كيف يرد أهل السنة والجماعة على إتهامهم بالشرك من قبل السلفيين الشفاعة وزيارة القبور بين السلفيين والوهابيين وبين أهل السنة والجماعة

كيف يرد أهل السنة والجماعة على إتهامهم بالشرك من قبل السلفيين الشفاعة وزيارة القبور بين السلفيين والوهابيين وبين أهل السنة والجماعة

 

هذا الموضوع هو مقتطفات من فصل نشره أحد أساطين السلفيين هو عبدالرحمن البكري في كتابه” داعش ومستقبل العالم” ص282-ص289″ حيث اكتشف بطلان العقائد السلفية “فكر داعش والقاعدة” فتخلى عن هذه العقائد واعتنق عقيدة أهل السنة والجماعة ودافع عن عقائد السنة ورد تهمة إتهام السُنة بالشرك من قبل السلفيين الوهابيين بردود قوية ومقنعة من كتاب الله وسنة الرسول وعقيدة السلف الصالح من صحابة رسول الله “ص” وأصحاب المذاهب السُنية الأربعة كما في أدناه.

قال رسول الله (ص): (إذا كفّر المسلم أخاه المسلم فقد كفر أحدهما). إن اتهام الوهابيين لأهل السنّة والجماعة بالكفر والضلال والشرك بسبب إيمانهم بالشفاعة في الحياة الدنيا وزيارتهم لقبر الرسول (ص) وقبور الأولياء وإيمانهم بتنزيه الله عن مشابهة خلقه ونفي الصفات البشرية عنه كاليد والرجل والأصابع هو دليل على كفر أحدهما، إما الوهابيين وإما أهل السنّة والجماعة، فما هي أدلة كل فريق على صواب رأيه وصحة اعتقاده؟

أ، أدلة الوهابيين:

أما أدلة الوهابيين فلا تستند إلا إلى تفاسير وتأويل الآيات المتشابهة كقوله تعالى: {لله الشفاعة جميعاً} (سورة الزمر، آية 44)، حيث يستندون إلى هذه الآية لإثبات ما يلي:

1 ـ إن لله الشفاعة وحده في الحياة الدنيا ولا يستطيع أن يشفع أحد لأحد في الحياة الدنيا بل فقط في الآخرة، ففي الرسالة الثانية من (رسائل الهدية السنية) لحفيد ابن عبد الوهاب (لا يقال يا رسول الله أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها، فإذا طلبت ذلك أيام البرزخ كان من أقسام الشرك)(1).

2 ـ إن كل من يعتقد أن النبي (ص) أو غيره من الأولياء والأنبياء يتشفعون للمؤمنين في حياتهم أو مماتهم فإن هذه العقيدة هي الشرك بذاته. ففي الرسالة الأولى من رسائل الهدية السنية لحفيد ابن عبد الوهاب (الالتجاء إلى غير الله مقبلاً على شفاعته طالباً لها من النبي (ص) أو غيره فهذا بعينه فعل المشركين واعتقادهم).

3 ـ دماء هؤلاء المسلمين الذين يؤمنون بالشفاعة (المشركين بحسب قول الوهابيين) مستباحة يجب قتلهم، وأموالهم مستحلة يجب نهبها، وذراريهم رقيق يجب سبيهم واستعبادهم، فقد قال الصنعاني في تطهير الاعتقاد (ومن فعل ذلك، أي طلب الشفاعة لمخلوق، فهذا شرك في العبادة وصار الفاعل عأبداً لذلك المخلوق وإن أقر بالله وعبده فإنه إقرار المشركين بالله وتقربهم إليه أي إلى الله لم يخرجه عن الشرك وعن وجوب سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونهب أموالهم)(2).

4 ـ إن شرك المسلمين المعاصرين المسلمين هو أعظم من شرك المشركين في عصر الرسول (ص)، فقد قال ابن عبد الوهاب في كشف الشبهات (إن شرك الأولين أخف من شرك أهل زماننا بأمرين:

(أحدهما) إن الأولين لا يشركون إلا في الرخاء وإما في الشدة فيخلصون؛ (والثاني) إن الأولين يدعون مع الله أحجاراً وأشجاراً مطيعة وليست عاصية وأهل زماننا يدعون مع الله أناساً من أفسق الناس)(3).

5 ـ إنهم لا يكتفون بقول إن الرسول (ص) لا يشفع بل في كلامهم نوع من الإهانة للرسول (ص) حيث ورد في خلاصة الكلام (كان محمد بن عبد الوهاب يقول عن النبي (ص) إنه طارش وإن بعض أتباعه كان يقول عصاي هذه خير من محمد لأنه ينتفع بها في قتل الحية ونحوها ومحمد قد مات ولم يبق فيه نفع وإنما هو طارش ومضى وكان يقال ذلك بحضرته أو يبلغه فلا يرفض)(4).

