صحفيو العراق يودعون عاما داميا بانتظار آخر

صحفيو العراق يودعون عاما داميا بانتظار آخر

بالرغم من التصريحات الحكومية التي تظهر تحسنا في أحوال الصحفيين في العراق مؤخرا، فإن الإحصاءات تشير إلى أن عام 2016 شهد مقتل وإصابة واختطاف العديد منهم، بالإضافة إلى تلقي الكثيرين رسائل تهديد أجبرت بعضهم على ترك مهنتهم أو مغادرة مدنهم.
ووفقا للمرصد العراقي للحريات الصحفية -الذي يعنى بتوثيق حرية الإعلام في العراق- فإن عام 2016 شهد قتل 14 صحفيا بمناطق متفرقة من البلاد، معظمهم في أماكن تشهد حربا وصدامات مع تنظيم الدولة الإسلامية في الفلوجة (غرب) والموصل (شمال) وديالى (شرق) وكركوك (شمال) وبعضهم أثناء تغطيتهم للمعارك الدائرة هناك، ليصل عدد من قتلوا من صحفيي العراق منذ عام 2003 إلى 420 شخصا.
ويقول رئيس المرصد هادي جلو مرعي إن صحفيي العراق تعرضوا خلال 2016 إلى عشرات الاعتداءات، ما بين الاختطاف والضرب والتهديد والمنع من التغطية، بالإضافة إلى عشرين محاكمة إثر رفع عدد من السياسيين دعوات قضائية ضدهم.
ويضيف مرعي -للجزيرة نت- أن أغلب الصحفيين قتلوا في مناطق إما تابعة لتنظيم الدولة أو تشهد صدامات معهم، بالإضافة إلى الذين وقعوا ضحايا لمجموعات مسلحة لا تعلن عن نفسها، مضيفا أن إقليم كردستان العراق شهد مقتل خمسة صحفيين في ظروف وصفت بالغامضة، ومؤكدا أن الحكومة أعجز من أن توفر لهم أية حماية، كما أن أسرهم لا تحصل غالبا على تعويضات إلا ضمن التوصيفات العامة كـ”ضحايا إرهاب” دون أية خصوصية لهم.
المليشيات
وقد شهدت العاصمة بغداد العديد من الانتهاكات بحق العاملين في مجال الإعلام خلال هذا العام، كان آخرها اختطاف الصحفية والناشطة المدنية أفراح شوقي، بعد أن نشرت مقالا انتقدت فيه فوضى السلاح في العراق، والعنف الذي تمارسه بعض المجموعات المسلحة تحت غطاء القانون، فتم اختطافها من منزلها في منطقة السيدية ببغداد تحت أنظار الجهات الحكومية، دون أن يستطيع أحد منع المختطفين من ذلك.
الصحفي عمر الجمال واحد من الذين تعرضوا لعشرات التهديدات ومحاولات الاعتقال من قبل مليشيات مسلحة أثناء تغطيته للأحداث في بغداد خلال السنوات الماضية، وقد اضطر لمغادرة العاصمة بشكل نهائي والاستقرار في أربيل في إقليم كردستان بسبب انتقاده للحكومة وسياستها الأمنية والحشد الشعبي وكشفه لبعض انتهاكاته.
ويؤكد الجمال أن معظم التهديدات كانت تصله من منتسبين في الحشد الشعبي، وكانوا يطالبونه بالكف عن “تعرية نهجهم الطائفي وعدم تشبيه الحشد بتنظيم داعش (تنظيم الدولة)”. ويضيف أنه تعرض عدة مرات لمحاولات اعتقال واحتجاز لأيام نجح في الخروج منها، لكنه اضطر للخروج مؤخرا بعد أن شنت المليشيات حملات تصفية جسدية منظمة طالت صحفيين يعملون على تغطية انتهاكات حقوق الإنسان.
تنظيم الدولة
ولا تقتصر المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون على المناطق الخاضعة للحكومة، حيث تعرض عدد من الإعلاميين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة إلى عدد من عمليات القتل والاعتقال والتغييب القسري.
وممن واجهوا صعوبات من التنظيم، الصحفي عماد الشمري من الموصل الذي يقول إنه كان يتلقى العديد من التهديدات من المسلحين قبل سيطرة التنظيم على الموصل بسبب عمله كصحفي وناشط مدني عبر اتصالات ورسائل، مشيرا إلى أنه جاءه تهديد مباشر بالقتل.
ويضيف الشمري للجزيرة نت أن التنظيم أصدر بعد سيطرته على الموصل عفوا عاما عن الصحفيين وطالبهم بـ “التوبة” ومن رفض تعرض للاعتقال والتعذيب وربما القتل، مما دفع الكثيرين منهم للهرب إلى بغداد وأربيل وتركيا ودول أخرى، وتم وقتها الإفراج عن البعض لكنهم عادوا للبحث عنهم بعد فترة.
ويحكي الشمري تفاصيل هروبه من الموصل حيث كان طريقه محفوفا بالمخاطر لأنه معرض للموت والاعتقال في أية لحظة، حيث يحتفظ التنظيم بقائمة بأسماء الإعلاميين والناشطين، لكنه استطاع الخروج عن طريق التهريب إلى بغداد ومنها إلى تركيا حيث يقيم هناك، وهو لا يستطيع العودة بعد نشاطه في كشف انتهاكات التنظيم بمدينته، وما زال يتلقى حتى الآن رسائل تهديد تقول إنه تم رصد مكانه و”سينال عقابه”.
الجزيرة