إيران بدون رفسنجاني: قراءة في الإرث والتداعيات

إيران بدون رفسنجاني: قراءة في الإرث والتداعيات

إرث رفسنجاني 

هاشمي وحزب الجمهورية 

كان هاشمي من المؤسسين الأوائل لحزب الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى آية الله محمد حسيني بهشتي، وعلي خامنئي،ومحمد جواد باهنر، وعبد الكريم موسوي أردبيلي (2) . وكان لانتشار مكاتب الحزب، واتساع رقعة عمله، فضلًا عن سهولة العضوية فيه، ودخول أعضاء بتوجهات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية متباينة، أثره في تشتيت الآراء، وما كان يُحسب ميزةً للحزب شكَّل فيما بعد لطمة أفقدته التنسيق والانسجام. وبشأن هذا يقول خامنئي: لقد سعينا منذ تأسيس الحزب لأن يكون شاملًا لجميع الطبقات..لكن البعض كان يسميه “حزب رجال الدِّين” لأن خمسة من رجال الدِّين كانوا يتزعمونه، بينما سمَّاه آخرون “حزب البازار”، وهناك مَن أطلق عليه “حزب الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس المجلس” (خامنئي؛ مير حسين موسوي؛ هاشمي رفسنجاني) (3) .

وأوجد اختلاف التوجه انقسامًا في المواقف ووجهات النظر بشأن عدد من القضايا الرئيسية داخل الحزب، ووقع أول الخلافات فيما يتعلق بتأليف الحكومة، طبقًا لقانون تلك الفترة، وكان لرئيس الجمهورية دور كلي فيه، مع أن الخيارات الأساسية كانت من صلاحيات رئيس الحكومة. فقد جرى الحديث عن ضرورات حل المعضلات الفقهية المتعلقة بعدد من القوانين والحكومة الإسلامية، وطُرحت ضرورة الاهتمام بـ”الأحكام الثانوية”. وبناء على هذا الأساس، كانت “ولاية الفقيه ومساحة سلطتها” محور البحث والاختلاف.

وتمحور الخلاف الأساسي الذي انتقل من داخل منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية إلى الحكومة ومجلس الشورى حول “طريقة تنظيم العلاقة مع ولاية الفقيه”، وكان هذا الخلاف هو منشأ التقسيم والتصنيف الذي طال قوى الثورة الإسلامية. وبدأت القوى الإسلامية ممثلة في: مجتمع رجال الدين المقاتلين، ومجتمع مدرسي حوزة قم العلمية، وحزب الجمهورية الإسلامية، ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، وغيرها من التشكيلات الحزبية والجامعية الدينية، تتخذ مواقف متباينة بعضها في اتجاه بعض (4) .

وأسهم الخلاف في المواقف في تهيئة الأرضية لحل حزب الجمهورية الإسلامية ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية بعدما وصلت الخلافات إلى أشدها، وقد برز الخلاف أيضًا داخل الشورى المركزية لمجتمع رجال الدين المقاتلين (5) . ومع طرح موضوع “ولاية الفقيه المطلقة” في سنة 19866، وصلاحيات الولي الفقيه بحيث يكون قادرًا على تعطيل الأحكام الأساسية إن وجد في ذلك مصلحة للمجتمع، كان الخلاف يتعاظم على حساب حالة الانسجام التي سادت في السابق بين القوى الإسلامية.

وبلغت المنازعات ذروتها في المجال الاقتصادي مع مجيء “حكومة موسوي”، ونظرًا إلى أوضاع البلاد الاقتصادية، وخصوصًا مع حالة الحرب، كان جناح اليسار متأثرًا بالأفكار اليسارية ويعتقد بـ”الاقتصاد التابع للحكومة”، بينما كان جناح اليمين، وفقًا لـ”الأحكام الإلهية واستدلالاته الفقيه”، يدافع عن “اقتصاد السوق” (6) . وهو ما قاد في النهاية إلى حل الحزب. وفي ظل هذه الأوضاع، وضمن رسالة مفصَّلة إلى الإمام الخميني، قام آية الله خامنئي وآية الله هاشمي رفسنجاني بتعداد الخدمات التي قدَّمها الحزب، وقالا: إن المضي قدمًا في عمل الحزب في الأوضاع الحالية سيكون ذريعة لوقوع الانقسامات والخلافات، ولإلحاق أضرار بالغة بوحدة الأمة، وطلبا من الإمام الخميني الموافقة على حل الحزب (7) ؛ فوافق الإمام على ذلك؛ الأمر الذي طوى صفحة حضوره كحزب في سنة 19877 من دون أن تزول تأثيرات ذلك الحضور إلى اليوم.

خطاب البناء

في 18 يوليو/تموز 1988، أعلنت إيران قبولها قرار مجلس الأمن رقم 598 بوقف الحرب مع العراق. ولعب رفسنجاني دورًا كبيرًا في إقناع آية الله الخميني بالقبول به على مضض وقد وصف ذلك بأنه “تجرُّع للسُّم”، وبعد وقف الحرب ورحيل الخميني كان على رأس أولويات إيران، “ضرورة إعادة البناء”، وكان رفسنجاني قائد هذه المرحلة. ونجحت عمليات إزالة الدمار الناجم عن الحرب، وإعادة بناء البنية التحتية، والخروج بالبلد من الاعتماد الشديد على الاقتصاد المرتكز على النفط، وتوسيع مساحة الدبلوماسية في جعل “خطاب البناء” فكرًا وأيديولوجيا منقذًا للثورة في عقدها الثاني. أخذ التكنوقراط القريبون من رفسنجاني على عاتقهم جزءًا كبيرًا من إدارة البلد، وذلك في إطار حزب “كوادر البناء”. لقد أراد هاشمي رفسنجاني تغيير مسار السياسة التي حكمت إيران طوال فترة الحرب، وهي الفترة التي سيطر فيها الطيف اليساري بزعامة مير حسين موسوي على مقاليد السلطة.

استطاع رفسنجاني أن يوصل النمو الاقتصادي إلى رقم من خانتين لأول مرة بعد الثورة، وسعى بصورة معلنة وواضحة لوضع سياسات مير حسين موسوي (الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء) جانبًا بهدف إحداث تعديلات اقتصادية، وأصبح الملف الاقتصادي بأيدي أشخاص تلقوا علومهم في الولايات المتحدة والغرب ولم يكونوا يقبلون باقتصاد الدولة. لقد جاء خطاب هاشمي مختلفًا 180 درجة، مقارنة بخطاب مير حسين موسوي، الأمر الذي عبَّر عن نفسه في الميادين السياسية والاقتصادية.

لكن هذا الخطاب تضمَّن إشكالًا رئيسيًّا تلخص بصرف الاهتمام إلى التنمية الاقتصادية، وتجاهل “العدالة”، وتقديم تصور جديد لـ”الثقافة والحرية” خارج الإطار الذي عرفته الثورة، وقام الشعار الرئيسي للتكنوقراط على أساس التعمير والتنمية من دون الاهتمام بالعوامل المؤثِّرة في ذلك. ولم يحل الاعتراض الكبير والانتقادات التي طالت هذا التوجه حتى من طرف مرشد الثورة الإسلامية، دون استمرار هذا الخطاب الذي لم يُؤتِ ثماره التي أعلن السعي لتحقيقها، وأظهر المجتمع الإيراني موقفًا رافضًا لاستمرار هذا الخطاب، وعبَّر هذا الموقف عن نفسه في مختلف الانتخابات، لكن الأمر استغرق ثمانية أعوام ليعلن الناس رأيهم القاطع في عقم هذا الخطاب وفشله.

ويرى رسول بابائي أن هذا الخطاب الذي يُطلَق عليه خطاب “اليمين الحداثي” جاء على النقيض من خطاب اليمين التقليدي، وخصوصًا في مجالات السياسة الداخلية والخارجية؛ إذ إنه دافع عن سياسة إنهاء التوتر، والسعي لتحقيق نوع من المصالحة مع العالم الحديث. ويعتبر بابائي أكبر هاشمي رفسنجاني عرَّاب هذا الخطاب، أمَّا حزب “کارگرازان سازندگى” (كوادر البناء) فحامل سياسي لهذا التوجه. ومع ذلك، فإن قوة الخطاب ظلت محدودة بالسلطة التنفيذية، ولاسيما خلال الولاية الثانية لرفسنجاني (1993-1997)، وبعد معاداة اليسار، وجد هذا الخطاب، في الأعوام التي تلت، نفسه أمام حتمية استراتيجية قادته إلى الصداقة مع خطاب اليسار (8) .

