جولة سندات جديدة تثير تحذيرات من اندفاع القاهرة للاقتراض

جولة سندات جديدة تثير تحذيرات من اندفاع القاهرة للاقتراض


حذر اقتصاديون مصريون من تداعيات موجة الاقتراض الجامحة على مستقبل اقتصاد البلاد، في وقت تنتشر فيه موجة الاقتراض في معظم الدول العربية لتصل إلى معظم الدول الغنية.

ولم يتوقع أحد قبل سنوات أن تدخل السعودية هذا النادي، بسبب احتياطاتها المالية الكبيرة، لكنها دخلت بقوة في أكتوبر الماضي وجمعت نحو 17.5 مليار دولار من خلال طرح سندات في الأسواق الدولية.

واعتبر محللون ذلك الطرح، تطورا نوعيا في توجهات أسواق القروض في المنطقة. وقد أدى بالفعل إلى تأجيل خطط مصر للاقتراض من الخارج لنحو شهرين، بعد أن تشبعت السوق بتلك السندات.

وظلت القاهرة تراقب عن كثب الوقت المناسب لاستكمال مسلسل اقتراضها بهدف تغطية العجز الكبير في مواردها المالية، نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي وجفاف موارد العملات الأجنبية وخاصة من قطاع السياحة.

وحذرت أمنية حلمي، رئيسة مركز الدراسات الاقتصادية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، من ارتفاع معدلات الاقتراض من الخارج والأعباء التي تضعها على الأجيال المقبلة.

وقالت لـ“العرب” إن “الحكومة المصرية تبرر ذلك حاليا، بأنها ماضية في مشروعات قومية كبرى ستعزز جذب الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، وهي تتوسع في سد الفجوة التمويلية الضخمة لحين جني ثمار تلك المشروعات”.

وقدر الاتحاد العربي للاستثمار المباشر الفجوة الاستثمارية التي يحتاجها الاقتصاد المصري للتعافي من كبوته الحالية، بنحو 50 مليار دولار سنويا لنحو 5 سنوات متتالية.

ومعروف أن ارتفاع معدلات الاقتراض بشكل غير محسوب يضع الاقتصاد في مأزق، كما أن مؤسسات التصنيف تراقب عن كثب معدلات الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل دوري، وحال مواصلتها للصعود تضع الاقتصاد تحت المراقبة.

ومن هنا تحتاج مصر إلى ترتيب أوراقها وتذليل المعوقات التي تحول دون انسياب الاستثمارات الأجنبية، بدلا من استخدام شهادات المؤسسات الدولية في الحصول على المزيد من القروض.
عمرو الجارحي: نستهدف جذب استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار عبر أذون الخزانة

وتنطلق اليوم الثلاثاء من الإمارات أكبر جولة ترويجية للسندات التي تنوي القاهرة طرحها في الأسواق العالمية، حيث ترغب في اقتراض نحو 2.5 مليار دولار قبل حلول 25 يناير المقبل، والذي يصادف الذكرى السادسة للثورة التي اندلعت في عام 2011.

وتواصل الحكومة المصرية حملتها إلى مختلف الأسواق المالية في لندن والولايات المتحدة للبحث عن مستثمرين جدد لتسويق سنداتها مستغلة ثقة صندوق النقد الدولي في الاقتصاد.

ووافق صندوق النقد على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، ووصلت الدفعة الأولى منه إلى القاهرة خلال شهر نوفمبر الماضي بقيمة 2.75 مليار دولار، ومتوقع أن تصل الدفعة الثانية التي ستقل قليلا عن ملياري دولار خلال الربيع المقبل.

وقال عمرو الجارحي وزير المالية في مصر، إننا نستهدف جذب استثمارات في أذون الخزانة خلال العام الحالي بنحو عشرة مليارات دولار.

وأضاف في تصريحات لـ“العرب” أن المستثمرين الأجانب قاموا بشراء أذون خزانة بنحو مليار دولار حتى الآن، وهو مؤشر يعكس الثقة في قدرة الاقتصاد على النمو، ويعكس مدى التجاوب مع السياسات الجديدة.

وقال أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية لـ“العرب” “إننا سنعرض تسويق هذه السندات على نحو 100 صندوق استثمار في المنطقة العربية وفي الأسواق العالمية”.

واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضي وفدا من ممثلي 27 صندوق استثمار ومحفظة مالية من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وجنوب أفريقيا ودول الخليج.

وأكدت المجموعة الماليـة هيرميس، أن اللقاء جاء على هامش تنظيمها لمؤتمر “الاقتصاد المصري بين الآفاق والفرص الجديدة”، وأن هذه الصناديق تدير أصولا استثمارية حول العالم تتجاوز 3.5 تريليون دولار.

وأدى ارتفاع معدلات الاقتراض من الخارج إلى ارتفاع الاحتياطي النقدي لدى مصر من العملات الأجنبية إلى 24.26 مليار دولار.

واقترض البنك المركزي قبل شهرين نحو ملياري دولار من خلال طرح سندات في بورصة إيرلندا.

وأشار وزير المالية حينها إلى أن هذا الاتجاه يستهدف تنويع مصادر الاقتراض لمواجهة العجز المتواصل في الموازنة العامة بالبلاد. وحذر مصطفى إبراهيم، نائب رئيس مجلس الأعمال المصري الصيني، من التوسع في الاقتراض، لافتا إلى أن مخاطره يمكن أن تكون مكلفة للاقتصاد.

وقال لـ“العرب” “أجد ابتسامة عريضة على وجوه المسؤولين بعد منح المؤسسات الدولية القروض لمصر، في حين أن هذه القروض تعد ديوناً لا بد أن يتم سدادها”.

وأشار بأسف إلى أن كفاءة المسؤولين أصبحت تقاس بمدى قدرتهم على اقتناص القروض الخارجية وليس بالسعي لزيادة معدلات الإنتاج وحل المشكلات الحقيقية التي تعزز من فرص الاستثمار.

العرب اللندنية