طهران تهادن الرياض لتطويق خلافاتها مع واشنطن وموسكو

طهران تهادن الرياض لتطويق خلافاتها مع واشنطن وموسكو

دافوس (سويسرا) – غير المسؤولون الإيرانيون من لهجتهم تجاه السعودية من التصعيد إلى التودد والسعي إلى فتح قنوات التواصل معها في خطوة قال مراقبون إنها تعكس مأزقا تود طهران الخروج منه من خلال الكلام عن انفتاح مع الرياض، لا سيما أنها متخوفة من إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، ومنزعجة من الأجندة الروسية في سوريا.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأربعاء إن إيران والمملكة العربية السعودية يجب أن تعملا معا للمساعدة على إنهاء الصراعات في سوريا واليمن بعد التعاون بنجاح بشأن لبنان العام الماضي.

وأضاف ظريف في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس “لا أرى سببا في أن تكون هناك سياسات عدائية بين إيران والسعودية. حقيقة يمكننا العمل معا لإنهاء الأوضاع المأساوية لشعوب سوريا واليمن والبحرين وغيرها من دول المنطقة”.

وتابع “تمكنت إيران والسعودية من وقف عرقلة عملية الانتخابات الرئاسية في لبنان. حققنا نجاحا”.

وكان ميشال عون انتخب رئيسا للبنان العام الماضي. وعون حليف وثيق لحزب الله المدعوم من إيران. ورحبت طهران بانتخابه واعتبرته انتصارا لحليفها، فيما نجحت السعودية في أن تجعل حليفها سعد الحريري على رأس الحكومة اللبنانية.

ولاحظ متابعون للشأن الإيراني تغييرا خلال الأيام الأخيرة في تصريحات أبرز المسؤولين الإيرانيين تجاه السعودية، ما يعني أنها تندرج ضمن خيار مدروس في طهران، وأن هناك إجماعا رسميا عليها.

وأعلن روحاني الثلاثاء استعداد بلاده للتعاون مع السعودية لحل مشكلات الإقليم، مضيفا أن بلاده أجرت مباحثات دائمة مع الرياض. وقال إن إيران لا تعارض أي “دور طبيعي” للسعودية في المنطقة.

وشدد علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، على أن بلاده لا تسعى إلى إسقاط الأسرة السعودية الحاكمة، وأنها تحرص على منع محاولات إسقاط آل سعود.

وشمخاني قريب من المرشد الأعلى علي خامنئي ومن القيادي في الحرس الثوري قاسم سليماني.

وبغض النظر عما إذا كان في الأمر تسويف ومناورة، إلا أن تكرار هذه المواقف يعني أن إجماعا لدى كافة تيارات الحكم في إيران على رسائل الود تجاه السعودية، ومن ورائها بقية دول الخليج.

واعتبرا المتابعون أن هذا التحول المفاجئ يعكس مأزقا تود طهران الخروج منه من خلال الكلام عن الانفتاح على الرياض، والإيهام بالتراجع عن دورها التخريبي في المحيط الإقليمي، ما قد يفتح بابا للتهدئة مع محيطها الخليجي للتفرغ للأزمات المستعصية خاصة مع رحيل إدارة باراك أوباما وتسلم إدارة جديدة لا تخفي عداءها لإيران.

وتخفي التصريحات الرافضة لأي تغيير في بنود الاتفاق النووي مخاوف جدية في إيران من أن تعيدها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى النقطة الصفر، أي إلى مربع العقوبات الذي غادرته بصعوبة وبعد تقديم تنازلات كثيرة لإرضاء الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي اعتقد فيه الإيرانيون أنهم تحولوا إلى قوة إقليمية نافذة بعد التدخل في سوريا، تفاجأوا بالاستدارة الروسية نحو تركيا، وتعاون موسكو وأنقرة على فرض حل سياسي في سوريا لا يضع حسابا لمصالحها.

وسعت طهران إلى نفي أي خلافات بينها وبين موسكو في سوريا، لكن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف التي قال فيها إنه لولا تدخل بلاده لسقطت دمشق أخرجت الصراع مع إيران إلى العلن، واضطرت المسؤولين الإيرانيين إلى الإقرار بوجود هذه الخلافات.

ولا يبدو أن مناورة التهدئة الإيرانية ستغري الخليجيين وتدفعهم إلى إطلاق تصريحات مرحبة، بسبب تجاربهم الطويلة مع طهران وأساليبها في الالتفاف على المواقف والتصريحات، فضلا عن استمرارها في استهداف الأمن القومي لدول الخليج.

العرب اللندنية