وخلافًا للخطاب لدى كل من اليمين التقليدي واليسار التقليدي، والذي تغلب فيه الرؤية الثورية للعالم والوجود مع تركيز على نقاء النفس والبُعد عن الدنيا، فإن خطاب اليمين الحداثي يقوم على أساس المنفعة المادية، ويرى أن أهم إنجاز للثورة يتجلى في عملية إعادة الإعمار. ويمثِّل هذا الخطاب بصورة مضادة القول بضرورة الاهتمام بأمور الحياة الدنيا، وهو ما يعبِّر عنه آية الله هاشمي رفسنجاني في إحدى مقابلاته بشأن هذه المسألة بقوله: فكرتي الأساسية هي أن الزهد الحقيقي قيمة عالية، لكن لابد له من مواجهة الزهد المرائي، فحتى في عهد النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) نجده، وبأمر قرآني واضح، قام بالتصدي للمتاجرين بالزهد (9) . ويرى منتقدو هذا الخطاب وخصومه أنه قدَّم تعريفًا غير أيديولوجي للدين، ودفع به إلى زوايا خاصة ومحدودة، مهمِّشًا دوره وحضوره في الحياة العامة.

وصبَّ هذا الخطاب جُلَّ اهتمامه على التنمية الاقتصادية بشكلها الرأسمالي، ولذا يحاول تقديم تعريف للدين لا يجعل منه عقبة تعوقه، بل يسعى لجعله مؤيدًا له. وكان رفسنجاني يركِّز على وجه ليبرالي وتنموي للثورة، وكان يعتقد أن المسألة المهمة لإيران لا تتمثل في القضايا الثقافية، وإنما في العبور من التخلف، والانتقال إلى مرحلة جديدة، وهاجسه هو تحديث إيران. ويرى أن انتهاء العهد البهلوي، والمواجهات التي شهدتها بداية الثورة وفترة الحرب هي فرص قُدِّمت لإيران كي تصبح واحدة من أكبر الحضارات الإسلامية. ويرى هذا الخطاب ضرورة إيجاد حالة من الاستقرار السياسي كشرط لتحقيق النهوض الاقتصادي، فجرى الإعلاء من مقولات الاحتكام إلى القانون والانضباط المدني والسياسي، ومن هنا بدأ الجدل بشأن أيهما له أولوية تتقدم على الآخر، التنمية السياسية أم التنمية الاقتصادية؟ أمَّا على الصعيد الثقافي فقد دافع الخطاب عن نوع من التساهل والحرية الثقافية؛ الأمر الذي يميز هذا الخطاب بصورة كبيرة عن خطابَي اليمين واليسار التقليديين. وساعد هذا التوجه في إضفاء رونق على الفضاء الثقافي، بينما تراجعت في هذا الخطاب مقولات ثقافية، مثل: الغزو الثقافي والهجمة الثقافية الغربية(10) .

ما بعد اليسار التقليدي: أفكار هاشمي تصل ذروتها

دافع “اليسار التقليدي” مستندًا إلى قراءات فقهية دينية عن سياسة معاداة الغرب وتصدير الثورة، فاعتبر علي أكبر محتشمي بور (11) ، عضو مجمع رجال الدِّين المقاتلين، أن تصدير الثورة “أصل من أصول الدين المحكَمَة” (12) . وعارض اليسار التقليدي العلاقة بأميركا؛ ذلك بأن “هذه القوة الشيطانية لن يرضيها شيء سوى تدمير الثورة الإسلامية..ولم يعد ثمة مجال للحديث عن حلِّ مشكلات إيران من خلال العلاقة بأميركا”، وذلك كما عبَّر عنه بيان لمنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية (13) ، كما حمل هذا اليسار نظرة مشابهة إلى بريطانيا، فـ “أميركا وبريطانيا هما العدوتان الرئيسيتان للثورة الإسلامية” (14) . وفي المحصِّلة عارض اليسار التقليدي إقامة أي شكل من أشكال العلاقة بالولايات المتحدة الأميركية (15) ، ونادى بمقاومتها كهدف أصلي من أهداف السياسة الخارجية (16) .

أمَّا على الصعيد الاقتصادي؛ فقد رأى اليسار التقليدي أن الأوضاع التي تعيشها إيران توجب تدخل الحكومة في الشأن الاقتصادي، ولهذا خالف الخصخصة بشدة، ولاسيما في مجال قطاع الإنتاج (17) . ورأى هذا التيار أن الرأسمالية التقليدية والحديثة تتعارضان مع النظام الاقتصادي الإسلامي والدستور الإيراني (18) ؛ فالتنمية الاقتصادية هي الطريق الوحيد لحفظ الاستقلال والعدالة الاجتماعية. ويعتبر هذا التيار أن أفضل طريقة لتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الطبقات الفقيرة هي اعتماد نظام الحصص للمشتريات وللعمال وللموظفين والطبقات الدنيا (199) .

وسيطر تيار اليسار على الخطاب السياسي الإيراني طوال العقد الأول من عمر الجمهورية الإسلامية، وأمسك بزمام السلطة والمؤسسات بشكل كبير، وعلى مختلف الصعد، لكن مع نهاية الحرب مع العراق، كانت إيران تتجه نحو خطاب أكثر اعتدالًا، كما أن انهيار الماركسية وتراجع هذا الخطاب في العالم أسهما في أفول الخطاب الماركسي في إيران. ومع رحيل الإمام الخميني كان التيار اليساري يفقد أكبر حامٍ له، فقد شهدت إيران تعديلًا للدستور تم فيه إلغاء منصب رئيس الحكومة ونقل صلاحياته إلى رئيس الجمهورية، بعد أن كان مير حسين موسوي رئيسًا للحكومة لثمانية أعوام (20) .

وعُرف عن موسوي منذ توليه رئاسة الحكومة أنه اشتراكي النزعة؛ إذ قام بالعديد من الخطوات التي تشير إلى هذا الأمر، وفي محاولاته تعميق هذا الاتجاه طالب بسلطات أوسع لرئيس الحكومة من خلال طرح نفسه وحكومته للثقة في مجلس الشورى الإسلامي لأول مرة في تاريخه ليحصل على شرعية ذاتية، باعتبار الحكومة جهازًا مستقلًّا يكون لرئيسه مقعد خاص على طاولة إصدار القرار، بعد أن كان رئيس الحكومة ممثِّلًا لرئيس الجمهورية في إدارة الحكومة.

واختار موسوي وزراءه ممَّن يمثلون اتجاهه الاشتراكي، لكنه كان يصطدم أحيانًا بمجلس الشورى الإسلامي برئاسة هاشمي رفسنجاني الذي أقرَّ قانونًا جديدًا لمنح الحكومة الثقة يتألَّف من خمس مواد تسمح بمنح رئيس الحكومة الثقة قبل أن يقدِّم أعضاء حكومته، ثم منح الوزراء الثقة كلٍّ على حدة، بعد أن كانت الثقة تُمنح للحكومة مجتمعة. ولعل هذا القانون كان معبِّرًا عن محاولات عدد من أركان النظام تحجيم الاتجاه الاشتراكي لرئيس الحكومة موسوي الذي كان يتمتع بدعم من الزعيم، آية الله الخميني (21) .

وجاءت نتائج انتخابات مجلس الشورى في الدورة الرابعة، كي تدل على تراجع مكانة التيار اليساري، فبعد أن سيطر التيار على المجلس في دورته الثالثة لم يتمكن من الفوز بهذه الدورة، وحصل رئيس المجلس الثالث، مهدي كروبي، على ترتيب متأخر في الانتخابات الرابعة لم يمكِّنه من شَقِّ طريقه نحو السلطة التشريعية (22) . وبعد هذه الانتخابات كان التغيير يطول خطاب اليسار التقليدي، فاختار عدد من رموز التيار الانزواء والابتعاد، بينما اندفع عدد آخر نحو التحصيل في المراحل الدراسية العليا، في جامعات خارج إيران، وكان لهذه المجموعة دور كبير في مرحلة ما يُعرَف بـ “الثاني من خرداد”. كما وجد التيار أن الفقر التنظيري كان سببًا في أفول خطابه، وأن السعي لتقديم نظريات جديدة هو ضرورة لاستعادة ثقة الناس. وكان للمفكرين في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية، وحلقة “كيان الفكرية”، ومن خلال الحضور الكبير للمفكر، عبد الكريم سروش، دور كبير في إعادة تنظيم صفوف مفكِّري التيار، ودور محوري أيضًا في فتح باب الجدل والنقاش بشأن الحكومة الدينية. وقاد ذلك في النتيجة إلى الإطاحة بالتقسيم السياسي القائم، من اليمين التقليدي إلى اليمين الحداثي، ومن اليسار التقليدي إلى اليسار الحداثي.

وبموازاة ذلك، نشط التيار في توسيع دائرة العمل الإعلامي عبر سلسلة من المجلات والصحف والمطبوعات (23) تصدت لترويج اليسار الحداثي، كما رافق ذلك إيجاد أحزاب سياسية جديدة، وكان حزب “کارگزادان سازندگي” (“كوادر البناء”) الحامل لأفكار رفسنجاني، من نتاج تلك الفترة.

وكانت دورة اليسار الحداثي، مرحلة زمنية وظَّفها اليسار الإيراني للانتقال والدخول في مرحلة الإصلاحات، واتسمت هذه الدورة الانتقالية بنجاح اليسار في اختراق صفوف اليمين، وفي إحداث انشقاقات وانقسامات داخلية. ووظَّف اليسار هذه الانقسامات لإيجاد مكان لنفوذه، وكان تشكيل حزب “كوادر البناء” نموذجًا لهذا النفوذ، فالحزب جاء مزيجًا من اليمين التقليدي واليسار الحداثي، وقام بدور مؤثِّر في تعزيز مكانة تيار اليسار الحداثي. وكانت الجامعات مكانًا مهمًّا لتيار اليسار الحداثي لطرح أفكار منظِّريه، وخصوصًا مع بقاء رموزه فترة من الزمن بعيدين عن المناصب السياسية (24) ؛ فتشکَّلت قاعدته الاجتماعية من الطبقة المتوسطة والطلاب والمتدينين (25) ، واعتبر أن التبادل الثقافي وتقوية البنى التحتية الاجتماعية والثقافية خير سبيل لمواجهة الغزو الثقافي، ووصف حرمان المجتمع من الاطِّلاع على الآراء والأفكار بين أفراده بأنه ظلم يقود في النهاية إلى الوقوع في مأزق الاستبداد (26) .

أمَّا في المجال الاقتصادي فقد نحا اليسار الحداثي نحو محورية الإنتاج والاستفادة من الموارد الداخلية كأساس للتنمية، ونظر إلى الاستثمار الخارجي كأصل فرعي. ويعتقد منظِّروه أن الدستور لا يريد أن تكون جميع الأمور في يد الدولة، لكنه ينظر إلى الدولة كصاحب العمل الأكبر (27) ، ويرى أن المشاركة السياسية للناس يجب أن تتم في الأغلب في إطار المؤسسات المدنية والأحزاب، وهو يشدِّد على عنصر “الجمهورية”، ويعتبر أن الحزب الواقعي يجب أن يمتلك الاستعداد الفكري والرُّوحي والاجتماعي، وأن يحمل إجابات على حاجات الناس (28) .

ورفض اليسار الحداثي السياسة الخارجية القائمة على التوتر، ونادى بحوار الحضارات كبديل من الصدام والتعارض، وشدَّد على تنويع العلاقات وتوسيعها مع الدول الأوروبية والآسيوية. وشكَّلت سياسته الخارجية رفضًا صريحًا لراديكالية السياسة الخارجية وتطرفها وفق طروحات اليسار التقليدي.

وقبل عام على الانتخابات الرئاسية السابعة، كان حزب كوادر البناء يسعى من خلال شخصيات معروفة مثل عطاء الله مهاجراني وعبد الله نوري، لعمل استفتاء عام يطرح من خلاله مسألة التمديد لهاشمي رفسنجاني كرئيس للجمهورية، بحجة أن البلد يجب ألا يُحرم من خبرة ومهارة شخصية مثل رفسنجاني (29) . وبدا واضحًا أن هذا الخطاب يحاول أخذ إيران نحو مقولات جديدة تتضمن التحديث والعولمة، ولاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتُركِّز بشكل أساسي على أسئلة الهوية وإشكالياتها في إيران، نظرًا إلى المستجدات العالمية الجديدة بشأن هذه القضية (30) .

ويعيد باحثون كثر هذا التحول إلى مقتضيات حالة إعادة البناء التي شهدتها إيران بعد انتهاء الحرب، وأوجد فريق رفسنجاني خطابًا جديدًا دعا إلى الالتفات إلى عملية العولمة، وإلى إحداث تغيير في السياسات الخارجية الاقتصادية والاجتماعية (31) ، كما أن الحكومة دافعت عن وجهة نظرها أمام المجلس بالقول: إن إعادة النظر في السياسة الخارجية هي من الشروط اللازمة للتنمية الاقتصادية لإيران، وخصوصًا بعد حرب الخليج الثانية (32) . وجاءت السياسة الاقتصادية لحزب كوادر البناء متأثرة بالرأسمالية والاقتصادية الليبرالية، وبالخصخصة وتحرير الاقتصاد، وبتدخل للدولة في الشأن الاقتصادي بالحد الأدنى، وبالتنسيق مع المؤسسات الدولية المعنية بشؤون الاقتصاد (33) .

وفي الانتخابات البرلمانية الخامسة استطاع الحزب من خلال قائمة مرشحيه، وإدارته الناجحة لحملات انتخابية مدعومة بسخاء، أن يهزم اليمين التقليدي الذي كشفت الهزيمة، بوضوح، عن نقاط ضعفه واختلافاته، وبدت مجموعة حزب كوادر البناء ككتلة سياسية مؤثِّرة في البلد.

“كوادر البناء”: الحزب الحامل للأفكار

يُعدُّ حزب “كوادر البناء” الحزب الأول في إيران الذي يتشكَّل داخل الحكومة (34) ؛ فقد جرى وضع حجر الأساس لهذا الحزب قبل عام واحد من نهاية رئاسة رفسنجاني الثانية، وحاول مؤسِّسوه أن يجعلوه قادرًا على الوقوف في وجه التغيير الذي كانت مؤشراته تتضح من خلال نقد متصاعد لسياسة رفسنجاني، وقد أنتج هذا التحرك خطة لنقل السلطة من رفسنجاني إلى حلقة مناصريه السياسيين، بعد أن فشل تحرك قاده عطاء الله مهاجراني لإجراء تغيير في الدستور، والتمديد لرفسنجاني.

ويأخذ كثيرون على هذا الحزب أنه لم يأتِ نتيجة طيِّ المراحل اللازمة لتكوين حزب، وأنه كان محفلًا سياسيًّا داخل الحكومة ما لبث أن وضع قدمه في الحياة السياسية الحزبية (35) ؛ فبعد مرور وقت قليل على تأسيسه في سنة 19966، قدَّم الحزب قائمة انتخابية لانتخابات مجلس الشورى الخامسة، وكان تأثير رفسنجاني في تأسيسه وقيامه واضحًا، فقد أُطلقت عليه ألقاب مثل: “القائد”، و”الأب الرُّوحي” للحزب (36) . وعبَّر رفسنجاني أكثر من مرة عن كونه كان معارضًا لتأسيس الحزب، لكنَّ مؤسسين في الحزب ردُّوا على ذلك بأن “الحزب استلهم أفكار رفسنجاني”، وأن “البيانين الأول والثاني للحزب أُعلنا بموافقته وتأييده” (37) .

وسجَّل المنافسون والمعارضون عددًا من الاتهامات ضده كانت في حقيقتها نقدًا موجَّهًا لسياسات رفسنجاني نفسه، وكان من أبرزها:

ـ استخدام السلطة التنفيذية للتأثير في قرارات السلطة التشريعية.

ـ عدم احترام الفصل بين السلطات.

ـ سوء الاستفادة من المال العام.

ـ إيجاد الخلاف داخل الحكومة.

ـ عدم امتلاك مواقف سياسية شفافة.

ـ الاعتقاد بالتفاوض مع أميركا.

ـ الاعتقاد بالليبرالية الدينية (38) .

