كيف سيبدو مستقبل الاقتصادات الناشئة في 2017 ؟

كيف سيبدو مستقبل الاقتصادات الناشئة في 2017 ؟

 

جاءت التوقعات حول حالة الاقتصاد العالمي للعام الحالي مخيبة للآمال من قبل العديد من المؤسسات الدولية، التي أشارت الى تراجعا في معدلات النمو الاقتصادي بسبب بطء النمو في اقتصاد البلدان المتقدمة وضعف التجارة العالمية وتقلص تدفقات رأس المال وتذبذب اسعار النفط.

اما التوقعات حول مستقبل الاقتصاد العالمي للعام 2017 فقد تناولناها في مقالنا السابق، وفي هذا المقال سنحاول ان نعرض موضوع على قدر من الاهمية ، يحمل في طياته اهمية كبرى في دعم وتحديد مسار الاقتصاد العالمي، ولذلك سنقدم اهم التحليلات حول الأسواق الناشئة وافاقها خلال العام المقبل، حيث تعتبر الاقتصادات الناشئة أحد اهم عوامل دفع الاقتصاد العالمي، وعامل رئيسي في توازنه، و تسهم هذه الاقتصادات بأكثر من ثلثي النمو العالمي، وتتضمن الاقتصادات الناشئة دولاً ضخمة واخرى صغيرة، وهذه الاقتصادات اكتسبت تسميتها من كونها تقوم على برامج تطويرية فالنشوء مقترن بالسياسات العامة واستراتيجية شاملة للتطور.

وشهد العالم تحولات كبيرة في عام 2016 ، فالولايات المتحدة سوف تعمل على توسيع سياسات التحفيز المالي الذي تناوله الرئيس الجديد دونالد ترامب في خطاباته ، ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة على الأموال الاتحادية بربع نقطة مئوية، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى سوف يساهم في تسارع النمو الاقتصادي في البلاد، وارتفاع قيمة الدولار، وهو ما قد يخلق بدوره مشاكل واسعة النطاق في الأسواق الناشئة.

وفي هذا السياق حذر “التقرير العالمي للأجور” الصادر عن منظمة العمل الدولية من تنامي المخاوف إزاء أثر تدني معدل الزيادة في الأجور على الاقتصادات الناشئة في العالم حيث وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات.

وبحسب التقارير تعد تكلفة الديون العالمية المقومة بالدولار، من اكبر السلبيات التي تلقتها دول العالم مع قرار رفع الفائدة الأمريكية، مع صعود الدولار إلى مستويات مرتفعة.

جاءت توقعات رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد  حول النمو الاقتصادي العالمي في عام 2016 مخيبة للآمال، وقد اكد الصندوق بأن الأسواق الناشئة أيضاً لن تتجاوز نموّاً اقتصاديّاً كبيراً أو مفاجئاً على مستوى الديون العالمية، وذلك لعدم وجود برامج إعادة الهيكلة. ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، فقد وصلت مستويات الدَّين إلى أعلى مستوى لها منذ العام 2000، متجاوزة حاجز 225 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. نظرا لما وصفته لاغارد بأن القطاع المالي ما يزال يعاني من مواطن ضعف في العديد من البلدان والمخاطر المالية تتزايد في الأسواق الناشئة.

في حين جاءت توقعات البنك الدولي أن يسجل معدل النمو في الصين 6.7 في المائة عام 2016 مقابل 6.9 في المائة العام الماضي، وأن يستقر التوسع الاقتصادي القوي في الهند عند 7.6 في المائة، وأن تشهد البرازيل وروسيا ركودا أعمق من المتوقع في يناير الماضي، كما توقع أن تحقق جنوب أفريقيا معدل نمو بنسبة 0.6 في المائة عام 2016، فيما يمثل نموا أبطأ من توقعات يناير الماضي بنسبة 0.8 نقطة مئوية.

وقال التقرير الذي أعدته ” مجموعة يوروآسيا ” لصالح المنتدى الاستراتيجي العربي ، أن الأسواق الناشئة قد تكون عرضة لخطر التأثر الكبير بضعف الأسواق الأوروبية وقد تتأثر الاستثمارات أو الأصول الشرق أوسطية في أوروبا والمعرضة للتقلبات في الاقتصاد الأوروبي بالتوترات الاقتصادية فيها وفي ذات الوقت قد تصطدم محاولات دول المنطقة لاستقطاب تمويل خارجي بعدم قابلية المستثمرين بالمخاطرة وهو الأمر الذي عززته حالة التوتر الاقتصادي في أوروبا.

اما  بنك «QNB» فيؤكد : «إن العام 2016 شهد وضعاً اتسم بانخفاضات متعددة في أسعار النفط وعائدات السندات العالمية، بالإضافة إلى المفاجآت السياسية، متوقعاً حصول تغيرات واسعة لهذه المظاهر خلال العام الجديد.

وأشار التقرير الصادر عن مجموعة بنك قطر الوطني، أنه بشكل عام، من المفترض أن تستفيد الأسواق الناشئة من ارتفاع أسعار النفط، بينما سيشكل ذلك عبئا على النمو في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، بوصفهما مستوردان رئيسان للنفط.

اما معهد التمويل الدولي فقد توقع إن ستشهد الأسواق الناشئة نزوح رؤوس الأموال في 2017 للعام الرابع على التوالي لكن التدفقات الخارجة المتوقعة عند 206 مليارات دولار ستقل عن التقديرات التي تصل إلى 373 مليار دولار المتوقعة للعام الحالي.

وتوقع المعهد أن ترتفع التدفقات الخاصة لغير المقيمين إلى الأسواق الناشئة في 2017 لتصل إلى 769 مليار دولار وذلك من 640 مليار دولار هذا العام مع تحسن التدفقات إلى البنوك والأسهم والسندات.

وأخيرا، ينبغي لأي توقعات حول الاقتصاد الدولي لعام 2017 أن تضع في الحسبان الصين، القوة المحركة في الأسواق الناشئةبالاضافة الى عدد من الاقتصادات الآسيوية الناشئة.. ووفقاً لمذكرة بحثية صادرة عن غولدمان ساكس، تقارن بين توقعات إجماع 2016 والأداء الاقتصادي الفعلي، ويرى خبراء  أن بعض الاقتصادات الناشئة حققت أفضل عائدات على الاستثمار هذا العام ،وقد تجاوزت الصين التوقعات ولو بشكل متواضع، وعلى الرغم ان الاسواق الناشئة ليست غارقة في الديون الا انها تعاني من هروب ونزوح رؤوس الاموال لذلك يقع على عاتق الاقتصادات الكبرى  تقديم الدعم اللازم للاقتصادات الناشئة وتحفيزها لتجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها والتي تهدد مستقبلها، وإزاء ذلك لابد من اعتماد الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو، وعلى صناع القرار الحفاظ على السياسة النقدية واستخدام السياسة المالية، بهدف جذب الاستثمارات واعادة الاستثمارات النازحة، للتمكن هذه الاقتصادات من تجاوز عقبات تباطؤها مستقبلا والذي ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي .

عامر العمران

مركز الروابط للابحاث والدراسات الاستراتيجية