مسقط تبحث عن ودائع خليجية لتخفيف الضغوط على الريال

مسقط تبحث عن ودائع خليجية لتخفيف الضغوط على الريال


مسقط – كشفت مصادر مطلعة أن سلطنة عمان تتفاوض مع دول خليجية للحصول على وديعة بعدة مليارات من الدولارات في البنك المركزي، لتعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي وتفادي أي ضغوط على عملتها الريال.

ونسبت وكالة رويترز إلى مصدرين، طلبا عدم ذكر اسميهما نظرا لعدم الإعلان عن الأمر، قولهما إن مسؤولين عمانيين التقوا في الأسابيع الأخيرة مع مسؤولين من وزارات المالية الكويتية والقطرية والسعودية لبحث الوديعة المقترحة.

وأكد مسؤول قطري إجراء المفاوضات قائلا إن “ما تجري مناقشته في حدود مليارات الدولارات.. من المصلحة المشتركة للمنطقة المحافظة على أسعار الصرف مستقرة”.

وقال إن “الوديعة العمانية ستكون منفصلة عن تعهد دول الخليج الثرية في العام 2011 بتقديم عشرة مليارات دولار لكل من سلطنة عمان والبحرين لتمويل مشروعات تنمية اقتصادية في البلدين على مدى عشر سنوات”. ولم يتم تقديم سوى جزء ضئيل من تلك الأموال حتى الآن.

وكشف مصدر في سلطنة عمان مطلع على سير المحادثات، أنها مازالت في مراحلها الأولى لكن “المؤشرات إيجابية حتى الآن”. وأضاف “قد يقلل هذا من مخاطر انخفاض قيمة العملة”.

وعند طلب التعليق من الرئيس التنفيذي للبنـك المركزي العمـاني حمـود بـن سنجـور الزدجالي، أحال الأسئلة إلى وزارة المالية العمـانية.

غير أنه قـال إن “البنك المركزي يشجع المصـارف المحلية على جذب ودائـع بالعملة الأجنبية”.

ولم يرد مسؤولون بوزارات المالية العمانية والكويتية والقطرية والسعودية على مكالمات هاتفية ورسائل إلكترونية لطلب التعليق.

وستكون الوديعة العمانية المقترحة مسعى جديدا من الدول الأكثر ثراء في مجلس التعاون الخليجي لدعم الأعضاء الأقل ثراء، بهدف الحيلولة دون تفشي الاضطرابات المالية في المنطقة.

وأثار ذلك تكهنات بين المصرفيين بأن سلطنة عمان قد تضطر في النهاية للتخلي عن ربط عملتها بالدولار المستمر منذ ثلاثة عقود عند 2.6 دولار للريال الواحد.
جورجيو كافييرو: عمان بحاجة للتعاون الاقتصادي الذي تعهدت به إيران مثل أنبوب النفط

وتراجع سعر صرف الريال في سوق العقود الآجلة منذ أوائل عام 2015 مع تحوط بعض البنوك من مخاطر انخفاض قيمته، إذا ما تم فك ارتباطه بالدولار، لكن العملة العمانية تعافت في تلك المراهنات من مستوياتها المتدنية في سوق العقود الآجلة التي بلغتها في أوائل العام 2016.

وارتفع صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي العماني بنسبة 3.2 بالمئة من مستواها قبل عام لتصل إلى نحو 19.2 مليار دولار، في أكتوبر الماضي، وفقا لأحدث البيانات الرسمية.

وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن سلطنة عمان تعاني من عجز في تجارة السلع والخدمات يقارب 13 مليار دولار سنويا.

ومن المعتقد أن الحكومة تملك أصولا تصل قيمتها إلى نحو 40 مليار دولار في صندوقي ثروة سياديين، وفقا لتقديرات خاصة.

لكنها تريد تفادي السحب من هذين الصندوقين لأنهما يدران دخلا في الأمد الطويل ويستثمران في قطاعات ذات أهمية استراتيجية للاقتصاد العماني.

ويبدو أن حاجة مسقط للدعم المالي من جيرانها الخليجيين، تقف خلف تحول تدريجي في مواقفها من القضايا المتفجرة في المنطقة، بعد أن كانت تقف على الحياد بين الأطراف المتنازعة وتحتفظ بعلاقات ودية مع إيران.

وقد أعلنت في الشهر الماضي عن انضمامها إلى تحالف إسلامي بقيادة السعودية لمكافحة الإرهاب في خطوة أشادت بها الدول الأخرى بمجلس التعاون الخليجي باعتبارها اقترابا بين صفوفها في مواجهة إيران.

ويرى محللون أن الضغوط المالية والاقتصادية جعلت تراجع سياسة “مصادقة الجميع وعدم معاداة أحد” التي تنتهجها السلطنة منذ أمد بعيد.

وتتوقع مصادر سعودية وخليجية أن يزور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مسقط قريبا، في علامة على تعزيز العلاقات. وقال مسؤول خليجي “المواقف الواضحة ضرورية في الأوقات الحرجة. نعرف بالطبع أن عمان ستقف معنا”.

ويقول محللون إن أي تصور بأن مسقط تتحالف مع الرياض ربما يثير حفيظة إيران، التي لديها احتياطيات أجنبية بمليارات من الدولارات في البنوك العمانية وقد تتراجع عن المشروعات التي تعهدت بتنفيذها في السلطنة.

وعولت مسقط على الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية، وهي تأمل في حدوث قفزة في التجارة بينها وبين إيران الغنية بالنفط والغاز.

وتتوقع مسقط أن تسرع نهاية العقوبات في إكمال خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي تأمل في أن يغذي صناعاتها الكثيفة الاستهلاك للطاقة.

ويرى جورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة غلف ستيت أناليتيكس، أن “عمان بحاجة إلى التعاون الاقتصادي الذي تعهدت به إيران.. خط الأنابيب الذي يعتزم البلدان مده تحت البحر هو جزء مهم من خطط السلطة للتنمية الاقتصادية”.

وتعتبر عمان الاستثمارات الأجنبية القادمة من إيران بما في ذلك مصنع سيارات ومجمع مستشفيات ومصنع لتكنولوجيا النانو، عاملا مساعدا على تنويع موارد الاقتصاد، بدلا من الاعتماد على النفط.

العرب اللندنية