اجتماع ماي وترامب لوضع العصي في عجلات التجارة العالمية

اجتماع ماي وترامب لوضع العصي في عجلات التجارة العالمية

لندن – تناغمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس مع التصريحات الشعبوية التي يرددها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، وهي تتجه إلى واشنطن لتكون أول زعيم دولي يلتقي مع ترامب اليوم. وأكدت أن بريطانيا ستكون أولا، في تلك المحادثات.

وتأمل ماي أن تتمكن خلال الزيارة من وضع الخطوط العريضة لملامح العلاقة التجارية المستقبلية بين البلدين، في وقت تستعد فيه لتقديم ملامح خطة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي إلى البرلمان البريطاني.

وتحاول لندن المحافظة على فكرة “العلاقة الخاصة” الراسخة بقوة بين البلدين، خصوصا أن دونالد ترامب كان من بين عدد قليل من الزعماء الغربيين الذين دعموا البريكست، وهو يرى أنه يشبه وصوله الصادم للتوقعات إلى البيت الأبيض.

وما يريح رئيسة الوزراء البريطانية، التي توجهت أمس إلى واشنطن، تأكيد ترامب لرغبته في التوصل “سريعا” إلى اتفاق تجاري مع لندن، في وقت تأمل فيه بخروج بلادها من السوق الأوروبية الموحدة بأقل الخسائر.

وقال محللون إن الاقتصاد العالمي سيوجه أنظاره إلى واشنطن لمعرفة نتائج الاجتماع بين ترامب، المندفع في مراجعة وتعديل وإلغاء الاتفاقات التجارية العالمية، في وقت تبحث فيه ماي عن ملامح مستقبل بريطانيا بعد الطلاق المرتقب عن الاتحاد الأوروبي.
ستيفن بيرمان: شعار “أميركا أولا” يتناقض مع خطاب بريطانيا العظمى المنفتحة على العالم

وتزدحم تصريحات الزعيمين بعبارات غامضة يصعب ترجمتها على أرض الواقع، حيث يؤكد ترامب من بداية حملته الانتخابية على شعار “أميركا أولا” وجعل الولايات المتحدة عظيمة مرة أخرى، وهي تتوافق مع رؤية تيريزا ماي التي تريد تحويل بريطانيا بعد البريكست الى “أمة تجارية كبرى في العالم”.

وقال ستيفن بيرمان الأكاديمي في جامعة ساسكس إن “ترامب يبدي تعاطفا مع بريطانيا بسبب البريكست”. لكنه قال لوكالة الصحافة الفرنسية “إن شعار ’أميركا أولا’ يتناقض مع خطاب بريطانيا العظمى المنفتحة على العالم. وأن الزيارة الرسمية لن تغير ذلك”.

وأكدت ماي رئيسة الحكومة المحافظة، أنها تريد التأكيد في واشنطن على تمسكها بالتجارة الحرة والتعبير مجددا عن قلقها على مصير الذين لم يحققوا مكتسبات من العولمة وهم ناخبون كان لهم وزنهم في انتخاب ترامب تماما كما في التصويت لصالح البريكست. وأضافت أنها تأمل أن تبدأ المناقشات حول اتفاق تجاري مستقبلي بين لندن وواشنطن “سريعا”. لكن المفوضية الأوروبية ردت عليها بأن بريطانيا يمكنها فقط “مناقشة” توقيع اتفاق تجارة حرة محتمل مع بلد ثالث.

وقال نائب رئيس المفوضية فرانس تيمرمانس إن بريطانيا لا يمكنها أن “تفاوض” أو توقع على أي اتفاق تجاري، طالما أنها لا تزال عضوا في الاتحاد الأوروبي.

ووعدت رئيسة الوزراء بأنها ستقوم قبل نهاية مارس بتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة التي ستطلق عامين من المفاوضات لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، غير أنها كانت مهدت الطريق للمفاوضات المستقبلية مع الهند وأستراليا ونيوزيلندا.

أما الاتفاق مع الولايات المتحدة فسوف تعترضه عوائق عدة، بينها مسألة الرسوم الجمركية على السيارات البريطانية التي سيتم تصديرها إلى الخارج. وفي السياسة الخارجية، وصلت العلاقة التي كانت قوية حتى الآن بين واشنطن ولندن، والتي لطالما اعتبرت بأنها الرابط بين الولايات المتحدة وأوروبا، إلى نقطة تحول. وستسعى لندن للحفاظ على موقعها الاستراتيجي، رغم الهجمات التي شنها ترامب ضد حلف شمال الأطلسي الذي تشكل لندن إحدى ركائزه.

وقبل توجهها إلى واشنطن أمس وعدت تيريزا ماي بأنها ستطرح خطتها لخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي في “وثيقة بيضاء” رسمية ليتمكن البرلمان من مناقشتها، بعد أن قضت المحكمة العليا بأن الحكومة لا يمكنها تفعيل الانفصال دون الرجوع إلى البرلمان.
فرانس تيمرمانس: لا يمكن لبريطانيا توقيع اتفاقات تجارية، لأنها لا تزال عضوا في الاتحاد الأوروبي

وأضافت “سنتطلع لاتفاق تجاري أميركي بريطاني يحسن التبادل التجاري بين بلدينا بما يحقق الرخاء والنمو لبلدنا… أنا واثقة أننا عندما نفعل ذلك نضع مصالح وقيم بريطانيا في المقام الأول”.

وتحبس الأطراف التجارية العالمية أنفاسها بانتظار خطوات ترامب المقبلة بعد أن نفذ أول وعد بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي.

وأطلق ترامب خلال الأشهر الماضية الكثير من التهديدات، التي شملت إلغاء الكثير من الاتفاقات التجارية العالمية مثل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) التي تضم المكسيك وكندا إلى جانب الولايات المتحدة.

كما هدد بفرض رسوم جمركية باهظة على منتجات الشركات المصنوعة خارج الولايات المتحدة، وأثار حمى شعبوية ضد سياسات هجرة الوظائف، الأمر الذي أرغم الكثير من الشركات على تعديل خططها خشية العداء الشعبي. وعبر بوقاحة سافرة عن تأييده لتفكك الاتحاد الأوروبي، في موقف غير مسبوق في الدبلوماسية العالمية، أثار قلق البلدان الأوروبية، إضافة إلى انتقادات من داخل الولايات المتحدة. ويأمل المراقبون أن تنحسر توجهات ترامب النزقة بعد المستقبل القريب، وأن يتمكن الكونغرس وطاقم الإدارة الجديدة والمؤسسات الأميركية من ترويض تلك السياسات التي تهدد مستقبل الاقتصاد العالمي.

وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله إن على الولايات المتحدة الالتزام بالاتفاقيات الدولية الموقعة من قبلها “لا أعتقد أن حربا تجارية كبيرة ستندلع في الغد ولكن من الطبيعي أن نشدد على الالتزام بالاتفاقيات”.

العرب اللندنية