تركيا تتجه نحو النظام السياسي الرئاسي

تركيا تتجه نحو النظام السياسي الرئاسي

في وقت مبكر اليوم”السبت”، أقرت الجمعية الوطنية “البرلمان” مقترح القانون الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية الحاكم، لتغيير النظام السياسي في البلاد من نيابي”برلماني” إلى رئاسي وشارك 488 نائبا في عملية التصويت السرية بالجلسة العامة للجمعية، حيث صوت 339 نائب لصالح مقترح القانون، بينما عارضه 142، فيما صوت 5 بورقة بيضاء، في حين ألغيت صوتين اثنين.ومن المخطط أن يعرض المقترح على رئيس البلاد في 23-24 كانون الثاني/يناير الحالي،من أجل المصادقة عليه ضمن 15 يوما، ثم عرضه على استفتاء شعبي خلال 60 يوما، اعتبارا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.

وتنص أبرز المواد المقترح على رفع إجمالي عدد النواب في البرلمان التركي من 550 إلى 600 نائبًا، وخفض سن الترشّح للنيابة البرلمانية من 25 إلى 18 عامًا، ويستثنى الذين على صلة بالخدمة العسكرية. وتتضمن المواد إجراء الانتخابات النيابية في البلاد مرة واحدة كل 5 أعوام، وإجراء الانتخابات الرئاسية في اليوم ذاته، وفي حال لم يحصل أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية للأصوات المطلوبة، ستجرى جولة ثانية وفقا للاجراءات المنصوص عليها. كما يشترط أن يكون سن الترشّح لرئاسة الجمهورية التركية 40 عامًا، وأن يكون المُرشح من المواطنين الأتراك الحائزين على درجة في التعليم العالي.وسيتم انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب التركي، لمدة 5 أعوام، ولا يمكن للشخص الواحد أن يُنتخب رئيسًا للجمهورية التركية أكثر من مرتين، وفقًا للمواد. كما تنص مواد المقترح على إلغاء القانون الذي يقضي بقطع صلة رئيس الجمهورية المنتخب عن الحزب السياسي الذي ينتمي إليه.

وسيتمكن رئيس الجمهورية، وفقًا للمواد، من تعيين أكثر من نائب واحد له، وتعيين نوابه والوزراء من بين الأشخاص الذين تتوفر لديهم شروط الترشّح للنيابة، وإقالتهم.ويشترط على نواب رئيس الجمهورية ووزراء الحكومة، أداء القسم الدستوري أمام الجمعية الوطنية التركية. ويتولى رئيس الجمهورية قيادة الجيش،  ويحق للرئيس إعلان حالة الطوارئ في حال توفر الشروط المحددة في القانون.

وتُتيح المواد الجديدة فتح تحقيق مع رئيس الجمهورية استنادًا إلى مقترح تطرحه الأغلبية المطلقة من إجمالي أعضاء البرلمان التركي. ويشترط على نواب رئيس الجمهورية ووزراء الحكومة، أداء القسم الدستوري أمام الجمعية الوطنية التركية. وتُتيح المواد الجديدة فتح تحقيق مع رئيس الجمهورية استنادًا إلى مقترح تطرحه الأغلبية المطلقة من إجمالي أعضاء البرلمان التركي. ومن التعديلات الدستورية أيضاً إلغاء المحاكم العسكرية بما فيها المحكمة القضائية العليا العسكرية والمحكمة الإدارية العليا العسكرية ويحظر إنشاء محاكم عسكرية في البلاد باستثناء المحاكم التأديبية.  تسقط العضوية البرلمانية عن النواب الذين يتم تعيينهم في منصب نواب الرئيس أو وزراء. يمكن للبرلمان اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة بموافقة ثلاث أخماس مجموع عدد النواب. كما تجري الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

ومن أجل إقرار التعديلات الدستورية في البلاد، ينبغي أن يكون عدد المصوتين في الاستفتاء الشعبي بـ (نعم) أكثر من 50 بالمئة من الأصوات (50+1). وهذه التعديلات الدستورية في حال إقرارها فإن النظام السياسي التركي سيشبه إلى حد بعيد النظام السياسي الأمريكي في آلية عمله.

