الجدل يتواصل بتركيا للتحول للنظام الرئاسي

الجدل يتواصل بتركيا للتحول للنظام الرئاسي

مع موافقة البرلمان التركي على المادة الأولى من حزمة التعديلات الدستورية التي اقترحها حزب العدالة والتنمية والحركة القومية تكون تركيا دخلت عمليا في مرحلة إقرار هذه التعديلات التي ستتحول بموجبها البلاد إلى النظام الرئاسي.

ووافق البرلمان التركي بأغلبية 347 صوتا على المادة الأولى من حزمة التعديلات التي يتواصل بشأنها جدل لن يقدر له أن ينتهي قبل أن يتبين مصيرها النهائي.

وتشمل حزمة التعديلات الدستورية تحويل البلاد من النظام البرلماني للرئاسي، وتحتاج كل مادة للحصول على 330 صوتا ليتم عرضها على الاستفتاء الشعبي.

ورغم أن مقترحات التعديل لم تحظ بأصوات 367 نائبا اللازمة لإقرار التعديلات مباشرة فإنها تكفي لنقل مسودة الدستور الجديد إلى الاستفتاء الشعبي بعدما تجاوزت عتبة الــ330 صوتا.

ونشرت الصحف التركية البنود الـ18 التي يشملها التعديل الدستوري والتي تركز الكثير منها على التحول فعليا إلى النظام الرئاسي، إضافة إلى بنود تحد من صلاحيات المؤسسة الأمنية وتضع أذرع الجيش تحت السيادة المدنية.

وتمثل قوة الرئاسة في الدستور الجديد المقترح أهم نقاط الخلاف بين مؤيدي التعديلات ومناهضيها، فبموجبها يصبح منصب رئيس الجمهورية أعلى منصب في الدولة، ويلغى منصب رئيس الحكومة، فيما يمنح رئيس الجمهورية الحق في تشكيل مجلس الوزراء أو تعديله.

كما تمنح التعديلات الرئيس صلاحيات إدارية كإعلان حالة الطوارئ، وأخرى تتعلق بتعيين نوابه ومستشاريه والمسؤولين والوزراء.

حصانة الرئيس
ووفقا للتعديلات، سيحظى رئيس الجمهورية بحصانة عالية، إذ تتطلب إحالته للتحقيق موافقة 60% من النواب، فيما تقتضي إحالته إلى المحكمة العليا موافقة ثلثي النواب.

في الجانب القضائي، تقضي التعديلات بتوزيع صلاحية تعيين مجلس القضاء الأعلى المكون من 12 عضوا مناصفة بين رئيس الجمهورية والبرلمان.

لكن البرلمان سيحتفظ وفق التعديلات الجديدة بصلاحيته في سن القوانين، مع منح بعض الاستثناءات لرئيس الجمهورية، مثل إعداد الموازنة العامة لعرضها على البرلمان.

كما تقيد التعديلات الدستورية القضاء العسكري، إذ ستحرمه من عقد المحاكم التأديبية للجنود الذين يرتكبون المخالفات إلا في ظروف الحرب، وستنهي عضوية هذا القضاء في المحكمة العليا، وستدخل قوات الدرك “الجندرما” تحت سلطة مجلس الأمن القومي.

وتنقسم القوى والأحزاب التركية الممثلة في البرلمان بشأن تعديل الدستور إلى جبهتين، يمثل حزب العدالة والتنمية الحاكم بــ317 مقعدا وحزب الحركة القومية بأربعين مقعدا الجبهة الداعمة للتعديل منها، فيما يعارضه حزب الشعب الجمهوري الذي يمثله 133 نائبا برلمانيا.

وقال بن علي يلدرم رئيس الحكومة التركية زعيم حزب العدالة والتنمية إن تسليم القيادة لقبطانين كفيل بإغراق المركب، وإنه من المفترض وجود قائد واحد فقط، في إشارة إلى إلغاء منصب رئاسة الوزراء من الدستور التركي الجديد وفقا للتعديلات.

وعلق أمين خلوق أيهان نائب رئيس حزب الحركة القومية على اختلاف وجهات النظر بين القوى التركية تجاه موضوع تعديل الدستور قائلا إنه من المستحيل في الديمقراطيات أن تحظى القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتوافق كافة الأطراف.

المعارضة
في المقابل، وصف زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو موافقة الحركة القومية على تعديل الدستور بأنها “خيانة للوطن”، ونقلت صحيفة “جمهوريت” عنه القول إن تركيا مرت بكثير من الكوارث آخرها كارثة تعديل الدستور التي تجري حاليا.

وفي إحدى تغريداته على موقع تويتر أعلن زعيم المعارضة التركية أن حزبه لا يقف ضد تعديل الدستور بل ضد جمع الصلاحيات وتركيز السلطات في يد رجل واحد.

 كما أعلن إينغن أتلاي نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب أن حزبه سينقل مضمون مقترح الدستور الجديد إلى المحكمة الدستورية العليا في حال المصادقة عليه من قبل البرلمان.

بدوره، انتقد المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي أيهان بيلغن الظروف التي تم فيها إقرار تعديل الدستور، وقال في اجتماع لكتلته البرلمانية إن نواب حزبه الموقوفين لدى السلطات التركية حرموا بقوة السلاح من حقهم التشريعي في التصويت على تعديل الدستور رغم أنهم انتخبوا ليعبروا عن مواقفهم من قضايا البلد.

واعتبر أن تعديل الدستور يمثل نقطة انعطاف حادة في التاريخ التركي.

خليل مبروك

الجزيرة