الدول المانحة.. وادراة الازمات العالمية

الدول المانحة.. وادراة الازمات العالمية

الدول-المانحة-وادارة-الازمات

يعرف المتخصصون المنح بانها:” مساعدات نقدية أو عينية أو فنية تقدَّم إلى المستفيد من دون ترتيب فائدة مستحقة عليه، ولا تتأثر بفروق تقييم العملة، وتوفر مكوناً من النقد الأجنبي للوزارات والجهات المعنية”.
ونشأت فكرة المساعدات والمنح بين الدول منذ اقدم العصور اذ كانت تحكمها المصالح والمنافع المتبادلة، وأحياناً الأطماع الاستعمارية، و في أربعينيات القرن الماضي اذ توجه العالم نحو الاهتمام بالصناعة المعونات والمنح الأجنبية والتعاون الدولي، طرأت تغييرات كثيرة على فلسفة المعونات في فترة الحرب الباردة 1945- 1989 .
وفي عقد الثمانينيات والتسعينيات، انتقل التركيز على بناء المؤسسات والإصلاح القانوني ، وذلك بتحديد مسارين: الأول بإصلاح السياسات، والاخر الاعتناء بالمجتمعات المحلية أو القاعدة البشرية الأساسية حيث يجري التركيز على بناء رأس المال الاجتماعي.
وتعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 نقطة تحول في السياسات التي تحكم تقديم المساعدات إلى دول العلم الثالث. اذ تمحورت المفاهيم حول الأمن الدولي، الذي يعد الأساس للسياسات الدفاعية لدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب الدولي مع سياسات إعادة الأعمار، وأصبحت الانتخابات الحرة والديمقراطية هي البنى الارتكازية لمجتمع حر قادر على تفهم معاني الانفتاح والامتزاج مع العالم في ظل مفاهيم العولمة مما تتطلب من فتح الأسواق والحدود والتجارة الحرة.
وفي القرنين الاخيرين تطورت المعونات والمساعدات بتطور الشكل السياسي للدول وأصبح لها مؤسسات متخصصة ذات لوائح تنظم عملها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
وتخصص الجهات المانحة المنح للمشروعات التنموية الخدمية مثل الصحة والتعليم والصرف الصحي والتنمية المجتمعية والمرأة والطفل من دون فائدة مادية ، ولكنها تحقق خدمة للمجتمع خاصة لمحدودي الدخل، على ان تختار الدول المانحة مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومن اهداف المنح التخفيف من حدة الفقر وتحسين الظروف المعيشية في بلدان العالم الثالث والإصلاحات على المدى القصير، وأحياناً تنفيذ حلول طويلة الأجل للمشاكل من خلال مساعدة الدول النامية على توفير القدرة الضرورية لتوفير حلول مستدامة للمشاكل المحلية مثل توفير الطاقة والتعليم وحل مشاكل تلوث البيئة.
وتوجّه بعض المنح والمساعدات للعمل الإنساني، لدولة ما عندما تتعرض لكارثة إنسانية كزلزال مدمر أو وباء أو مجاعة أو حرب، وتمثل استفادة مباشرة للمواطنين.
ومن المساعدات ، تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمتناهية الصغر، التي تفيد المواطنين بشكل مباشر، إذ تمنحهم قروضاً بفائدة منخفضة مما يسهم في زيادة دخلهم، وتقليل البطالة وتوفر فرص عمل ويعطي قيمة مضافة للاقتصاد المحلي.
ومنها ايضا المنح الدراسية التي تعد استقطابا فكريا ، والتي رغم فائدتها المباشرة للمواطن العربي المستفيد منها، فانها تستهدف تفريغ الدول العربية من الكوادر العلمية المميزة والنوابغ لجامعاتها.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما بين 125 و130 مليون نسمة هم الآن بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني عبر العالم, بينما أدت الصراعات إلى نزوح 60 مليونا، وحسب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين, فإن المنظمة تحتاج إلى ما بين 25 إلى 30 مليار دولار أمريكي سنويا لتقديم المساعدات الإنسانية للأشخاص الأكثر تضررا عبر العام.
ويزيد المبلغ المطلوب للعام 2017, نحو 10 % عن عام 2016 اذ دمرت الحرب والمرض عددا من الدول, ويسعى المكتب الأممي للحصول على أكثر من ثلث الحاجة المتوقعة, (8.1 مليار دولار) لمساعدة مواطنين داخل سوريا وخارجها.
ويحاول المكتب الأممي – الذي يعاني عدم كفاية المساعدات المقدمة والعجز عن تحقيق أهدافه جراء ذلك – من خلال هذا النداء الذي أطلقه للعام المقبل, مساعدة حوالي 93 مليون شخص، داخل 32 دولة عبر العالم أو لاجئين فروا منها, ينحدر ثلثاهم من إفريقيا.
واحتلت النرويج المركز الاول عالميا بين أكثر الدول المانحة، عام 2016، بعد قدم دافعو الضرائب النرويجيون 899 مليون دولار لإنفاقها على العمل الإنساني، أي 0.18% من دخلهم القومي..
وحلت لوكسمبورغ ودولة الإمارات العربية المتحدة بالمركزين الثاني والثالث على المقياس ذاته، بعد أن قدمت الامارات 610 ملايين دولار بقيمة تقدر 0.15 من قيمة الناتج القومي الاجمالي .
اما السعودية فحلت في المركز العاشر عالميا، بحصة تقدر ب 0.14 من قيمة الناتج القومي الاجمالي السعودي أي 321 مليون دولار عام 2016 .
وهذا الجدول يبين الدول المانحة نسبة الى دخلها القومي الاجمالي.

