شبح الـ’كي جي بي’ يخيم على أوروبا وأميركا

شبح الـ’كي جي بي’ يخيم على أوروبا وأميركا


واشنطن – أخذ الخوف من الاختراق الروسي في التوسع ليخرج من الدائرة الأميركية إلى دائرة غربية أوسع في تأكيد على أن شبح الاستخبارات السوفييتية الـ”كي جي بي” خلال الحرب الباردة يسيطر على تفكير الأجهزة الغربية، وأن الأمر أبعد من ليّ الذراع بين أجهزة الاستخبارات الأميركية والرئيس الجديد دونالد ترامب.

وحذرت أجهزة المخابرات الألمانية السبت، من “تزايد النفوذ الروسي في الدول الأوروبية، ومحاولة موسكو تخريب العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.

وجاء ذلك في تقرير مشترك للدائرة الاتحادية للاستخبارات الألمانية، والمكتب الاتحادي لحماية الدستور، نشرت مجلة “دير شبيغل” مقتطفات منه السبت.

وحسب المجلة، فإن “التقرير الاستخباراتي، يظهر أن النفوذ والتأثير الروسي داخل الاتحاد الأوروبي تزايدا. وأن موسكو تحاول أن تؤثر على المناخ السياسي وتغذية النزاعات داخل أوروبا”.

وأثار التقرير “مخاوف من محاولة موسكو التأثير على الانتخابات التشريعية الهولندية في الربيع المقبل، وانتخابات الرئاسة الفرنسية في مايو 2017، لكنه لا يتوقع التأثير على الانتخابات العامة في ألمانيا في سبتمبر المقبل”.

وقال مراقبون إن ذاكرة الحرب الباردة نشطت بقوة في الغرب بعد الجدل الذي صاحب نتائج الانتخابات الأميركية، وخاصة بعد الدور الذي باتت تلعبه روسيا في الأزمة السورية وانفرادها بالحل، فضلا عن الدخول على خط الملفين الليبي والفلسطيني.

وينظر مسؤولون صاعدون في دول غربية كبرى بإكبار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب قدرته على إعادة روسيا إلى الدور الذي كانت تلعبه في الستينات والسبعينات

ويريد هؤلاء المسؤولون السير على خطى بوتين في إحياء النزعة القومية لبلدانهم، ما يعنيه من رغبة في التخلص من التنوع الثقافي والتضييق على خصوصيات المهاجرين، ووضع عراقيل أمام التحاق مهاجرين جدد كردة فعل على موجة التطرف والعنف.

ويرى المراقبون أن التخويف من موسكو، الذي لجأت إليه بعض الدوائر الغربية، يهدف إلى الحيلولة دون الانفتاح على روسيا الجديدة التي ستنافس الغرب ليس فقط على صراع النفوذ السياسي في الشرق الأوسط، ولكن، أيضا، على نموذج الديمقراطية، وإدارة التنوع الثقافي والديني، والمنافسة للاستئثار بأكبر قدر ممكن من المكاسب الاقتصادية، أي المنافسة على الاستئثار بالعولمة ذاتها.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز ومؤسسة إبسوس لاستطلاعات الرأي أن الأميركيين باتوا أكثر قلقا من التهديد المحتمل الذي تشكله روسيا مما كانوا عليه قبل بدء حملة انتخابات الرئاسة في 2016.

ووجد الاستطلاع الذي أجري في الفترة من التاسع إلى الثاني عشر من يناير أن 82 بالمئة من الأميركيين منهم 84 بالمئة ديمقراطيون و82 بالمئة جمهوريون وصفوا روسيا بأنها مصدر “تهديد” عام للولايات المتحدة.

وتجيء هذه الزيادة في مشاعر القلق بعد موسم انتخابي شرس أثار خلاله الديمقراطيون وغيرهم أسئلة عن علاقات ترامب المالية مع روسيا واتهمت فيه المخابرات الأميركية موسكو بالضلوع في هجمات إلكترونية خلال الانتخابات.

وبدأ انتقاد روسيا يخرج من دائرة تأثيرها المفترض على سير الانتخابات إلى دائرة اعتبارها خطرا استراتيجيا أكثر شمولا في استعادة واضحة لزمن الحرب الباردة.

ورغم أن الحملة على موسكو تبدو متعلقة فقط بمسألة اختراق الانتخابات، إلا أن أوساطا دبلوماسية اعتبرت أن الأمر أكبر من ذلك، خاصة أن الكرملين نجح في استثمار “الفترة الرمادية” بين تخلي باراك أوباما وتسلم دونالد ترامب للرئاسة في فرض واقع جديد بالشرق الأوسط.

ونجح الكرملين في فرض حلّ بمقاسات روسية في سوريا، ويجري الآن الترتيب لمصالحة فلسطينية-فلسطينية في موسكو التي استقبلت السبت وفودا تمثل أغلب الفصائل الفلسطينية بينها حركتا فتح وحماس.

ويضاف إلى ذلك انفتاح روسيا على المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، وما حمله لقاؤه مع عسكريين روس من إيحاء بأن موسكو قد تضع حلّ الأزمة الليبية، على الطريقة السورية، كإحدى أولوياتها، وما يعنيه من سحب البساط من تحت أقدام الدول الغربية التي فشلت في حلحلة الملف طيلة السنوات الخمس الماضية.

العرب اللندنية