هل يبعث مؤتمر باريس للسلام رسالة تحذير لترمب؟

هل يبعث مؤتمر باريس للسلام رسالة تحذير لترمب؟

وصف مراقبون مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الذي عقد مؤخرا في العاصمة الفرنسية باريس، بالقمة الرمزية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالنظر للسياق المتفجر في المنطقة من جهة، وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس من جهة ثانية.

مؤتمر خاص بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي جاء بمبادرة فرنسية، ومع ذلك غاب عنه طرفا النزاع في مفارقة لافتة، رغم مشاركة أكثر من 75 دولة ومنظمة.

مبادرة كان هدفها المعلن هو تأكيد التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين، واستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، التي توقفت منذ أبريل/نيسان 2014.

هدف سعت المبادرة الفرنسية إلى تحقيقه عبر محاولة إعادة خلق ظروف ملائمة تشجع الطرفين على الحوار، رغم غيابهما عنه.

ومنذ الإعلان عنه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته مؤتمر السلام الدولي “بالعبثي”، رافضا المشاركة فيه.

معارضة صارمة أكدت الحكومة الإسرائيلية من خلالها أن المحادثات المباشرة مع الفلسطينيين هي السبيل الوحيد لوضع حد للصراع بين الجانبين.

أما الفلسطينيون، ولئن لم يشاركوا بدورهم في المؤتمر، من منطلق قناعتهم بأن سنوات من المفاوضات فشلت في وضع حد لاحتلال أراضيهم، فقد دعموا المبادرة.

القدس وترمب
وعقد المؤتمر في سياق اتسم بعدم اليقين قبل بضعة أيام فقط من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي لا يخفي تحيزا في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لصالح تل أبيب.

تحيز استبطنه وعده خلال حملته الانتخابية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب، ضمن مشروع ضبابي من شأنه عرقلة جهود السلام المبذولة في هذا الصدد.

مقترح تراه فلسطين خطا أحمر، “ليس فقط لأنه يجرد الولايات المتحدة الأميركية من أي شرعية للعب دور في حل الصراع، وإنما لأنه يقضي على حل الدولتين“، وفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي هدد بالتراجع في ما يتعلق بالاعتراف بإسرائيل.

وبالنسبة لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرلوت، فإن عملية نقل السفارة “ستكون لها عواقب وخيمة”، ولفت في خطابه الافتتاحي للمؤتمر إلى أن الفاعلين الدوليين على وعي بخطورة الوضع.

من جانبه، أشار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال كلمته بالمؤتمر إلى أن المبادرة تشكل “قبل كل شيء تحذيرا لأن حل الدولتين يبدو مهددا”.

وأكد المؤتمر -في بيانه الختامي- أن إنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يمكن أن يتحقق إلا بحل دولتين، داعيا إلى نبذ العنف ورفض الاستيطان والعودة إلى طاولة المفاوضات.

تأكيد الالتزام بحل الدولتين عكس نتائج وصفها مراقبون “بالهزيلة” بالنسبة لمؤتمر حمّله متابعوه آمالا عريضة بنتائج متنوعة.

ومع أن البيان الختامي تجنب أي انتقاد صريح لخطط ترمب لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، فإن إصراره على حل الدولتين يمرر رسائل واضحة للإدارة الأميركية الجديدة، تستبطن تحذيرات من مغبة القيام بخطوة ستكلف الولايات المتحدة دورها في الوساطة بين طرفي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وعقب فوز ترمب، عولت إسرائيل الكثير على تصريحاته المؤيدة لها خلال حملته الانتخابية، وطالبته مرارا بتنفيذ وعوده بنقل سفارة بلاده.

وتُعد القدس في صلب النزاع بين فلسطين وإسرائيل؛ حيث يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية المحتلة عاصمة لدولتهم المنشودة.

وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في أبريل/نيسان 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، والإفراج عن المعتقلين القدامى في سجونها، والالتزام بحل الدولتين على أساس حدود1967م.

الجزيرة