الضائقة المالية تبعد عمان عن إيران

الضائقة المالية تبعد عمان عن إيران

مسقط – جاء التفسير العملي لإعلان سلطنة عمان الانضمام إلى التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده السعودية سريعا، إذ كشفت مصادر عمانية عن مسعى عماني عاجل للحصول على وديعة بعدة مليارات من الدولارات لتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي وتفادي أيّ ضغوط على عملتها الريال.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين لم تسمّهما إن سلطنة عمان تتفاوض مع دول خليجية للحصول على وديعة بعدة مليارات من الدولارات في بنكها المركزي.

وأشار مصدر مطلع إلى أن إيران قد زادت من مطالباتها بمبالغ مالية لدى السلطنة تراكمت على مدى سنوات الحصار وتقدر بخمسة مليارات دولار، وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط على السيولة لدى عمان.

والتقى مسؤولون عمانيون في الأسابيع الأخيرة مع مسؤولين من وزارات المالية الكويتية والقطرية والسعودية لبحث الوديعة المقترحة.

وقال مصدر في سلطنة عمان مطّلع على سير المحادثات إنها ما زالت في مراحلها الأولى لكن “المؤشرات إيجابية حتى الآن”. وأضاف “قد يقلل هذا من مخاطر انخفاض قيمة العملة”.

وأكد مسؤول قطري إجراء المفاوضات قائلا “ما تجري مناقشته في حدود مليارات الدولارات… من المصلحة المشتركة للمنطقة المحافظة على سعر الصرف مستقرا”.

وأضاف أن الوديعة العمانية ستكون منفصلة عن تعهد دول الخليج الثرية في 2011 بتقديم عشرة مليارات دولار لكل من عمان والبحرين لتمويل مشروعات تنمية اقتصادية في البلدين على مدى عشر سنوات. ولم يتم تقديم سوى جزء ضئيل من تلك الأموال حتى الآن.

وستكون الوديعة العمانية المقترحة مسعى جديدا من الدول الأكثر ثراء في مجلس التعاون الخليجي لدعم الأعضاء الأقل ثراء بهدف الحيلولة دون تفشي الاضطرابات المالية في المنطقة.وتضررت المالية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي الست جراء هبوط أسعار النفط منذ منتصف 2014 والذي قلص إيراداتها من تصدير النفط.

وتضررت سلطنة عمان بشكل خاص نظرا لأنها تفتقر إلى الاحتياطيات النفطية والمالية الضخمة التي يتمتع بها جيرانها.

وتأثرت سلطنة عمان من تراجع التجارة البينية مع إيران بعد أن رفعت الأمم المتحدة والغرب عقوبات اقتصادية عن طهران إثر تسوية سياسية للملف النووي الإيراني.

وشكل الإعلان العماني عن الانضمام إلى التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي تقوده السعودية صدمة جيوسياسية لإيران التي تخوض مواجهة مفتوحة مع الرياض، إذ يجعل واحدا من أقرب أصدقائها في المنطقة حليفا استراتيجيا للسعودية.

وكان عدد من الخبراء المطلعين على الشأن العماني قد عبروا عن استغرابهم من الإعلان عن الانضمام للتحالف، لكن ما رشح الآن من معلومات عن الضائقة المالية التي تواجهها مسقط يلقي ضوءا على مسببات اتخاذ مثل هذا القرار من بلد فضّل دائما الظهور بمظهر البلد البعيد عن التحالفات والاستقطابات.

وكانت إيران قد أعلنت في وقت سابق عن رغبتها باستعادة المليارات من الدولارات من السلطنة من دون أن تفصح عن السبب الذي جعل مسقط تحتفظ بهذه الأموال الإيرانية.

وقال بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية إن بلاده “تُتابع ملف استرداد خمسة مليارات دولار من عُمان، بعد رفع التجميد عنها في إطار الاتفاق النووي، وحُولت إلى عمان بصورة شهرية”.

وقال قاسمي إن إيران “تربطها علاقات وطيدة مع سلطنة عمان، ولا وجود لأيّ مشاحنات، أو خلافات مع الأخوة في عمان” حول المبلغ.

وأوضح أن القضية ستُحل عبر التفاوض و”لا داعي للقلق”.

واعتبر جوزيف كشيشيان الزميل في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إن تراجع موقف سلطنة عمان وانضمامها مؤخرا إلى التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة السعودية نابع من إدراكها أن مصيرها لا يمكن أن يكون خارج شبه الخليج العربي.

وقال كشيشيان في تصريح لـ“العرب” إن “العمانيين هم في نهاية المطاف عرب.. وبالتالي لا يمكن أن يكونوا ضد العرب مع إيران”.

وأكد على أنه لا خيار أمام عمان غير أن تكون جزءا فعالا من مجلس التعاون الخليجي وليس على هامشه.

والخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي وعمان ناتج عن طريقة التعامل مع إيران، فبينما اتخذت السعودية والبحرين والإمارات والكويت موقفها واضحا وشديدا تجاه التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، تركت مسقط النافذة مفتوحة تجاه طهران في موقف وسطي مطالبة بالتحاور معا وعدم خلق المزيد من الأعداء.

العرب اللندنية