تحرك تركي خليجي لدعم التيار العروبي لشيعة العراق

تحرك تركي خليجي لدعم التيار العروبي لشيعة العراق


بغداد – اعتبر سياسي عراقي رفيع، في تصريح لـ”العرب”، زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم إلى بغداد بأنها تدشين علني لمشروع تركي خليجي هادف إلى مساعدة الشيعة العروبيين في العراق على لملمة شتاتهم، في مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد، لا سيما مع دخول الأطراف السياسية العراقية، مبكرا، مرحلة التحضير لانتخابات 2018.

ويتوجه رئيس الوزراء التركي اليوم إلى بغداد، في زيارة تستمر يومين، يبحث خلالها قضايا ثنائية وإقليمية.

وقالت رئاسة الوزراء التركية إن يلديريم سيجري خلال زيارته لبغداد وأربيل، لقاءات يتناول فيها الخطوات الواجب اتخاذها لتأسيس الاستقرار الإقليمي والازدهار والأمن الدائم في المنطقة.

وأشار السياسي العراقي إلى أن السعودية ودولا خليجية أخرى تدعم الانفتاح التركي على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي ينظر إليه خليجيا وتركيا بوصفه بعيدا بما يكفي عن النفوذ الإيراني، وأنه يمكن أن يكون شريكا في المنطقة.

ولا تستبعد أوساط عراقية أن يجد المسعى التركي الخليجي ترحيبا لدى العبادي الواقع تحت ضغوط دائمة يمارسها عليه سلفه نوري المالكي والأحزاب والميليشيات المرتبطة بإيران والتي عطلت تنفيذ الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي في أغسطس 2015.

واعتبر مراقبون أن الإحراج التركي لطهران في سوريا يعد مؤشرا واضحا لما تنوي أنقرة القيام به في المنطقة من ضغط متواصل على إيران، لإضعاف تأثيرها على الملفات الساخنة في محيطها الإقليمي.

وقال السياسي العراقي إن هناك معلومات تشير إلى أن تركيا المتسلحة بتحالفها الجديد مع روسيا، ستمهد في بغداد لتقارب بين العبادي وعدد من مراكز القوى المؤثرة في الخليج العربي، وأن هذا يلقى ضوءا أخضر أميركيا، أيضا.

وأشار إلى أن هذا التقارب، ربما يقود إلى تشكيل قائمة “عروبية”، من ساسة شيعة وسنة، لديهم تقاطعات حادة مع طهران.
سمير صالحة: إيران قد تكون حجر عثرة في العلاقات التركية العراقية

وطرح هذا الخيار خلال اللقاء الذي عقد مؤخرا في عمان بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ورئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وزعيم ائتلاف متحدون أسامة النجيفي، وذلك على خلفية التفاعل مع مبادرة التسوية الشاملة في العراق.

وتحركت شخصيات وزعامات حزبية عراقية لإنجاح مبادرة للتسوية السياسية على قاعدة وطنية أوسع، وليس وفق المحاصصة الطائفية القائمة الآن، والتي تتمسك بها إيران والأطراف العراقية المرتبطة بها.

وقال سمير صالحة، الباحث التركي في العلاقات الدولية، لـ”العرب” إن العامل الإيراني قد يكون حجر عثرة في العلاقات التركية العراقية.

وأكد صالحة أن تحقيق التوازن داخل العراق في وجه الوجود الإيراني يتطلب أولا مراجعة عراقية – عراقية داخلية وإزالة أسباب التوتر وخلق حالة من التفاهمات بين كل الأطراف لحل المشاكل السياسية الداخلية والانتقال إلى العراق الجديد.

وقال مراقب عراقي إن دخول تركيا طرفا في أي مشروع للتسوية في العراق، هو تجسيد لشعور الإقليم كله بالقلق على مستقبل العيش المشترك في بلد تسيطر عليه النزاعات الطائفية.

وأشار المراقب في تصريح لـ”العرب” إلى فشل المحاولات الداخلية لتوحيد العراقيين بسبب انطلاقها من داخل نظام المحاصصة، مرجحا أن يكون الدخول التركي على خط التسوية في منأى عن الشبهات الطائفية التي يمكن أن تلحق بالمشروع فيما لو كان طرف عربي وراءه، بسبب حساسية الموقف الذي يمكن أن تستند إليه الأحزاب المرتبطة بإيران.

واعتبر أن مبادرة تركيا قد لا تلقى النجاح السريع، غير أنها ستكون فاتحة لإبداء آراء جديدة في المسألة العراقية، تقع خارج التجاذبات الطائفية.

وكان عدد من السياسيين العراقيين قد اعتبر أن الوسيلة المنطقية الوحيدة لإرخاء قبضة إيران على الشيعة في العراق هي إحياء المشروع العروبي على شاكلة المشروع الكردي المتماسك في كردستان العراق.

واصطدمت هذه المقترحات بتباين آراء الدول الخليجية التي شجعت على المشروع ما بين الاعتماد على تنظيمات عشائرية أو تشكيلات حزبية.

وكان المبدأ في الاعتماد على التنظيمات العشائرية هو أن معظم قبائل العراق مختلطة المذهب لكنها تعاني من انقسامات تحركها المطامح الشخصية البسيطة لزعامات العشائر المختلفة.

ولم تعد التشكيلات الحزبية تروق للدول الخليجية لاعتقاد منها بأنها سرعان ما تتفكك تبعا لمصالح الشخصيات السياسية التي لا تريد أن يفوتها تقسيم الحصص السياسية في السلطة على ما تعود به من منافع.

العرب اللندنية