أوبك تخرج إلى إطار جديد قد يكون بديلا للمنظمة

أوبك تخرج إلى إطار جديد قد يكون بديلا للمنظمة

رحبت أسواق النفط العالمية بالاتفاق التاريخي لمنظمة أوبك مع المنتجين المستقلين، ودفعت سعر مزيج برنت إلى الاقتراب من حاجز 55 دولارا للبرميل، وهو أول اتفاق من نوعه لخفض وتقييد الإنتاج منذ عام 2001.

ومع توقيع الاتفاق، بعد نحو عام من المداولات داخل أوبك، تحوّلت أنظار المحللين إلى الشكوك في مدى التزام دول المنظمة والمنتجين المستقلين، ببنود الاتفاق.

ومن المتوقع أن تنفذ روسيا، التي لم تف قبل 15 عاما بوعود بتقليص الإنتاج جنبا إلى جنب مع أوبك، تخفيضا حقيقيا في الإنتاج هذه المرة. لكن محللين يتساءلون ما إذا كان الكثير من المنتجين الآخرين من خارج منظمة أوبك يحاولون تقديم الانخفاض الطبيعي في إنتاجهم على أنه إسهام منهم في الاتفاق.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحافيين بعد الاجتماع إن هذا الاتفاق يعزز التعاون على المدى البعيد ووصف الاتفاق بأنه “تاريخي”.

وأكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك في نفس المؤتمر الصحافي أن “الاتفاق سيؤدي إلى تسريع الوصول إلى استقرار سوق النفط والحد من التقلبات وجذب استثمارات جديدة”.

ويرى محللون أن الإطار الجديد الذي يضم 24 بلدا وينتج أكثر من نصف الإنتاج العالمي قد يصبح إطارا بديلا لمنظمة أوبك التي استنفدت دورها السابق في التحكم بأسعار النفط بمفردها.

الكسندر نوفاك: الدول التي حضرت الاجتماع مسؤولة عن 55 بالمئة من إنتاج النفط العالمي

واتفقت أوبك الأسبوع الماضي على تقليص الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من يناير وبلغ حجم إسهام السعودية في ذلك التخفيض 486 ألف برميل يوميا. وتضمن وضع سقف لإنتاج إيران تحت 3.8 مليون برميل يوميا.

واتفق المنتجون المستقلون، السبت، على خفض الإنتاج بواقع 558 ألف برميل يوميا بما يقل قليلا عن الحجم الذي كان مستهدفا في البداية والبالغ 600 ألف برميل يوميا لكنه يظل أكبر مساهمة من الدول غير الأعضاء في أوبك على الإطلاق.

وقال نوفاك إن مساهمة روسيا في هذا الخفض ستكون 300 ألف برميل يوميا، وأن الإنتاج سيقل بحلول نهاية مارس بنحو 200 ألف برميل عن مستويات أكتوبر الماضي، التي بلغت 11.247 مليون برميل، وهو أعلى إنتاج لروسيا حتى الآن. وأضاف أن إنتاج روسيا سيصل إلى 10.947 مليون برميل يوميا بعد 6 أشهر.

ويرى غاري روس المراقب المخضرم لأوبك ومؤسس بيرا إنرجي للاستشارات أن جميع المنتجين “سيستمتعون بالأسعار الأعلى، وأن الالتزام يكون جيدا في المراحل المبكرة. لكن بعد ذلك ومع استمرار ارتفاع الأسعار سيتآكل الامتثال”.

وذكرت أمارتيا سن من إنيرجي اسبكتس الاستشارية أن “الاتفاق يعدّ تحولا كبيرا، مقارنة بتضاؤل التوقعات بالتوصل إلى اتفاق في الشهرين الماضيين… المشككون سيجادلون بشأن الالتزام لكن لا يمكن التقليل من الرمزية في حد ذاتها”.

وأضاف روس أن أوبك ستستهدف سعرا للنفط عند 60 دولارا للبرميل لأن أي سعر فوق ذلك قد يشجع المنافسين على الإنتاج.

غاري روس: المنتجون سيتمتعون بالأسعار ويلتزمون في البداية، لكن الالتزام سيتراجع تدريجيا

وهوت أسعار الخام إلى أقل من النصف في العامين الماضيين بعد زيادة كبيرة في إنتاج السعودية في محاولة لإزاحة المنتجين مرتفعي التكلفة مثل شركات النفط الصخري الأميركية من السوق.

وشارك في المفاوضات، إلى جانب روسيا، عدد من المنتجين المستقلين، قدموا تعليقات أو تعهدات وشملت القائمة أذربيجان والبحرين وبوليفيا وبروناي وغينيا الاستوائية وكازاخستان وماليزيا والمكسيك وسلطنة عمان والسودان وجنوب السودان. وأكد نوفاك أن دول أوبك والدول غير الأعضاء التي حضرت الاجتماع مسؤولة عن 55 بالمئة من الإنتاج العالمي، وأن خفضها المشترك بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، يعادل نحو 2 بالمئة من إمدادات النفط العالمية.

وتواجه دول كثيرة من غير الأعضاء في أوبك مثل المكسيك وأذربيجان انخفاضا طبيعيا في إنتاج النفط وعبر بعض المحللين عن تشككهم في أن تلك الانخفاضات الطبيعية ستدخل ضمن تقليص الإنتاج.

وقالت سلطنة عمان إنها ستخفض الإنتاج بمعدل 45 ألف برميل يوميا. وأكدت كازاخستان أنها ستحاول خفض الإنتاج بمعدل 20 ألف برميل يوميا العام القادم.

وأخطرت السعودية زبائنها في أوروبا والولايات المتحدة، الجمعة، بأنها ستخفض إمداداتها النفطية اعتبارا من يناير في إشارة إلى أنها بدأت بالفعل تنفيذ خطة خفض الإنتاج.

وأخطرت الكويت والعراق والإمارات أيضا مشتري خامها بخطط تقليص الإمدادات.

وقال نوفاك إن المحادثات بين أوبك والدول غير الأعضاء بالمنظمة أنقذت بفضل “الآراء والأفكار الجديدة” لوزير النفط السعودي الجديد خالد الفالح.

وكان من شأن هبوط أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل، وأحيانا دون 30 دولارا، من مستويات مرتفعة بلغت 115 دولارا في منتصف 2014 أن يساعد على الحد من نمو إنتاج النفط الصخري.

لكنه أيضا أضرّ بإيرادات اقتصادات معتمدة على النفط من بينها السعودية وروسيا، مما اضطرّ مصدري الخام الكبيرين إلى البدء في أول مباحثات للتعاون النفطي في 15 عاما.

صحيفة العرب اللندنية