بريطانيا تبدأ تسديد ثمن الطلاق الباهظ عن الاتحاد الأوروبي

بريطانيا تبدأ تسديد ثمن الطلاق الباهظ عن الاتحاد الأوروبي


لندن – بدأت البنوك العالمية الكبرى التي تتخذ من لندن مقرا لأكبر نشاطاتها المالية بالكشف عن خططها في أعقاب إعلان الحكومة البريطانية عزمها الطلاق التام عن الاتحاد الأوروبي.

وكشفت صحيفة “هاندلسبلات” الألمانية أن بنك غولدمان ساكس الأميركي يخطط لإعادة تنظيم عمله بعد إعلان الانفصال الشاق عن الاتحاد الأوروبي، وأنه ينوي نقل ألف وظيفة إلى فرانكفورت ونحو 3 آلاف وظيفة إلى نيويورك في إطار خطط أولية قد تتسع لاحقا.

وقال مجتبى رحمن، مدير مؤسسة ريسك كونسلتنسي، إن التأثير قد يبدو بسيطا في البداية ولكن مع مرور الوقت ستهاجر الكثير من المؤسسات المالية من لندن إلى عواصم أوروبية. وترى الباحثة الاقتصادية ألينا ديزيك أن أكبر تداعيات فقدان بريطانيا لجواز التعاملات المالية في أوروبا ستنعكس على البنوك والقطاع المالي البريطاني.
غولدمان ساكس: خطط لخفض العاملين في بريطانيا للنصف ونقلهم لفرانكفورت ونيويورك

وحذر المدير التنفيذي لبنك جيه.بي مورغن، أحد أكبر البنوك في العالم، الذي يوظف 16 ألف شخص في بريطانيا، من أن البنك لا يملك خيارا سوى تقليل عدد موظفيه في بريطانيا، ونقل الوظائف إلى أماكن أخرى في أوروبا.

وقال ستيوارت جاليفر، الرئيس التنفيذي لبنك أتش.أس.بي.سي، إن البنك سينقل جميع الموظفين المسؤولين عن تحقيق نحو 20 بالمئة من إيرادات المعاملات المصرفية في بريطانيا إلى باريس بعد الانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي. لكنه أضاف “لن ننتقل في العام الحالي وربما ليس في العام المقبل أيضا.. سننتقل خلال عامين تقريبا عندما يصبح الانفصال البريطاني فعليا”.

وأشار إلى أن أتش.أس.بي.سي، أكبر بنوك أوروبا يمتلك كافة التراخيص التي يحتاجها لمثل هذا الانتقال، وأنه سيحتاج فقط لتأسيس ما يطلق عليه شركة قابضة وسيطة في فرنسا، وهي خطوة تستغرق شهورا فقط.

وأبلغ رئيس مجلس إدارة بنك أتش.أس.بي.سي دوغلاس فلينت مجلس العموم البريطاني بشكل واضح خلال جلسة للجنة المالية، أنه إذا فقدت بريطانيا ميزة التنقل الحر مع دول الاتحاد الأوروبي، فإن أكثر من ألف وظيفة سوف يتم نقلها من لندن إلى فرنسا أو هولندا أو أيرلندا.

وقال “علينا أن نتخذ إجراء وقائيا من أجل التأكد من أننا سنظل قادرين على إيصال الخدمات التي نقوم بإيصالها حاليا في مختلف المجالات”.

وأكد أن التداعيات ستبدأ بالظهور عند إتمام الانفصال، لأننا سنحتاج لبعض الوقت من أجل تكييف خدماتنا لضمان أن نبقى قادرين على تقديم الخدمات بنفس المستوى عند الانتهاء من الخروج الكامل من الاتحاد الأوروبي.
ألينا ديزيك: أكبر تداعيات البريكست ستنعكس على البنوك والقطاع المالي البريطاني

ورجح جيريمي براون، المبعوث الخاص لمؤسسة حي المال في أوروبا، أن يخسر القطاع المالي في لندن ما يصل إلى 10 بالمئة من الوظائف، إذا فشلت بريطانيا في تأمين وصول ملائم إلى أسواق الاتحاد الأوروبي عقب الانفصال.

وذكرت جريدة “ديلي ميل” البريطانية أن أكثر من 70 ألف وظيفة مصرفية مهددة بالتبخر من حي المال في لندن، كما أن المدينة قد تفقد مركزها كعاصمة مالية في أوروبا.

وقال أنتوني براوني، رئيس جمعية المصرفيين البريطانيين، إن على بريطانيا التفاوض بشأن ترتيبات انتقالية مع الاتحاد الأوروبي لتجنب اضطرابات “اللحظة الأخيرة” في الأسواق حالما تخرج البلاد من عضوية الاتحاد.

وأضاف أن ذلك سيزيل الضبابية ويخفف الضغوط التي تتعرض لها البنوك لتقرر الآن نقل عملياتها إلى أوروبا، لأن ذلك يحتاج لما يتراوح بين عامين وثلاثة أعوام أو أكثر.

وتكابر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالقول إن بريطانيا ستصير بطل العالم للتجارة الحرة بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي، وذلك خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، بعد يومين من عرض خططها للطلاق التام عن الاتحاد الأوروبي بما في ذلك الخروج من سوقها الموحد.

وأكدت أن “بريطانيا مفتوحة أمام الاستثمار وستظل كذلك دائما”. وأكدت عزم الحكومة البريطانية خفض الضرائب على الشركات ومحاربة عدم المساواة. وقالت “أنا عازمة على دعم الأسواق الحرة والتجارة الحرة والعولمة ولكن أيضا إظهار كيف أن هذه القوى يمكن أن تصلح للجميع”.

لكن ماي واجهت مقاومة من المصرفيين العالميين المشاركين في دافوس، الذين أعلنوا عن خطط لتحويل العمليات والعاملين إلى البر الرئيسي في أوروبا إذا انفصلت بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.

وقال أكسيل وبر، رئيس بنك يو.بي.إس السويسري، إن البنك سوف ينقل نحو ألف وظيفة في حال لم يعد مسموحا لبريطانيا بدخول السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي. فيما قال جيس ستالي، الرئيس التنفيذي لبنك باركليز، إن البنك يفكر في الانتقال إلى أيرلندا أو ألمانيا.

العرب اللندنية