الدول-المانحة-العراق-1-احصائيات

وقال أحد محللي التمويل ان الجهات المانحة الكبرى ليس لديها خيار سوى أن تنفق الجزء الأكبر من ميزانياتها عبر وكالات الأمم المتحدة الكبيرة المتعددة الأطراف، التي تتولى إدارة أكبر منح في مجال الإغاثة الطارئة، وصرف الأموال.
وانفق الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ما يقرب من 10 مليارات دولار على الإغاثة في حالات الطوارئ في2016 ، وتم إنفاق بعض هذا المال داخل الاتحاد للمرة الأولى، وكان ذلك في اليونان، مما أثار تساؤلات حول كيفية تحديد وقياس المساعدات الإنسانية بشكل صحيح

و تعد سورية من اكثر الدول التي حصلت على المعونات الطارئة من المفوضية الاوربية اذ حلت بالمركز الاول بحصولها على 2.255 مليون دولار اميركي، وحل العراق بالمركز الثاني حيث حصل على 1.835 وجاء اليونان ضمن الدول التي تتلقى مساعدات حوالي 422 مليون دولار، وهي دولة عضو في الاتحاد الاوربي مما اثار تساؤلات عدة حول كيفية احتساب المساعدات الانسانية بشكل صحيح ، والجدول التالي يوضح القيم التي تحصل عليها الدول .

 

