صفقة سلاح بنحو ملياري دولار تعيد روسيا إلى ليبيا

صفقة سلاح بنحو ملياري دولار تعيد روسيا إلى ليبيا


تونس – كشفت مصادر دبلوماسية عربية النقاب عن أن صفقة سلاح بأكثر من ملياري دولار هي التي سرّعت بعودة روسيا الاتحادية إلى ليبيا التي جسدتها زيارة حاملة الطائرات “الأميرال كوزنيتسوف” التي رست قبالة سواحل طبرق، في تحرك مازال يثير جدلا وسط الكثير من التكهنات حول أبعاده في هذه الفترة التي عاد فيها الملف الليبي إلى دائرة التحركات السياسية والدبلوماسية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وقالت هذه المصادر لـ”العرب”، إن التحرك العسكري الروسي نحو ليبيا يأتي في أعقاب التوصل إلى اتفاق بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وروسيا حول تفعيل تنفيذ اتفاقية حول ﻋﻘﻮﺩ تضمنتها صفقة سلاح كان ﻧﻈﺎﻡ العقيد الراحل ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍفي قد ﺃﺑﺮﻣﻬﺎ مع روسيا في العام 2008.

وأوضحت أن هذه الاتفاقية التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى في العام 2009، والمقرر تنفيذها في 2010، تبلغ قيمتها 1.8 مليار دولار، وهي تشمل شراء نحو 20 طائرة مقاتلة، ومنظومات صاروخية من نوع “إس 300”، ودبابات من طراز “تي 90”، بالإضافة إلى تحديث وتطوير 140 دبابة مننوع “تي 72”.

وبحسب المصادر الدبلوماسية العربية التي تحدثت لـ”العرب”، فإن ليبيا أعربت للجانب الروسي عن اعتزامها أيضا شراء 12 طائرة من نوع “سوخوي 35”، و”سوخوي 30”، و4 طائرات للتدريب من طراز “ياكوفليف 130” من روسيا، خلال الزيارات التي قام بها المشير خليفة حفتر وعدد من كبار مسؤولي الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبدالله الثني إلى موسكو.

واعتبرت أن التطورات الميدانية والسياسية التي عرفتها ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية، وخاصة منها تمكن الجيش الليبي بقيادة حفتر من استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي خلال شهر مارس الماضي، جعلت روسيا تُلقي بثقلها إلى جانب حفتر الذي باتت قواته تُسيطر على أجزاء كبيرة من التراب الليبي في الشرق والجنوب، وكذلك أيضا مناطق الساحل الليبي حيث الموارد النفطية.

وأكد إسماعيل الغول، عضو مجلس النواب (البرلمان) الليبي في اتصال هاتفي مع “العرب”، وجود مثل هذه الصفقة، حيث قال “هناك عقود سابقة للجيش الليبي، وما تم هو استكمال تنفيذ تلك العقود، وهذا أمر لا إشكالية فيه، والحكومة المؤقتة سعت إلى تفعيلها من قبل”.

التطورات الميدانية الأخيرة في ليبيا شجعت روسيا على المضي قدما نحو تفعيل تنفيذ صفقة عقود الأسلحة

ويبدو أن هذه التطورات، وخاصة منها تلك المُرتبطة بالسيطرة على الموانئ النفطية، قد شجعت روسيا على المُضي قُدما نحو تفعيل تنفيذ تلك الصفقة التي كثيرا ما سعت حكومة عبدالله الثني إلى إحياء بنودها خلال السنوات الماضية، لكنها كانت تصطدم بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يحظر بيع السلاح إلى ليبيا.

ولا يستبعد المراقبون أن تكون روسيا قد حسمت أمرها باتجاه تجاوز ذلك القرار الذي طالبت العديد من الدول الإقليمية وخاصة منها مصر، بضرورة رفعه حتى يتمكن الجيش الوطني الليبي من محاربة التنظيمات والجماعات الإرهابية.

وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر في العام 2011 قرارا حمل رقم 1970 نص على أن تتخذ جميع الدول الأعضاء على الفور كافة التدابير لمنع توريد جميع أنواع الأسلحة ومـا يتصل بها من عتاد أو بيعها لها أو نقلها إليها بشكل مباشر أو غير مباشر.

وشمل القرار المذكور الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار، وذلك انطلاقا من أراضيها أو عبرها أو على أيدي رعاياها أو باستخدام السفن أو الطائرات التي ترفع أعلامها، ومنع توفير المساعدة التقنية والتدريب والمـساعدة المالية وغيرها من أشكال المساعدة، فيما يتصل بالأنشطة العسكرية، بما في ذلك توفير أفراد من المرتزقة المسلحين سواء كان مصدرهم أراضيها أم لا.

وبالنظر إلى الحديث المتزايد حول وجود برنامج للتعاون العسكري بين الجيش الوطني الليبي وروسيا، تمت بلورة خطوطه العريضة في أعقاب اللقاءات المتعددة التي جرت الأربعاء بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، ووزير الدفاع الروسي ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي.

ويُنتظر أن يبدأ تنفيذ هذا الاتفاق قريبا، بحسب إذاعة فرنسا الدولية، التي أكدت السبت، نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن تنفيذ اتفاق بات وشيكا، ولفتت إلى أن عمليات تدريب أفراد الجيش الليبي ستبدأ خلال الأيام المقبلة.

ويُرجح أن يصل العشرات من الخبراء العسكريين الروس خلال أيام إلى قواعد الجيش الليبي بالشرق، لبدء برنامج التدريب، فيما بدأت بعض التشكيلات العسكرية المشتركة مناورات في عدد من القواعد العسكرية الليبية، منها طبرق وبنغازي، وكذلك أيضا في عرض البحر على متن سفن عسكرية روسية.

ووصف إسماعيل الغول في تصريحه لـ”العرب” هذه التطورات، بأنها مقدمة لرفع الحظر المفروض على الجيش الليبي الذي يواجه الجماعات والتنظيمات الإرهابية في البلاد.

وقال إن اتفاق التعاون العسكري بين الجيش الليبي وروسيا يُعد “ثغرة كبيرة في جدار حظر السلاح عن ليبيا، وهو بذلك يؤشر إلى بداية انهيار هذا القرار باعتبار أن روسيا لا يمكن أن تقدم على مثل هذه الخطوة العسكرية الكبيرة والهامة لو لم تستعد لها من قبل”.

العرب اللندنية