انتهاء الاختطاف ليس نهاية المطاف

انتهاء الاختطاف ليس نهاية المطاف

فرحون بانتهاء محنة زميلتنا أفراح شوقي.. سعداء باستعادتها حريتها المسلوبة أسبوعاً كاملاً على نحو همجي، لكننا الآن حزانى.. الوجع يضرب قلوبنا ويعتصر نفوسنا، فها نحو نكتشف مرة أخرى على نحو صارخ أننا مواطنو دولة ليس في وسعها الحؤول دون الاختطاف اليومي تقريباً لمواطنيها في عمليات تجري على رؤوس الأشهاد من دون أن يرمش للخاطفين طرف .. دولة لا تستطيع ملاحقة الخاطفين وفكّ أسر المخطوفين، وإذا استطاعت فإنها لا تجرؤ على الكشف عن هوية الخاطفين أو تطبيق القانون في حقهم!
انتهاء الاختطاف ليس نهاية المطاف، فنحن الذين أقمنا الدنيا ولم نقعدها ليس فقط في سبيل إطلاق زميلتنا الصحافية والناشطة المدنية المعروفة،إنما أيضاً من أجل أن نحفظ لدولتنا كرامتها، أو بعضاً منها، لن يرضينا أن ينتهي الأمر عند عودة الزميلة شوقي الى طفليهاالمروّعينِ وسائر أفراد عائلتها وإلينا… الآن من حقنا، بل من حق الشعب العراقي بأسره، معرفة مَنْ ذا الذي اختطف الزميلة ولماذا أُختطفت؟… هل هو جهاز حكومي؟ إذا كان كذلك، كيف تأتّى له أن ينتهك أحكام الدستور وسائر قوانين البلاد التي تحرّم الاختطاف وحتى الاعتقال غير المرخّص به قضائياً؟ وإذا لم يكن جهازاً حكومياً فهل هو ميليشيا أم عصابة؟ واذا كان الامر كذلك كيف تمكنت الاجهزة الامنية من الوصول اليه وإطلاق زميلتنا؟ هل أُعتِقل الخاطفون؟ هل قُدّموا الى القضاء؟
أفراح شوقي في أول تصريح صحافي لها بعد عودتها الى بيتها الليلة قبل الماضية، قالت إن الأمر لم يتعدّ كونه ” شوية تحقيق” انتهى بـ “براءة”.. هذا الكلام المقتصب للغاية يحيل الى جهاز حكومي أو جماعة مسلحة تتبع جهة سياسية… انه يستبعد كون الاختطاف من تدبير واحدة من عصابات الجريمة المنظّمة. واذا ما تذكّرنا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي كان قبيل ساعات من إطلاق شوقي قد أعلن أن عملية اختطافها عمل إجرامي وسياسي موجّه ضده وضد حكومته، نتيقّن من أن اختطاف أفراح شوقي طابعه سياسي ودافعه سياسي. كيف يحصل هذا؟
السيد العبادي لم يحقق معجزة الاكتشاف بإشارته الى البعد السياسي للعملية التي استفزّت كثيراً الوسط الإعلامي الوطني المهني والمجتمع المدني والمجتمع السياسي الوطني (هناك وسط إعلامي آخر تعامل مع القضية على نحو غير وطني وغير مهني، وهناك مجتمع سياسي آخر تعامل هو الآخر مع القضية على نحو غير وطني)، فما أفاد به رئيس الوزراء قلناه وآخرون منذ الساعات الأولى للاختطاف، ولم نكن بذلك متنبّئين أو مبصّرين إنما قرّاء جيدون لما يجري ويدور من حولنا.
مثلما لم نسكت على اختطاف زميلتنا أفراح شوقي، لن نسكت على التستّر على الخاطفين، أياً كانوا.. لن نسكت لأننا نريد أن تتوقف عمليات الاختطاف وأن تكون لدولتنا كرامتها كيما نطمئن الى وجودنا وأمننا وحياتنا فيها.
وعدا عن الكشف عن خاطفي أفراح شوقي وتقديمهم الى العدالة، نريد أيضاً أن يكون هذا مدخلاً للكشف عن مجمل عمليات الاختطاف التي طالت ناشطين مدنيين معروفين آخرين اختفى كل أثر لهم منذ مدة طويلة ولم يزل مصيرهم مجهولاً، بينهم على سبيل المثال جلال الشحماني وواعي الجبوري.. بعد الذي جرى لزميلتنا أفراح شوقي كيف لنا أن نضع جانباً البعد السياسي والهدف السياسي لاختطاف الكثير من مواطني هذه الدولة، وبخاصة الناشطين المدنيين والسياسيين؟
الحكومة وجهاز الادّعاء العام مطالبان بالقيام بواجبهما في هذا الخصوص.

عدنان حسين

المدى