها الصحيفة، مستثمرون من خارج نطاق المتابعين التقليديين لتلك العمليات في سوق السندات الدولية، ليشمل ذلك بنوكًا مركزية آسيوية وصناديق استثمار أوروبية إلى جانب بنوك من منطقة الشرق الأوسط أيضًا.

ويختلف هذا الوضع، حسب وول ستريت جورنال، عما جرى عندما باعت قطر سنداتها الدولية بقيمة 9 مليارات دولار مطلع هذا العام، باستئثار المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين حينها.

الشباب الإصلاحي

تحت عنوان “هل ينجح الشباب الإصلاحي السعودي في تحقيق رؤية 2030؟”، ونشرت “إيكونوميست” تقريرًا بخصوص الأمير الشاب محمد بن سلمان، جاء فيه: “تأمل ما يحدث في الحكومة السعودية؛ لتعلم أن عهدا جديدا أشرق في سماء المملكة العربية السعودية، فخرج العديد من الأمراء، من كبار السن، من المشهد، ليظهر الشباب الإصلاحي بدلا عنه؛ فمنذ أن اعتلى الملك سلمان العرش في العام الماضي، عيّن جيلًا جديدًا من الشباب في مناصب الوزراء، ليكونوا ذا صلة وثيقة مع ابنه محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عامًا، وفي 31 من شهر أكتوبر، انتهى الملك من عمليات التغيير، باستبدال إبراهيم العساف، وزير المالية السابق، الذي استمر في منصبه لمدة 20 عامًا، بمحمد الجدعان رئيس هيئة سوق المال”.

أضاف: “تم هذا التغيير تزامنًا مع رغبة الأمير محمد في تطبيق العديد من الإصلاحات الطموحة، عُرِفَت باسم رؤية 2030، من أجل إنقاذ المملكة من تداعيات انخفاض سعر النفط العالمي، عن طريق الحد من نفقاتها العامة، وتنويع مصادر الاقتصاد، وجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية، ومن المتوقع أن يساهم زعماء المملكة الجدد، سواء من رجال أعمال سابقين أو مصرفيين، لتعزيز هذه المجهودات، فقد أشرف جدعان من موقعه على فتح البورصة السعودية بحذر، أمام المستثمرين الأجانب في العام الماضي”.

وتابع: “لكن بالطبع يتطلب الازدهار الاقتصادي ما هو أكثر من إصلاحات جديدة في الحكومة السعودية؛ لإقناع المحللين بجدية المملكة فيما يخص عملية الإصلاح، وعبر أحد الدبلوماسيين في مدينة الرياض، عاصمة السعودية، عن حالة الإصلاح، قائلا “السعودية تتحدث عن هذه الإصلاحات منذ 30 عامًا، دون تحقيق أي جديد”، فقد أشار في حديثه إلى مركز الملك عبد الله المالي، وهو مجموعة من ناطحات السحاب المميزة في شمال البلاد؛ حيث تصور الملك عبدالله، رحمة الله عليه، عندما أسسه أن يتحوُّل هذا المركز إلى دعامة مهمة في الاقتصاد السعودي، غير المعتمد على النفط، لكن لم تحقق هذه الفكرة أهدافها، فقد ألقت البنوك والأعمال الأخرى نظرة مستقبلية، بعيدًا عن هذه الأبراج، فلم تتخيل حدوث أي  تتغير في المستقبل”.

رؤية المملكة 2030

في 26 أبريل 2016، وافق مجلس الوزراء السعودي، الذي ترأسه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، على خطة “رؤية السعودية 2030″، وهي خطة تهدف لتحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط، عرضها الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية.

وتتضمن الخطة، رؤية السعودية في تحديد أهدافها الاقتصادية للأعوام الـ15 المقبلة، وتضع جدول أعمال موسعا لتحقيقها، كما تشمل إصلاحات جذرية في الموازنة العامة، وتغييرات تنظيمية، ويرى البعض أن هذه الخطة، التي سميت “خطة التحول الوطني”، ستعمل على توفير الوظائف وإتاحة فرص اقتصادية جديدة، وربما المزيد من الحريات الاجتماعية، كالسماح للمرأة بقيادة السيارة، بينما يرى البعض الآخر أن الخطة لن تحدث تغييرا كبيرا في المجتمع السعودي.

ويتخوف بعض السعوديين من أن تؤثر برامج الإصلاح على مستويات الدخل، مع لجوء الحكومة لخفض دعمها للطاقة والمرافق العامة، وتباطؤ وتيرة زيادة الرواتب في القطاع الحكومي، الذي يوظف الكثير من المواطنين.

ووفقا لمحللين اقتصاديين، فإن أهم التحديات التي تواجهها الخطة، هو مدى قدرة الوزارات الحكومية على تحمل متطلبات التحول الوطني، الذي يعتمد في مدخلاته على فكر القطاع الخاص، خصوصًا فيما يتعلق منه بالإنتاجية، والقياس، والعمل وفق خطط استراتيجية، للوصول إلى تحقيق أهداف محددة.

يُشار إلى أن ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، يشرف على عدد من الوزارات، بينها وزارة الدفاع والمالية والنفط والاقتصاد، من خلال مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وأطلق حساب خاص بخطة التحول الوطني السعودية تحت اسم “رؤية السعودية 2030” عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، لمتابعة إطلاقها .

أحمد سامي – التقرير