تعدد عرقي وطائفية متفشية.. إيران تغرق في عالمين متوازيين

تعدد عرقي وطائفية متفشية.. إيران تغرق في عالمين متوازيين

تمثل إيران اليوم،  واحدة من أكبر الجمهوريات الإسلامية في الشرق الاوسط وآسيا، نظرا لمساحتها وموقعها الجغرافي، الذي يطل على سواحل الخليج العربي وبحر عمان من الجنوب، وبحر قزوين من الشمال، ولها حدود مع دول الاتحاد السوفيتي السابق وباكستان وأفغانستان، ولما تمتلكه من ثروات أهمها النفط.

وحسب تعداد 2011، بلغ عدد سكان إيران ما يقارب الـ75 مليون نسمة، غالبيتهم الساحقة من المسلمين، مع وجود أقليات مسيحية ويهودية وزرادشتية، وعدد محدود جدًا من الصابئة والبهائيين، ومن الناحية العرقية أيضًا تتعدد العرقيات، التي قد تصل لأكثر من 10 عرقيات مختلفة، يشكل الفرس منها الأغلبية، بنسبة تقارب 51% من إجمالي عدد السكان، يليهم مباشرة العرق الأذري التركي، بنسبة تقارب 24%، والباقي يتشكل من الكرد والعرب والبلوش والتركمان وغيرهم.

يعتبر المذهب الشيعي، هو المذهب الرسمي للجمهورية حسب نص الدستور، مع وجود عدد من أهل السنة في إيران، يصل وفق التقديرات شبه الرسمية قرابة الـ10% من عدد السكان، ووفق بعض التقديرات الأخرى يصل حتى 20%

طائفية متفشية

نشرت صحيفة «أ بي ثي» الإسبانية، تقريرًا نقلت فيه حوارًا مع مراسلة صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، ديفين مينوي، التي سردت مقتطفات من حياتها في ظل نظام آيات الله الإيراني، قبل أشهر قليلة من نهاية ولاية الرئيس حسن روحاني، وفترة حكمه «الإصلاحية».

وأشارت إلى أن إيران لا تخلو كأي دولة أخرى من الممارسات الطائفية، بل على العكس؛ فهي متفشية بين حدودها، وفي هذا السياق؛ قالت مينوي، التي عاشت لأكثر من عقد من الزمن في إيران، إن «اليهودي يكتسب أهمية أكبر من السني الذي يعيش في إيران، وانتسابك لليهود يمنحك امتيازات تفوق ما لدى السنة في هذا البلد».

وبينت الصحيفة في حديثها عن الرؤساء الذين تعاقبوا على إيران؛ قالت مينوي إنه «بعد الانفتاح الذي عاشته إيران خلال فترة حكم خاتمي؛ حكم البلاد محمود أحمدي نجاد، حيث وضع حدا لهذا الوضع، الذي لم يؤدّ إلى أي نفع على الفئة الفقيرة في إيران، إضافة إلى ذلك؛ ساهم نجاد في إسقاط البلاد في نوع من تراجع للهوية، ما أدى إلى سحق آمال التغيير في البلاد».

وفي الحديث عن فترة حكم حسن روحاني؛ قالت الصحفية إن «روحاني خفف من قمعه في السنوات الأخيرة؛ ربما خوفًا من الربيع العربي، وبسبب الوضع في سوريا واليمن، إضافة إلى المفاوضات التي قادها بشأن الاتفاق النووي الإيراني».

وعلقت الكاتبة على الانتخابات المقبلة في إيران قائلة: «ينتظر الرئيس الإيراني المقبل العديد من التحديات، خصوصا مع وصول ترامب إلى الحكم في أمريكا، وهو الذي أدان التقارب بين واشنطن وطهران. وعموما، فإن هذه التقلبات والمد والجزر في ميزان إيران العالمي؛ ستضيف المزيد من التوتر في منطقة الشرق الأوسط».

التنازل عن الحقوق

وعند سؤالها عن كيفية تمكنها من الاندماج في المجتمع الإيراني؛ قالت مينوي إن «هناك طريقتين للعيش في إيران؛ إما الانعزال عن المجتمع داخل مجموعة من المغتربين، أو الانغماس الكلي والعيش مثل الإيرانيين. وقد اخترت الحل الأخير، الذي يتطلب الكثير من التضحيات والمقاومة»، أضافت أن «الخوف أمر اعتيادي في إيران، كما أنه ليس أمامك خيار سوى التنازل عن حقوقك كامرأة؛ لتتمكني من العيش في هذا البلد».

وحول نمط عيش الإيرانيين؛ كشفت مينوي أنها «صدمت عند اكتشافها لحقيقة عيش الإيرانيين، فالكثير منهم يعيش في عالمين متوازيين، كما أن كل إيراني يرتدي قناعا مختلفا يعيش به؛ بحسب الظرف والمكان الذي يتواجد فيه»، وبينت أن «الحياة في هذا البلد تعاني من الانفصام، فهناك ثقافة الداخل، وثقافة الخارج، وفي هذا الإطار، تنتهك المرأة في الداخل القوانين، التي تمنعها من استعمال مستحضرات التجميل، أو ارتداء الملابس الخليعة، أو مشاهدة القنوات الأجنبية».

أضافت مينوي أنه «في الداخل؛ يمكن للنساء تنزيل أفلام هوليود المحظورة، أو طلب المشروبات الكحولية، شرط وضعها في زجاجات بلاستيكية مخبأة داخل أكياس القمامة، أما في الخارج، فيجب على الكثير من الرجال والنساء التصرف على عكس ثقافة الداخل».

وحول الأقليات الدينية المضطهدة في إيران؛ قالت إن «حقوق الإنسان بعيدة المنال في إيران، كما أن الأقليات الدينية تعاني من القمع، على الرغم من وجود مساحة من الحرية عبر تمثيل بعض الأديان في البرلمان، ففي فترة ما اعترفت إيران بالأقليات اليهودية والمسيحية».

السنة في إيران

ينتشر أهل السنة بمذاهبهم المختلفة في المناطق الحدودية الإيرانية، خصوصا في عرقيات الأكراد (شافعية) والبلوش والتركمان (أحناف)، أما العرق العربي في إيران ينتشر في منطقة خوزستان (الأحواز)، وأغلب الأحوازيين شيعة وليسوا سنة كما هو مشهور.

بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران، نص الدستور رسميًا على أن المذهب الشيعي هو المذهب الرسمي للدولة، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الدستور الإيراني نص صراحة على اعترافه بالمذاهب السنية الأربعة، بجانب المذهب الزيدي، واعتبرهم رسميًا مصدرًا للتشريع والتقاضي في المناطق ذات الأغلبية السنية.

أدى هذا إلى أن قوانين الأحوال المدنية بفروعها المختلفة في المناطق السنية، ترجع لمذاهب غالبية السكان في أي منطقة، ومجالسها المحلية، ففي بلوشستان وسيستان، يعتبر المذهب الحنفي هو مصدر التشريع في الزواج والطلاق والميراث وغير ذلك، وفي شمال إيران، يأخذ المذهب الشافعي نفس المكانة، كما يمثل أهل السنة في البرلمان الإيراني 15 عضوًا تقريبًا، ولا يعتبر الدستور الإيراني أهل السنة أقلية دينية، فيحق لهم الترشح في البرلمان دون كوتة محددة.

أحمد سامي – التقرير