مافيا بين أجهزة الأمن وراء تسلل منفذي التفجيرات في بغداد وسامراء

مافيا بين أجهزة الأمن وراء تسلل منفذي التفجيرات في بغداد وسامراء

بغداد – خلقت سلسلة الهجمات الانتحارية الأخيرة في بغداد، والهجوم على مراكز الشرطة في سامراء، ضغطا كبيرا على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وربما دفعته إلى اتخاذ إجراءات قاسية لاستعادة السيطرة على الملف الأمني.

يأتي هذا في وقت يعتبر فيه مراقبون عراقيون أن رئيس الوزراء لا يقوى على المساس بالقيادات الأمنية الكبيرة، وأن الفساد والرشى في صفوف الوحدات الأمنية يساعدان عناصر داعش على التسلل داخل بغداد وتنفيذ التفجيرات والهجمات.

وقالت أوساط مقربة من العبادي لـ”العرب” إن أطرافا شيعية، بينها المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، حذرت رئيس الوزراء من خطورة استمرار هذه الخروق الأمنية، ووجهت نقدا لاذعا للاستراتيجية الأمنية المتبعة في العراق، واعتمادها على رد الفعل فحسب، محملة إياه مسؤولية شغور حقيبتي الدفاع والداخلية في حكومته، بالرغم من تسلمه أسماء العشرات من المرشحين لهما، طيلة الأشهر الماضية.

وجاءت التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة التي ضربت في شرق وجنوب وشمال العاصمة العراقية بعد تحذيرات استخبارية من استعداد تنظيم داعش لتنفيذ هجمات في صلاح الدين والأنبار وبغداد، ردا على معارك الموصل.

ولكن هذه التحذيرات لم تكن كافية لدفع المسؤولين عن الأمن إلى اتخاذ ما يلزم من الإجراءات.

وعلمت “العرب” أن عددا كبيرا من عناصر تنظيم داعش تسربوا من الموصل، خلال الأيام الثلاثة الماضية، عبر منطقة القيارة، ووصلوا إلى مدينة تكريت، وبعضهم انتقل إلى بغداد وغادرها جوا إلى أربيل.

وقالت المصادر إن هؤلاء تسربوا بين النازحين الذين يغادرون الموصل يوميا، إما بسبب ضعف قاعدة البيانات الأمنية وفشل الجهات المختصة في كشفهم، وإما بدفع رشى لمافيات أمنية.

وكشفت الأوساط لـ“العرب” عن أن العبادي طلب قائمة تضم أسماء جميع الضباط المسؤولين عن أمن المراكز التجارية الكبيرة والتقاطعات والعقد المرورية الرئيسية في بغداد، الذين تدور حولهم شبهات فرض أتاوات وتأجير أماكن التوقف المجاني وصناعة الزحام المروري، لتحصيل مبالغ بطرق ملتوية، استعدادا لمعاقبتهم.

ويعلم العبادي أن ضبط الأمن يقع في آخر أولويات هؤلاء الضباط المنشغلين فقط بجمع الأتاوات وفرض أنواع خاصة من الرسوم على التجار، بالاعتماد على شبكات متنوعة من مسؤولين أمنيين برتب متنوعة، تضمن التواصل بين هرم القيادة وأقل المراتب منزلة، لضمان حصول الجميع على حصصهم.

ويدفع كبار التجار وأصحاب المطاعم والمساهمون في المجمعات التجارية الكبيرة أموالا طائلة للمافيات الأمنية، لضمان تنقل البضائع بين المخازن والمعارض، والسماح بركن سياراتهم في أماكن قريبة، وغيرها من الأسباب التي حولت رجل الأمن في بغداد إلى لاعب أساسي في اقتصاد المدينة اليومي.

وتشير معلومات إلى نية العبادي إحالة العشرات من الضباط في بغداد إلى التحقيق، بعد تكرار الخروق الأمنية، ونقل الذين لا تمكن إدانتهم إلى مواقع ساخنة، في الأنبار والموصل.

ووجه العبادي وزارة الداخلية بتوقيف كل ضابط أمن تشهد منطقة مسؤوليته خرقا ما، وعدم الإفراج عنه إلى حين انتهاء التحقيق في الخرق وكشف مسبباته.

وطالب رئيس الوزراء العراقي بنقل العشرات من الضباط من بغداد إلى المحافظات الساخنة، واستبدالهم بخريجين جدد من كليات الشرطة.

وأشرف بنفسه على رفع عدد كبير من نقاط التفتيش الموزعة على شوارع العاصمة الرئيسية، بعد فشلها الذريع في إيقاف هجمات دامية، على غرار التفجيرات المستمرة في منطقة الكرادة، وتحولها إلى مجرد مواقع ابتزاز للتجار.

ولكن مقربين من العبادي يدركون أن القائد العام للقوات المسلحة لن يقوى على المساس بقيادات أمنية كبيرة في بغداد، لصلتها المباشرة بزعامات سياسية أو أحزاب متنفذة أو فصائل مسلحة خاصة ميليشيا الحشد الشعبي، ما يثير الشكوك بشأن جدوى حملته الحالية لتطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين من ذوي الرتب العالية.

العرب اللندنية