النظام السوري يستمر بالتصعيد رغم الهدنة

النظام السوري يستمر بالتصعيد رغم الهدنة

رغم توقيع اتفاق للتهدئة في سوريا في 29 ديسمبر/كانون الأول الفائت، والتحضير للمشاورات السياسية المرتقبة في العاصمة الكازاخية أستانا نهاية الشهر الحالي، يستمر النظام السوري وحلفاؤه يومياً في مهاجمة مواقع شتى تسيطر عليها قوات المعارضة في مختلف أنحاء البلاد، ضاربين ببنود تلك الاتفاقيات والمشاورات عرض الحائط.

وخلافاً لتوقعات وآمال كثيرين، لم تعرف مناطق على رأسها ريف دمشق وريف حلب وإدلب “التهدئة” المنشودة، حيث يتحجج النظام بوجود مواقع لتنظيمي جبهة فتح الشام وتنظيم الدولة الإسلامية ليواصل قصفها ومحاولات التوغل فيها.

ففي غوطة دمشق الشرقية، يؤكد الناشط الإعلامي أنس الخولي للجزيرة نت “عدم التزام النظام البتة بوقف إطلاق النار، حيث تستمر المعارك والحصار في ظل استماتة النظام لاستعادة السيطرة على هذه المساحة الجغرافية ذات الأهمية الإستراتيجية، والضغط على مقاتلي المعارضة لقبول المصالحة”.

كر وفر
وتشهد جبهات عدة في الغوطة -أهمها المرج جنوبها- غارات جوية شبه يومية، مترافقة مع اشتباكات وقصف مدفعي، تمكن النظام بواسطتها من التقدم والسيطرة على بعض المساحات لتستعيدها فصائل المعارضة في عمليات كر وفر مستمرة.

أما في وادي بردى (شمال غرب دمشق)، فلا تزال المعارك محتدمة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة رغم اتفاق وقف إطلاق النار، وهي معارك أدت إلى خروج نبع بردى الذي يغذي العاصمة بالمياه عن الخدمة منذ أكثر من أسبوعين.

ويشير مدير الهيئة الإعلامية بوادي بردى أبو محمد البرداوي للجزيرة نت إلى “رفض فصائل المعارضة في الوادي شروط التهجير والخروج وتسليم السلاح، وهو ما يدفع النظام لصب جام غضبه على آلاف المدنيين داخل المنطقة بحجة تواجد مجموعات إرهابية فيها، سعياً لتفريغ المنطقة وتسليمها لإيران والمليشيات الشيعية”.

ويترافق هذا التصعيد العسكري مع ترويج النظام السوري والروسي لعملية السيطرة على الريف الدمشقي، حيث أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية فاليري غيراسيموف أن “السيطرة على ريف دمشق وتخليصه من الإرهاب بات في مراحله النهائية”، وذلك في تصريحات صحفية أول أمس الثلاثاء.

وتيرة مكثفة
كما كثف النظام من وتيرة إرسال رسائل نصية بشكل عشوائي لسكان العاصمة وريفها على هواتفهم الجوالة، بهدف الترويج للمصالحة والتسوية بوصفهما “فرصة المسلحين الأخيرة للنجاة واختيار الحياة”، وحفلت تلك الرسائل بدعوات لأهالي الغوطة الشرقية “للتعاون مع الجيش السوري والإبلاغ عن أماكن تواجد المسلحين”.

ولم تكن إيران غائبة عن ساحة هذه المواجهات الميدانية، وهي التي تحاول فرض نفسها كفاعل عسكري لا تقل قوته وتأثيره عن روسيا، فجاءت زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إلى دمشق مطلع الأسبوع الحالي لتأكيد “أهمية زيادة التنسيق العسكري لمواجهة الإرهاب التكفيري”، وفق ما نقلته وسائل إعلام عقب لقاء شمخاني الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس مجلس الأمن الوطني السوري علي مملوك.

وعن دور إيران في الميدان السوري، يرى المعارض والقيادي السوري عبد الرحمن الحاج في حديث للجزيرة نت أن التصعيدات الأخيرة ممنهجة، وهي حصيلة اتفاق بين كل من روسيا وسوريا وإيران، حيث تمتلك الأخيرة زمام المبادرة واتخاذ قرار التصعيد العسكري الذي لم يعد النظام قادراً على تحقيقه بمفرده، مستشهدا بزيارة شمخاني لدمشق، التي يعتقد بأنها تهدف إلى حسم معارك ريف العاصمة.

تتويج سياسي
وبحسب الحاج، يسعى النظام وحلفاؤه لإنهاء ملفي وادي بردى والغوطة الشرقية قبل انعقاد مشاورات أستانا، التي ستكون تتويجاً سياسياً لانتصاراته في حال تراجع مقاتلي المعارضة واقتلاعهم من محيط العاصمة، حيث تتوقف النتائج السياسية للمشاورات على المعطيات الميدانية، “أما الهجمات التي يشنها النظام على مناطق أخرى فما هي إلا محاولة للتشويش عما يحدث في ريف دمشق”، وفق رأيه.

ولا يتوقع الحاج أن تحقق تلك المشاورات -التي يصفها بأنها عسكرية أكثر منها سياسية- أهدافها المنشودة، وذلك بسبب “عدم تمثيل كافة فصائل المعارضة، خاصة تلك التي تقاتل شمال وجنوب البلاد، وتهميش السعودية وهي لاعب إقليمي رئيسي إلى جانب تركيا، إضافة إلى تهميش المعارضين السياسيين المتواجدين خارج سوريا”.

سلافة جبور

الجزيرة