6 ـ ويقول محمد بن عبد الوهاب بِشأن القبة على قبر رسول الله (ص): (وإن ما عليه أهل القباب هو الشرك)(5).

ب، أدلة أهل السنّة والجماعة بل المسلمين جميعاً بشرعية الشفاعة:

يعتقد المسلمون بأن الشفاعة لله جميعاً، ولا يشفع أحد عند الله إلا بإذنه لقوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}، ويعتقد المسلمون أن الرسول (ص) يشفع للمؤمنين في حياته ومماته، وهذه العقيدة لا يدعيها المسلمون انطلاقاً مما تشتهيه أنفسهم وإنما هم تابعون لما أمرهم به الله ورسوله (ص) ، لقوله تعالى في كتابه الكريم:

{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} (سورة النساء، الآية 64) وقوله تعالى: {قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم} (سورة يوسف، الآية 97)، حيث يؤمن المسلمون بأن الرسول (ص) يشفع لأمته في حياة البرزخ بعد وفاته وذلك استناداً إلى (أ) كتاب الله  و (ب) سنّة رسوله(ص)  و (ج) موقف السلف الصالح  و (د) إجماع المسلمين.

(أ) القرآن الكريم:

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} (سورة المائدة، الآية 35) فالله سبحانه وتعالى يأمر بابتغاء الوسيلة إليه لبلوغ مغفرته ونيل ثوابه، والوسيلة بالنسبة للمؤمنين هم الأنبياء الذين يتوسل بهم العباد (وذلك ما أجمع عليه المفسرون) ليشفعوا لهم عند الله لنيل مغفرته ورضوانه. {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً} (سورة النساء، 64) فاستغفار الرسول هنا للمسلمين في حياته كاستغفاره لهم بعد وفاته فالرسول (ص) غير ميت بل حي عند ربه يرزق لقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم} (سورة آل عمران، الآية 169) والرسول (ص) كما لا يخفى أعظم منزلة من الشهداء بل هو سيد الشهداء بل سيد الخلق أجمعين وقد ورد في كتاب وفاء الوفا عن ابن عدي في كامله عن ثابت عن أنس عن الرسول (ص): (الأنبياء أحياء في قبورهم)، (للمزيد راجع الهامش 6)

(ب) الحديث النبوي الشريف:

هناك العشرات من الأحاديث المتواترة والمتضافرة بالأسانيد الصحيحة وفي كتب الصحاح التي تؤكد أن النبي (ص) يشفع لأمته حين وفاته. وأدناه غيض من فيض من الأحاديث الواردة في الصحاح والتي تثبت شفاعة الرسول (ص) لأمته في حياة البرزخ:

أ ـ فقد روى البناء واسماعيل القاضي بسند صحيح عن أبي هريرة عنه (ص): (من صلى عليَّ عند قبري وكل الله بها ملكاً يبلغني وكفي له أمر آخرته ودنياه وكنت له شهيداً وشفيعاً).

ج ـ أخرج النسائي والترمذي وابن ماجة عن عثمان بن حنيف أن الرسول (ص) علّم بعض أصحابه أن يدعو فيقول (اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي فشفعه فيَّ)، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

د ـ أخرج البزار ورجاله رجال الصحيح قال رسول الله (ص): (حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم). وأخرجه ابن سعد في طبقاته وآخرون وصححه السيوطي.

إن الذي يقرأ هذه الأحاديث المروية عن الرسول في كتب الصحاح لا يبقى لديه شك في أن أول من عرّف الناس بشفاعة الرسول(ص) ) في حياته وبعد مماته وعرّف الناس بما يحتمل التأويل من آيات القرآن الحكيم هو الرسول الأعظم (ص) فلا يبقى شك بعد ذلك لقائل يقول إن طلب الشفاعة والتوسل بالرسول (ص) هي بدعة ابتدعها المسلمون، أو المشركون بحسب ادعاء الوهابية، قبل دعوة الوهابية بأكثر من ألف عام، فهل يمكننا تأويل حديث الرسول (ص) في قوله (وفاتي خير لكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم)، ولو كانت هذه الشفاعة في الآخرة كما يقولون لما قال (ص): (وفاتي خير لكم)، كما أنه في الآخرة لا تعرض الأعمال وحدها بل يعرض الناس للحساب مع أعمالهم.