ولعل المنشأ الأصلي لحزب كوادر البناء هو “الاستنارة الباحثة عن السُّلطة”، فكثيرون من الشخصيات المؤثِّرة فيه، مثل: عطاء الله مهاجراني، كانوا يحملون رؤية خاصة للدولة والحكم؛ إذ كانوا يرون أن الدِّين مسألة فردية، ولذلك يخلو البيان التأسيسي للحزب من ذكر “ولاية الفقيه”. ويقول مهاجراني في واحدة من مقالاته: “إن تدخُّل رجال الدين في السياسة يجب أن يخضع للرقابة”، ويرى أن الفقه أو الدين ليسا ضروريين في باب نظريات الدولة (39) .

وعبَّر الحزب على لسان مسؤوليه عن أن هدفه هو الوصول إلى السُّلطة؛ فحسين مرعشي، نائب الأمين العام للحزب، يقول: “تشكَّل حزب كوادر البناء للإمساك بزمام السُّلطة … ولم يتشكَّل لعقد حلقات قراءة دعاء الندبة أو دعاء كميل (40) . ومال الحزب إلى توصيف نفسه بأنه وسطي، ورأى أن ما يتراوح بين 60-700% من المجتمع الإيراني يريد السلام والهدوء والأمن والاعتدال والوسطية والاستقرار (41) .

ودافع الحزب عن الحوار مع أميركا بصفته خطوة في مصلحة إيران، وتبنَّى سياسة دفع التوتر (42) . أمَّا على الصعيد الداخلي فناصر المشاركة السياسية والاعتدال، بينما أيَّد في المجال الاقتصادي سياسة الاقتصاد المفتوح والرأسمالي. وكانت خطة التنمية لحكومة رفسنجاني (1989-19977) حصيلة فكر أعضاء كوادر البناء، وهي السياسة التي خالفها محمد خاتمي، وكان لمخالفته إياها أكبر الأثر في فوزه.

وتبنَّى الحزب على الصعيد الثقافي الحداثة، والتقليل بالتدريج من دور الدِّين في المجتمع، وإيجاد ثقافة ليبرالية تقوم على التساهل والتسامح والحرية، ومثَّل عطاء الله مهاجراني هذا التوجه عندما كان وزيرًا للثقافة في حكومة خاتمي، لكن قراراته أثارت غضب المرجعيات الدينية؛ الأمر الذي أدى إلى استجوابه أمام مجلس الشورى في دورته الخامسة..ثم التضييق عليه إلى أن استقال (43) . وفي المحصِّلة، فإن الحزب يُنظر إليه على أنه كان سببًا في إدخال الأفكار الليبرالية إلى المجال الاقتصادي، والعلمانية إلى المجال الثقافي، وأن دوره وصل إلى النهاية بعدما قام بوظيفته في مرحلة تاريخية معينة (44) .

أزمة 2009: “رفسنجاني عَرَّاب الفتنة”

أوجدت الانتخابات الرئاسية في 2005 منافسة سياسية تحولت إلى مواجهة وصدام بين محمود أحمدي نجاد الذي انتُخب على خلاف التوقعات وبين شخصية من أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية تأثيرًا هي أكبر هاشمي رفسنجاني؛ فقد استطاع أحمدي نجاد صاحب الخطاب الشعبي والأصولي أن يتفوق على صاحب خطاب البناء، بصورة فتحت صفحة مواجهة لم تنته حتى وفاة رفسنجاني.

ولخَّص المفكر، محسن كديور، الانتصار الانتخابي الحاسم لمحمود أحمدي نجاد الـذي وصفه بـ “المجهول”، بأنه جاء نتيجة الإدارة والتخطيط السري للشخصيات الكبيرة في النظام، قائلًا: “قام القائد، وبدراية كاملة، بتوجيه هذه الانتخابات ببراعة وبصورة لائقة تحفظ الكرامة وديمقراطية تمامًا، وحصل على النتيجة التي يريدها من هذه الانتخابات” (45) . ولا يبدو نجاد نفسه راضيًا عن وصفه بـ “المجهول”؛ إذ قال: “عندما جرت الانتخابات كنت رئيسًا لبلدية طهران للعام الثاني، وكنت قبلها حاكمًا إداريًّا، وأستاذًا جامعيًّا ومديرًا. لقد كنت طوال 166 عامًا تقريبًا على تماس مع الناس وقريبًا منهم، لكني اليوم، وعندما دخلت مجال الانتخابات الرئاسية، وجدت أن الداخل والخارج، والفضائيات، والعناصر الاستخباراتية، جميعها يحاول تشويه صورتي ورسم صورة تمثِّل وحشًا بسبعة رؤوس..وتفسيري لذلك كله هو أنني دخلت منطقة السلطة المحرمة” (46) .

وإذا كان أحمدي نجاد يصف هذا الصراع بأنه “منطقة السلطة المحرمة”؛ فهاشمي رفسنجاني اعتبر عدم فوزه في الانتخابات منذ الدور الأول “أمرًا مبرمجًا بالكامل” وجاء في إطار “مدبَّر ومنظَّم”، ولم يُرجع خسارته إلى موقف الناس من أدائه السياسي وإنما جرَّاء حملة من “التخريب والتشويه المنظَّم” في إشارة إلى توزيع أكثر من 20 مليون قرص مدمج تهاجم رفسنجاني وسياساته (47) .

وأيًّا يكن حديث الأصوليين عن “خطة خفية” للفوز في انتخابات الرئاسة، فإن طريقة دخول هاشمي رفسنجاني إلى الانتخابات، أربكت صفوف المحافظين وأخلَّت بخططهم؛ فرفسنجاني الذي تلقَّى ضربات عديدة من الإصلاحيين، وخصوصًا التيار الراديكالي منهم، قدَّم المساعدة إلى الأصوليين في انتخابات شورى المجالس البلدية الثانية في سنة 2003، وفي الانتخابات السابعة لمجلس الشورى الإسلامي في سنة 2004، والتي انتهت بفوزهم، الأمر الذي قاد إلى إزالة التكدر من أذهان الأصوليين وعقولهم تجاهه على خلفية دعمه طيف “كوادر البناء” وحكومة خاتمي، إلا أن هذا التقارب ما لبث أن انهار مع بدء الدعاية الانتخابية لرفسنجاني (48) ، ولا سيما أن هذا الأخير، وفي أكثر من اجتماع مع التيار الأصولي، ذكر أنه لن يرشِّح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية، وأنه سيترك هذا المنصب للشباب، كما أنه مارس سياسة ذكية من خلال بثِّ أخبار تتحدث عن ترشحه وأُخرى تنفيها، وهو ما حوَّل ترشحه من عدمه إلى العنوان الأساسي في الانتخابات (49) ، لكنه شرع بعد ذلك يلمِّح إلى قراره الترشح بصيغة تشي بأنه مجبر على خوض المنافسة بقوله: إن قضية رئاسة الجمهورية تشغل بالي حاليًّا، ومع أني أرغب في أن يتولى شخص آخر هذه المسؤولية، إلا أني أعتقد أنه يجب تناول هذا الدواء المر، والحدث الذي لم أكن راغبًا في وقوعه يبدو أنه يوشك أن يقع (50) . والتوتر الذي صبغ علاقات رفسنجاني بحزب “مشاركت” الإصلاحي كان هناك ما يماثله في تيار “آبادكران” (“المعمرون”) الأصولي (51) الذي أطلق شعار التغيير الاقتصادي، وانتقد السياسات الاقتصادية على مدى الــ16 عامًا الماضية، وخصوصًا سياسة رفسنجاني التي دعت إلى الاقتصاد الحر، وقد وجد رفسنجاني أن إرثه السياسي كله عرضة للخطر أمام تيار يضع علامات استفهام كبرى على سياسته التي حكمت إيران مدة طويلة، ويصنِّفه ضمن مسؤولين رئيسيين عمَّا وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية من تراجع، وما رافقها من اتساع رقعة الفقر والحرمان وغياب العدالة.وأربك ترشيح رفسنجاني المعسكر الأصولي؛ إذ لم يُظهر أيٌّ من مرشحيه رغبته في أن يكون منافسًا لرفسنجاني.

استخدم رفسنجاني أسلوبًا تعمَّد أن يكون مفهومًا لدى الناس (52) ، لكن معظمهم لم يقبلوه، ولذلك لم يكن مطروحًا ماذا يريد رفسنجاني، أو ما الذي سيفعله إن عاد رئيسًا. وبشكل عام، يمكن تقسيم ردَّة فعل الناخبين بشأن رفسنجاني إلى ثلاث فئات: فئة تقول: إنه يبقى الأقدر والأكثر فهمًا من غيره؛ وفئة كانت تشكِّك في قدرته على حل مشكلات الناس المعيشية، وكانوا يرون في شعاراته على هذا الصعيد لعبة انتخابية ليس إلا؛ وفئة ثالثة كانت ترى أن الأوضاع معه ستزداد سوءًا. وربما يفسر ذلك عدد الأصوات التي حصل عليها في الجولة الثانية في المناطق النائية؛ إذ حصل على ثلث أصوات المواطنين في المناطق الريفية، مع أن واحدًا من شعاراته كان: “لنعمل معًا لتعمير إيران الإسلامية”، وكانت التعليقات على هذا الشعار تقول: جميعًا نعمل معًا، لكن مشكلاتنا لا تُحل، أو: جميعًا نعمل معًا، لكن الناتج يذهب إلى جيوب الآخرين. ويُرجع البعض سبب فشل رفسنجاني إلى فريق دعايته الانتخابية الذي حاول أن يُظهره بصورة مختلفة عن كونه رجل دين معمَّمًا، فظهر بصورة متناقضة تمامًا، كما أن فيلمه الانتخابي الأول (53) الذي جرى فيه تسليط الضوء على حرية أكبر للشباب (54) فضلًا عن طريقة لباس الشابات اللواتي عملن في الحملة الانتخابية تسبَّبا بخسارته أصوات الناس المتدينين (55) . علاوة على ذلك، أثارت تظاهرة بواسطة سيارات حديثة الطراز تخرج من نوافذها شابات وشبان بملابس غير مألوفة ويهتفون لرفسنجاني، ردَّات فعل غاضبة في الأوساط الأصولية، ولم تأتِ النتيجة في مصلحة رفسنجاني على الرغم من إصدار لجنته الانتخابية بيانًا تنفي فيه علاقته بهؤلاء المؤيدين (56) . أمَّا الفيلم الانتخابي الثاني فجاء مختلفًا كليًّا عن الفيلم الأول، فهو لم يتكلم عن الناس ومشكلاتهم، وإنما تحدث رفسنجاني فيه عن نفسه، واشتكى من الظلم الذي لحق به وبعائلته، لكن الفيلم أيضًا أظهر حياته الباذخة وقدَّمه من دون لباس رجل الدِّين في مشاهد عديدة. ومع أن الفيلم حاول إظهار رفسنجاني كأنه منقذ إيران سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، إلا إنه أحدث ردة فعل معاكسة مثل الفيلم الأول (57) . وفي المرحلة الثانية من الانتخابات أطلق رفسنجاني شعاره: “الرأي للاعتدال”، لكن الناس لم يُعجبوا بكلامه مع أنهم فهموه.

وطوال فترة حكم أحمدي نجاد في دورته الأولى كانت بوادر الخلاف مع رفسنجاني تتصاعد إلى أن وصلت ذروتها في الانتخابات الرئاسية عام 2009، ليدخل المرشد على خط الخلاف منحازًا لأحمدي نجاد على حساب رفسنجاني.

كان توقع حدوث الصدامات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، في 2009، ممكنًا من خلال قراءة الرسالة التي وجَّهها هاشمي رفسنجاني إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، والتي هدد فيها بالخروج إلى الشوارع في حالة إعادة انتخاب أحمدي نجاد، وبدأ رفسنجاني رسالته دون سلام وختمها بعبارة: “صديقكم دائمًا، رفيق الخندق أمس، واليوم وغدًا” (58) . وكان من الواضح أن تهم الفساد التي أطلقها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ، والتي طالت عائلة رئيس مجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني، قد أغضبت رفسنجاني، كشف عنه ما تضمنته رسالة رفسنجاني من تهديد مبطَّن بفاعليات مضادة يكون ميدانها الشوارع والجامعات (59) . وجاء في الرسالة: “لنفرض أنني واصلت نهجي السابق بالتزام الصبر، فلا شك في أن قِسمًا من الشعب والأحزاب لن يتحمل أكثر من هذا، وستنتقل البراكين من الصدور إلى المجتمع؛ حيث نشاهد نماذج لذلك في التجمعات الانتخابية في الشوارع والجامعات” (60) .

وقرأ نواب في مجلس الشورى الإيراني رسالة رفسنجاني على أنها لم تأتِ ردًّا على اتهامات بالفساد، وإنما قصدت التأثير في سير الانتخابات بما يعزِّز من موقف مير حسين موسوي. فالعضو المحافظ في مجلس الشورى، حميد رسايي، وصف رسالة رفسنجاني بأنها “الشرارة التي تهدد بإحداث انقلاب مخملي”، وأن ذلك “ليس بالأمر الجديد، لكنه اليوم صار معلنًا”. وتساءل رسايي في هذا الصدد عن صمت رفسنجاني سابقًا عندما اتهمه -حلفاؤه اليوم- الإصلاحيون خلال الدورة السادسة للمجلس بتهم أكثر خطورة من أبرزها القتل المتسلسل (61) .

ومع أن رفسنجاني قال إنه لا يريد أن يقارن بين حكومة بني صدر والحكومة الحالية، ولا يريد لها المصير نفسه، إلا أنه عقد المقارنة فعليًّا واعتبر الوقوف في وجه نجاد “ضرورة للحيلولة دون تورط البلد في مصير تلك الفترة.” ولذا، لم يكن من دون قصد قيامه بالتذكير بالأحداث التي اندلعت في مطلع سنة 1981 وانتهت بعزل بني صدر (62) ، وكيف كان “هو وقائد الثورة -خامنئي- والراحل بهشتي يشكِّلون ثلاثيًّا عُرف باسم أنصار الخميني الثلاثة” (63) .

جرت قراءة التهديد بالفوضى والاحتجاج بين سطور الرسالة من طرف أكثر من مسؤول إيراني، ولاسيما أن استطلاعات الرأي أظهرت ارتفاعًا في شعبية أحمدي نجاد عقب مناظراته التي هدَّد فيها بقطع يد المتجاوزين واتَّهم عائلة رفسنجاني ورئيس مجلس الشورى السابق ناطق نوري بالفساد (64) .

انحاز مرشد الثورة لأحمدي نجاد وقال في خطبة الجمعة التي أعقبت الانتخابات: إن المسألة قضية تخص النظام، وإن “الأربعة الذي ترشَّحوا للانتخابات هم من عناصر النظام، وكانوا وما زالوا ينتمون إليه”، وقال: إن أفكار أحمدي نجاد هي الأقرب إلى أفكاره أكثر من رفسنجاني (65) ، وعاد بعد ثلاثة أسابيع فتحدث عن أمله بأن “يبقى هؤلاء الأفراد داخل النظام” (66) . ثم ما لبث أن انتقد أولئك “الذين يصرون على توسيع المسافة بينهم وبين الجمهورية الإسلامية”، وبعد تسعة أشهر على الانتخابات عاد ليعلن أنهم “أضاعوا من يدهم فرصة ولياقة البقاء داخل إطار النظام الإسلامي”، وختم مرشد الثورة بأنهم ليسوا أكثر “من لعبة في يد الخارج، جرى دفعها لإحداث الفوضى سعيًا لتغيير الحكم وفق مراد الخارج” (67) .

ورؤوس الفتنة كما تحددها الأدبيات السياسية الرسمية، هم: موسوي وكروبي، لدورهما في حالة الاحتجاج، ومحمد خاتمي لأنه لم “يفصل مساره عن مسار رؤوس الفتنة” (68) ، كما قال آية الله جنتي في واحدة من خطب الجمعة، وكذلك يد الله جواني رئيس الدائرة السياسية في الحرس الثوري، الذي طالب بمساءلة ومحاسبة نواب في مجلس الشورى لأنهم قبلوا الاجتماع بواحد من هذه الـ “رؤوس”؛ ذلك بأن “نواب الشعب يجب ألا يغضوا الطرف عمَّا ثبت من دور لهؤلاء في محاولة إيقاع الثورة المخملية، وفي إقامة العلاقات بالسفارات الأجنبية والصهيونية”، في إشارة إلى لقاء جمع خاتمي بعدد من نواب المجلس (69) ، وهو اللقاء الذي حدَّد فيه خاتمي شروط العودة والمشاركة في الحياة السياسية (70) . ويوصف رفسنجاني بأنه عرَّاب الفتنة والأب الروحي لها (71) .

القادم: أية تحالفات؟

قرأ رفسنجاني الاتهامات التي أعقبت عام 2009 ورافقته حتى وفاته بحذر وتحسُّب، وفهم أن الأطراف المتنفذة تسعى لدفعه خارج حدود اللعبة، وهو وإن كان قد فهم بذكائه السياسي أن استعادة نفوذه كالسابق بات أمرًا صعبًا إلا أنه نجح في إفشال هذا السعي، فسكت على سجن أبنائه، ودفع نحو توحيد الصفوف خلف حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية في 2013، وكان له دور كبير في إيصاله إلى كرسي الرئيس، والدفاع عنه في أكثر من محطة، كان من أبرزها الاتفاق النووي وما رافقه ولحقه. وكرَّر روحاني توجهات رفسنجاني على صعيد العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة التي قطعت علاقاتها مع إيران في أعقاب اقتحام الطلبة للسفارة الأميركية في طهران عام 1979 (72) .

مات رفسنجاني دون أن يتم دورة التحول على غرار ما فعل آية الله حسين منتظري، فهو لم ينتقل بالكامل إلى صفوف المعارضين، ولم يبق في الوقت ذاته ضمن حدود النظام، لكن موته سيترك تأثيرات نرى انعكاساتها في بنية هذا النظام؛ فقد كان واحدًا من أعمدة النظام وصانعيه وغيابه لابد أن يؤثِّر في هيكل هذا النظام. بصورة أساسية، فإن حسن روحاني وخلفه طيف لا بأس به من الإصلاحيين والمعتدلين قد فقدوا الجسر الذي يربطهم بنواة هذا النظام، كما أن روحاني بات وحيدًا وهو يدير ملف الخلاف مع منتقديه ومعارضيه خاصة على خلفية الاتفاق النووي، ومع ذلك فإن غياب رفسنجاني قد يكون من شأنه أن يعظِّم من فرص روحاني في الانتخابات الرئاسية؛ إذ إن أنصار رفسنجاني سيحتشدون لدعمه والتصويت له، ويبدو أن روحاني هو واحد من البدائل لرفسنجاني.

على الجانب الآخر، يقدِّم موت رفسنجاني امتيازًا للتيار الأصولي، وخاصة ذلك الطيف الأقرب إلى المرشد وطروحاته، فتلك التحولات التي أصابت المواقف السياسية لرفسنجاني لم تكن لتلغي محوريته في بنية النظام، وأدواره التي كشف عنها في بعض مذكراته لم يكن من السهل محو آثارها، ولا أحد يعرف ما إذا كانت هناك مذكرات لم تَرَ النور بعد، تكشف عن كثير من خفايا وأسرار النظام في إيران، ولعل منها: (الحرب مع العراق، والإعدامات، وعزل آية الله منتظري، والتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية..وغيرها من الأسرار). ومن المعروف أن رفسنجاني يدوِّن يومياته دائمًا.

وعلى الصعيد الفكري والسياسي، سيكون من الصعب الحديث عن استمرار إرث رفسنجاني، فكما غيَّب الموت رفسنجاني، فهو في الوقت ذاته يُنهي مرحلة من عمر الجمهورية الإسلامية، ويعلن أفول طروحات صاحبها، خاصة أن محاربة هذه الأفكار قد بدأت واتسعت وتعمقت حتى قبل وفاته.

بوفاة رفسنجاني تكون الساحة قد أصبحت شبه خالية أمام طيف أصولي لديه رؤيته الخاصة فيما يتعلق بالطريقة التي يجب أن تدار بها إيران، وتنسحب هذه الرؤية على صعيد السياسة الخارجية لإيران ودورها في المنطقة، وهو الطيف الذي لا تروق له طروحات تيار الاعتدال.

كانت الساحة السياسية الإيرانية تتحسب من موت المرشد، وكثيرًا ما جرى الحديث عن الخلفاء المحتملين لخامنئي، وعلى الدوام كان يشار إلى الدور المحوري لرفسنجاني على صعيد نفوذه وتأثيره في صناعة المرشد القادم، لكن الموت تجاوز هذه السيناريوهات. ويبدو أن خلافة المرشد هي أمر يقلق خامنئي نفسه، ويمكن القول: إن التيار الأصولي والحرس الثوري لديهم أكثر من خيار لشغل هذا المنصب تتوفر فيه شروط السن والخبرة والتحصيل الديني.

ويقف تيار الاعتدال وقد فقد حاميه الأساسي، ولذلك فإن هذا التيار ومعه ما تبقى من التيار الإصلاحي يحتاج إلى إعادة التموضع من جديد، ويحتاج إلى الوقوف خلف شخصية تتوفر فيها صفات لا تتوفر لغيرها في الساحة السياسية الإيرانية، وهو ما يعني استدارة قوية نحو بيت آية الله الخميني، والنظر إلى حسن الخميني كخيار مستقبلي عامَلَه رفسنجاني بكثير من الرعاية والاهتمام، فقد كان رفسنجاني ينظر إلى شخصية حسن الخميني كشخصية متجاوزة للأجنحة السياسية، ولها من الشرعية السياسية والدينية ما يجعلها ثقيلة في ميزان السياسة، وسيكون السيناريو الذي رسمه رفسنجاني في حياته هو الخيار الأمثل بعد وفاته مما يعني الدفع بتحالف لملء الفراغ الذي خلَّفه رفسنجاني يقوم على ثلاث شخصيات، هي: حسن الخميني وحسن روحاني ومحمد خاتمي.

مراجع

1. پيام تسليت در پي ارتحال آيت‌الله هاشمي رفسنجاني (رسالة التعزية برحيل آية الله رفسنجاني)، الموقع الرسمي لمرشد الثورة الإسلامية، 19/10/1395 (تاريخ الدخول: 15 يناير/كانون الثاني 2017):  http://farsi.khamenei.ir/message-content?id=35364

2. علي دارابي، سياستمداران اهل فيضيه : بررسي ، نقد ، پيشينه و عملکرد جامعه روحانيت مبارز تهران ، (الساسة أهل الفيضية: مراجعة، نقد الخلفية والأداء لمجتمع رجال الدين المقاتلين طهران)، الطبعة الأولى، الطبعة الثانية، (تهران، انتشارات سياست،1381و 1382)،ص 105.

3. من حديث لخامنئي عندما كان رئيسًا للجمهورية وأمينًا عامًّا للحزب خلال اجتماع مع لجان شورى مكاتب الحزب وأعضائه في مشهد، وذلك نقلًا عن علي دارابي. وانظر أيضًا: صحيفة “الجمهورية الإسلامية”، 1/6/1362 (1983).

4. علي دارابي، جريان شناسي سياسي در ايران (علم التيارات السياسية في إيران)، الطبعة السابعة، (تهران، انتشارات پژوهشکاه فرهنگ و انديشه اسلامي ،1389)، ص 178.

5. المصدر نفسه.

6. دارابي، “سياست مداران اهل فيضيه…”، مصدر سبق ذكره، ص 257ـ 258.

7. حميد رضا ظريفي ‌نيا، “كالبد شكافى جناح‌ هاى سياسى” (“تشريح الفصائل السياسية”)، (تهران، آزادي انديشه “حرية الفكر”، 1378)، ص 65.

8.  رسول بابائي، “ظهور وافول گفتمانهاى سياسى در ايران” (“ظهور وأفول الخطاب السياسي في إيران”)، فردا نيوز، 28 شهريور 1389، (13 سبتمبر/أيلول 2010)، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.fardanews.com/fa/news/120808/%D8%B8%D9%87%D9%88%D8%B1-%D9%88-%D8%A7%D9%81%D9%88%D9%84-%DA%AF%D9%81%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86

9.المصدر نفسه.

10. المصدر نفسه.

11. أدى محتشمي بور دورًا كبيرًا في تأسيس حزب الله اللبناني. ومحتشمي بور الذي يعد اليوم من أبرز الشخصيات الإصلاحية في إيران كان قد شغل منصب وزير الداخلية الإيراني في أثناء الحرب العراقية-الإيرانية في حكومة مير حسين موسوي، وترأَّس البعثة الدبلوماسية الإيرانية في دمشق، وكان نائبًا في البرلمان الإيراني في الدورتين الثالثة والسادسة. وقد أقال البرلمان الإيراني محتشمي بور في إبريل/نيسان 2010، من رئاسة لجنة الدفاع عن انتفاضة الشعب الفلسطيني على خلفية مواقفه من الاحتجاجات التي شهدتها إيران عقب الانتخابات الرئاسية العاشرة.

12. أسبوعية “صبح”، العدد 17، 7/5/1374، ص 10.

13. المصدر نفسه، العدد 13، 30/1/1374، ص 7.

14. المصدر نفسه، العدد 13، 30/1/1374، ص 3.

15. دورية “عصر ما” (“عصرنا”)، العدد 23، 6/1/ 1376، ص 9.

16. البيان رقم 7 لمنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، 18/10/1374.

17. دورية “عصر ما”، العدد 65، 16/12/ 1375، ص 8.

18. دارابي، “جريان شناسى سياسى در ايران”، مصدر سبق ذكره، ص 253.

19.دورية “عصر ما”، العدد 30، 22/9/74، ص 5.

20.  دارابي، “جريان شناسى سياسى در ايران”، مصدر سبق ذكره، ص 255.

21.  محمد السعيد عبد المؤمن، مير حسين موسوي، دورية “مختارات إيرانية”، العدد 51 (أكتوبر/تشرين الأول 2004).

22.  المصدر نفسه.

23.كان للتيار في السابق صحيفة “سلام” و”نشرية بيان” وعدد آخر من المطبوعات، لكن بعد أفول الخطاب التقليدي، والتحضير للخطاب الحداثي، أوجد التيار سلسلة واسعة من المطبوعات مثل: “عصر ما” (“عصرنا”)، الناطقة باسم منظمة مجاهدي الثورة؛ “كيان” (“الوجود”)؛ “ايران فردا” (“إيران غدًا”)؛ “كيهان” الثقافية؛ “آدينه” (“الجمعة”)؛ “گفت وگو” (“الحوار”).

24.  دارابي، “جريان شناسى سياسى در ايران…”، مصدر سبق ذكره، ص 257.

25. أسبوعية “توانا”، “شكل گيري، گرايش ها، شخصيت هاي جناج چب” (“تشكيل، اتجاهات، شخصيات جناح اليسار”)، السنة الأولى، العدد 22، 11 مرداد 1377، ص 9.

26.  صحيفة “سلام”، عدد خاص تناول آراء خاتمي في الانتخابات الرئاسية السابعة، فروردين 1376، ص 19.

27.  المصدر نفسه، ص 32.

28.المصدر نفسه، ص 9، 10.

29.  صحيفة “همشهري”، 10/ 6/1375، 12/6/1375. وقد تعرض رفسنجاني لاحقًا لهجوم شديد من طرف كُتَّاب في التيار نفسه.

30.  حسين بشيريه، “زوال هويت سياسى: غروب ايدئولوژى ‌هاي هويت ساز” (“زوال الهوية السياسية: غروب الأيديولوجيات الصانعة للهوية”)، صحيفة “إيران”، 28/2/1383، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017): http://vista.ir/article/349631/%D8%B2%D9%88%D8%A7%D9%84-%D9%87%D9%88%DB%8C%D8%AA-%D8%B3%DB%8C%D8%A7%D8%B3%DB%8C%D8%8C-%D8%BA%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D8%A7%DB%8C%D8%AF%D8%A6%D9%88%D9%84%D9%88%DA%98%DB%8C-%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D9%87%D9%88%DB%8C%D8%AA-%D8%B3%D8%A7%D8%B2

31. دارابي، “جريان شناسى سياسى در ايران”، مصدر سبق ذكره، ص 260.

32.علي دارابي، “كار گزاران سازندگي آز فراز تا فرود” (“کوادر البناء من الارتفاع إلى السقوط”)، (تهران: نشر سياست، ط 2، 1381)، ص 13.

33.دارابي، “جريان شناسى سياسى در ايران”، مصدر سبق ذكره، ص 261.

34.“متن كامل بيانيه مهم جمعى از خدمتگزاران سازندگي کشور درباره انتخابات” (“المتن الكامل للبيان المهم الصادر عن عدد من كوادر إعادة البناء في البلاد بشأن الانتخابات”)، صحيفة “إيران”، السنة الأولى، العدد 258 (30 دي 1374)، ص 10.

35. محمد مهدي تقوي، “كالبدشكافى حزب كارگزاران” (“تشريح حزب الكوادر”)، صحيفة “كيهان”، العدد 19384 (24 خرداد 1388)، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://kayhannews.ir/880324/12.htm#other1200

36.  صحيفة “كارگزاران”، 18/9/1387، ص 1.

37.المصدر نفسه، وقد أكد ذلك العضو البارز في الحزب محمد عطريانفر، كما أكدتها أيضًا مذكرات حُجَّة الإسلام ناطق نوري، وقد نُشر جزء منها في الموقع الإلكتروني لوكالة “فارس للأنباء” في 6/9/1387.

38.أسد الله بادمچيان، “دخالت بخشي از اعضاي قوه مجريه در شکل دهي قوه ديگر خلاف قانون اساسي است” (“تدخل بعض أعضاء السلطة التنفيذية في تشكيل السلطات الأُخرى مخالفة للدستور”)، صحيفة “رسالت”، السنة 11، العدد 2902 (1 بهمن 1374)، ص 1.

39. دارابي، “کاگزاران سازندگي از فراز تا فرود”، مصدر سبق ذكره، ص 23-25.

40. شادلو، “احزاب وجناح ‌هاى سياسى ايران امروز”، مصدر سبق ذكره، ص 105.

41.دارابي، “کاگزاران سازندگي از فراز تا فرود”، مصدر سبق ذكره، ص 26ـ27.

42.محسن نوربخش، “رابطه اقتصادى با أميركا به نفع ماست” (“العلاقة الاقتصادية مع أميركا من مصلحتنا”)، “صبح امروز”، 10/9/1378.

43. دارابي، “جريان شناسى سياسى در ايران”، مصدر سبق ذكره، ص 345ـ346.

44.  هذا ما صرح به العضو البارز في الحزب محمد عطريانفر، صحيفة “بهار”، (23 خرداد 1379).

45. سعد الله زارعي، “تحليلى بر نتايج نهمين انتخابات رياست جمهورى ايران” (“تحليل لنتائج الانتخابات الرئاسية التاسعة”)، 2 آبان 1387، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.rasekhoon.net/article/Show-13008.aspx

46.“احمدى نژاد: وارد منطقه‌ى ممنوعه قدرت شده‌ام” (“أحمدي نجاد: دخلت منطقة السلطة المحرمة”)، موقع gooya news الإلكتروني نقلًا عن موقع “أنصار نيوز”، 1 تير 1384 (2005)، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017) http://news.gooya.com/president84/archives/031692.php

47 “هاشمي انتخابات را آلوده به دخالتهاي سازمان يافته دانست” (“هاشمي يصف الانتخابات بأنها ملوثة بالتدخل المنظم)، الموقع الإلكتروني “بي. بي. سي” بالفارسية،19 يونيو/حزيران 2005، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.bbc.co.uk/persian/iran/story/2005/06/050619_mf_hashemi.shtml

48.رفسنجاني، “رئوس برنامه هاى خود را در چند روز آينده عرضه خواهم كرد”(رفسنجاني، سأعرض لعناوين برامجي في الأيام القادمة”)، 5 خرداد 1384، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://news.gooya.com/president84/archives/029572.php

49.“ادامه گمانه زني هاي انتخاباتي در مورد هاشمى رفسنجاني؛ حضور يا انصراف؟”(إدامة التخمين الانتخابي حول هاشمي رفسنجاني، مشاركة أم انسحاب؟”)، 2 خرداد 1384، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://news.gooya.com/president84/archives/029353.php

50. في لقاء مع عدد من مسؤولي القطاع الزراعي، يلمِّح هاشمي رفسنجاني إلى احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية، الموقع الإلكتروني لوكالة “مهر للأنباء”، 25 إبريل/نيسان 2005، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.mehrnews.com/ar/NewsDetail.aspx?pr=s&query=رفسنجاني%20&NewsID=176035

