نحو إحكام السيطرة على المناطق المحررة في محافظة نينوى

نحو إحكام السيطرة على المناطق المحررة في محافظة نينوى

في فجر السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي أعلن حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي عن بدء العمليات العسكرية لمعركة تحرير  الموصل من قبضة تنظيم داعش، وقد تمكنت القوات العراقية بالتعاون مع قوات التحالف الدولي من تحقيق انتصارات عسكرية على الأرض تمثلت بتحرير العديد من قرى محافظة نينوى وأحياء تابعة لمدينة الموصل. وعلى الرغم من أهمية هذا التحرير  الأ أن هناك تحديات جدية تواجه هذا التحرير فالهدف من العمليات العسكرية ليس فقط دحر تنظيم داعش وإنما استعادة المحافظة بكاملها وعدم السماح فقدان السيطرة عليها مجدداً لأن ذلك يمثل انتكاسة لتلك الجهود العسكرية ويشكل ضربة قاصمة لأي مصالحة وطنية حقيقية، ولأجل الحفاظ على القرى والأحياء التي تم استعادتها من تنظيم داعش الإرهابي لابد من الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاجراءات الكفيلة في الحفاظ على ذلك النصر العسكري وتعزيزه نحو انتصار سياسي واجتماعي واقتصادي واجتماعي في العراق، ومن هذه الإجراءات:

أولاً: تُقسم محافظة نينوى إلى أربع دوائر إدارية وأن توضع لكل دائرة خطة عمل استخبارية. من خلالها يمكن السيطرة على المناطق المحررة فالتحدي لايزال مستمر بعد تحرير تلك القرى والأحياء. فما تحقق من قبل القوات العسكرية والأمنية  على محافظ نينوى يعد إنجازاً كبيراً لذلك لابد أن تكون الرؤية الاستخبارية واضحة ورصينة ومحددة. وهنا لابد من الاعتماد على المواطن العراقي باعتباره أكبر قوة ماسكة للأرض.

ثانياً: تسيطر القوات المسلحة العراقية على البؤر الخطيرة في المناطق المحررة، وتسيطر الأجهزة الأمنية على المناطق العادية وعند حدوث أي خرق في تلك المناطق يتم الاستعانة بالقوات المسلحة لمعالجته فوراً. وهنا يتطلب الحذر من أن بقايا داعش ستعود بقيادات جديدة.

ثالثاً: التعامل بشكل ايجابي مع التوجه الجديد للمنظومة الدينية السنية بالوقوق إلى جانب الدولة العراقية، وهذا يتطلب الانفتاح عليها لأن هذه التوجه ليس مجرد مناورة أو توجه شكلي.

رابعاً: بعد السيطرة العسكرية بشكل كامل على القرى والأحياء المحررة، يجب أن تكون القوات المسلحة في مناطق محددة والجهد الأكبر سيكون للعمليات العسكرية لأن من غير الممكن الإبقاء على قوة عسكرية وبإعداد كبيرة داخل المدن.

خامساً: يعد انتشار الأجهزة الأستخبارية في المدن أمر مهم إن كان مصحوباً بفعالية لأن هذا الانتشار الفعال يعطي تلك الأجهزة القدرة على استهداف الإرهابيين قبل استهدافه للقوات الاستخبارية. فالارهاب له عقيدة فكرية، وهذا الارهاب سيستمر لسنوات ويعتمد على أيضاً على الوضع في سورية.

سادساً: يعد وجود الأفراد من الحشد المحلي الذين قاتلوا إلى جانب القوات العراقية العسكرية والأمنية وأصبحوا على نقيض من تنظيم داعش مع أهالي المنطقة ضروري ضمن الجهد الاستخباري الوطني.

سابعاً: فبحسب معلومات حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية تفيد  أن تنظيم داعش سوف يحاول عناصره تحت الأرض فالمرحلة القادمة تكون أصعب والطريقة الوحيدة هي اختراق العدو في حواضنه وهذه مهمة الأجهزة الاستخبارية لأن حدوث أي عملية ارهابية قد تضيع كل الجهود لأنها تمس نفسيات المواطنين جميعاً.

ثامناً: معركة العراق من الإرهاب قد تمتد لعدة سنوات إذ قد يظهر جيل آخر من الإرهاب، ولمواجهته يتطلب الإعداد والتهيىء لخلق تعاون للمجتمع مع القوات المسلحة والأجهزة الاستخبارية، فالإرهاب لا يقدر على الشعب العراقي إذا كان شعباً متماسكاً والعكس صحيح.

تاسعاً:  ولكسب المعركة ضد الإرهاب في المعركة، يجب أن يكون هدف القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية في محافظة نينوى هو كسب المواطنين العراقيين، وهذ ما يؤكد عليه حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، لأن الأمر التي تفرض بالقوة لا تستمر، قد تستمر القوة لمرحلة وتجعل الآخر بموضع الدفاع وربما الانسحاب لكنه سيعود بعد فترة ضد القوات العراقية والأجهزة الأمنية، الأصل هو كسب المواطن وإشعاره أنه جزء من منظومة العراقية الوطنية. فالمعركة مع الإرهاب استخبارية، وإلا ماذا تفعل القوات المسلحة أمام سيارة مفخخة؟، يجب أن تكون خطة الحكومة العراقية الاستخبارية والأصل كسب مواطنين متميزين يكونوا قادة.

عاشراً: التركيز على أهمية الأمن لدى المواطنين والاستفادة من التجارب السابقة في التدقيق الأمني، وعلى الأجهزة الأمنية إنشاء خلايا للسلامة الوطنية كي تبعد عمل اللجنة الاستخبارية عن عمل اللجان بالمحافظات حتى لا يحصل تداخل بعد عودة عمل مجاس المحافظات، مما أن عمق الخلايا الاستخبارية وارتباطها يجب أن يكون ضمن قيادة العمليات بالمحافظة. وهنا لابد من التركيز على المواطن الصالح” المخلص، الصادق، المؤثر اجتماعيا” الذي يستطيع أن يميز بين الصواب والخطأ، والحذر كل الحذر من الاعتماد على “مواطنين” غير صالحين متملقين فإن في ذلك إضاعة للجهود العسكرية والأمنية للحكومة العراقية

حادي عشر: تعتبر مسألة غلق الحدود مهمة، ولو بشكل مؤقت لأن بقاؤها مفتوحة سيمنح داعش حرية التواصل مع عمقها في سورية. وخلاياها النائمة في مناطق أخرى من العالم.

ثاني عشر: يجب أن تأخذ الحكومة العراقية وقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية مسألة الثأر العشائري بالحسبان لكي لا تربك العمليات العسكرية والأمنية ضد تنظيم داعش. لذلك يجب استثمار المحكمة المركزية لأن لها ولاية قضائية على كل العراق بسبب وجود تأثيرات عشائرية على القضاة وحتى على المحققين، ويحتاج العراق أيضاً إلى تطوير قابليات ضباط التحقيق.

تعد هذه الإجراءات في غاية الأهمية للحفاظ على المكتسبات العسكرية والأمنية التي تحققت في عهد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، فالعراق في عهده أفضل من حيث التجاذب الطائفي والقومي، إذا ما قورن مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، إذ عهده اتسم بالتمييز الطائفي والقومي، فالاجراءات المشار إليها آنفاًُ قد ىكون وسيلة للحفاظ على ما تحقق وهذا يسعى لتثبيته حيدر العبادي للخروج بالعراق من من نفقه المُظلم.

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية