الصين من دولة كبرى إلى دولة عظمى

الصين من دولة كبرى إلى دولة عظمى

أكد البروفيسور جانغ يون لينغ، عضو اللجنة العلمية ورئيس قسم الدراسات الدولية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن الصين تشهد في الوقت الحالي انتقالا تدريجيا من صفوف الدول الكبرى إلى صفوف الدول العظمى.

وقال في الكتاب، الذي حرره وشارك فيه 17 باحثا من نخبة المتخصصين الصينيين البارزين في الشأن الدبلوماسي والعلاقات الخارجية، وحمل عنوان “الحزام والطريق.. تحولات الدبلوماسية الصينية في القرن الـ21″، الصادر عن دار صفصافة، ترجمة آية محمد الغازي، ومراجعة د.حسانين فهمي حسين، “إذا نظرنا إلى مراحل تحقيق هذا التحول، نجد أنها تنقسم إلى ثلاث مراحل: التعايش السلمي والتكافل السلمي والتكافل المتناغم”.

ووفق تقسيم يون لينغ، تنتقل النظرية الدبلوماسية الصينية، في الوقت الحالي، من المرحلة الأولى وهي تحقيق التعايش السلمي إلى مرحلة التكافل السلمي.

والصين الآن بصدد وضع نظرية للتكافل السلمي عن طريق تحقيق النمو الداخلي ودفع التفاعل مع الخارج وبناء مفهوم التكافل وغيرها من الوسائل.

أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة طويلة المدى، وتتمثل مهمتها في تعزيز نظرية التكافل المتناغم، ما يسهم في الارتقاء بالعلاقات العالمية.

لكن، وعلى مدار العقود القادمة، ستكون الصين أثناء تطوير نظرياتها بحاجة إلى إفراد نظرية دبلوماسية خاصة تسعى إلى تحويل الصين إلى دولة عظمى، وذلك في ظل الإطار العام للمنظومة النظرية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية. ومن أجل تجاوز المسار الفكري التقليدي وتعزيز وعي الصين وثقتها بنظرياتها، ستحتاج بيكين إلى روح ابتكارية رائدة، تكون قادرة على التفكير في أبعاد واتجاهات مختلفة، وتلعب دورا في بناء ونشر وتوجيه النظريات الجديدة،.

إلى جانب دراسة يون لينغ، تضمن الكتاب دراسات وتحليلات لباحثين آخرين ناقشوا بيعة العلاقات الصينية الأوروبية والأميركية واليابانية والهندية والشرق أوسطية.

فألقى شي ين خونغ الضوء على تأثير التوجه اليميني الياباني على العلاقات بين البلدين. ورأى أن اليابان تحتل مكانة مهمة داخل الدبلوماسية الصينية على الرغم من التناقضات والاحتكاكات المستمرة بين البلدين.

وعالج الباحث سوي شين مين القضية الحدودية بين الصين والهند من زاوية رؤية جديدة تماما وهي نظرية الألعاب. وحاول توضيح طبيعة التفاعل بين الصين والهند في نزاعهما الحدودي.

وحول المصالح الصينية في الشرق الأوسط ألقى نيو شين تشون الضوء على أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة إلى الصين؛ حيث يمس الشرق الأوسط بعض المصالح الجوهرية الصينية.

وعالج الباحث تغير الاستراتيجية الصينية في المنطقة نظرا لتغير أهداف السياسة الصينية على مدار التاريخ. كما أشار إلى ضرورة وضع الصين أطرا استراتيجية شاملة ومتوازنة في المنطقة تأخذ في عين الاعتبار مصالح الصين وأهداف سياساتها، وقوة تأثير قواها الناعمة.

وفي دراسته “التحديات الأمنية والخيارات الصينية” رأى ليو خاي تشوان أن الطرح الاستراتيجي لبناء “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير” و”طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين” “المعروفين باسم الحزام والطريق” يمثل أهمية كبيرة لرفع مستوى الاقتصاد الصيني المنفتح، حيث أنه يعبر منطقة جنوب شرق آسيا، ومنطقة جنوب آسيا والخليج العربي وخليج البحر الأحمر والضفة الغربية من المحيط الهندي، ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: خط جنوبي شرق آسيا، وخط جنوبي آسيا والخليج العربي، وخط خليج البحر الأحمر والضفة الغربية من المحيط الهندي.

وحول استعادة الصين رؤيتها الإقليمية رأي الباحث جانغ يون لينغ أن الصين استطاعت على مدار تاريخها الطويل تأسيس علاقات مستقرة مع الدول المجاورة لها، ولكن انهارت هذه العلاقات التقليدية وأنظمتها مع التدهور الذي شهدته الصين في العصر الحديث.

ثم استعادت الصين هذه العلاقات بصورة تدريجية مع تأسيس جمهورية الصين الشعبية. ولكن نظرا لما تعرضت له الصين من قيود مختلفة لفترات طويلة؛ ظلت عاجزة عن وضع مفهوم إقليمي يقوم على أساس العلاقات مع دول الجوار.

ولكن بعد انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، اتخذت الصين إجراءات جديدة لتطبيع العلاقات مع الدول المجاورة بشكل تدريجي، كما أسست علاقات اقتصادية وثيقة معها، واستغلت قوتها المتنامية وتأثيرها المتزايد لدفع العلاقات الإقليمية إلى التطور نحو الاتجاه السليم، وقامت بتعديل الأنظمة القديمة وبناء أنظمة جديدة لتحقيق الأمن والتنمية المحلية.

صحيفة العرب اللندنية