(ج) موقف السلف الصالح من الصحابة الأوائل والأئمة الأربعة:

من المعلوم أن موقف الإسلام من طلب الشفاعة من الرسول (ص) بعد وفاته لا يمكن تطبيقه بشكل عملي إلا بعد وفاة الرسول (ص)، وبذلك فإن أكثر الناس معرفة بموقف الإسلام من هذا الأمر هم أصحابه الذين عاصروه وسمعوا منه وفهموا القرآن من الرسول (ص) ، وبذلك فإن موقفهم من الرسول (ص) بعد وفاته ومن طلب الشفاعة منه هو الحجة علينا لأن فعلهم نابع من معرفتهم بهذا الأمر من الرسول (ص) مباشرة، ولو رجعنا لوجدنا أن أول من طلب الشفاعة من الرسول (ص) هو أبا بكر الصديق (رض). فقد أخرج صاحب السيرة الحلبية في سيرته أنه لما توفي الرسول (ص) أقبل أبو بكر (رض) فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبّله وقال: (بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك)روى الطبراني في الكبير والترمذي وآخرون عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان (رض) في حاجة له وكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي ابن حنيف فشكى إليه، فقال له ابن حنيف إئت المسجد فصلِّ ركعتين ثم قل: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن تقضي حاجتي) وتذكر حاجتك وانطلق الرجل فصنع ما قال ثم أتى باب عثمان فأدخل عليه فأجلسه وقضاها له.

(د) إجماع المسلمين:

أجمع المسلمون منذ وفاة الرسول (ص) إلى يومنا هذا على جواز التشفّع بالرسول والتوسّل به، وتوجد في كتب الزيارة للمذاهب الأربعة إجماعاً على طلب الشفاعة من الرسول (ص) عند زيارة مشهده.

أ ـ في شرح المواهب للزرقاني إن الداعي إذا قال: (اللهم إني أستشفع إليك بنبيك، يا نبي الرحمة إشفع لي عند ربك) استجيب له.

ب ـ في وفاء الوفا قال عياض قال مالك في رواية ابن وهب إذا سلم على النبي (ص) ودعا بعده ووجهه إلى القبر الشريف لا إلى القبلة. ومناظرة مالك مع المنصور واضحة.

ج ــ قول الفريقين وأدلتهما على زيارة قبر الرسول (ص) وقبور الصالحين:

بالنسبة إلى زيارة قبر الرسول (ص) فإننا نجد في حقيقة الأمر أن مقولات الوهابيين تتراوح بين تحريم زيارة قبر الرسول الأعظم (ص) فضلاً عن قبور الصالحين، أو جواز الزيارة ولكن تحريم تعظيم الرسول أو مناجاته، بالإضافة إلى تحريم شد الرحال لزيارة قبر الرسول العظيم (ص) وتحريم زيارة النساء لقبور الأنبياء والصالحين.

(1) حرمة زيارة قبر الرسول (ص):

حيث يذكر القسطلاني في (إرشاد الساري) وابن حجر الهيتمي في (الجوهر المنظم) عن ابن تيمية واضع اللبنة الأولى لأفكار الوهابية بالنص (وقد منع ابن تيمية عن زيارة قبر النبي (ص) وحرمها مطلقاً فضلاً عن زيارة غيره).

(2) تشبيه قبر الرسول بالوثن:

أما ابن عبد الوهاب فلم يحرم زيارة قبر الرسول الأعظم (ص) بهذا الشكل ولكنه يحرم تعظيم قبر الرسول (ص)، ويشبه قبر الرسول (ص) بالوثن، حيث يقول بالنص (وواحد يعبد الأوثان كما في حديث الترمذي حيث يعظم قبر النبي ويقف عنده كما في الصلاة واضعاً يده اليمنى على اليد اليسرى ويقول: يا رسول الله أسألك الشفاعة، يا رسول الله أدع الله في قضاء حاجتي، ويناديه ويعتقد نداءه سبباً لحصول مراده ويعظم آثاره ومشاهده ومجالسه وداره حتى اتخذوا الآثار مسجداً، وكل ذلك من الأوثان، من نبي كان أو ولي من اللات أو العزى من المسيح أو العزير فإن الصنم في الشرع هو المصور والوثن غير المصور).

ملحوظة: يمكن الإطلاع على الموضوع كاملاً مع الهوامش على الرابط الآتي:

https://mohammedallawi.com/2011/02/05/

كما يمكن الاطلاع على الكتاب كاملاً على الرابط الآتي:

https://bakribook.files.wordpress.com/2014/11/daesh-book1.pdf

محمد علاوي

مركزالروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية