موجة الاقتراض الجامح تهدد بانفجار فقاعة الديون المصرية

موجة الاقتراض الجامح تهدد بانفجار فقاعة الديون المصرية

تثير عمليات الاقتراض المستمرة لبعض الدول العربية، مثل مصر وتونس، القلق في أوساط خبراء الاقتصاد من تفاقم أزمات تلك الدول، إذا لم يتم استثمار الأموال على نحو يعزز النمو الاقتصادي.

وتصاعدت في السنوات الأخيرة حدة إدمان بعض الدول على الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، أملا في البحث عن حلول سريعة لمشكلاتها الاقتصادية، بغض النظر عن تكلفة الديون على الأجيال المقبلة، ما يفتح المجال لحدوث هزات مستقبلية.

ويعد الاقتراض من صندوق النقد دواء مرا، حيث يلزم الدول باتباع سياسات تقشفية قد لا تتناسب في معظم الأحوال مع حالة التباطؤ الاقتصادي التي تحتاج إلى سياسات تستقطب الاستثمارات ورفع معدلات التشغيل، سواء في حركة الإنتاج أو العمالة.

وسارت كل من مصر وتونس في طريق الاقتراض، حيث سبقت تونس القاهرة في الحصول على قرض مساندة من صندوق النقد في مايو الماضي بنحو 2.9 مليار دولار على أربع سنوات.

ويصل حجم الدين الداخلي لتونس إلى نحو 54.5 مليار دولار، يمثل نحو 68.6 بالمئة من إجمالي الدين. وتوقع صندوق النقد أن تصل ديون تونس لنحو 30.7 مليار دولار خلال العام الجاري.

102 مليار دولار، ديون مصر الخارجية بحلول عام 2020، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي

ووافق الصندوق بعد ذلك لمصر على قرض لتنفيذ برنامجها الإصلاحي بنحو 12 مليار دولار، ودخلت الدفعة الأولى منه البنك المركزي بقيمة 2.75 مليار دولار.

وتوقع الصندوق في تقرير، الأسبوع الماضي، أن يواجه البرنامج المصري عددا من المشكلات، منها اتساع الفجوة التمويلية بنحو 35 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، مشيرا إلى أن تمويلات برنامج القرض مؤمنة فقط حتى نهاية العام المالي الحالي 2016-2017.

وتشير الوثيقة إلى أن ديون مصر الخارجية سترتفع لتصل إلى 102.4 مليار دولار بعد الانتهاء من برنامج الإصلاح الاقتصادي، أي أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي في 2020.

ويرجح الخبراء تزايد القلق من سلبيات الاقتراض على المدى البعيد، إذا لم تحقق مردودا يلمسه الجميع، فضلا عن أن الجهات المانحة تتابع عن كثب مؤشرات الرضاء الشعبي.

وقال فخري الفقي، مساعد مدير صندوق النقد الأسبق، لـ“العرب” إنه “في حال تراجع تلك المؤشرات عن الحدود المقبولة ستكشّر الجماهير عن أنيابها في الدول المقترضة، ما يفاقم الأوضاع وينذر بكارثة سياسية واجتمـاعية، نتيجة تـردي مؤشرات الاقتصاد”.

وأكد الخبير الاقتصادي أن مصر تحتاج إلى حلول غير تقليدية لإنقاذ العدد الضخم الذي يصل إلى نحو 30 مليون مواطن تقريبا ويتطلب ذلك تأهيلهم لسوق العمل من خلال استثمارات جديدة وعدم إنفاق القروض الخـارجية على شـراء الاحتيـاجات الأســاسية.

وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن 27.8 بالمئة من إجمالي سكان البلاد دخلوا في دائرة الفقر، إضافة إلى 5.3 بالمئة في براثن الفقر المدقع.
فخري الفقي:تردي مؤشرات النمو في الدول المقترضة ينذر بكارثة سياسية واجتماعية

وحصلت القاهرة على قروض ومنح بأكثر من 25 مليار دولار من دول الخليج خلال سنوات بين يناير 2011 ويونيو 2013، لكنها وجهت جميعها إلى الإنفاق الاستهلاكي، وباتت عبئا على البلاد.

واقترض المركزي المصري في الأيام الماضية ملياري دولار عبر طرح سندات في بورصة أيرلندا، من إجمالي أربعة مليارات تروجها وزارة المالية لصالحة.

وبدأت وزارة المالية جولة جديدة من التوسع في الاقتراض من الخارج من خلال الترويج لسندات دولارية بقيمة 2.5 مليار دولار من الأسواق العالمية اعتمادا على شهادة صندوق النقد.

وتلجأ الحكومات إلى الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية بحثا عن الحلول السهلة السريعة، بدلا من اختيار طريق التنمية عبر جذب الاستثمار، وهو صعب وطويل الأجل.

وتحتاج الدول التي شهدت تحولات سياسية إلى اتباع سياسات استثمارية توسعية، لتضييق دائرة البطالة، وزيادة دخول الأفراد حتى يشعرون بثمار تلك التحولات بدلا من السياسات الانكماشية التي لا تخلف وراءها سوى الضيق والبكاء على التغيير.

ولعل حالة الضيق التي تلمسها فئات واسعة من المواطنين في مصر جراء ارتفاع معدلات الأسعار وزيادة أعباء الحياة، تعتبر مؤشرا واضحا على تلك الحالة، حيث أصبح الحديث عن الصندوق بغيضا وثقيلا بسبب تضخم الأسعار دون زيادة مواكبة في دخول الأفراد.

ورفعت الحكومة المصرية أسعار المواد البترولية المدعومة في نوفمبر الماضي، بنسب تتراوح بين 30.5 بالمئة و46 بالمئة في ثاني خطوة من نوعها منذ يناير 2011، بعد ساعات من إصدار المركزي قرارا بتعويم الجنيه المصري.

ورغم تذرّع صندوق النقد بأنه لا يملي شروطا على الدول، فإن تصريحات مديرة الصندوق كريستين لاغارد عن الحالة المصرية مرارا، تؤكد أنه يجبر الدول على تطبيق قواعد تتوافق مع شروطه لمنح الائتمان.

يذكر أن تجارب سابقة لكل من اليونان والأرجنتين والبرازيل تعطي البرهان على فشل برامج وخطط الصندوق الإصلاحية، حيث زادت اتجاهات الصندوق في عمليات الإصلاح من معاناة المواطنين.

العرب اللندنية