51.     51- تحالف “آبادگران” (“المعمرون”)، تحالف أصولي تمكن خلال انتخابات شورى المجالس من الفوز بـ14 مقعدًا من مجموع المقاعد الـ15. وحصد في الانتخابات البرلمانية السابعة المقاعد الثلاثين المخصصة لطهران في مجلس الشورى الإسلامي. ومن أبرز شخصيات التحالف: محمود أحمدي نجاد الذي وصل إلى منصب عمدة طهران بدعم منه. انظر: جريانات سياسي ايران(10)-“آبادگران ايران اسلامي”(“التيارات السياسية الإيرانية (10) معمرو إيران الإسلامية”)، 26، 4، 1388، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.tebyan.net/index.aspx/1387/04/index.aspx?pid=934&articleID=393284

52. “متن كامل برنامه هاى اكبر هاشمى رفسنجانى روز گذشته منتشر شد” (“النص الكامل لبرامج أكبر هاشمي رفسنجاني”)، 9 خرداد 1384، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017)http://news.gooya.com/president84/archives/029855.php

53. “مانور تبليغاتي: 30 تا 40 خودرو مدل‌ بالا، حامل جوان‌هايى با ظاهرى غير متعارف، به منظور حمايت از هاشمى رفسنجانى” (“مناورة دعائية: 30-40 سيارة حديثة الطراز، وشباب بمظهر غير مألوف، لدعم رفسنجاني”)، 11 خرداد 1384، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://news.gooya.com/president84/archives/029978.php

54.حاشيه‌هاي خواندني از فيلم تبليغاتي هاشمي رفسنجاني” (“هوامش تستحق القراءة من الفيلم الدعائي لهاشمي رفسنجاني)، 27 خرداد 1384،(تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://news.gooya.com/president84/archives/031180.php

55.على الرغم من أن “جامعه روحانيت مبارز” (“مجتمع رجال الدين المقاتلين”) أصدرت بيانًا أعلنت فيه دعمها لرفسنجاني، فإن مصباحي مقدم، الناطق باسم المجتمع، انتقد الفيلم ووصفه بأنه غير متوقع. انظر: “انتظار چنين فيلم وتبليغاتي را از آقاي هاشمي نداشتيم” (“لم نكن نتوقع فيلمًا دعائيًّا كهذا من السيد رفسنجاني”)، الموقع الإلكتروني لوكالة “مهر للأنباء”، 24/3/1384 (تاريخ الدخول: 16 مايو/أيار 2010):http://www.mehrnews.com/fa/NewsDetail.aspx?pr=s&query=رفسنجاني%20فيلم%20تبليغاتي%20&NewsID=195330

56. يمكن مشاهدة صور هذه التظاهرة في تقرير مصور نشرته وكالة مهر للأنباء بتاريخ 1/3/1384، وحمل عنوان: “گزارش تصويري/ همايش خودرويي – خياباني برخي جوانان در حمايت از هاشمي رفسنجاني” (“تقرير مصور: معرض للسيارات في الشوارع من طرف بعض الشباب دعمًا لرفسنجاني”)، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.mehrnews.com/news/190327/%DA%AF%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%B4-%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D9%87%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%B4-%D8%AE%D9%88%D8%AF%D8%B1%D9%88%D9%8A%D9%8A-%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D8%AE%D9%8A-%D8%AC%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%B1-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D8%B2

57.من ملاحظات الباحثة بشأن الفيلم الانتخابي الثاني لرفسنجاني، وقد جرى بثه على الشبكة الأولى للتليفزيون الإيراني.

58.  متن کامل نامه هاشمي رفسنجاني به رهبر معظم انقلاب اسلامي (النص الكامل لرسالة هاشمي رفسنجاني إلى قائد الثورة)، مهر نيوز، سه‌شنبه ?? خرداد ????(تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017): http://www.mehrnews.com/news/893805/%D9%85%D8%AA%D9%86-%DA%A9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%87-%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85%DB%8C-%D8%B1%D9%81%D8%B3%D9%86%D8%AC%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%A8%D9%87-%D8%B1%D9%87%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D8%B9%D8%B8%D9%85-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%DB%8C

59.  انظر: تقرير إخباري للباحثة بشأن الانتخابات الإيرانية نُشر في الموقع الإلكتروني “الجزيرة نت”، وكانت الباحثة توقَّعت فيه اندلاع صدامات في حالة فوز نجاد، وعنوانه: “إيران: مرشحون أربعة ولاعبون كثر”، 12 يونيو/حزيران 2009،(تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017): http://www.aljazeera.net/NR/exeres/387951AA-96D1-45EA-9280-87A62CED2FE8.htm

60.  متن کامل نامه هاشمي رفسنجاني به رهبر معظم انقلاب اسلامي (النص الكامل لرسالة هاشمي رفسنجاني إلى قائد الثورة)، مصدر سابق.

61. الصمادي، “إيران: مرشحون أربعة ولاعبون كثر”، مصدر سبق ذكره.

62.  يُذكر أن أبا الحسن بني صدر شغل منصب أول رئيس للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة، لكن توجهاته العلمانية اصطدمت بالتوجهات الدينية لآيات الله الذين قادوا الثورة، وقد عزله الخميني بعد أن اتهمه بالخيانة، وبالمسؤولية عن إعاقة عمل القوات المسلحة لصد الهجوم العراقي على الأراضي الإيرانية.

63. “رسالة رفسنجاني إلى قائد الثورة الإسلامية”، مصدر سبق ذكره.

64.  الصمادي، “إيران: مرشحون أربعة ولاعبون كثر”، مصدر سبق ذكره.

65. من خطبة خامنئي في الجمعة التي تلت الانتخابات الرئاسية العاشرة، انظر: “اقامه نماز جمعه تهران به امامت رهبر معظم انقلاب اسلامى” (“إقامة صلاة الجمعة في طهران بإمامة قائد الثورة”)، الموقع الرسمي لمرشد الثورة، 29/3/1389، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017) http://www.leader.ir/langs/fa/index.php?p=contentShow&id=5613

66. “ديدار هزاران نفر از قشرهاي مختلف مردم از سراسر کشور” (“لقاء مع الآلاف من أبناء الشعب من كافة مناطق الدولة”)، الموقع الرسمي لمرشد الثورة، 15/4/1388، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017): http://www.leader.ir/langs/fa/index.php?p=contentShow&id=565

67.  “در ديدار مردم قم: رهبر انقلاب: سران فتنه بازيچه طراحان اصلي بودند” (“خلال لقائه أهل قم: قائد الثورة: قادة الفتنة لم يكونوا أكثر من ألعوبة في يد المخطط الأصلي”)، مركز اسناد انقلاب إسلامي(“مركز وثائق الثورة الإسلامية”)، 19 دي 1389، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017)http://www.irdc.ir/fa/content/11447/default.aspx

68.  “نظر آيت الله جنتي درباره شروط خاتمي” (“وجهة نظر آية الله جنتي بشأن شروط خاتمي”)، الموقع الإلكتروني “فردا”، 14 دي 1389، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017): http://www.fardanews.com/fa/news/131691/%D9%86%D8%B8%D8%B1-%D8%A2%DB%8C%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%AC%D9%86%D8%AA%DB%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%87-%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7-%D8%AE%D8%A7%D8%AA%D9%85%DB%8C

69-  “شرط وشروط خاتمي براى بازگشت” (“شرط وشروط خاتمي للعودة”)، صحيفة “جام جم”، 8 دي 1389، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):http://www.jamejamonline.ir/newstext.aspx?newsnum=100894888268

70. – تحدث الرئيس الإيراني السابق والزعيم الإصلاحي، محمد خاتمي، عن “عودة مشروطة” إلى الساحة السياسية، تكون بالتزام جماعي بأحكام الدستور، وإطلاق السجناء السياسيين، وضمانات لحرية الأحزاب والأعلام، وإيجاد الأجواء الملائمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.

71. – سعيد قاسمي: “پدرخوانده فتنه در ايران اكبر رفسنجانى است” (“سعيد قاسمي: عَرَّاب الفتنة في إيران هو رفسنجاني”)، الموقع الإلكتروني “صراط”، 30 بهمن 1389، (تاريخ الدخول: 16 يناير/كانون الثاني 2017):

http://www.seratnews.ir/fa/news/17206/%D9%BE%D8%AF%D8%B1%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%87-%D9%81%D8%AA%D9%86%D9%87-%D8%AF%D8%B1-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%B1%D9%81%D8%B3%D9%86%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D8%B3%D8%AA

د.فاطمة الصمادي

مركز الجزيرة للدراسات