العبادي يضع حكومته في خدمة الإدارة الأميركية الجديدة

العبادي يضع حكومته في خدمة الإدارة الأميركية الجديدة


بغداد – قالت مصادر رفيعة في مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه أسر لمقربين منه بأنه واثق من مستقبل علاقته بالإدارة الأميركية الجديدة، وإنه ينتظر أن يكون من بين أوائل مسؤولي الدول في العالم الذين سيلتقون دونالد ترامب، عقب تنصيبه رسميا الجمعة الماضية.

ويعني ربط العبادي علاقات متينة بالإدارة الأميركية الجديدة كسب سند له في صراعه ضدّ رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المدعوم في مساعيه للعودة إلى رئاسة الوزراء من قبل إيران.

وعلى الطرف الآخر يمكن للعبادي أن يمثّل رهانا أميركيا من أجل استعادة واشنطن نفوذها، وربما حضورها العسكري في العراق.

وذكر التلفزيون العراقي نقلا عن العبادي قوله الثلاثاء إن الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب بعثت رسائل لبغداد تعرض زيادة المساعدة للعراق.

وأشارت المصادر في تصريح لـ”العرب” إلى أن رئيس الوزراء العراقي ينتظر أن يوجه له الرئيس الأميركي دعوة لزيارة واشنطن قريبا.

ومن المفترض أن يجري ترامب اتصالا هاتفيا بالعبادي، بعدما أجرى اتصالين الثلاثاء، الأول برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والثاني بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

ولفتت المصادر إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة أرسلت مجموعة رسائل تطمين للقيادة العراقية بشأن العمل المشترك في المستقبل القريب، ولا سيما في ما يتعلق بتقديم واشنطن تعزيزات عسكرية عاجلة لبغداد، لمساعدتها على الإسراع في حسم معركة الموصل.

ولا يخشى الفريق المحيط بالعبادي بشأن خطط الرئيس الأميركي الجديد لبيع خدمات بلاده العسكرية إلى الدول التي تطلبها في المنطقة نظير الاستيلاء على بترولها. وتعتقد شخصيات نافذة في فريق العبادي، على غرار مستشاره الخاص نوفل أبوالشون الذي قضى سنوات عدة ملحقا اقتصاديا للعراق في سفارته بواشنطن، أن الولايات المتحدة ستعامل العراق بشكل يختلف خلال حقبة ترامب، “فهو شريكها، وليس باحثا عن تأجير خدماتها العسكرية”.

وربما يلعب العبادي دورا محوريا في عملية استعادة الولايات المتحدة نفوذها الذي خسرته منذ الانسحاب من هذا البلد في عام 2011، وهو ما ينظر إليه بوصفه نصرا إيرانيا على واشنطن، تحقق خلال حقبة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وبمساعدته المباشرة.

الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب بعثت برسائل لبغداد تعرض فيها زيادة المساعدة للعراق

وعمليا، بلغ تعداد المستشارين العسكريين الأميركيين، والقوات المكلفة بحمايتهم، في العراق، منذ صيف 2014، نحو 10 آلاف شخص، وهو أعلى معدل وجود أميركي في العراق منذ عام 2011.

وبابتعاده مسافة تكفي عن النفوذ الإيراني في العراق، يبدو العبادي شريكا مثاليا للولايات المتحدة في العراق، وإن كان خصومه يعيبون عليه افتقاره إلى “كاريزما” القيادة.

وتوقع مراقب سياسي عراقي أن يغير الرئيس الأميركي من سياسة إدارته إزاء العراق، لا كما يتمنى السياسيون من أهل الحكم في العراق، بل بما يعيد النظر في توازنات القوى التي سبق لترامب أن اعتبرها مغايرة لكل ما كانت الولايات المتحدة تفكر فيه حين غزوها للعراق عام 2003.

وسبق لترامب أن أبدى استعداده لدعم العراق العراقي وليس العراق الإيراني حسب تعبيره. وهو ما يدخل ضمن السياسة الأميركية الجديدة في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، وفي العراق بشكل خاص.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إن العبادي، الذي يستعد لمواجهة خصومه الشرسين في التحالف الشيعي والذين يخططون للإطاحة به في أقرب انتخابات، يأمل في أن يشكل الموقف الجديد للإدارة الأميركية نوعا من الدعم له، وهو الذي يقف وحيدا في مواجهة الطاقم السياسي الموالي لإيران. والجمعة الماضي، تأكد فشل آخر محاولات المالكي والعبادي لإعادة توحيد جهودهما في الانتخابات القادمة، عندما انتهت مفاوضات بين جناحيهما في حزب الدعوة، إلى استحالة دخولهما الانتخابات بقائمة واحدة.

وسيدخل المالكي الانتخابات القادمة بقائمة تحمل اسم دولة القانون وتضم جناحه في حزب الدعوة، فضلا عن عدد من الأحزاب والحركات والفصائل المسلحة الموالية لإيران، على غرار منظمة بدر وعصائب أهل الحق وسرايا الخرساني، في حين يواصل فريق العبادي مفاوضاته مع كل من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم، بشأن تشكيل قائمة موحدة لدخول الانتخابات.

والعبادي، ليس صديق ترامب الوحيد في العراق، فهناك حركة كردية منظمة للانفتاح على الإدارة الأميركية الجديدة. وأرسل رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، نجله مسرور، على رأس وفد كبير، إلى واشنطن، منتصف ديسمبر الماضي، للقاء عدد من أعضاء الفريق الانتقالي لإدارة ترامب، قبل أن يهاتف مايك بينس، نائب ترامب، البارزاني شخصيا.

ويقول مصدر دبلوماسي عراقي، رافق الوفد الكردي خلال جولته في واشنطن، إن “حزب البارزاني حصل على وعد واضح من إدارة ترامب باستمرار دعم الولايات المتحدة لإقليم كردستان العراق”.

ومن الشخصيات العراقية التي تعول على علاقتها بالإدارة الأميركية الجديدة، وزير المالية السابق رافع العيساوي ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، اللذان لديهما صلات قوية بشخصيات نافذة في الحزب الجمهوري.

وينتظر العيساوي والنجيفي أن يكونا أكبر شريكين لبغداد عن محافظتي الأنبار ونينوى، متسلحين بدعم خليجي وتركي واسع، وضوء أخضر من الإدارة الأميركية الجديدة.

وفي إطار مشروع التسوية الوطنية الذي يتبناه المجلس الأعلى بزعامة الحكيم، ويحظى بدعم بعثة الأمم المتحدة الخاصة في العراق، خاض العيساوي والنجيفي مفاوضات عن ممثلين من أحزاب شيعية في أربيل وإسطنبول وعمان، تمهيدا لعودتهما إلى الواجهة.

وتقول مصادر مطلعة إن هذه المفاوضات انطلقت بين الفريقين قبل فوز ترامب بكرسي الرئاسة في الولايات المتحدة، وهو ما اعتبرته الأطراف السنية انتصارا لها، رفعت على إثره سقف مطالبها، ما أدى إلى توقف المفاوضات. لكن التواصل عاد بين الطرفين مؤخرا.

العرب اللندنية