الدول-المانحة-العراق-215252-احصائيات

وفي هذا الصدد, أطلقت الأمم المتحدة عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية, نداء لتوفير نحو 22.2 مليار دولار لمساعدة المتضررين من النزاعات والكوارث خلال العام 2017
وفي الأزمات الممتدة، غالباً ما تجد المنظمات الإنسانية نفسها تقدم برامج مماثلة للمانحين عاماً بعد عام وليس لها أهداف طويلة المدى وتضيع الوقت والجهد. ويتم تقديم أكبر نسبة من التمويل الإنساني خلال دورة تمتد لمدة 12 شهراً.
وترتفع ميزانية (صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ)، وهو أحد مصادر تمويل وكالات الأمم المتحدة من جهات مانحة متعددة، إلى مليار دولار سنوياً. وقد صيغ هدف الحد من التخصيص من دون وعد يُذكر بإمكانية تطبيقه، اذ “إن الهدف من ذلك هو تحقيق الهدف العالمي المتمثل بعدم تخصيص أو الحد من تخصيص 30 % من المساهمات الإنسانية بحلول عام 2020”. وسوف يعتمد تحقيق تقدم ملموس بهذا الشأن إلى حد كبير على تصنيفات التخصيص، وبالتالي فإن نقطة العمل الأولى هي تحديد ما يشكل تخصيصاً عادياً أو تخصيصاً “ناعماً”. ومن المثير للاهتمام أنه سيتعين أيضاً على المنظمات الإنسانية التي تأمل في التمتع بالحد من القيود المفروضة على أموالها أن تنقل الفوائد – المنظمات غير الحكومية الأصغر حجماً التي تحصل على منح فرعية من وكالات الأمم المتحدة الرئيسية أو المنظمات غير الحكومية يجب أن تتخلص من بعض القيود أيضاً.
وقد حصلت منظمات الإغاثة على غالبية التمويل هذا العام، فحصلت وكالات الأمم المتحدة على 60 % من التمويل المبلغ عنه، بينما حصلت الحركة الدولية للصليب الأحمر على 10 % أي حوالي 2.2 مليار دولار. وتعتمد بيانات خدمة التتبع المالي على الإبلاغ الطوعي لكنها لا تجمع بيانات عن بعض التدفقات المالية. و تشير قاعدة البيانات إلى منح 4.3 مليار دولار بصورة تمويل إلى المنظمات غير الحكومية، ولكن بما أن المنظمات غير الحكومية نادراً ما تعلن عن دخلها من الجمهور، فمن المرجح أن يكون هذا التقدير منخفضاً.
ويتتبع المسح السنوي للتمويل والمساعدة الإنسانية العالمية ما بين 5 و6 مليار دولار أخرى من التبرعات الخيرية وعطاء الشركات للقضايا الإنسانية، التي تُنفق أساساً من خلال قنوات غير تابعة للأمم المتحدة.
وعقدت الدول المانحة مؤتمر لندن في 4 فبراير 2016، تلبية للحاجات الإنسانية الاكثر الحاحا، حيث أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن المؤتمر جمع أكثر من 10 مليارات دولار لمساعدة اللاجئين السوريين.
وتخطت التبرعات في المؤتمر السقف المتوقع لتبلغ 10 مليارات دولار، 6 منها لعام 2016، و5 مليارات مقسمة حتى العام 2020، وذلك وفقا لرئيس الوزراء البريطاني.
وقال كاميرون: “ضمنا الحصول على ستة مليارات دولار لعام 2016 وحده، إضافة لخمسة مليارات دولار حتى عام 2020 ، هذا يعني أن ملايين المحتاجين سيحصلون على الغذاء والرعاية الطبية والمأوى في سوريا وخارجها، حكومات الأردن ولبنان وتركيا تعهدت بالسماح لجميع الأطفال اللاجئين بالحصول على التعليم والمجتمع الدولي سيدعم هذه الحكومات بالموارد اللازمة لضمان ألا يكون هناك جيل ضائع”.
وكانت كل من بريطانيا والنرويج قد تعهدتا بتقديم 2.9 مليار دولار إضافية، لمساعدة السوريين بحلول عام 2020 سعياً إلى إعطاء دفعة لمؤتمر للمانحين تأمل الأمم المتحدة أن يجمع أكثر من 7 مليارات دولار للعام الحالي وحده.
وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إن بلادها تعهدت بتقديم 2.3 مليار يورو (2.56 مليار دولار) معونات لسوريا بحلول 2018 منها 1.1 مليار عام 2016. ووجهت وكالات تابعة للأمم المتحدة نداء لجمع 7.73 مليار دولار للتغلب على الكارثة هذا العام، إضافة إلى 1.2 مليار دولار أخرى مطلوبة لتمويل خطط قومية لاستيعاب اللاجئين في دول المنطقة.
وفيما تعد النرويج اكبر الدول المناحة نسبة الى ثرواتها الوطنية ( الدخل القومي ) ، هناك 15 جهة مانحة انسانية وتعد الولايات المتحدة الامريكية هي اكبر جهة مانحة حيث تقدم اكثر من 6 مليار دولار في صور مساعدات عاجلة ، ومن حيث السيولة النقدية ، تاتي المفوضية الاوربية في المركز الثاني اذ تنفق حوالي 3.143 اي نصف المبلغ الذي تقدمة الولايات المتحدة الامريكية.
والجدول التالي يبين الدول المانحة من حيث السيولة النقدية المساهمة
( مليون دولار )

الدول-المانحة-العراق-321-احصائيات

المساعدات الانسانية المعلن عنها في 2016 بمليارات الدولارات
وبهذا تقوم الدول المانحة بجهود كبيرة لمساعدة اللاجئين في بلادهم أو الذين يحاولون اللجوء إلى أوروبا ومساعدة البلدان التي تستدعي تقديم المعونة والدعم لها وتحاول تطبيق جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية وانتهاج نظام شفاف.

 

شذى خليل

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط  للبحوث والدراسات الاستراتيجية

المصادر :
Irinnews.org
رصيف 22, 2016
,وكالة الانباء الجزائرية http://www.aps.dz/ar/monde
الرياض بوست ، 2016
مركز المستقبل للدراسات