الأسد يلوّح بالمصالحة وتثبيت الهدنة على الأرض

الأسد يلوّح بالمصالحة وتثبيت الهدنة على الأرض


موسكو – كشفت تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد التي أدلى بها إلى محطة تلفزيونية يابانية عن رسائل تهدف إلى تقزيم أعمال مؤتمر أستانة الذي يعقد الاثنين المقبل، والذي تعمل روسيا على جعله منبرا يمنحها موقعا دوليا هاما في المشهد العالمي العام.

وأفصحت تصريحات الرئيس السوري عن مسعاه لتثبيت الهدنة على الأرض عبر التلويح بالمصالحة مع أطراف المعارضة.

وأكد الأسد في المقابلة أن “المؤتمر سيكون على شكل محادثات بين الحكومة والمجموعات الإرهابية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح لتلك المجموعات بالانضمام إلى المصالحات في سوريا، ما يعني تخليها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة”، مضيفا أن “هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع توقعه في هذا الوقت”.

وفيما تحدثت موسكو عن إمكانات تطوير المفاوضات لتناول شؤون تتعلق بالدستور، إلا أن الرئيس السوري، من خلال تصريحاته، يدرج سياق أستانة في إطار عمليات المصالحة التي نفذت في بعض المناطق السورية، لا سيما تلك القريبة من دمشق، والتي اعتمدت على تدابير لتصحيح أوضاع المتمردين و”إعادتهم إلى حضن الدولة”، وفق التعبيرات التي يستخدمها النظام.

ورأت مراجع دبلوماسية متابعة لكواليس التحضير لمؤتمر أستانة، أن الأسد اعتبر الفصائل العسكرية المعارضة المشاركة في المؤتمر “إرهابية”، فيما نفى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ذلك مؤكدا أن هذه الفصائل غير مدرجة على لائحة الأمم المتحدة للجماعات الإرهابية.

وقال ليونيد سوكيانين أستاذ العلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد والسياسة في موسكو أن روسيا “لا ترى هذه الفصائل على أنها إرهابية وإلا لما دعتها إلى المحادثات”.

ليونيد سوكيانين: روسيا لا ترى فصائل المعارضة إرهابية وإلا لما دعتها إلى أستانة
ودعا سوكيانين في تصريح لـ”العرب” إلى أن تكون اللهجة المستخدمة من قبل المعارضة أو النظام “إيجابية لخلق مناخ جيد لا يعرقل المحادثات”.

واعتبر المراقبون أن حديث الأسد عن سقف متواضع لهذه المفاوضات يعبر عن امتعاض دمشق وطهران من عقد هذا المؤتمر وجر النظام السوري نحو طاولة المفاوضات، فيما أن النظام السوري وإيران كانا يعوّلان على القوة النارية الروسية لحسم الأمر عسكريا.

وقال الأسد في حديثه، الذي نشر مقتطفات منه على موقع تويتر للرئاسة السورية، إنه “ليس من الواضح ما إذا كان مؤتمر أستانة سيتناول أي حوار سياسي لأنه ليس واضحا من سيشارك فيه”.

وفيما قلل محللون روس من وقع تصريحات الأسد على أهمية المؤتمر، إلا أنهم اعتبروا أن المناكفات الراهنة بين أطراف التسوية السورية، دمشق وطهران وموسكو وأنقرة، متوقعة لكنها لن تؤثر على عزم روسيا على عقد المؤتمر وتطوير مفاعيله.

ورأى مراقبون أن إيران حاولت تعطيل عملية أستانة من خلال ارتكاب ميليشياتها وقوات النظام انتهاكات لوقف إطلاق النار، ومن خلال رفضها مشاركة واشنطن في المؤتمر.

ولا تنظر طهران بعين الرضا إلى هذا التقارب الروسي التركي الذي توّج الأربعاء ببدء علميات جوية تركية روسية مشتركة ضد أهداف لتنظيم داعش في بلدة الباب شمال سوريا في مؤشر واضح على تعاون وثيق بشكل متزايد بين موسكو وأنقرة.

إلا أن موسكو أعلنت مع ذلك، وعلى لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف أنه تم توجيه دعوة إلى الولايات المتحدة للمشاركة في أعمال المؤتمر.

وكان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أعلن في وقت سابق أنه التقى بالسفير الأميركي في موسكو، وبحث معه الأزمة السورية ومفاوضات أستانة.

وسبق وأن أعرب لافروف عن أمله في مشاركة ممثلين عن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في مفاوضات أستانة، وأشار إلى أنَّ الملف السوري سيشكل نقطة التماس الأولى لبلاده مع الإدارة الأميركية الجديدة.

ورغم وضوح الرسائل الإيرانية لموسكو إلا أن روسيا تجنبت السجال مع إيران وتركت أمر ذلك لمواقف عبر عنها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.

وأكد سوكيانين لـ”العرب” أن “لموسكو كلمة مسموعة عند النظام، ولن تتردد في الضغط على الأسد لتضمن التزامه بخارطة الطريق التي وضعتها موسكو وأنقرة”.

ولاحظ مراقبون أن المعارضة بشقيها العسكري والسياسي تتعاطى مع المؤتمر بإيجابية متعاونة على نحو معاكس للتوتر الذي تبديه إيران ونظام دمشق، معتبرين أن تصريحات محمد علوش رئيس وفد المعارضة تهدف إلى الاستفادة من منبر أستانة للحصول على مكتسبات جديدة.

واعتبر علوش الخميس أن الهدف من الذهاب إلى المفاوضات هو تثبيت وقف إطلاق النار بالدرجة الأولى “وخاصة في المناطق المشتعلة في وادي بردى والغوطة الشرقية”.

وأكد على أهمية الدور الروسي في وقف إطلاق النار محذرا “إن كانوا (الروس) غير قادرين، وليسوا أهلا لهذه المسؤولية، لا يمكن متابعة الطريق مع من يقول ولا يفعل، نريد قولا وفعلا، فالمعارضة التزمت (بالهدنة)”.

العرب اللندنية