موسكو تتوقع إحياء «اللجنة الرئاسية» مع واشنطن

موسكو تتوقع إحياء «اللجنة الرئاسية» مع واشنطن

لم يسبق أن كان تولي الرئيس المنتخب في الولايات المتحدة مهماته حدثاً «داخلياً» إلى هذه الدرجة في روسيا. وبعيداً من الإشارات الكثيرة عن دور روسي حرف مسار الانتخابات، فإن روسيا تكاد تحبس أنفاسها وهي تترقب اللحظة الفاصلة لتبدأ معها مرحلة جديدة.

الأسئلة التي تنهال على الناطق الصحافي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن دونالد ترامب يومياً، تعكس درجة انشغال روسيا بالحدث الأميركي، إلى حد دفع معلقين في الجريدة المعارضة الوحيدة «نوفايا غازييتا» لعقد مقارنات والتذكير بأن الكرملين لم يعلق يوماً بالكثافة ذاتها على نتائج انتخابات «وطنية».

ولا يعني ذلك أن الكرملين مطمئن تماماً لمواقف الإدارة الأميركية الجديدة، وعلى رغم كل الإشارات «الإيجابية» التي تبادلها الطرفان خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الحذر يسيطر على مطبخ القرار الروسي بانتظار «الخطوات الأولى للرئيس ترامب».

ولا يتوقع الكرملين «تصرفات راديكالية»، أي أن يتخذ ترامب قرارات برفع عقوبات أو إعلان انفتاح واسع على روسيا، لكنه يرغب في رؤية خطوات ملموسة تترجم جزءاً من الوعود الانتخابية، خصوصاً بدء مسار جديد لإصلاح ما وصفه ترامب بـ «الفشل الديبلوماسي الذريع لفريق الرئيس باراك أوباما».

في هذا الاتجاه، يتمثل الهدف الأول المطروح في استئناف الحوار المقطوع بين البلدين، ما يتطلب إحياء «اللجنة الرئاسية» المجمدة منذ العام 2013. تضم اللجنة أكثر من 20 لجنة فرعية للحوار بين الكرملين والبيت الأبيض، تشمل كل ملفات العلاقة الثنائية، من الأمن الاستراتيجي إلى حقوق الإنسان وحرية الصحافة. وتتهم موسكو الجانب الأميركي بأنه جمد نشاطات اللجنة بعد قمة «العشرين» في سان بطرسبورغ، وجاءت بعد ذلك تطورات الملف الأوكراني ثم السوري لتقضي على كل آليات الحوار الثنائية وتركت قناة واحدة مفتوحة هي قناة «لافروف- كيري» التي لم تثمر كثيراً. ثمة من يعوِّل في الكرملين على أن إحياء اللجنة الرئاسية لن يواجه باعتراضات جدية داخل الإدارة الجديدة، أو من جانب الكونغرس، باعتبار أن الخطوة تنسجم مع توجهات ترامب لفتح حوار ولا «تورِّطه» في تقديم تنازلات مجانية للروس.

لكن هذه الخطوة تعد واحدة في إطار «خريطة طريق» يعمل الكرملين على وضعها لتطبيع العلاقات، وتتضمن إعادة «هيكلة» الملفات الخلافية الأساسية. والمقصود مراجعة ملفات الخلاف الرئيسة على أسس جديدة، فالوجود الروسي في سورية غدا أمراً واقعاً سيكون على ترامب التعامل معه، لكن مهمات «الحرب المشتركة على الإرهاب» ستكون لها أولوية. وفي هذا الإطار، فان الإشارات التي صدرت حتى الآن عن فريق ترامب تبدو مريحة لموسكو.

والعلاقة المتدهورة مع أوروبا لها عنوانان بارزان، هما الموضوع الأوكراني، بما في ذلك قرار ضم شبه جزيرة القرم، وتحركات حلف الأطلسي على الحدود الغربية لروسيا. وفي الأول تبدي موسكو استعداداً لتقليص التدخل في شرق أوكرانيا في مقابل طي صفحة القرم، وهو أمر يرى الروس أن الإدارة الأميركية الجديدة لن تبدي تشدداً فيه ولو لم تعترف رسمياً بقرار الضم.

وفي الثاني، يراهن الكرملين على اتساع الشرخ داخل الأطلسي الذي وصفه ترامب بأنه «منظمة عف عليها الزمن»، وتذمر من تحمل الولايات المتحدة كلفة باهظة لتمويل نشاطاته. في المقابل، لن تمانع موسكو في تقديم «جائزة كبرى» لترامب، تتمثل في الموافقة على إطلاق حوار لتقليص ملموس للترسانتين النوويتين. وهذا سيشكل إنجازاً لترامب، ولن يضر بقدرات روسيا التي باتت تعتمد أكثر على القدرات الصاروخية للردع والتقنيات التقليدية الحديثة، كما قال أخيراً وزير الدفاع سيرغي شويغو.

الحياة