خلاف ترامب مع المخابرات الأميركية يهدد بمخاطر أمنية

خلاف ترامب مع المخابرات الأميركية يهدد بمخاطر أمنية

واشنطن – قال مسؤولون حكوميون حاليون وسابقون إن خلافا لم يسبق له مثيل بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وأجهزة المخابرات التي ستخضع قريبا لإمرته قد يلحق الضرر بالأمن الأميركي إذا لم يُنزع فتيله سريعا.

وأضافوا أن الروح المعنوية في وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) ووكالات أخرى تضعف بالفعل بسبب الخلافات مع ترامب بشأن ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر بالتدخل في الانتخابات الأميركية وبشأن التسريبات المتعلقة بملف لا أساس له أعدته شركة أمنية خاصة يشير إلى أن موسكو لديها معلومات تنال من سمعة ترامب وتحط من قدره.

وتابع المسؤولون أنه ما لم يتم التصدي لهذه الخلافات فقد تؤدي إلى رحيل أفراد من أجهزة المخابرات وتدفع المتبقين إلى اتخاذ قدر أقل من المخاطر لمواجهة التهديدات الأمنية.

واتهم الرئيس المنتخب هذا الأسبوع الوكالات بتسريب المعلومات الواردة في الملف لوسائل الإعلام لكن مدير المخابرات الوطنية جيمس كلابر قال إنه لا يعتقد أن مسؤولي المخابرات مسؤولون عن التسريب.

وقال مسؤول أميركي كبير سابق “هجوم الناس على (سي.آي.إيه) شائع جدا. لكن ليس الرئيس عادة.” ولم يرد الفريق الانتقالي لترامب على رسائل بالبريد الإلكتروني تطلب التعليق.

وقال دانيال بنجامين الذي عمل في مواقع بارزة في البيت الأبيض وإدارة مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية في عهد رؤساء ديمقراطيين “أعتقد أنها وصفة لكارثة.” وأضاف بنيامين الذي يعمل الآن في كلية دارتموث إن ثمة “فرصة قوية” لأن يغادر أشخاص ستكون لهم “قيمة كبيرة” للقطاع الخاص.

ومما يعقد الوضع قبل أسبوع فقط من أداء الجمهوري ترامب اليمين الدستورية رئيسا تحدث اثنان من مرشحيه لكبار المناصب الأمنية بلهجة مختلفة عن لهجته في جلستي تأكيد ترشيحهما بمجلس الشيوخ إذ كالا المديح للرجال والنساء الذين يعملون في عالم المخابرات السري.

فقد قال عضو الكونجرس الجمهوري مايك بومبيو المرشح لمنصب مدير (سي.آي.إيه) يوم الخميس إنه يرى أن أفراد وكالة المخابرات المركزية “يسيرون وسط النار”.

وفي إطار منفصل أبلغ مرشح ترامب لمنصب وزير الدفاع جميس ماتيس أعضاء مجلس الشيوخ أن لديه “قدرا كبيرا للغاية من الثقة” في وكالات المخابرات الأميركية. كما وضع ماتيس روسيا على رأس قائمة التهديدات للمصالح الأميركية.

وقال مسؤول كبير في أحد أجهزة المخابرات إن عددا متناميا من ضباط المخابرات ممن تزيد أعمارهم عن الخمسين وممن لا تقل خبرتهم عن 20 عاما منها خمس سنوات في الخارج على الأقل كتبوا وفي حالات عديدة وقعوا خطابات استقالاتهم لكن لم يؤرخوها.

وقال مسؤول ثان كبير بالمخابرات في وكالة أخرى “هناك قلق كبير هنا بشأن الازدراء الواضح للرئيس للعمل الذي نقوم به والأخطار التي نواجهها.” وتحدث هو وآخرون شريطة عدم الكشف عن هوياتهم من أجل مناقشة المسائل المتعلقة بالمخابرات والروح المعنوية في وكالاتهم.

حقد وضغينة

بدأت أحدث جولة من الحقد والضغينة بتقرير لشبكة (سي.إن.إن) يفيد بأن رؤساء أجهزة المخابرات ووكالات إنفاذ القانون أطلعوا ترامب في السادس من يناير على مذكرة من صفحتين تلخص مزاعم لم يتم التحقق منها في الملف. وفي إنحاء منه باللائمة على وكالات المخابرات في التسريب كتب ترامب على تويتر “طلقة أخيرة نحوي. هل تُرانا نعيش في ألمانيا النازية”؟

ودعا كلابر مدير المخابرات الوطنية ترامب مساء الأربعاء إلى تهدئة الأجواء. واختلف ترامب وكلابر بشأن ما قيل في المحادثة الهاتفية.

وأنحى ترامب يوم الجمعة باللائمة مجددا فيما يبدو على وكالات المخابرات الأميركية في التسريب.

وقال على تويتر “ربما كشفت عنها “المخابرات” حتى مع علمها أنه لا يوجد دليل ولن يكون هناك مطلقا”.

وقال المسؤول السابق الكبير إن أفراد وكالة المخابرات الأميركية “أصيبوا بنوع من الصدمة والارتباك من اتهامهم بأنهم نازيون ويسربون هذه المادة (الملف) عن عمد”.

توتر مع ترامب

وتزيد ميزانيات وكالات المخابرات الأميركية السبعة عشر مجتمعة عن 70 مليار دولار ويعمل بها عشرات الآلاف من الموظفين. وهم مسؤولون عن كل شيء من التحذير من هجمات إرهابية إلى دعم القوات الأميركية في ميدان القتال وتحليل تأثيرات الاتجاهات العالمية مثل التغير المناخي.

وقال العديد من المسؤولين الأميركيين السابقين إن التوتر مع ترامب هي أسوأ شيء يمكنهم استدعاءه للذاكرة منذ تبادل الرئيس جورج دبليو بوش و (سي.آي.إيه) اللائمة في 2004 و2003 بشأن الفشل في العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق.

لكن دوجلاس وايز المسؤول الكبير بالسابق في (سي.آي.إيه) قال إنه سيكون من الأصعب على ترامب أن “ينتقد بشدة” رؤساء أجهزة مخابراته لدى تعيينهم بدلا من المسؤولين الذين عينهم الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. وأضاف وايز “أعتقد أن الأمور ستتغير”.

لكن التوتر سيستمر على الأرجح بعد يوم التنصيب في 20 يناير كانون الثاني.

فقد قاد اللفتنانت جنرال المتقاعد مايكل فلين الذي سيكون مستشار الأمن القومي لترامب وكالة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع (البنتاجون) إلى أن أقاله كلابر. وقال وايز وآخرون عملوا معه إن لديه ارتياب قديم في (سي.آي.إيه).

وقال المسؤول الثاني الكبير بالمخابرات “ما قاله بومبيو مطمئن إلى حد ما لكنه ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان هذا هو المعيار أو ما إذا كان توجه ترامب الواضح نحونا والمرارة التي يشعر بها فلين تجاهنا هما الحاسمان”

العرب اللندنية