نازحو حلب.. الحصار وراءكم والبرد أمامكم

نازحو حلب.. الحصار وراءكم والبرد أمامكم

تسبقها الدموع قبل أن تبدأ بسرد معاناتها.. الحاجة فاطمة (47 عاما) لا تعرف إن كانت ستحدثنا عن معاناتها قبل الخروج من الحصار وتهجيرها هي وعائلتها من حلب، أم تبكي حالها في خيمة النزوح التي آوت إليها في ظل البرد الشديد وتقطع السبل بها في ريف حلب الغربي.
تقول الحاجة فاطمة إن النظام قتل طفلها محمد (13 عاما) قبل نزوحها من حلب بأربعة أيام، بعدما قتل ابنها الآخر خالد (22 عاما) أثناء حصار المدينة. وهنا تضيق أصابع الحاجة فاطمة في تعداد وإكمال سرد قصتها المأساوية، حيث إن زوجة ابنها خالد فقدت جنينها أيضا جراء النزيف الشديد الناجم عن الخوف من قصف النظام والطيران الروسي على أحياء مدينة حلب.

تقيم الحاجة فاطمة مع من تبقى لها من أولاد وأحفاد في خيمة قالت إنها اشترتها بثلاثمئة دولار، وساعدها بعض فاعلي الخير في شراء أغطية نوم ووسادات، فضاق بهم المكان وهم عائلة مكونة من ستة أفراد، ليس لديهم لباس سوى ما خرجوا به على أجسادهم بعد تهجيرهم من حلب.

لا يسع الحاجة فاطمة سوى أن تناشد فاعلي الخير أن ينقذوا أسرتها، ويساعدوها في تدفئة الخيمة على أطفالها الذين يرتجفون ولا يستطيعون النوم ليلا بسبب البرد الشديد.

يقول المدير التنفيذي للهيئة العالمية للإغاثة والتنمية حمزة العبد الله “وثقنا حتى اللحظة موت عشرة مدنيين مهجرين من أحياء حلب الشرقية إلى ريف حلب الغربي -وهم أربع نساء وستة أطفال- جراء البرد الشديد ونقص الأدوية”.

وأوضح أن من تم تهجيرهم من أحياء حلب يقدر عددهم بأربعين ألف مدني، يشكل الأطفال والنساء قرابة 30% منهم.

وبحسب العبد الله، فإن نسبة كبيرة من النازحين لجؤوا إلى خيمات عشوائية في ريف حلب الغربي والجنوبي وبعض مناطق إدلب، لا يمكنها أن تؤمن لهم أي حماية من البرد الشديد أو حتى تشعرهم بالأمن في داخلها.

وبسبب تخوف الناس من قصف النظام لمناطق نزوح المهجرين من حلب قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ، ذكر العبد الله أن خمسمئة عائلة من هؤلاء المدنيين نزحت إلى مارع في ريف حلب الشمالي، وانتقلت مئة أخرى باتجاه إعزاز في المنطقة ذاتها، وهم جميعا يعيشون ظروفا غاية في الصعوبة.

وأكد المتحدث أن عددا من المنظمات العاملة في الحقل الإغاثي انسحبت من المناطق التي أوى إليها المهجرون من أحياء حلب، وأن المنظمات الباقية تعدّ على أصابع اليد الواحدة، واستجابتها لا تكفي لتلبية حاجات النازحين.

وأشار إلى أن عددا من المطابخ الخيرية التي تعمل على تأمين الطعام لهؤلاء المهجرين توقفت عن العمل، ووصف حال النازحين بالمأساوي وقال إن المؤسسات الدولية متباطئة جدا في القيام بواجبها، في ظل تواجد عشرات المدنيين الذين لم تُحدد أوضاعهم حتى الآن لأنهم لجؤوا إلى أبنية تعرضت للقصف مثل المدارس والمراكز الحيوية، وهي لا تحميهم من برد الشتاء بسبب افتقارها إلى الأبواب والشبابيك والأرضية الصالحة.

محمد كناص

الجزيرة