وبعد التصويت، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن القرار النهائي بات بيد الشعب، فيما يتعلق بتغيير نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، مؤكّدًا احترامه للقرار الشعبي. وأوضح يلدريم: “إن تغيير الدستور في البلاد بيد الشعب التركي. نحن كنواب قمنا بمهمتنا الموكلة إلينا في البرلمان، ونحيل الأمر بعد اليوم إلى صاحبه الحقيقي أي الشعب”، مشيدًا بدور شعبه في اتخاذ القرارات الصائبة.وأشار رئيس الوزراء التركي إلى أن شعبه سيتوجّه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته بشكل واعٍ وصادق، وأنه سيختار الأفضل لأجل تركيا، وأكّد احترامه للقرار الشعبي.

 وعن موقف أبرز الأحزاب السياسية والنقابية من مشروع القانون، فقد هنأ رئيس حزب الحركة القومية، “دولت باهجة لي”، الشعب التركي بإقرار الجمعية الوطنية له، وفي تصريح صحفي له عقب تصويت الجمعية الوطنية على المشروع، تمنى “باهجة لي” أن يعود التغيير بالخير على شعبه.

 بينما صوّت حزب الشعب الجمهوري من تيار يسار الوسط ضد مشروع القانون، واستنكر ما أسماه تغيير النظام، وتوقع زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، “كمال قليجدار أوغلو”، أن يصوّت الشعب، ضد التعديلات الدستورية، جاء ذلك خلال كلمته أمام كتلته البرلمانية، عقب موافقة البرلمان فجر اليوم، على مقترح التعديلات الدستورية، التي تنص على تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، المطروح من قبل حزب العدالة والتنمية.وقال قليجدار أوغلو “أثق من صميم قلبي بأن الشعب لن يسمح بتمرير اللعبة التي تمت في البرلمان، شعبنا سوف يصحح هذا الخطأ”.وأضاف قليجدار أوغلو أنهم يريدون “رئيسًا محايدًا، والرئيس الذي لا يكون حياديًا لا يمكن أن يأتي بفائدة للبلاد، ونحن بصدد العيش بسلام والابتعاد عن الصراع، لذا سوف نستمر في نضالنا”.وطلب قليجدار أوغلو، من نوابه بالتواصل مع المواطنين لشرح أهمية رفض التعديلات الدستورية. وزعم قليجدار أوغلو أن “التعديلات الدستورية تضمن مستقبل شخص واحد وتتجاهل 80 مليون مواطن تركي”. وقال في هذا الصدد “نحن نعارض تغيير النظام، ولا يمكن لتركيا أن تحمل التغيير هذا”. في حين قاطع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد التصويت، بعد اعتقال نواب الحزب في البرلمان.

أما نقابة المحامون فقد رأت بمشروع القانون ميل نحو الاستبداد، حيث قال رئيس اتحاد نقابات محامي تركيا، متين فيض أوغلو إن “الفصل بين السلطات سيلغى بالكامل وكل الصلاحيات ستتركز بيد شخص واحد بحجة إحلال الاستقرار”. وأضاف “لكن استقراراً دائماً ليس ممكناً إلا في ظل دولة القانون”. وتابع “هذا ليس إصلاحاً بل انتحارا والشعب لن ينتحر أبداً”.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإن الشعب التركي سيصوت لصالح القانون، وهو ما سيعتبر نقطة تحول في تاريخ تركيا المعاصر، إذ ستمنح التعديلات الدستورية الرئيس التركي صلاحيات تعيين أو إقالة الوزراء وسيلغي منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى في تاريخ تركيا، وهو ما يشكل سابقة منذ تأسيس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية في عام 1923. كما ستؤسس لمعالم قد تكون جديدة في السياسة خارجية التركية.

وحدة الدراسات التركية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية